بازگشت

و هكذا كان


يحدّثنا عبداللّه بن حازم البكري [1] فيقول: (أنا واللّه رسول ابن عقيل إلي القصر في أثر هانيء لانظر ما صار إليه أمره، فدخلت، فأخبرته الخبر، فأمرني أن


أُنادي في أصحابي وقد ملاالدور منهم حواليه، فقال: نادِ: يا منصور أَمِتْ! [2] فخرجت فناديتُ، وتبادر أهل الكوفة فاجتمعوا إليه، فعقد لعبدالرحمن بن عزيز الكندي علي ربيعة، وقال له: سِرْ أمامي. وقدّمه في الخيل، وعقد لمسلم بن عوسجة علي مذحج وأسد، وقال له: إنزل فأنت علي الرجّالة. وعقد لابي ثمامة الصائدي علي تميم وهمدان، وعقد للعبّاس بن جعدة الجدلي علي أهل المدينة، ثمّ أقبل نحو القصر.). [3] .

وفي رواية الارشاد عن لسان عبداللّه بن حازم قال: (أنا واللّه رسول ابن عقيل إلي القصر لانظر ما فعل هانيء فلمّا ضُرب وحُبس ركبتُ فرسي فكنت أوّل الداخلين الدار علي مسلم بن عقيل بالخبر، فإذا نسوة لمراد مجتمعات ينادين: يا عبرتاه! ياثكلاه! فدخلتُ علي مسلم فأخبرته الخبر، فأمرني أن أُنادي في أصحابه وقد ملابهم الدور حوله، فكانوا فيها أربعة آلاف رجل... فناديت: يا منصور أمت! فتنادي أهل الكوفة فاجتمعوا عليه، فعقد مسلم رحمه اللّه لرؤوس الارباع علي القبائل كندة ومذحج وتميم وأسد ومضر وهمدان، وتداعي الناس واجتمعوا، فما لبثنا إلاّ قليلاً حتّي امتلاالمسجد من الناس والسوق، ومازالوا يثوبون حتّي المساء...). [4] .

ويُدهشنا في خبر يرويه الطبري عن عبّاس الجدلي أحد قيادي جيش مسلم عليه السلام أنّ عدد أصحاب مسلم عليه السلام كان قد تناقص في تحرّكهم من الدور إلي القصر!! غير أنّ الناس قد تداعوا إلي مسلم عليه السلام من جديد واجتمعوا إليه بعد


أن أقبل في المراديين وأحاط بالقصر: (.. عن عباس الجدلي قال: خرجنا مع ابن عقيل أربعة آلاف، فما بلغنا القصر إلاّ ونحن ثلثمائة!! وأقبل مسلم يسير في الناس من مراد حتي أحاط بالقصر، ثُمَّ إنّ الناس ‍ تداعوا إلينا واجتمعوا، فواللّه ما لبثنا إلاّ قليلاً حتي امتلاالمسجد من الناس والسوق، ومازالوا يتوبثّون حتي المساء...). [5] .

وكان عبيداللّه بن زياد بعد أن ضرب هانياً (رض) وحبسه، وبعد أن نجح في مؤامرته مع شريح القاضي وعمرو بن الحجّاج الزبيدي في صرف قبيلة مذحج عن القصر وتفريق جموعها، قد بادر الي المسجد (خشية أن يثب الناس ‍ به) [6] فصعد المنبر، ومعه أشراف الناس وشُرَطُه وحشمه، (فحمد اللّه وأثني عليه، ثم قال: أمّا بعدُ أيها الناس، فاعتصموا بطاعة اللّه وطاعة أئمتكم، ولاتختلفوا ولاتفرّقوا فتهلكوا وتذلّوا وتُقتلوا وتُجفَوا وتُحرموا، إنّ أخاك من صدقك، وقد أعذر من أنذر.). [7] .

وتواصل الرواية التأريخية الخبر فتقول:

(ثمّ ذهب لينزل، فما نزل عن المنبر حتّي دخلت النظّارة المسجد من قِبَل التمّارين يشتّدون ويقولون: قد جاء ابن عقيل! قد جاء ابن عقيل!

فدخل عبيد اللّه القصر مسرعاً، وأغلق أبوابه). [8] .

وفي رواية ابن أعثم: (فما أتمّ عبيداللّه بن زياد تلك الخطبة حتّي سمع الصيحة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: أيها الامير، الحذر الحذر! هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع من بايعه!


فنزل عبيد اللّه عن المنبر مسرعاً، وبادر فدخل القصر وأغلق الابواب). [9] .

وفي رواية أخري: (فلمّا بلغ عبيداللّه إقباله تحرّز في القصر، وغلّق الابواب، وأقبل مسلم حتي أحاط بالقصر، فواللّه ما لبثنا إلاّ قليلاً حتّي امتلاالمسجد من الناس والسوقة، ومازالوا يتوثّبون حتّي المساء، فضاق بعبيداللّه أمره.). [10] .

(وأقبل مسلم بن عقيل رحمه اللّه في وقته ذلك عليه، وبين يديه ثمانية عشر ألفاً أو يزيدون، وبين يديه الاعلام وشاكو السلاح، وهم في ذلك يشتمون عبيداللّه بن زياد ويلعنون أباه.). [11] .

(وأقام النّاس مع ابن عقيل يكبّرون ويتوثّبون حتي المساء وأمرهم شديد.). [12] .

(فضاق بعبيداللّه ذرعه، وكان كبر أمره أن يتمسّك بباب القصر، وليس معه إلاّ ثلاثون رجلاً من الشُرط، وعشرون رجلاً من أشراف الناس وأهل بيته ومواليه.). [13] .


پاورقي

[1] أورد الطبري إسمه هکذا: (عبداللّه بن حازم الکبريّ، من الازد، من بني کبير)، (تأريخ الطبري، 3:288).

[2] کان هذا شعار المسلمين يوم بدر، وفيه تفاؤل بالنصر، وتحريض علي إبادة الاعداء.

[3] مقاتل الطالبيين: 66.

[4] الارشاد: 192؛ تأريخ الطبري، 3:286.

[5] تاريخ الطبري، 3:287.

[6] تاريخ الطبري، 3:287.

[7] تاريخ الطبري، 3:286؛ وانظر: مقاتل الطالبين: 66؛ والفتوح، 5:85 86.

[8] تأريخ الطبري، 3:286.

[9] الفتوح، 5:86.

[10] مقاتل الطالبين: 67.

[11] الفتوح، 5:86.

[12] تاريخ الطبري، 3:287.

[13] تاريخ الطبري، 3:287.