بازگشت

اشارة


كان هذا هو اللقاء الثاني لعبداللّه بن مطيع العدويّ مع الامام عليه السلام، إذ كان اللقاء الاوّل بينهما بين المدينة ومكّة، عند بئر لهذا العدوي كان يحفره آنذاك، [1] وهذا العدوي: (رجل من قريش، همّه العافية والمنفعة الذاتية، وحرصه علي مكانة قريش والعرب أكبر من حرصه علي الاسلام، وهو ليس من طلاّب الحقّ ولامن أهل نصرته والدفاع عنه، وكاذب في دعوي مودّة أهل البيت (ع) مع معرفته


بمنزلتهم الخاصة عنداللّه تبارك وتعالي... ونري ابن مطيع هذا يكشف عن كذبه في دعوي حبّه للامام عليه السلام، حين انضمّ الي ابن الزبير وصار عاملاً له علي الكوفة (فجعل يطلب الشيعة ويخيفهم)، [2] وقاتلهم في مواجهته لحركة المختار! واستعان عليهم بقتلة الامام الحسين عليه السلام أنفسهم، أمثال شمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وغيرهم! وفي أوّل خطبة له في الكوفة أعلن عن عزمه علي تنفيذ أمر ابن الزبير في السير بأهل الكوفة بسيرة عمر بن الخطّاب وسيرة عثمان بن عفان! لكنّه فوجيء بحنين أهل الكوفة إلي سيرة عليّعليه السلام ورفضهم للسير الاخري..). [3] .

ولقد كان الامام الحسين عليه السلام يعرفه تمام المعرفة! ويعرف حقيقة دعاواه! وكان يعامله بأدبه الاسلاميّ السامي، فلايكذّب له دعواه في المودّة وفي حرصه علي ألاّ يُقتل، لكنه عليه السلام لم يُطلعه علي شيء من أمر نهضته إلاّ بقدر ما يناسبه، ففي لقائه الاوّل معه لم يكشف له إلاّ عن مقصده المرحلي (مكّة)، ولم يكشف له عن شيء مما بعدها إلاّ (فإذا صرت إليها استخرتُ اللّه تعالي في أمري بعد ذلك!) [4] أو (يقضيّ اللّه ما أَحبَّ!)، [5] أمّا في لقائه الثاني فكان لابدّ وقد رآه في الطريق إلي العراق أن يكشف له عن ظاهر علّة سفره إلي العراق، أي رسائل أهل الكوفة إليه عليه السلام، ويُلاحظ بوضوح أنّ الامام عليه السلام في كلااللقائين لم يكن يعباء بمعارضة العدويّ هذا وإصراره وتوسّلاته، بل كان عليه السلام يمرّ به مرور الكرام!



پاورقي

[1] راجع: تأريخ ابن عساکر/ ترجمة الامام الحسين 7: 222، حديث رقم 203، وانظر: الفتوح: 5 :36-37 والاخبار الطوال: 228-229.

[2] تأريخ اليعقوبي، 2:258.

[3] الجزء الاوّل من هذه الدراسة: ص 421-422.

[4] الفتوح، 5 :36-37.

[5] الاخبار الطوال: 228-229 / وننبّه إلي أنّ ابن عبدربّه الاندلسي قد خلط في روايته بين اللقائين خلطاً فاحشاً، فلايُعباء بروايته! (راجع: العقد الفريد، 4:352).