بازگشت

حبس ميثم التمار و قتله


كان ميثم التمّار (رض) [1] قد عاد من العمرة [2] الي الكوفة (فأخذه عبيداللّه


بن زياد، فأدخل عليه، فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند عليّ!

قال: ويحكم، هذا الاعجمي!؟

قيل له: نعم.

قال له عبيداللّه: أين ربُّك؟

قال: بالمرصاد لكل ظالم، وأنت أحد الظلمة.

قال: إنّك علي عجمتك لتبلغ الذي تريد! ما أخبرك صاحبك أنّي فاعل بك!؟

قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة، [3] أنا أقصرهم خشبة وأقربهم إلي المطهّرة!

قال: لنخالفنّه!

قال: كيف تخالفه!؟ فواللّه ما أخبرني إلاّ عن النبيّ، عن جبرئيل، عن اللّه تعالي، فكيف تخالف هؤلاء!؟ ولقد عرفت الموضع الذي اُصلبُ عليه أين هو من الكوفة، وأنا أوّل خلق اللّه أُلجمُ في الاسلام!


فحبسه، وحبس معه المختار بن أبي عبيد. [4] .

قال له ميثم: إنّك تفلت، وتخرج ثائراً بدم الحسين فتقتل هذا الذي يقتلنا!

فلمّا دعا عبيداللّه بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلي عبيد اللّه يأمره بتخلية سبيله فخلاّه، [5] فأمر بميثم أن يُصلب فأُخرج، فقال له رجل لقيه: ما كان أغناك عن هذا!؟

فتبّسم وقال وهو يوميء إلي النخلة لها خُلقتُ ولي غُذيتْ! فلمّا رفُع علي الخشبة اجتمع الناس حوله علي باب عمرو بن حُريث، قال عمرو: كان واللّه يقول: إنّي مجاورك!

فلمّا صُلب أمر جاريته بكنس تحت خشبته ورشّه وتجميره.

فجعل ميثم يحدّث بفضائل بني هاشم، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد!

فقال: إلجموه! فكان أوّل خلق اللّه أُلجم في الاسلام.

وكان قتل ميثم رحمه اللّه قبل قدوم الحسين عليه السلام إلي العراق بعشرة أيّام، فلمّا


كان في اليوم الثالث من صلبه طُعن بالحربة فكبّر! ثمّ انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً.). [6] .

وروي أنه اجتمع سبعة من التمّارين فاتعدوا بدفن ميثم، فجاؤا إليه ليلاً والحرس يحرسونه وقد أوقدوا النار، فحالت النار بينهم وبين الحرس فاحتملوه بخشبته حتي انتهوا به إلي فيض من ماء في مراد، فدفنوه فيه ورموا الخشبة في مراد في الخراب، فلمّا أصبحوا بعث الخيل فلم تجد شيئاً. [7] .

وروي عن ميثم قال: دعاني أميرالمؤمنين عليه السلام، وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعيّ بني أميّة [ابن دعيّها] عبيداللّه بن زياد إلي البراءة منّي؟

فقلت: يا أميرالمؤمنين، واللّه لاأبراء منك!

قال: إذن واللّه يقتلك ويصلبك.

قلت: أصبر، فذاك في اللّه قليل.

فقال: يا ميثم، إذن تكون معي في درجتي. [8] .


پاورقي

[1] هو ميثم بن يحيي أبوعبداللّه التمّار الاسدي الکوفي، وهو من حواريّ أميرالمؤمنين عليّ والحسن والحسين 8، والروايات في مدحه وجلالته وعظم شأنه، وعلمه بالمغيّبات کثيرة لاتحتاج الي بيان، ولو کان بين العصمة والعدالة مرتبة وواسطة لاطلقناها عليه. (راجع: مستدرکات علم رجال الحديث، 8:44 وأنظر: تنقيح المقال، 3:262)، وقد مرِّ بنا الحديث في حبسه ومقتله في الجزء الثاني من هذه الدراسة: ص 175-180 فراجع.

[2] کان الشيخ المفيد(ره) في ذکره لميثم (رض) وکيفية قتله قد قال: (وحجَّ في السنة التي قُتل فيها، والراجح أنّ مراد الشيخ المفيد(ره) من قوله (وحجّ) أصل زيارة بيت اللّه الحرام، وإن کانت هذه الزيارة عمرة، إذ لدينا رواية أخري يصرّح فيها حمزة وهو ابن ميثم في وصفه لاحداث نفس هذه الزيارة قائلاً: (خرج أبي إلي العمرة...) (بحار الانوار، 42:129)، فهذه الزيارة کانت عمرة، ولو أخذنا قول الشيخ المفيد(ره) علي ظاهره لکان مثاراً لمجموعة من الاشکالات التأريخية، منها: کيف يکون قد حجّ في تلک السنة ولم يکن قد رأي الامام الحسين 7 في مکّة أو التقاه مراراً وهو من خاصّة شيعته وشيعة أخيه وأبيه عليه السلام!؟ أو: کيف يکون قد عاد بعد الحجّ إلي الکوفة ولم يُدرک الامام الحسين عليه السلام في منزل من منازل الطريق والامام عليه السلام قد خرج من مکّة قبله بخمسة أيام علي الاقلّ علي هذا الفرض ثمّ کيف يکون ميثم (رض) قد سبق الامام عليه السلام في الوصول إلي العراق مُدَّة طويلة سُجن خلالها فترة ثم أُخرج وقتل قبل وصول الامام عليه السلام الي العراق بعشرة أيّام علي الاقل، وکان قد خرج بعد خروج الامام عليه السلام من مکّة بخمسة أيّام علي الاقلّ کما قلنا!؟.

[3] وهذا دليل علي القتل الجماعي الذي تعرّض له الشيعة في تلک الايّام، فقد صُلب مع ميثم تسعة آخرون في دُفعة واحدة! وفي هذا تتجلّي لنا الاجواء الارهابية المرعبة التي تعرّض لها أهل الکوفة تلک الايّام.

[4] وفي هذا مؤيّد علي أنّ ميثم التمّار(رض) کان قد حُبس والامام عليه السلام في مکّة المکرّمة، لانّ حبس المختار(ره) علي ماهو ظاهر بعض الاخبار کان في الايّام الاولي من ولاية ابن زياد علي الکوفة، ولعلّ أحد أسباب إنتقال مسلم عليه السلام من دار المختار(ره) إلي دار هانيء بن عروة (رض) هو اعتقال المختار(ره) وحبسه.

[5] کان ذلک بسبب توسّط عبداللّه بن عمر زوج أخت المختار(ره) عند يزيد، وفي هذا إشعار بأنّ المختار(ره) کان قد حُبس في الايام الاولي لولاية ابن زياد علي الکوفة، إذا لاحظنا مدّة وصول خبر حبسه إلي ابن عمر في مکّة أو في المدينة، ومدّة وصول کتاب ابن عمر إلي يزيد في الشام، ثمّ مدّة وصول البريد إلي الکوفة يأمر إطلاق سراحه، فتأمّل.

[6] الارشاد: 154؛ وانظر: إعلام الوري: 176؛ ومجمع البحرين: 492؛ ونفس المهموم: 119.

[7] اختيار معرفة الرجال (رجال الکشّي): 1: 295، رقم 138 و139.

[8] اختيار معرفة الرجال (رجال الکشّي): 1: 295، رقم 138 و139.