بازگشت

ردة فعل العدو علي اشعال النار


أدرك أعداء الامام الحسين (ع) أنّ مكيدة إشعال النار في الخندق خلف مخيم الامام (ع) قد ضيّقت عليهم سعة ميدان الحرب، وجعلت المواجهة من وجه واحد، فاستفزّ ذلك أعصابهم، وصدرت من بعض وجهائهم ردود فعل هستيرية، فقد روي الطبري بسنده عن الضحّاك المشرقيّ أنّه قال: (لمّا أقبلوا نحونا فنظروا إلي النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنّا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلاّ يأتونا من خلفنا، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض علي فرس ‍كامل الاداة، فلم يكلّمنا حتّي مرَّ علي أبياتنا، فنظر إلي أبياتنا فإذا هو لايري إلاّ حطباً تلتهب النّار فيه، فرجع فنادي بأعلي صوته: يا حسين! استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة!؟

فقال الحسين: من هذا، كأنّه شمر بن ذي الجوشن؟

فقالوا: نعم أصلحك اللّه، هو هو!

فقال: يا ابن راعية المعزي، أنت أولي بها صِليّا!

فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول اللّه، جُعلت فداك، ألا أرميه فإنّه قد


أمكنني، وليس يسقط سهم، فالفاسق من أعظم الجبّارين.

فقال له الحسين: لاترمِه، فإنّي أكره أن أبدأهم!). [1] وروي البلاذري يقول: (وقال رجل من بني تميم يقال له: عبداللّه ابن حوزة، وجاء حتي وقف بحيال الحسين (ع) فقال: أبشر يا حسين بالنار!

فقال: كلاّ، إنّي أقدم علي ربّ رحيم وشفيع مطاع. ثمّ قال: من هذا!؟

قالوا: ابن حوزة.

قال: حازه اللّه إلي النّار.

فاضطربت به فرسه في جدول، فعلقت رجله بالركاب، ووقع رأسه في الارض، ونفر في الفرس فجعل يمرّ برأسه علي كلّ حجر وأصل شجرة حتّي مات، ويقال: بقيت رجله اليسري في الركاب فشدَّ عليه مسلم بن عوسجة الاسدي فضرب رجله اليمني فطارت،ونفر به فرسه يضرب به كلّ شيء حتّي مات.). [2] .


وروي البلاذري أيضاً أنّ محمّد بن الاشعث جاء(فقال: أين حسين؟

قال: ها أنذا.

قال: أبشر بالنّار تردها الساعة!

قال: بل أبشر بربٍّ رحيم وشفيع مطاع، فمن أنت؟

قال: محمّد بن الاشعث.). [3] .


وقال البلاذري: (ثمّ جاء رجل آخرفقال أين الحسين؟ قال: ها أنذا.قال: أبشر بالنّار تردها الساعة!قال: بل أبشر بربّ رحيم وشفيع مطاع، فمن أنت؟

قال: شمر بن ذي الجوشن.

فقال الحسين: أللّه أكبر! قال رسول اللّه (ص): إنّي رأيت كلباً أبقع يلغ في دماء أهل بيتي!). [4] .


پاورقي

[1] تأريخ الطبري: 318:3و انظر: الارشاد: 96:2 و أنساب الأشراف: 396:3.

[2] أنساب الأشراف:399:3 - ويلاحظ علي هذه الرواية أنّ ما ذکره البلاذري من أنّ مسلم بن عوسجة (رض) شدَّ علي الرجل فضرب رجله اليمني إذ کان قبل بدء القتال فإنّ هذا يتعارض مع مبدأ الإمام عليه السلام (فإنّي أکره أن أبدأهم بقتال)، وإذا کانت واقعة عبدالله بن حوزة بعد نشوب القتال فلا منافاة في تدخّل مسلم بن عوسجة (رض).

وقد روي هذه الرواية کلّ من الطبري في تأريخة: 324:3، و المفيد في الإرشاد: 102:2، و ابن أعثم في الفتوح: 108:5، وابن الأثير في الکامل في التأريخ 289:3 بتفاوت مع نصّ البلاذري، و تفاوت فيما بينها، ولايوجد في نصّ کلّ من الطبري وابن الأثير، وابن أعثم ما ذکره البلاذري والمفيد أنّه «فشدّ عليه مسلم بن عوسجة الأسدي فضرب رجله اليمني فطارت..»، کما أنَّ الطبري و ابن الأثير ذکرا الرجل باسم «ابن حوزة»، وذکره ابن أعثم «مالک بن حوزة»، لکنّ الخوارزمي في نقله عن ابن اعثم ذکره باسم «مالک بن جريرة، و ذکر أنّ الإمام عليه السلام قال: اللهم جرّه الي النار...(راجع: مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 352:1).

وروي الشيخ الصدوق مثل هذه الرواية بتفاوت، واسم الرجل في روايته (ابن ابي جويرية المزني» (أمالي الصدوق: 134 المجلس 30 ح 1)، وفي رواية المسعودي أنّ إسم هذا الرجل (ابن جريرة»(إثبات الوصية: 177).

[3] أنساب الأشراف: 401:3، وقد روي ابن نما (ره) قائلاً: «وجاء رجل فقال: أين الحسين؟ فقال: ها أناذا. قال: أبشر بالنّار تردها الساعة! قال: بل أبشر بربّ رحيم وشفيع مطاع، فمن أنت!؟ قال: أنا محمّد بن الأشعث.

قال: اللهمّ إن کان عبدک کاذباً فخذه إلي النّار، واجعله اليوم آية لأصحابه! فما هوإلا أن ثني عنان فرسه فرمي به وثبتت رجله في الرکاب، فضربه حتي وقعت مذاکيره في الارض، فوالله لقد عجبنا من سرعة إجابة دعائه عليه السلام.» (مثير الأحزان: 64 وانظر: مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 1: 352- 353).

وقد روي الشيخ الصدوق (ره) قائلاً: «ثمّ أقبل آخر من عسکر عمر بن سعد يقال له محمّد بن أشعث بن قيس الکندي فقال: يا حسين بن فاطمة! أيّة حرمة لک من رسول الله ليُست لغيرک!؟ قال الحسين عليه السلام: هذه الآية: «إنّ الله أصطفي آدم و نوحاً و آل إبراهيم و آل عمران علي العالمين ذريّة...»؛ثم قال:إنّ محمداً لمن آل إبراهيم. ثم قال: إنّ محمداً لمن آل إبراهيم، و إنَّ العترة الهادية لمن آل محمّد، من الرجل؟ فقيل: محمّد بن أشعث بن قيس الکندي. فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلي السماء فقال: أللهم أر محمّد بن الأشعث ذلاّ في هذا اليوم لاتعزّه بعد هذا اليوم أبداً.فعرض له عارض فخرج من العسکر يتبرّز فسلّط الله عليه عقرباً فلدغه فمات بادي العورة!» (أمالي الصدوق: 134 المجلس الثلاثون، ح 1).

لکنّ جلّ المؤرّخين يذکرون أنّ محمّد بن الأشعث بقي فيما بعد عاشوراء، وهو الذي قاد قوّات ابن زياد في مواجهة عبدالله بن عفيف (رض) و جموع الأزد الذين دافعوا عنه (راجع مثلاً مثير الأحزان لابن نما: 93 و اللهوف: 72: المطبعة الحيدرية - النجف)، کما ذکر المورّخون أنّ محمّد بن الأشعث بقي إلي ما بعد ثورة المختار فهرب منه، وانضمّ ألي مصعب بن الزبير، وقتل محمّد بن الأشعث في المواجهة بين جيش مصعب و جيش المختار (راجع مثلاً: الکامل في التاريخ: 3: 382-384 و الأخبار الطوال: 306 والمعارف: 401 و تأريخ الطبري: 496:3) وراجع ترجمة محمّد بن الأشعث في الجزء الثاني من (مع الرکب الحسيني من المدينة إلي المدينة): ص 123-124.

[4] أنساب الاشراف:3:401.