بازگشت

حدود مهمة مسلم بن عقيل


من هنا كانت مهمّة مسلم عليه السلام هي تعبئة وتنظيم وإعداد القوّة الموالية لاهل


البيت (ع) والمعارضة للحكم الامويّ في الكوفة، والوصول بها إلي المستوي الكافي للقيام بكلّ ما تقتضيه متطلبّات ومسؤوليات النهضة مع الامام الحسين عليه السلام.

ولاشكّ أنّ الوصول بهذه الحركة والقوّة إلي ذلك المستوي المنشود يحتاج إلي وقت كافٍ تُسدُّ فيه كلّ الثغرات وتستكمل فيه كل النواقص الروحية والعملية، لانّ الغاية لم تكن إسقاط الحكومة المحليّة في الكوفة فحسب، بل الغاية في الاصل هو إعداد الكوفة روحياً وعملياً من جديد كمركز لمواجهة ميدانية فاصلة مع جيش الشام.

وكان الاصل في مهمّة مسلم بن عقيل عليه السلام هو مواصلة تعبئة وتنظيم وإعداد الحركة الثورية حتي يأتي الامام الحسين عليه السلام الي الكوفة، فيواصل من موقعه الذي لايرقي إليه موقع في القلوب قيادة النهضة علي طريق تحقيق كامل أهدافها، والمتأمّل في ما كتبه مسلم بن عقيل عليه السلام من الكوفة إلي الامام عليه السلام، وفي أسلوبه وطريقته في التعامل مع الاحداث سواء في أيام النعمان أو ابن زياد يلحظ هذا الاصل واضحاً جليّاً لاريب فيه.

لقد كان مسلم عليه السلام يتحاشي المواجهة الميدانية الفاصلة مع الحكومة الاموية المحليّة في الكوفة ما كان ذلك باختياره، حتي يستكمل الاعداد والتحضير من كلّ جهة لمهمّته التي أرسله من أجلها الامام عليه السلام الي الكوفة، وكانت الحكومة المحليّة في الكوفة من جهتها أيضاً تتحاشي المواجهة الميدانية الفاصلة مع التكتل الثوري لانها لم تكن تملك القدرة علي ذلك إلاّ إذا جاءتها النجدة من الشام.

والمتأمّل في أسلوب وطريقة تعامل عبيداللّه بن زياد مع حركة الاحداث في الكوفة يلحظ بوضوح أنّ هذا الطاغية علي ضوء معرفته ومعرفة أبيه العريقة


بالوضع السياسي والاجتماعي والنفسي في الكوفة، وبرجالها وقبائلها كان يسعي بدهائه وخبثه وغدره إلي أن يخرج من أزمتها برغم صعوبتها منتصراً دون الحاجة إلي الاستنجاد بجيش ‍ الشام، طمعاً في تقوية موقعه الاداري ومركزه القيادي عند يزيد بن معاوية.

وهكذا كان، فقد لجاء إلي حيلة اختراق الحركة من داخلها بواسطة أحد جواسيسه المحترفين المهرة، ثمَّ تواطاء مع عمرو بن الحجاج الزبيدي وغيره من الوجهاء الخونة [1] لاعتقال هاني (رض) ثمّ لامتطاء موجة غضب مذحج الزاحفة نحو القصر، ثمّ لصرفها عنه وتفريق جموعها، ثمّ للوصول بعد ذلك الي المطلوب الاساس وهو اعتقال مسلم عليه السلام.


پاورقي

[1] لايبعد أن يکون لمحمد بن الاشعث الکندي وهو أحد رسله إلي هاني (رض) علمٌ بأنه يريد اعتقاله وقتله: (وزعموا أنّ أسماء لم يعلم في أيّ شيء بعث إليه عبيداللّه، فأمّا محمّد فقد علم به!..) (تاريخ الطبري، 3:284)، کمالايبعد أن يکون لکثير بن شهاب الحارثي المذحجي المتفاني في نصرة ابن زياد دور کبير في مساعدة عمرو بن الحجّاج علي تفريق جموع مذحج عن القصر، لانّ من المستبعد أن يغيب مثل هذا الوجيه الخائن عن مثل هذا الحدث وهو من وجهاء مذحج.