بازگشت

ابن زياد و المفاجأه السارة عند المساء


قال الشيخ المفيد (ره): (ولمّا تفرّق الناس عن مسلم بن عقيل طال علي ابن زياد، وجعل لايسمع لاصحاب ابن عقيل صوتاً كما كان يسمع قبل ذلك، قال لاصحابه: أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحداً؟

فأشرفوا فلم يروا أحداً!

قال: فانظروهم، لعلّهم تحت الظلال قد كمنوا لكم!

فنزعوا تخائج المسجد، وجعلوا يخفضون بشعل النار في أيديهم وينظرون فكانت أحياناً تُضيء لهم، وأحياناً لاتُضيء كما يريدون، فدلّوا القناديل، وأطناب القصب تُشدُّ بالحبال فيها النيران، ثمّ تُدلّي حتي تنتهي إلي الارض، ففعلوا ذلك في أقصي الظلال وأدناها وأوسطها، حتّي فُعل ذلك بالظلّة التي فيها المنبر، فلمّا لم يروا شيئاً أعلموا ابن زياد بتفرّق القوم. [1] .


ففتح باب السدّة التي في المسجد، ثمّ خرج فصعد المنبر، وخرج أصحابه معه، فأمرهم فجلسوا قبيل العتمة، وأمر عمرو بن نافع فنادي: أ لابرئت الذمّة من رجل من الشُرط والعرفاء والمناكب أو المقاتلة صلّي العتمة إلاّ في المسجد.

فلم يكن إلاّ ساعة حتي امتلاالمسجد من الناس، ثمّ أمر مناديه فأقام الصلاة، وأقام الحرس خلفه [2] وأمرهم بحراسته من أن يدخل عليه أحدٌ يغتاله! وصلّي بالنّاس، ثمّ صعد المنبر: فحمد اللّه وأثني عليه، ثم قال:

أمّا بعدُ: فإنّ ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتي ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق! فبرئت ذمّة اللّه من رجل وجدناه في داره، ومن جاء به فله ديته، إتقوا اللّه عباد اللّه، والزموا طاعتكم وبيعتكم، ولاتجعلوا علي أنفسكم سبيلاً. يا حصين بن نمير [3] ثكلتك أمّك إنّ ضاع باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلّطتك علي دور أهل الكوفة فابعث مراصد علي أهل السكك، وأصبح غداً فاستبرء الدور وَجِسْ خلالها، حتّي تأتيني بهذا الرجل وكان الحصين بن نمير علي شرطته وهو من بني تميم ثم دخل ابن زياد القصر، وقد عقد لعمرو بن حريث راية وأمّره علي الناس..). [4] .

وفي رواية الفتوح: (ثمّ نزل عن المنبر، ودعا الحصين بن نمير السكّوني فقال: ثكلتك أمّك إن فاتتك سكّة من سكك الكوفة لم تُطبق علي أهلها أو يأتوك بمسلم


ابن عقيل! فواللّه لئن خرج من الكوفة سالماً لنريقنّ أنفسنا في طلبه! فانطلق الان فقد سلّطتك علي دور الكوفة وسككها، فانصب المراصد وجُدَّ الطلب حتّي تأتيني بهذا الرجل.). [5] .


پاورقي

[1] وفي الاخبار الطوال: 239: (ثمّ إنّ ابن زياد لمّا فقد الاصوات ظنّ أنّ القوم دخلوا المسجد، فقال: انظروا، هل ترون في المسجد أحداً؟ وکان المسجد مع القصر فنظروا فلم يروا أحداً، وجعلوا يشعلون اطناب القصب، ثمّ يقذفون بها في رحبة المسجد ليضيء لهم، فتبيّنوا فلم يروا أحداً، فقال ابن زياد: (إنّ القوم قد خُذِلوا، وأسلموا مسلماً، وانصرفوا!).

[2] في تأريخ الطبري، 3:288 (فقال الحصين بن تميم: إنّ شئتَ صلّيت بالناس أو يُصلّي بهم غيرک، ودخلت أنت فصلّيتَ في القصر فإني لاآمن أن يغتالک بعض أعدائک! فقال: مُرْ حَرَسي فيقوموا ورائي کما کانوا يقفون، ودُرْ فيهم، فإني لست بداخل إذن..).

[3] في تأريخ الطبري، 3:289 (يا حصين بن تميم).

[4] الارشاد: 195.

[5] الفتوح، 5:90.