بازگشت

الحاجر من بطن الرمة


(بضمّ الراء، وتشديد الميم.. وهو وادٍ معروف بعالية نجد، وقال ابن دريد: الرُمَّةُ قاع عظيم بنجد، تنصبّ إليه أودية.) [1] و (الحاجرُ: بالجيم والراء، وفي لغة العرب: مايمسكُ الماء من شفة الوادي..) [2] و (بطن الرمّة: منزل لاهل البصرة إذا أرادوا المدينة، وفيه يجتمع أهل الكوفة والبصرة، ويقع شمال نجد..). [3] .

روي الطبري قائلاً: (ولمّا بلغ عبيداللّه إقبال الحسين من مكّة الي الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شُرطه حتي نزل القادسية، ونظّم الخيل ما بين القادسية إلي خفّان، ومابين القادسية إلي القطقطانة، وإلي لعلع، وقال للناس: هذا الحسين يُريد العراق!). [4] .

ثُمَّ إنّ الحسين عليه السلام: (أقبل حتّي إذا بلغ الحاجر من بطن الرمّة، بعث قيس بن مسهّر الصيداوي إلي أهل الكوفة، [5] وكتب معه إليهم:


(بسم اللّه الرحمن الرحيم. من الحسين بن عليّ إلي إخوانه من المؤمنين والمسلمين. سلام عليكم، فإنّي أحمد إليكم اللّه الذي لاإله إلاّ هو، أمّا بعدُ: فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم، واجتماع ملئكم علي نصرنا والطلب بحقّنا، فسألتُ اللّه أن يحسن لنا الصنع، وأن يثيبكم علي ذلك أعظم الاجر، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمانٍ مضين من ذي الحجّة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم وجدّوا، فإنّي قادم عليكم في أيّامي هذه إن شاء اللّه، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.)،..

وأقبل قيس بن مسهّر الصيداوي إلي الكوفة بكتاب الحسين، حتي إذا انتهي الي القادسية أخذه الحصين بن نمير، فبعث به إلي عبيداللّه بن زياد، فقال له عبيداللّه: إصعد إلي القصر، فسُبَّ الكذّاب ابن الكذّاب!

فصعد، ثمّ قال: أيها الناس، إنّ هذا الحسين بن عليّ خير خلق اللّه، ابن فاطمة بنت رسول اللّه، وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر، فأجيبوه. ثم لعن عبيداللّه بن زياد وأباه، واستغفر لعليّ بن أبي طالب.

قال: فأمر به عبيداللّه بن زياد أن يُرمي به من فوق القصر، فرُمي به فتقطّع فمات.). [6] .


وقال السيد ابن طاووس (ره): (قال الراوي وكتب الحسين عليه السلام كتاباً إلي سليمان بن صُرَد الخزاعي، والمسيّب بن نجبة، ورفاعة بن شدّاد، وجماعة من الشيعة بالكوفة، وبعث به مع قيس بن مسهّر الصيداوي، فلمّا قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير صاحب عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه ليفتّشه فأ خرج قيس الكتاب ومزّقه، فحمله الحصين بن نمير إلي عبيداللّه بن زياد، فلمّا مثل بين يديه قال له: من أنت؟

قال: أنا رجل من شيعة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وابنه!

قال: فلماذا خرقتَ الكتاب!؟

قال: لئلاّ تعلم ما فيه!

قال: وممّن الكتاب وإلي من!؟

قال: من الحسين عليه السلام إلي جماعة من أهل الكوفة لاأعرف أسماءهم!

فغضب ابن زياد وقال: واللّه لاتفارقني حتي تخبرني بأسماء هؤلاء القوم، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين بن عليّ وأباه وأخاه! وإلاّ قطّعتك إرباً إرباً!

فقال قيس: أمّا القوم فلاأُخبرك بأسمائهم! وأمّا لعن الحسين عليه السلام وأبيه وأخيه فأفعل!

فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثني عليه، وصلّي علي النبيّ (ص)، وأكثر من الترحّم علي عليّ والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم، ثمّ لعن عبيداللّه بن زياد وأباه، ولعن عُتاة بني أميّة عن آخرهم! ثمّ قال: أيها النّاس، أنا رسول الحسين عليه السلام إليكم، وقد خلّفته بموضع كذا فأجيبوه. فأُخبر ابن زياد بذلك، فأمر بإلقائه من


أعالي القصر، فأُلقي من هناك فمات، فبلغ الحسين عليه السلام موته فاستعبر بالبكاء ثمّ قال:

أللّهمّ اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك إنّك علي كلّ شيء قدير.

وروي أنّ هذ الكتاب كتبه الحسين عليه السلام من الحاجر، وقيل غير ذلك.). [7] .


پاورقي

[1] معجم البلدان، 1:449.

[2] معجم البلدان، 2:204.

[3] خطب الامام الحسين عليه السلام، 1:132.

[4] تاريخ الطبري، 3:301.

[5] وأضاف الشيخ المفيد(ره) هنا: (ويقال بل بعث أخاه من الرضاعة عبداللّه بن يقطر إلي الکوفة، ولم يکن عليه السلام علم بخبر ابن عقيل (ره)..) (راجع: الارشاد: 220).

[6] تاريخ الطبري، 3:301؛ وانظر: تجارب الامم، 2:57 وفيه (الحصين بن تميم)، وانظر: أنساب الاشراف، 3:378 وفيه (الحصين بن تميم) أيضاً، والاخبار الطوال: 245 246؛ وتذکرة الخواص: 221؛ والارشاد: 220؛ وفيه: (وروي: أنّه وقع الي الارض مکتوفاً فتکسّرت عظامه، وبقي به رمق، فجاء رجل يُقال له: عبدالملک بن عمير اللخمي فذبحه! فقيل له في ذلک وعيب عليه! فقال: أردت أن أريحه!).

[7] اللهوف: 32-33؛ وانظر: مثير الاحزان: 42.