بازگشت

اشارة


قد يُلفت انتباه المتابع في رواية البلاذري الاولي هنا قول الامام (ع) لمسلم بن عوسجة (رض): (لاترمه فإنّي أكره أن أبدأهم)، وقوله (ع) لزهير بن القين (رض) إبّان تضييق الحرّ عليهم: (... ولكن ما كنتُ لابدأهم بالقتال حتّي يبدأوني)، [1] . ردّاً علي قول زهير: (... ذرنا نقاتل هؤلاء القوم، فإنّ قتالنا إيّاهم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا معهم بعد هذا). [2] .


إن إصرار الامام (ع) علي عدم البدء بالقتال من سنن الدعاة إلي الحقّ في مواجهة المنحرفين عن الهدي و دعوتهم الي الصراط المستقيم ومِن قبله كان أبوه أمير المؤمنين عليّ(ع) قد امتنع عن البدء في القتال في الجمل وصفّين [3] ذلك لانّ الداعي إلي الحقّ الواثق من قوّة حجّته وصحّة دليله علي موقفه لايري إلي القتال حاجة مادام طريق مخاطبة العقول والقلوب بنور الحقيقة مفتوحاً لم يوصد بعدُ، إذ الاصل في الغاية عند هذا الداعي هو الهداية إلي الحقّ لاالحرب، فلو بدأهم بقتال لاوصد هو بنفسه علي حجّته طريق النفوذ إلي القلوب والعقول التي يريد هدايتها، ولمنع حجّته من بلوغ تمامها، بل وجعل الحجّة عليه بيد خصومه فيكون بذلك قد نقض حجّته، ذلك لانّ لهم أن يقولوا عند ذاك إذا كنت تريد لنا الهداية بالحقّ فلماذا ابتدأتنا بالقتال!؟

وهذا ما لايصدر عن الساحة المقدّسة لاهل بيت العصمة والطهارة (ع) أبداً،بل قد لايصدر عمّن يقتدي بهديهم وسنّتهم.


پاورقي

[1] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 334:1 عن الفتوح 143:5 بتفاوت، ففي الفتوح: «ولکن ما کنت بالذي أنذرهم بقتال حتّي يبتدروني»، وانظر: تأريخ الطبري: 307:3 والأخبار الطوال: 352.

[2] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 334:1 عن الفتوح 143:5 بتفاوت، ففي الفتوح: «ولکن ما کنت بالذي أنذرهم بقتال حتّي يبتدروني»، وانظر: تأريخ الطبري: 307:3 والأخبار الطوال: 352.

[3] لمّا أجمع معاوية أن يمنع الماء عن جيش أميرالمؤمنين عليه السلام، بعد أن أخذ أهل الشام الشريعة فهي في أيديهم، فزع أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام إليه، فبعث صعصعة بن صوحان إلي معاوية و قال له: «إٍئتِ معاوية فقل: إنّا سرنا مسيرنا هذا، و أنّا أکره قتالکم قبل الإعذار إليکم، و إنّک قد قدمت بخيلک فقاتلتنا قبل أنّ نقاتلک، و بدأتنا بالقتال، و نحن من رأينا الکفَّ حتّي ندعوک و نحنجَّ عليک...»(راجع: وقعة صفين: 160-161).