بازگشت

قيام مسلم بن عقيل


إنّ أصعب مقاطع النهضة الحسينية المباركة من ناحية التحليل التأريخي هو مقطع حركة أحداث الكوفة أ يّام مسلم بن عقيل عليه السلام بعامة وحركة أحداث قيامه وانكساره السريع بخاصة، ففي هذا المقطع من كثرة الحلقات المفقودة، ومن تشابك العوامل وتداخلها وتنوّعها، ومن اضطراب النقل التأريخي لبعض مهمّ من وقائع هذا المقطع، ومن خفاء علل بعض مهمّ آخر، ما يجعل المتتبّع المتأمّل في حركة هذه الاحداث في حيرة غامرة.

وكثيرون ممّن كتبوا في أحداث هذا المقطع والاقدمون منهم خاصة مرّوا به مروراً مرتبكاً كما ارتبكت رواياته التأريخية، فجاء ما نقلوه أقرب إلي السطحية منه إلي التعمق، خالياً من الربط المطلوب بين حلقات أحداثه، فاقداً لما ينبغي أن يكون فيه من التحليل والتعليل.

والمحققّون الذين بذلوا جهداً كبيراً في تحليل وقائع هذا المقطع وفي الربط بينها، وإنْ جاؤا بتحليلات وتفاسير جديدة وصحيحة غير قليلة شكر اللّه سعيهم إلاّ أنهم وجدوا أنفسهم مضطّرين إلي إعتماد بعض الافتراضات التي لاتسندها رواية أو حتي إشارة تاريخية، وما ذلك إلاّ لكثرة الثغرات التأريخية في هذا المقطع، التي ألجأت المتتبع المحقّق إلي مثل هذه الافتراضات التي ربّما كانت


صحيحة وفي محلّها تماماً. [1] .

ونحن هنا، لاندّعي أنا سنقدّم التفسير والتحليل الجامع المانع لجريان حركة أحداث هذا المقطع، بل نقول: إننا في هذه السطور سنحاول ردم بعض الثغرات، وسنسلّط الضوء الكافي علي قضايا مهمّة لم تنل من قبل من الاهتمام والايضاح ما يكفي لابراز دورها الكبير في ما وصلت إليه أحداث الكوفة من نتائج مؤسفة، ويُظهر أهميتها الكبري في تفسير جريان تلك الاحداث.

وفي البدء يكون من اللازم أن نقدّم الاجابة عن هذا السؤال:


پاورقي

[1] مثل افتراض أنّ الثلاثين رجلاً أو العشرة أو الثلاثة الذين بقوا أخيراً مع مسلم بن عقيل عليه السلام بعد انفضاض الناس عنه: لابدّ وأن يکونوا شجعاناً، ومن صفوة مؤمني الکوفة ونخبة رجال الحرکة (راجع: مبعوث الحسين 7: 189).