بازگشت

تفصيل القصة


علي أساس رواية كتاب تسلية المجالس هكذا: أنه بينما كان عبيداللّه بن زياد يتكلّم مع أصحابه في شأن عيادة هانيء: [1] (إذ دخل عليه رجل من أصحابه يُقال له مالك بن يربوع التميمي، فقال: أصلح اللّه الامير، إني كنت خارج الكوفة أجول علي فرسي، إذ نظرتُ إلي رجل خرج من الكوفة مسرعاً إلي البادية، فأنكرته، ثمّ إني لحقته، وسألته عن حاله فذكر أنه من أهل المدينة! ثمّ نزلت عن فرسي ففتّشته فأصبت معه هذا الكتاب. فأخذه ابن زياد ففضّه فإذا فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم: إلي الحسين بن علي: أمّا بعدُ: فإني أخبرك أنه بايعك من أهل الكوفة نيفاً علي عشرين ألف رجل، فإذا أتاك كتابي فالعجل العجل، فإنّ الناس كلّهم معك، وليس لهم في يزيد هوي...

فقال ابن زياد: أين هذا الرجل الذي أصبت معه الكتاب؟

قال: هو بالباب.

فقال:إئتوني به.

فلمّا وقف بين يديه، قال: ما اسمك؟

قال: عبداللّه بن يقطين. [2] .


قال: من دفع إليك هذا الكتاب؟

قال: دفعته إليَّ أمراءة لاأعرفها!

فضحك ابن زياد وقال: إختر أحد إثنين، إمّا أن تخبرني من دفع إليك الكتاب أو القتل!

فقال: أمّا الكتاب فإنّي لاأُخبرك، وأمّا القتل فإني لاأكرهه لانّي لاأعلم قتيلاً عند اللّه أعظم أجراً ممّن يقتله مثلك!

قال: فأمر به فضربت عنقه). [3] [4] .

وقال المحقّق الشيخ محمّد السماوي (ره): (وقال ابن قتيبة وابن مسكويه: إنّ الذي أرسله الحسين قيس بن مسهّر... وإنَّ عبداللّه بن يقطر بعثه الحسين عليه السلام مع مسلم، فلمّا أن رأي مسلم الخذلان قبل أن يتمّ عليه ماتمّ بعث عبداللّه إلي الحسين


يخبره بالامر الذي انتهي، فقبض عليه الحصين وصار ما صار عليه من الامر الذي ذكرناه.). [5] .

وهذا يؤيّد انّ عبداللّه بن يقطر (رض) كان رسولاً من مسلم عليه السلام إلي الامام عليه السلام، ولكنّة يخالف ما في رواية المناقب ورواية تسلية المجالس في أنه (رض) كان قد حمل إلي الامام عليه السلام خبر الخذلان لاخبر البشري بالعدد الكبير من المبايعين!

والظاهر أنّ عبداللّه بن يقطر (رض) علي المشهور قُتل بنفس الطريقة التي قُتل بها قيس بن مسهّر الصيداوي (رض)، حيث أُلقي كلُّ منهما من فوق القصر، لكنّ الاوّل قُتل قبل الثاني رضوان اللّه تعالي عليهما، بدليل أنّ خبر مقتل ابن يقطر (رض) ورد إلي الامام عليه السلام بزبالة في الطريق إلي العراق في نفس خبر مقتل مسلم عليه السلام وهانيء (رض)، فنعاهم الامام عليه السلام قائلاً: (أمّا بعدُ، فقد أتانا خبرٌ فظيع، قُتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وعبداللّه بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا...)، [6] وبذلك يكون عبداللّه بن يقطر (رض) ثاني رسل النهضة الحسينية الذين استشهدوا أثناء أداء مهمّة الرسالة، بعد شهيد النهضة الحسينية الاول سليمان بن رزين (رض) رسول الامام عليه السلام إلي البصرة.


پاورقي

[1] وفي رواية مناقب آل أبي طالب، 4:94، أنّ ابن زياد بعد أن زار شريکاً في مرضه في بيت هانيء، وجري ماجري من خطة اغتياله، فخرج، فلمّا دخل القصر أتاه مالک بن يربوع التميمي بکتاب أخذه من يد عبداللّه بن يقطر(رض)... وفي الرسالة: (.. أمّا بعد، فإني أخبرک أنه قد بايعک من أهل الکوفة کذا، فإذا أتاک کتابي...).

[2] لاريب أنّ إسم يقطين هنا تصحيف لاسم يقطر (والتصحيف في مثل هذه الحالات کثير خصوصاً في المخطوطات)، ذلک لانّ إسم يقطين لم يرد إلاّ في کتاب تسلية المجالس، کما أن إسم الاب في رواية ابن شهرآشوب في المناقب، 4:94 المشابهة لهذه الرواية هو يقطر وليس يقطين، هذا فضلاً عن أنّ رواية کتاب تسلية المجالس نفسها تذکر أنّ عبداللّه هذا رجل من اهل المدينة، والتأريخ لم يذکر لنا رجلاً من شهداء النهضة الحسينية من اهل المدينة بهذا الاسم (من غير بني هاشم) سوي عبداللّه بن يقطر (رض).

[3] وفي رواية الارشاد:203؛ وتأريخ الطبري، 3:303، أنّ ابن يقطر(رض) کان رسولاً من الامام عليه السلام الي مسلم بن عقيل عليه السلام، وأنّ ابن زياد قال له: (إصعد القصر والعن الکذّاب بن الکذّاب! ثمّ انزل حتي أري فيک رأيي. فصعد القصر، فلمّا اشرف علي الناس قال: أيّها الناس، أنا رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول اللّه 9 إليکم لتنصروه وتؤازروه علي ابن مرجانة وابن سميّة الدعيّ ابن الدعيّ، فأمر به عبيداللّه فأُلقي من فوق القصر إلي الارض، فتکسّرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه عبدالملک بن عمير اللخمي (قاضي الکوفة وفقيهها!!) فذبحه بمدية، فلمّا عيب عليه قال: إني أردت أن أُريحه!) (انظر: إبصار العين: 93).

[4] تسلية المجالس، 2:182.

[5] إبصار العين: 94.

[6] المصدر السابق.