بازگشت

النعمان بن بشير وال ضعيف ام يتضعف


ومع تزياد عدد المبايعين لمسلم عليه السلام والتفاف النّاس حوله، كان لابدّ للامر أن يفشو بين الناس في الكوفة، ويصير موضوع مسلم عليه السلام وقضيّة انتظار الناس لمجيء الامام عليه السلام حديث الساعة يومذاك في المساجد والبيوت والاسواق والطرقات، فلمّا تعاظم الامر واخترق حجب الستر، علم النعمان بن بشير بن سعد الخزرجي [1] والي الكوفة آنذاك بالتحوّلات الجديدة وأحسّ بالخطر الداهم (.. فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعدُ، فاتقوا اللّه عباد اللّه،


ولاتسارعوا إلي الفتنة والفرقة، فإنّ فيهما يهلك الرجال وتُسفك الدماء وتُغصبُ الاموال وكان حليماً ناسكاً يحبّ العافية قال: إنّي لم اقاتل من لم يقاتلني، ولاأثب علي من لايثب عليَّ، ولاأُ شاتمكم، ولاأتحرّش بكم، ولاآخذ بالقرف ولاالظنّة ولاالتهمة، ولكنّكم إنْ أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم، فواللّه الذي لاإله غيره لاضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر، أما إنّي أرجو أن يكون من يعرف الحقَّ منكم أكثر ممّن يُرديه الباطل.). [2] .

فلّما أتمّ خطبته اعترض عليه أحد حلفاء بني أميّة وعملائهم، وهو عبداللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي، فقال: (إنّه لايُصلح ما تري إلاّ الغشم! إنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأي المستضعفين!!

فقال: أن أكون من المستضعفين في طاعة اللّه أحبُّ إليَّ من أن أكون من الاعزّين في معصية اللّه. ثم نزل.). [3] .

ومنذ ذلك اليوم توالت التقارير المرفوعة من قبل الامويين وعملائهم وجواسيسهم في الكوفة [4] إلي يزيد في الشام تخبره بمستجدّات حركة الاحداث في الكوفة، وبموقف النعمان بن بشير منها، وقد أجمعت هذ التقارير المرفوعة إلي يزيد تقول: (فإنْ كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويّاً، يُنفذ أمرك، ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو


يتضعّف!). [5] .


پاورقي

[1] مضت له ترجمة مقتضبة في الجزء الثاني من هذه الدراسة: ص 118.

[2] تأريخ الطبري، 3:279؛ والکامل في التاريخ، 3:386؛ والاخبار الطوال: 231؛ والارشاد:186.

[3] تأريخ الطبري، 3:279؛ والکامل في التاريخ، 3:386؛ والاخبار الطوال: 231؛ والارشاد:186.

[4] مثل: عمارة بن عقبة بن معيط، وعبداللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي، وعمر بن سعد بن أبي وقّاص (راجع: تأريخ الطبري، 3:279).

[5] تأريخ الطبري، 3:280.