بازگشت

مقدمة الكتاب


(الاشارات المهمّة علي الطريق بين مكّة وكربلاء)

علي طريق الركب الحسينيّ من مكّة المكرّمة إلي كربلاء المقدّسة هناك إشارات مهمة، ليست من نوع الاشارات التي توضع علي جانبي الطريق ليستدلّ بها السائرون علي معرفة الطريق، أو صحّة السير، أو مدي القرب أو البعد من الغاية المنشودة، بل هي إشارات من نوع آخر! ترتسم في آفاق (المعاني السامية) لتتحدّث عن (هويّة القاصد) علي هذا الطريق لاعن (هويّة الطريق).

وطريق الركب الحسينيّ إلي كربلاء ملييء بهذه الاشارات.. ومنها علي سبيل المثال:

الاشارة في خروج الركب الحسينيّ من مكّة يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)!

والاشارة في قول الامام عليه السلام للفرزدق (لو لم أعجلْ لاُخذتُ!) وفي قوله عليه السلام لابي هرّة الازدي: (وطلبوا دمي فهربت!).

والاشارة في تصديقه عليه السلام لقول الفرزدق ولقول بشر بن غالب الاسدي في أنّهما خلّفا الناس في الكوفة قلوبهم مع الامام عليه السلام وسيوفهم عليه!

والاشارة في قوله عليه السلام لعمرو بن لوذان: (يا عبداللّه، إنّه ليس يخفي عليَّ الرأي ما رأيتَ، ولكنّ اللّه لايُغلب علي أمره!).


والاشارة في احتجاجه المتواصل برسائل أهل الكوفة إليه، حتي بعد علمه بمقتل مسلم بن عقيل عليه السلام، وفي إصداره علي التوجّه إلي الكوفة حتّي بعد منع الحرّ الرياحي (رض) الامام عليه السلام من دخول الكوفة حُرّاً!

والاشارة في قوله عليه السلام بعد إصدار آل عقيل علي الطلب بثاءر مسلم عليه السلام: (لاخير في العيش بعد هؤلاء!).

والاشارة في قرأته عليه السلام في منزل زبالة الذي أعلن فيه للركب عن مقتل مسلم وهاني وعبداللّه بن يقطر (رض) وترخيصه من معه في الركب بالانصراف عنه بلاذمام!

والاشارة في قوله عليه السلام: (.. وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلي الكان الذي أقبلتُ منه إليكم..).

والاشارة في قوله عليه السلام: (ليرغب المؤمن في لقاء اللّه محقّاً، فإنّي لاأري الموت إلاّ شهادة ولاالحياة مع الظالمين إلاّ برماً!).

والاشارة في قوله عليه السلام: (إنّ رسول اللّه (ص) قال: من رأي سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرم اللّه... فلم يغيّر عليه بفعل ولاقول كان حقّاً علي اللّه أن يُدخله مدخله..!).

فقد خطب فيهم بذي حسم قائلاً: (إنه قد نزل من الامر ما قد ترون! وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها...).

وقال في عذيب الهجانات حين أتاه خبر مقتل قيس الصيداوي (رض): (..منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر ومابدّلوا تبديلا..).

وقال حين سمع بإسم كربلاء: (.. هاهنا محطّ رحالنا، ومسفك دمائنا، وهنا محلّ


قبورنا..).

ودعاهم ليلة عاشوراء إلي الانصراف عنه قائلاً: (.. فجزاكم اللّه عنّي جميعاً خيراً،.. ألاوإنّي قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل غشيكم فاتخذوه جملاً..).

هذا فضلاً عن امتحاناته لبعض الافراد كنافع بن هلال (رض) وبشر بن عمرو الحضرمي (رض)!

من هنا، نفهم أنّ هناك غاية عليا وراء هذه التمحيصات فوق الغايات الحربية وهي الوصول بهذه الصفوة المقدّسة من الانصار إلي أعلي منازل الاخرة، من خلال إرتقائهم في الدرجات بعد النجاح إثر كلّ امتحان، حتّي مَنَحَهُم عليه السلام وسام (سادة الشهداء)، ودرجة (.. فإنّي لاأعلم أصحاباً أوفي ولاخيراً من أصحابي..)، ورتبة (.. عشّاق شهداء لايسبقهم من كان قبلهم، ولايلحقهم من بعدهم..).

ثمّ نزل عليهم الفيض ليلة عاشوراء بالاستحقاقات، فكشف عليه السلام عن أعينهم الغطاء، وأراهم منازلهم ودرجاتهم في الجنّة!.

وشرّفتهم زيارة الناحية المقدّسة بهذا السلام: (السلام عليكم يا خير أنصار! السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار! بوَّأكم اللّه مُبَوَّءَ الابرار! أشهد لقد كشف اللّه لكم الغطاء! ومهَّد لكم الوِطاء! وأجزل لكم العطاء! وكنتم عن الحقِّ غير بِطاء! وأنتم لنا فرطاء! ونحن لكم خلطاء في دار البقاء! والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.).

علي الشاوي