بازگشت

بستان بني عامر


بستان بني عامر (أو ابن عامر) [1] .

روي أنّ الشاعر الفرزدق [2] كان قد لقي الامام الحسين عليه السلام قبل خروج الركب


الحسيني من الحرم إلي أرض الحلّ، فقد ورد عن لسان الفرزدق أنه قال: (حججتُ بأمّي في سنة ستين، فبينا أنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم إذ لقيتُ الحسين بن عليّ (ع) خارجاً من مكّة مع أسيافه وأتراسه فقلتُ: لمن هذا القطار؟

فقيل: للحسين بن عليّ (ع).

فأتيته فسلّمت عليه وقلت له: أعطاك اللّه سؤلك، وأمّلك فيما تحبُّ، بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول اللّه، ما أعجلك عن الحجّ!؟

فقال: لولم أعجل لاُخذتُ! [3] .

ثم قال لي: من أنت؟

قلتُ: امرؤمن العرب!

فلاواللّه ما فتّشني عن أكثر من ذلك..


ثم قال لي: أخبرني عن الناس خلفك؟

فقلتُ: الخبيرَ سألتَ، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك [4] والقضاء ينزل من السماء، واللّه يفعل ما يشاء!

فقال: صدقت، للّه الامر، وكلّ يوم هو في شأن! إن ينزل القضاء بما نحبّ ونرضي فنحمد اللّه علي نعمائه وهو المستعان علي أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحقّ نيّته والتقوي سريرته.

فقلت له: أجل، بلّغك اللّه ما تحبّ، وكفاك ماتحذر.

وسألته عن أشياء من نذور ومناسك، فأخبرني بها، وحرّك راحلته، وقال: السلام عليك. ثمّ افترقنا!). [5] .

ويبدو أنّ مكان هذا اللقاء هو بستان بني عامر الذي ذكره سبط ابن الجوزي في نقله خبر لقاء الفرزدق مع الامام عليه السلام حيث قال: (فلمّا وصل بستان بني عامر


لقي الفرزدق الشاعر، وكان يوم التروية، فقال له: إلي أين يا ابن رسول اللّه، ما أعجلك عن الموسم!؟

قال: لولم أعجل لاُخذتُ أخذاً! فأخبرني يا فرزدق عمّا ورائك؟

فقال: تركتُ الناس بالعراق قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أميّة، فاتّقِ اللّه في نفسك وارجع! [6] .

فقال له: يا فرزدق، إنّ هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد في الارض، وأبطلوا الحدود، وشربوا الخمور، واستأثروا في أموال الفقراء والمساكين، وأنا أولي من قام بنصرة دين اللّه وإعزاز شرعه والجهاد في سبيله لتكون كلمة اللّه هي العليا.

فأعرض عنه الفرزدق وسار!). [7] [8] .

ف‍ (بستان ابن عامر هو أوّل منزل مرَّ به الحسين عليه السلام). [9] .





پاورقي

[1] ذکر ياقوت الحموي أنّ الناس غلطوا فقالوا بستان ابن عامر وبستان بني عامر، وإنّما هو بستان ابن معمر.. وهو مجتمع النخلتين النخلة اليمانية والنخلة الشامية، وهما واديان، وبستان ابن معمر هو الذي يُعرف ببطن نخلة.. (راجع: معجم البلدان، 1:414).

[2] هو أبوفراس، همّام بن غالب التميمي الحنظلي، يُعدُّ في الاصطلاح الرجالي من أصحاب أميرالمؤمنين والحسين والسجّاد8، وهو مادح مولانا السجّادعليه السلام بقصيدة جليلة کريمة مشهورة، في موقف شجاع قبال الطاغية الامويّ هشام بن عبدالملک، تکشف أبياتها عن حسن عقيدته بأهل البيت: وعن حبّه لهم، ومن أبياتها:



هذا الذي تعرف البطحاء وطاءته

والبيت يعرفه والحلّ والحرمُ



هذا ابن خير عبادِ اللّه کلّهم

هذا التقيُّ النقيّ الطاهر العلم



إذا رأته قريشٌ قال قائلها

إلي مکارم هذا ينتهي الکرمُ



هذا ابن فاطمة إن کنتَ جاهله

بجدّه أنبياءُ اللّه قد ختموا



(راجع: معجم رجال الحديث، 13:256، رقم 9315 / ومستدرکات علم رجال الحديث، 6:196، رقم 11517).

وقد (وُلِدَ الفرزدق في خلافة عمر، فتوبع بالشِعر لمّا ترعرع ففاق الاقران، وأدخله أبوه علي عليٍّ رضي اللّه عنه فقال: علّمه القرآن!.. مات سنة عشر ومائة وقد قارب المائة، وقيل: عاش مائة وثلاثين سنة، ولم يثبت.. وکان سيّداً جواداً فاضلاًٍ وجيهاً.) (راجع: لسان الميزان، 6:199).

[3] يشير الامام عليه السلام بذلک إلي خطّة يزيد لاختطافه أو اغتياله في مکة المکرّمة.

[4] قلوب الناس معک وأسيافهم عليک، أشهر تعبير معروف عن حالة الشلل النفسي وحالة إزدواج الشخصية في أهل الکوفة خاصة وفي الامّة عامة، بل هو تعبير عن الحالة القصوي لهذا المرض: أن يقتل الانسان من يحبّ بسيف من يکره!.

[5] الارشاد: 201 / ولنا هنا وقفة تساؤل وتأمّل مع هذا الشاعر الذي عبّر بصدق وجرأة وشجاعة عن حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم في موقفه المشرّف بمدح السجّادعليه السلام أمام الطاغية الاموي هشام، وعبّر هنا في لقائه مع الامام الحسين عليه السلام عن وعيه السياسي والاجتماعي الرفيع بقوله (الخبير سألت، قلوب الناس معک واسيافهم عليک!)، لماذا ترک الامام عليه السلام وفارقه!؟ ألم يرتفع به وعيه الرفيع إلي إدراک ضرورة نصرة الامام عليه السلام والالتحاق برکبه نحو الفوز بالشهادة!؟ أم لم يکن يتوقّع في ذلک الوقت المبکّر أن يجري علي الامام الحسين عليه السلام ما جري عليه بالفعل!؟ أم أنّ کُلَّ ما عند الفرزدق تفضيل لاهل البيت: علي سواهم، وعاطفة نحوهم، ولکن دون مستوي التضحية والاستشهاد معهم وفي سبيلهم!؟.

[6] المعروف عن الفرزدق حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم، من هنا يصعب علي المتأمّل القبول بإمکان إسأته الادب في مخاطبة الامام عليه السلام فيقول له: إتّقِ اللّه في نفسک وارجع!، أو يُعرض عن الامام عليه السلام فيسير عنه بدون تحيّة وتوديع!.

[7] المعروف عن الفرزدق حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم، من هنا يصعب علي المتأمّل القبول بإمکان إسأته الادب في مخاطبة الامام عليه السلام فيقول له: إتّقِ اللّه في نفسک وارجع!، أو يُعرض عن الامام عليه السلام فيسير عنه بدون تحيّة وتوديع!.

[8] تذکرة الخواص: 217-218.

[9] خطب الامام الحسين عليه السلام علي طريق الشهادة، 1:132 / ونقل مؤلّفه لبيب بيضون قصيدة للخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي يذکر فيها منازل طريق الامام عليه السلام إلي کربلاء، أوّلها:



سار الحسين تارکاً أُمَّ القُري

ينحو العراق بميامين الوري



وقد أتي بسيره منازلاً

حصباؤها قد فاخرت شهب السما



فالمنزل الاوّل بستان ابن عا

مرٍ، وللتنعيم مسرعاً أتي.