بازگشت

هل كان زهير بن القين عثمانيا


الشائع في سيرة زهير بن القين (رض) أنه كان عثمانياً قبل التحاقه بالامام الحسين عليه السلام، والعثماني أو عثمانيُّ الميل والهوي يومذاك مصطلح سياسي يعني علي الاقل التأييد الكامل لبني أميّة في دعوي مظلومية عثمان بن عفان، ومعاداة


عليّعليه السلام بسبب ذلك، ويعني علي الاكثر الاشتراك في حرب أو أكثر ضدّ عليّعليه السلام تحت راية المطالبة بالثأر لدم عثمان كما في الجمل وصفّين.

والظاهر أنّ أقدم مصدر تأريخي وردت فيه الاشارة بصراحة إلي عثمانية زهير بن القين (رض) هو تأريخ الطبري وأنساب الاشراف للبلاذري، فقد روي الطبري عن أبي مخنف، عن الحارث بن حصيرة، عن عبداللّه بن شريك العامري، بعض وقائع عصر تاسوعاء: كيف جاء شمر بأمانٍ من عبيداللّه بن زياد لابي الفضل العباس وأخوته من أمّه (ع)، وكيف رفض العباس وإخوته (ع) هذا الامان ولعنوا شمراً، ثم كيف أمر عمر بن سعد جيوشه بالزحف نحو معسكر أبي عبداللّه عليه السلام بعد صلاة العصر ذلك اليوم، ثمّ كيف أمر الامام الحسين عليه السلام أخاه العبّاس عليه السلام أن يأتي القوم فيسألهم عمّا جاء بهم، (فأتاهم العبّاس فاستقبلهم في نحوٍ من عشرين فارساً، فيهم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العبّاس: ما بدا لكم وما تريدون!؟

قالوا: جاء أمر الامير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا علي حكمه أو ننازلكم!

قال: فلاتعجلوا حتّي أرجع إلي أبي عبداللّه فأعرض عليه ماذكرتم.

قال فوقفوا، ثمّ قالوا: إلْقَهْ فاءَعلِمْهُ ذلك ثمّ الْقَنا بما يقول.

فانصرف العبّاس راجعاً يركض الي الحسين يخبره بالخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلّم القومَ إنْ شئتَ، وإنْ شئت كلّمتهم. فقال له زهير: أنت بدأت بهذا، فكُنْ أنت تكلّمهم.

فقال له حبيب بن مظاهر: أما واللّه لبئس القوم عند اللّه غداً قومٌ يقدمون عليه قد قتلوا ذريّة نبيّه عليه السلام وعترته وأهل بيته (ص) وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالاسحار والذاكرين اللّه كثيراً!


فقال له عزرة بن قيس: إنّك لتُزكّي نفسك ما استطعت!

فقال له زهير: يا عزرة، إنّ اللّه قد زكّاها وهداها، فاتّقِ اللّه يا عزرة،فإنّي لك من الناصحين، أُنشدك اللّه يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضُلاّلَ علي قتل النفوس الزكيّة!

قال: يا زهير، ماكنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنّما كُنتَ عثمانياً!

قال: أفلستَ تستدلُّ بموقفي هذا أنّي منهم؟ أما واللّه ما كتبتُ إليه كتاباً قطّ، ولاأرسلتُ إليه رسولاً قطّ، ولاوعدته نصرتي قطّ، [1] ولكنّ الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرتُ به رسول اللّه (ص) ومكانه منه، وعرفتُ مايقدم عليه من عدّوه وحزبكم، فرأيت أنْ أنصره وأنْ أكون في حزبه، وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيعتم من حقّ اللّه وحقّ رسوله عليه السلام...). [2] .

وأما البلاذري فقد قال: (قالوا: وكان زهير بن القين البجلي بمكّة، وكان عثمانياً، فانصرف من مكّة متعجّلاً، فضمّه الطريق وحسيناً فكان يسايره ولاينازله، ينزل الحسين في ناحية وزهير في ناحية، فأرسل الحسين إليه في إتيانه، فأمرته إمرأته ديلم بنت عمرو أن يأتيه فأبي! فقالت: سبحان اللّه! أيبعث إليك ابن بنت رسول اللّه فلاتأتيه؟ فلمّا صار إليه ثمّ انصرف إلي رحله قال لامرأته: أنت طالق! فالحقي بأهلك فإنّي لاأحبّ أن يُصيبك بسببي إلاّ خيراً. ثمّ قال لاصحابه: من أحبّ منكم أن يتّبعني وإلاّ فإنه آخر العهد! وصار مع الحسين.). [3] .


كما أنّ الطبري أيضاً حدّثنا كذلك عن كراهيّة زهير (رض) أن ينزل مع الامام عليه السلام نفس منازله في الطريق، فيما رواه عن أبي مخنف، عن السدّي، عن رجل من بني فزارة: (كنّا مع زهير بن القين البجليّ حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين! فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل، فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين، وإذا نزل الحسين تقدّم زهير، حتّي نزلنا يومئذٍ في منزل لم نجد بُدّاً من أن ننازله فيه...). [4] .

وساعد علي ذلك أيضاً ما في رواية الدينوري أنّ زهيراً أبي أن يذهب إلي لقاء الامام عليه السلام حين استدعاه في زرود: (فأبي أن يلقاه). [5] .


پاورقي

[1] ولايخفي ما في هذه العبائر من تعيير زهير(رض) لعزرة بن قيس، لانّ هذا الاخير کان من جملة الذين کتبوا للامام عليه السلام وراسلوه في مکّة واعدين إيّاه بالنصرة! (راجع: تاريخ الطبري: 3:278 / دار الکتب العلمية بيروت).

[2] تاريخ الطبري، 3:314.

[3] أنساب الاشراف: 3 :378-379.

[4] تاريخ الطبري، 3:303.

[5] الاخبار الطوال: 246.