بازگشت

استعراض اهم وقايع ايام الاعداد للثورة


(علي ضوء ما قدّمناه فإنّ جميع أيّام مسلم بن عقيل عليه السلام في الكوفة عدا اليوم الاخير أو اليومين الاخيرين منها تقع في إطار الايام التي كان فيها الامام عليه السلام بمكّة، فدراستها حسب تقسيمنا لمقاطع هذه الدراسة (مع الركب الحسيني من المدينة الي المدينة) تكون من مختصّات الجزء الثاني، وقد تعرّض مؤلّف الجزء الثاني إلي سفارة مسلم عليه السلام ووقايع أحداث الكوفة أثناءها ما قبل القيام من خلال ثلاث زوايا: حركة الامام عليه السلام، وحركة النظام الاموي في مواجهة حركته عليه السلام، وحركة الامّة إزاء قيام الامام عليه السلام. لكنّ وقوع دراسة اليوم الاخير أو اليومين الاخيرين في إطار مباحث الجزء الثالث فرض علي مؤلّف هذا الجزء أنّ يتعرّض أيضاً إلي وقائع الكوفة نعني في أيام مسلم عليه السلام بها منذ بدايتها إلي نهايتها، حتّي يستوفي حقّ دراسة اليوم الاخير أو اليومين الاخيرين تمام الاستيفاء، وقد شكّل ما أتي به مؤلّف هذا الكتاب تكميلاً ضرورياً ومهمّاً جدّاً لما أتي به مؤلّف الجزء الثاني، إلاّ أنّ هناك مشتركات كثيرة وواسعة بين البحثين، ولذا فقد استقرّ الرأي من أجل عدم تكرار وإعادة عناوين وتفصيلات ما ورد في الجزء الثاني من تلك المباحث المشتركة علي أن تُستعرض هنا أهمّ تلك المباحث ملخّصة، ومطعّمة بكلّ استدراك مهمّ فات الجزء الثاني أن يحتويه، ووفّق الجزء الثالث إلي الاتيان به، ليتشكّل من مجموع هذا الاستعراض تمهيد مناسب لما سوف يأتي من مباحث تفصيلات وقائع قيام مسلم عليه السلام ومقتله في هذا الكتاب (المركز)) خرج مسلم بن عقيل عليه السلام [1] من مكّة المكرّمة سفيراً للامام الحسين عليه السلام إلي أهل الكوفة في منتصف شهر رمضان سنة ستين للهجرة، ودخل الكوفة في اليوم الخامس من شهر شوّال من نفس ‍ السنة، [2] وكان الامام عليه السلام قد سرّح معه قيس بن مسّهر الصيداوي (رض)، وعمارة بن عبيد اللّه السلولي (ره)، وعبداللّه


وعبدالرحمن ابنا شدّاد الارحبي (رض). [3] وقيل: بعث معه أيضاً عبداللّه بن يقطر (رض). [4] .

وقد أوصي الامام عليه السلام مسلم بن عقيل عليه السلام أن ينزل عند أوثق أهل الكوفة قائلاً: (فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها)، [5] وقد روي أنّه نزل عند مسلم بن عوسجة (رض)، [6] كما روي أنه نزل عند هاني بن عروة (رض) ابتداءً، [7] لكنّ الاشهر هو أنّ مسلماًعليه السلام نزل في دار المختار بن أبي عبيد الثقفي (ره) ابتداءً ثمّ تحوّل منها بعد ذلك إلي دار هاني (رض). [8] .

وكان الامام الحسين عليه السلام قد جعل مبادرته وإسراعه في القدوم علي أهل الكوفة منوطاً بما إذا كتب إليه مسلم عليه السلام بأنّ حقيقة حالهم علي مثل ما قدمت به رسلهم وكتبهم، إذ كتب عليه السلام في رسالته الاولي إليهم: (... فإنْ كتب إليَّ أنّه قد اجتمع رأي ملاكم وذوي الحجي والفضل منكم علي مثل ما قدمت به رسلكم وقرأتُ في كتبكم فإنّي اقدم إليكم وشيكاً إن شاء اللّه...). [9] .


وفي رواية أخري أنّ الامام عليه السلام كتب إليهم في تلك الرسالة قائلاً: (فإنّ كنتم علي ماقدمت به رسلكم وقراءتُ في كتبكم، فقوموا مع ابن عمّي وبايعوه ولاتخذلوه...). [10] .

ويُستفاد من هذا النصّ أنّ مهمّة مسلم عليه السلام في الكوفة لم تكن منحصرة في إطار إعداد وتعبئة أهل الكوفة حتّي يأتي إليهم الامام عليه السلام فيقوموا معه ضد الحكم الامويّ، وكتابة التقارير المتوالية إلي الامام عليه السلام بحال أهل الكوفة والتحوّلات الجارية آنذاك، بل كان من صلاحية مسلم عليه السلام في ظرف استثنائي أن يبادر هو إلي القيام بأهل الكوفة ضدّ السلطة الاموية هناك ما رأي ذلك مناسباً حتّي قبل مجيء الامام عليه السلام، وهذا ما حصل بالفعل حينما أضطُرَّ مسلم عليه السلام نتيجة الظروف الاستثنائية الطارئة بعد اعتقال هاني بن عروة (رض) إلي أن يبادر إلي القيام يومذاك بمن معه.


پاورقي

[1] مرّت بنا في الجزء الثاني من هذه الدراسة ترجمة مفصلة وافية لسيّدنا مسلم عليه السلام، فراجعها في الفصل الاوّل منه في الصفحات: 42-60.

[2] راجع: مروج الذهب، 3: 55.

[3] راجع: الارشاد:186؛ وتأريخ الطبري، 3:277 / وقد مرّت تراجم هؤلاء الاعلام الثلاثة في الجزء الثاني: ص 69 73 وص 42 وص 42-44 علي التوالي.

[4] راجع: إبصار العين: 94؛ وقد مرّت ترجمة ابن يقطر في الجزء الثاني أيضاً: ص 170.

[5] الفتوح، 5:36؛ ومقتل الخوارزمي، 1:196.

[6] راجع: تأريخ الطبري، 3:275؛ وانظر: مروج الذهب، 3:55؛ وقد مرّت ترجمة لمسلم بن عوسجة (رض) في الجزء الثاني: ص 53.

[7] راجع: سير أعلام النبلاء، 3:299.

[8] راجع: الارشاد: 186؛ وتأريخ الطبري، 3:279 وإبصار العين:80؛ وقد مرّت ترجمة للمختار بن أبي عبيد الثقفي (ره) في الجزء الثاني: ص 54-55.

[9] الارشاد: 186؛ وتأريخ الطبري، 3:278؛ والاخبار الطوال: 231.

[10] الفتوح، 5:35؛ ومقتل الخوارزمي، 1 :195-196.