بازگشت

و الفرزدق في الشقوق ايضا


روي ابن أعثم الكوفي قائلاً: (وسار الحسين حتي نزل الشقوق، فإذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد أقبل عليه، فسلّم ثمّ دني منه فقبّل يده، فقال الحسين: مِن أين أقبلت يا أبافراس؟

فقال: من الكوفة يا ابن بنت رسول اللّه!

فقال: كيف خلّفت أهل الكوفة؟

فقال: خلّفت النّاس معك وسيوفهم مع بني أميّة، واللّه يفعل في خلقه ما يشاء.

فقال: صدقت وبررت، إنّ الامر للّه يفعل ما يشاء، وربّنا تعالي كلّ يوم هو في شان،


فإن نزل القضاء بما نحبّ فالحمد للّه علي نعمائه وهو المستعان علي أداء الشكر، وإنْ حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحقّ نيّته.

فقال الفرزدق: يا ابن بنت رسول اللّه! كيف تركن إلي أهل الكوفة وهم قد قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته!؟

قال: فاستعبر الحسين بالبكاء، ثم قال:

رحم اللّه مسلماً! فلقد صار إلي رَوْح اللّه وريحانه وجنّته ورضوانه، أما إنه قد قضي ما عليه وبقي ما علينا.

قال: ثمّ أنشاء الحسين يقول:



فإنْ تكن الدنيا تُعدُّ نفيسة

فدار ثواب اللّه أعلي وأنبلُ



وإنْ تكن الابدان للموت أُنشئت

فقتل امري ءٍ بالسيف في اللّه أفضلُ



وإنْ تكن الارزاق قِسماً مقدّراً

فقلّة حرص المرء في الكسب أجملُ



وإنْ تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخلُ



قال: ثمّ ودّعه الفرزدق في نفر من أصحابه، ومضي يريد مكّة، فأقبل عليه ابن عمّ له من بني مجاشع فقال: أبا فراس، هذا الحسين بن عليّ!

فقال الفرزدق: هذا الحسين بن فاطمة الزهراء بنت محمد (ص)، هذا واللّه (خيرة اللّه) ابن خيرة اللّه، وأفضل من مشي علي وجه الارض بعد محمد (من خلق اللّه)، وقد كُنت قلتُ فيه أبياتاً قبل اليوم، فلاعليك أن تسمعها.

فقال له ابن عمّه: ما أكره ذلك يا أبا فراس! فإنْ رأيت أن تنشدني ما قلتَ فيه!

فقال الفرزدق: نعم، أنا القائل فيه وفي أبيه وأخيه وجدّه صلوات اللّه عليهم هذه الابيات:



هذا الذي تعرف البطحاء وطاءته

والبيت يعرفه والحِلُّ والحرمُ






هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم

هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلمُ



هذا حسين رسول اللّه والده

أمست بنور هُداه تهتدي الاُمم



إلي آخر قصيدته العصماء المشهورة...

قال: ثمّ أقبل الفرزدق علي ابن عمّه فقال: واللّه، لقد قلت فيه هذه الابيات غير متعرّض إلي معروفه، غير أنّي أردتُ اللّه والدار الاخرة.). [1] .


پاورقي

[1] الفتوح، 5 :124-129؛ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي، 1:321، رقم 5.