بازگشت

اجتماع الشيعة الاول مع مسلم


يقول الطبري: (ثمّ أقبل مسلم حتي دخل الكوفة، فنزل دار المختار بن أبي عبيد، وهي التي تُدعي اليوم دار مسلم بن المسيّب، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فلمّا اجتمعت إليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب حسين، فأخذوا يبكون...). [1] .

وفي هذا الاجتماع الاوّل برزت ظاهرة ثابتة من ظواهر المجتمع الكوفي، وهي ظاهرة وجود القلّة من المؤمنين الصادقين المتحرّرين من أ سر (الشلل النفسي) ومرض (الازدواجية) و (حبّ الدنيا وكراهية الموت)، فعلي كثرة من حضر هذا الاجتماع ممّن هو محسوب علي التشيّع لم يقم إلاّ ثلاثة (هم من أعاظم شهداء الطفّ (رض)، أظهروا لمسلم عليه السلام استعدادهم التّام لامتثال أمره والتضحية في هذا السبيل!

يواصل الطبري روايته قائلاً: (... فقام عابس بن أبي شبيب الشاكري، فحمد اللّه وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعدُ، فإنّي لاأخبرك عن الناس! ولاأعلم ما في أنفسهم! وما أغرّك منهم!، واللّه أحدّثك عمّا أنا موطّنٌ نفسي عليه، واللّه لاجيبنّكم إذا دعوتم، ولاقاتلنّ معكم عدوّكم، ولاضربن بسيفي دونكم حتّي ألقي اللّه، لاأريد بذلك إلاّ ما عند اللّه!. فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال: رحمك اللّه، قد قضيت ما في نفسك بواجزٍ من قولك! ثم قال: وأنا واللّه الذي لاإله إلاّ هو علي مثل ما هذا عليه!. ثمّ قال الحنفي مثل ذلك!.). [2] .


وفي هذا الاجتماع كانت هناك أيضاً ظاهرة أخري، تواجدت في هذا الاجتماع متخفيّة علي استحياء، وإن كانت هي أكبر وأوضح ظواهر المجتمع الكوفي، وهي ظاهرة وجود الكثرة الكاثرة التي تحبّ الحقّ وتكره أن تموت من أجله! ظاهرة (الوهن) و (الشلل النفسي)، التي أدّت بالنتجة إلي أن استحوذ الشيطان علي جُلّ أولئك القوم، فقتلوا ابن بنت نبيّهم عليه السلام!

يقول الحجّاج بن عليّ الذي يروي عن محمّد بن بشر الهمداني، شاهد العيان الذي روي قصة هذا الاجتماع: (فقلتُ لمحمّد بن بشر: هل كان منك أنت قول؟ فقال: إنّي كُنتُ لاحبُّ أنْ يُعزَّ اللّه أصحابي بالظفر، وما كنتُ أحبُّ أنْ أُقتل! وكرهتُ أنْ أكذب!). [3] .


پاورقي

[1] تأريخ الطبري، 3:279.

[2] تأريخ الطبري، 3:279؛ وقد مضت ترجمة الشهيد عابس الشاکري (رض) في الجزء الثاني: ص 382-384، وترجمة مقتضبة للشهيد سعيد بن عبداللّه الحنفي (رض) في ص 41، وترجمة مقتضية لحبيب بن مظاهر(رض) في ص 333.

[3] تأريخ الطبري، 3:279.