بازگشت

الاضطرار و القرار الاستثنائي


إذا كان اعتقال هاني (رض) في حسابات ابن زياد يعتبر الخطوة الناجحة الثانية بعد نجاح خطوته الاولي في اختراق الحركة الثورية من داخلها علي طريق سعيه لانهاء الازمة الكوفية يومذاك، فإنّ اعتقال هاني (رض) في حسابات مسلم بن عقيل عليه السلام كان قد مثّل منعطفاً حرجاً خطيراً اضطرّه إلي الخروج عن خطّ السير المرسوم في الاصل، وألجاءه إلي قرار استثنائي من أجل


معالجة الوضع الطاريء الجديد الذي فرضه ابن زياد علي الحركة باعتقاله هانياً (رض)، إذ لم يعد أمام مسلم عليه السلام عندها إلاّ أحد اختيارين:

الاوّل: هو البقاء علي أصل خطّ السير المرسوم في مواصلة التعبئة والاعداد والتحضير، لكنّ هذه المواصلة لم تعد ممكنة بعد اعتقال هاني (رض) وذلك: لانّ هاني بن عروة (رض) هو أقوي وأمنع شخصية كوفية من الناحية القبلية فضلاً عن وجاهته الاجتماعية والدينية وموقعه البارز في حركة الثورة فإذا تمكّن ابن زياد من اعتقاله ولم يواجه بانتفاضة كبري جادة مستميتة من قبيلته خاصة ومن حركة الثورة عامة، فإنّ الكوفة بعدها لن تنتفض لانقاذ أيّ رجل آخر من قبضة ابن زياد، وعندها فما هي فائدة مواصلة التعبئة والاعداد والتحضير!؟ ثمّ إنّ ابن زياد بعدها سيعتقل من يشاء من أشراف ووجهاء الكوفة بلاأدني محذور، ومعني هذا أنّ مسلماًعليه السلام لم يعد آمناً في الكوفة، ولاشك أنّه الرجل الثاني الذي سيُعتقل مباشرة بعد هاني (رض) الذي كان أقوي وأمنع حصن يمكن أن يحميه.

الثاني: هو التخلّي عن مواصلة الاعداد والتحضير، والتحرك قبل استكمال شرائط التحرك تحت قهر الضرورة والاضطرار لمواجهة حاسمة مع السلطة الاموية المحلّية في الكوفة، وهو الاختيار الوحيد الذي لابُدّ من النهوض ‍ للقيام به فوراً.