بازگشت

المخيم الحسيني


ونُصبت خيام الركب الحسينيّ بأمر الامام (ع) في البقعة الطاهرة التي لاتزال


آثارها باقية إلي اليوم، وأقام الامام (ع) في بقعة بعيدة عن الماء تحيط بها سلسلة ممدودة من تلال وربوات تبداء من الشمال الشرقي متصلّة بموضع باب السدرة في الشمال، وهكذا إلي موضع الباب الزينبي إلي جهة الغرب، ثمّ تنزل إلي موضع الباب القِبْلي من جهة الجنوب،وكانت هذه التلال المتقاربة تشكّل للناظرين نصف دائرة، وفي هذه الدائرة الهلالية حوصر ريحانة رسول اللّه (ع). [1] .

وضُربت خيمة الحسين لاهله وبنيه، وضرب عشيرته خيامهم من حول خيمته، [2] ثمّ خيام بقية الانصار..

وقد نفي السيد محمّد حسن الكليدار أن يكون الموضع المعروف بمخيم الحسين (ع) هو الموضع الذي حطّ فيه الامام (ع) أثقاله،وذهب إلي أنّ المخيّم إنّما يقع بمكان ناءٍ بالقرب من (المستشفي الحسينيّ)، مستنداً في ذلك إلي أنّ التخطيط العسكريّ المتّبع في تلك العصور يقضي بالفصل بين القوي المتحاربة بما يقرب من ميلين، وذلك لما تحتاجه العمليات الحربية من جولان الخيل وغيرها من مسافة، كما أنّ نصب الخيام لابدّ أن يكون بعيداً عن رمي السهام، والنبال المتبادلة بين المحاربين، وأستند أيضاً إلي بعض الشواهد التأريخية التي تؤيّد ما ذهب إليه. [3] .

وردّ الشيخ باقر شريف القرشي علي ذلك قائلاً: (وأكبر الظنّأنّ المخيّم إنّما هو في موضعه الحالي، أو يبعد عنه بقليل، وذلك لانّ الجيش الاموي المكثّف الذي زحف لحرب الامام لم يكن قباله إلاّ معسكر صغير عبّر عنه الحسين


بالاُسرة، فلم تكن القوي العسكرية متكافئة في العدد حتي يفصل بينهما بميلين أو أكثر.

لقد أحاط الجيش الامويّ بمعسكر الامام حتّي أنّه لمّا أطلق ابن سعد السهم الذي أنذر به بداية القتال وأطلق الرماة من جيشه سهامهم لم يبق أحدٌ من معسكر الامام إلاّ أصابه سهم، حتّي اخترقت السهام بعض أُزر النساء، ولو كانت المسافة بعيدة لما أُصيبت نساء أهل البيت بسهامهم. وممّا يدعم ما ذكرناه أنّ الامام الحسين (ع) لمّا خطب في الجيش ‍ الامويّ سمعت نساؤه خطابه، فارتفعت أصواتهم بالبكاء، ولو كانت المسافة بعيدة لما انتهي خطابه إليهنّ، وهناك كثير من البوادر التي تدلّ علي أنّ المخيم في وضعه الحالي.). [4] .


پاورقي

[1] نهضة الحسين (ع): 99.

[2] راجع: الفتوح: 5:149.

[3] راجع: حياة الامام الحسين بن علي (ع): 3:93.

[4] نفس المصدر، 3:93 94.