بازگشت

العراق مهد التشيع و مركز معارضة الحكم الاموي


في إجابته عليه السلام عن سؤال عبداللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة [1] بالابواء بين


المدينة ومكّة: أين تريدُ يا ابن فاطمة؟

قال الامام عليه السلام: العراق وشيعتي!. [2] .

وفي محاورة بينه وبين عبداللّه بن عباس قال ابن عبّاس (رض): فإنْ كنت علي حال لابدّ أن تشخص فَصِر إلي اليمن فإنَّ بها حصوناً لك، وشيعة لابيك، فتكون منقطعاً عن الناس!

فقال الامام عليه السلام: لابدّ من العراق!. [3] .

هذان النصّان ونظائرهما يكشفان بوضوح عن أهميّة العراق بذاته عند الامام عليه السلام بمعزلٍ عن أثر رسائل أهل الكوفة التي وصلت إلي الامام عليه السلام في مكّة بعد موت معاوية، وأهميّة العراق بذاته عند الامام عليه السلام من الحقائق التأريخية التي لاتحتاج لاثباتها إلي الاستشهاد عليها بنصّ.

فلقد كانت الكوفة (مهداً للشيعة، وموطناً من مواطن العلويين، وقد أعلنت إخلاصها لاهل البيت في كثير من المواقف... و قد خاض الكوفيون حرب الجمل و صفين مع الامام، وكانوا يقولون له: (سِر بنا يا أميرالمؤمنين حيث أحببت، فنحن حزبك وأنصارك، نُعادي من عاداك، ونشايع من أناب إليك وأطاعك)، [4] وكان الامام أميرالمؤمنين عليه السلام يُثني عليهم ثناء عاطراً، فيري أنّهم أنصاره وأعوانه المخلصون له، يقول لهم: (ياأهل الكوفة، أنتم إخواني وأنصاري وأعواني علي


الحقّ، ومجيبيَّ إلي جهاد المحلّين، بكم أضرب المدبر، وأرجو إتمام طاعة المُقبل)، [5] ويقول عليه السلام: (الكوفة كنز الايمان، وجمجمة الاسلام، وسيف اللّه ورمحه، يضعه حيث يشاء.) [6] [7] .

وكانت الكوفة بعد أميرالمؤمنين عليه السلام والامام الحسن عليه السلام المقرّ الرئيسي لمعارضة الحكم الاموي، وكان الكوفيون يتمنّون زوال الحكم الاموي، (ومما زاد في نقمة الكوفيين علي الامويين أنّ معاوية ولّي عليهم شُذّاذ الافاق كالمغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه، فأشاعوا فيها الظلم والجور، وأخرجوهم من الدعة والاستقرار، وبالغوا في حرمانهم الاقتصادي، واتبعّوا فيهم سياسة التجويع والحرمان... وظلّت الكوفة مركزاً للمؤامرات علي حكم الامويين، ولم يُثنهم عن ذلك ما عانوه من التعذيب والقتل والبطش علي أيدي الولاة.). [8] .

وكان الشيعة في العراق بعد شهادة الامام الحسن عليه السلام علي اتصال بالامام الحسين عليه السلام من خلال المكاتبات واللقاءات، ونكتفي للدلالة علي ذلك بهذين النصّين:

أ) نقل الشيخ المفيد (ره) عن الكلبي والمدائني وغيرهما من أصحاب السير أنهم قالوا: (لمّا مات الحسن عليه السلام تحرّكت الشيعة بالعراق، وكتبوا الي الحسين عليه السلام في خلع معاوية، والبيعة له، فامتنع عليهم، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لايجوز له نقضه حتّي تمضي المدّة، فإذا مات معاوية نظر في ذلك.). [9] .


ب) روي البلاذري عن العتبي أنّ الوليد بن عتبة حجب أهل العراق عن الامام الحسين عليه السلام (أي منعهم من اللقاء به، وهذا يعني أنّهم كانوا يأتون لملاقاته في المدينة المنوّرة، وبصورة ملفتة ومثيرة لانتباه السلطة)، فقال الحسين عليه السلام:

(يا ظالماً لنفسه، عاصياً لربّه، علام تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقّي ما جهلته أنت وعمّك!؟). [10] .


پاورقي

[1] مضت له ترجمة موجزة في الجزء الاول: ص 418-419.

[2] تأريخ ابن عساکر (ترجمة الامام الحسين عليه السلام/تحقيق المحمودي): 294، رقم 256 ويُلاحظ أنّ هذه المحاورة تمّت في الابواء قبل وصول الامام عليه السلام إلي مکّة، أي قبل وصول رسائل أهل الکوفة إليه، فتأمّل!.

[3] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي، 1:310؛ ومع أنّ هذه المحاورة تمّت في أواخر أيّام وجود الامام عليه السلام في مکّة، إلاّ أنّه عليه السلام لم يُعلّل هذه اللاّبديّة بشيء کرسائل أهل الکوفة مثلاً، فتأمّل!.

[4] الامامة والسياسة، 1:231.

[5] الامامة والسياسة، 1:230.

[6] مختصر البلدان لابن الفقيه: 163.

[7] حياة الامام الحسين بن علي عليه السلام، 3:12 13.

[8] حياة الامام الحسين بن عليّعليه السلام، 3:14.

[9] الارشاد: 182.

[10] أنساب الاشراف: 3: 156-157، حديث 15.