بازگشت

رسائل اهل الكوفة بعد موت معاوية


ما إنْ علم أهل الكوفة بموت معاوية بن أبي سفيان، وبأنّ الامام الحسين عليه السلام قد رفض البيعة ليزيد، وقد خرج من المدينة وأ قام في مكّة، حتّي تقاطرت إليه رسلهم ورسائلهم، يدعونه إليهم، مظهرين استعدادهم لنصرته والقيام معه، حتي إنه اجتمع عنده في نُوَبٍ متفرّقة إثنا عشر ألف كتاب، [1] ووردت إليه قائمة فيها مائة وأربعون ألف إسم يُعربون عن نصرتهم له حال ما يصل إلي الكوفة، [2] وكان سفيره إليهم مسلم بن عقيل عليه السلام قد كتب الي الامام عليه السلام بعد وصوله الكوفة وأخذه البيعة له منهم قائلاً: (أمّا بعدُ، فإنّ الرائد لايكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجّل الاقبال حين يأتيك كتابي، فإنّ الناس كلّهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأيٌ ولاهويً، والسلام.)، [3] وكان أهل الكوفة في آخر وفاداتهم إلي الامام عليه السلام في مكّة قد كتبوا إليه يقولون: (أمّا بعدُ، فإنّ الناس ينتظرونك لارأي لهم غيرك، فالعجل العجل يا ابن رسول اللّه، فقد اخضرّت


الجنّات، وأينعت الثمار، وأعشبت الارض، وأورقت الاشجار، فاقدم علينا إذا شئت، فانّما تقدم علي جند مجنّدة لك.)، [4] وكتبوا إليه: (إنّا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الصلاة مع الولاة، فاقدم إلينا فنحن في مائة ألف!). [5] .

لقد شكّلت رسائل أهل الكوفة حجّة علي الامام عليه السلام في وجوب الاستجابة لهم، وقد كان الامام عليه السلام قد علّق عزمه في التوجّه إلي الكوفة علي التقرير الميداني لمسلم بن عقيل عليه السلام عن حال أهل الكوفة، وقد صرّح عليه السلام لاهل الكوفة في رسالته الاولي إليهم بذلك حيث قال:

(.. فإنْ كتب إليَّ أنّه قد اجتمع رأي ملاكم وذوي الحجي والفضل منكم علي مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأتُ في كتبكم، فإني اقدم إليكم وشيكاً إن شاء اللّه...). [6] .

وعلي ضوء رسالة مسلم عليه السلام عقد الامام الحسين عليه السلام عزمه علي التوجّه الي الكوفة محتجّاً برسائلهم إليه، واحتجاجاته عليه السلام برسائل أهل الكوفة إليه كثيرة، نقلتها إلينا كتب التأريخ، منها علي سبيل المثال لاالحصر جوابه عليه السلام لعبد اللّه بن مطيع وكان قد سأله عمّا أخرجه عن حرم اللّه وحرم جدّه (ص) حيث قال عليه السلام: (إنّ أهل الكوفة كتبوا إليَّ يسألونني أ ن أقدم عليهم...). [7] .

وقوله عليه السلام لعبداللّه بن عمر وكان قد نهاه عن التوجّه الي أهل العراق (هذه كتبهم وبيعتهم!). [8] .

وقوله عليه السلام ليزيد بن الرشك الذي سأله في منزل من منازل الطريق قائلاً: ما


أنزلك هذه البلاد الفلاة التي ليس ‍ بها أحد؟! حيث أجاب عليه السلام:

(هذه كتبُ أهل الكوفة إليَّ ولاأراهم إلاّ قاتليَّ..!). [9] .

وقوله عليه السلام للطرمّاح وقد سأله أن يلجاء إلي جبل أَجَاء: (إنَّ بيني وبين القوم موعداً أكره أن أخلفهم..) [10] وفي نصٍ آخر: (إنّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قولٌ لسنا نقدر معه علي الانصراف..). [11] .


پاورقي

[1] اللهوف: 15.

[2] حياة الامام الحسين بن عليّ 2 :335-336 عن الوافي في المسألة الشرقية، 1:43.

[3] تأريخ الطبري، 3:290.

[4] اللهوف: 15.

[5] تذکرة الخواص: 215.

[6] تأريخ الطبري، 3:278؛ والارشاد: 185؛ والاخبار الطوال: 231.

[7] الاخبار الطوال: 246.

[8] تاريخ ابن عساکر (ترجمة الامام الحسين عليه السلام/تحقيق المحمودي): 192، حديث 246.

[9] تاريخ ابن عساکر (ترجمة الامام الحسين عليه السلام/ تحقيق المحمودي): 211، رقم 266؛ وانظر: سير أعلام النبلاء، 3:305.

[10] مثير الاحزان: 39.

[11] تاريخ الطبري،3:308.