بازگشت

يوم الخروج من مكة المكرمة


روي الشيخ المفيد(ره)، وكذلك الطبري روي عن أبي مخنف أنّ يوم خروج الامام الحسين (ع) من مكّة مـتـجـهاً الي العراق كان يوم الثامن من ذي الحجّة: «ثمّ خرج منها لثمان مضين من ذي الحجّة، يوم الثـلاثـأ، يـوم التـرويـة، فـي اليـوم الذي خـرج فـيـه مـسـلم بـن عقيل»، [1] وهذا هو المشهور.

لكنّ المزّي وابن عساكر ذكرا أنّ خروجه (ع) من مكّة كان في يوم الاثنين في العاشر من ذي الحجّة سـنـة سـتـيـن: «فـخـرج مـتـوجـهـاً إلي العـراق فـي أهـل بـيـتـه وسـتـيـن شـيـخـاً مـن أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين في عشر من ذي الحجّة سنة ستين» [2] .

لكنّ السيّد ابن طاووس (ره) قال: «كان قد توجّه الحسين (ع) من مكّة يوم


الثلاثأ لثلاث مضين من ذي الحجّة» [3] .

وأمـّا سـبـط ابـن الجـوزي فـقـد قال في تذكرة الخواص: «وأمّا الحسين (ع) فإنه خرج من مكّة سابع ذي الحجّة سنة ستين...» [4] .

ولا يـخـفـي أنّ المـشـهـور هـو الصحيح والقول الفصل لانه ورد عن لسان الامام (ع) نفسه في رسالته الثانية إلي أهل الكوفة، حيث قال فيها:

«... وقـد شـخـصـت إليـكـم مـن مـكـّة يـوم الثـلاثـأ لثـمـان مـضـيـن مـن ذي الحـجّة يوم التروية...» [5] .

وروي ابن كثير في تاريخه عن الزبير بن بكّار عن محمد بن الضحاك أنّ الامام الحسين (ع) لمّا أراد الخـروج مـن مـكـّة الي الكـوفـة مـرّ بـبـاب المـسـجـد الحـرام وقال:



لا ذعرتُ السوام في فلق الصبح

مغيراً ولا دُعيت يزيدا



يوم أُعطي مخافة الموت ضيماً

والمنايا يرصدنني أن أحيدا» [6] .



پاورقي

[1] الارشاد: 218 و تاريخ الطبري 3: 301 و 293.

[2] تهذيب الکمال 4: 493، وتاريخ دمشق 14: 212.

[3] الملهوف: 124.

[4] تذکرة الخواص: 217.

[5] تأريخ الطبري 3: 301.

[6] البـدايـة والنـهـايـة 8: 167، وشرح الاخبار 3: 144، وتاريخ دمشق 14: 204. لکن هـنـاک روايـة عـن أبـي سـعـيـد المـقـبـري (أو المـنـقـري) مـفـادهـا أنّ الامـام (ع) تـمـثـّل بـهـذيـن البـيـتـيـن فـي المـديـنـة المـنـورة حـيـن دخـل مـسـجـد رسـول اللّه (ص)، قال أبوسعيد: «واللّه لرأيت الحسين وإنه ليمشي بين رجلين، يعتمد علي هـذا مـرّة، وعـلي هـذا مـرّة، وعـلي هـذا أخـري حـتـي دخـل مـسـجـد رسـول اللّه (ص) وهـو يـقـول مـن الخـفـيـف (أي وزن الشـعـر الذي تـمـثـل (ع) بـه فـعـلمـت عند ذلک أن لايلبث إلاّ قليلاً حتي يخرج، فما لبث أن خرج حتي لحق بـمـکّة..». (مختصر تاريخ دمشق 7: 136 أقول: لا مانع من تکرّر تمثله (ع) بهذين البيتين في المـوضـعـيـن، کـمـا أشـار إلي ذلک القـاضـي نـعـمـان المـصـري بعد شرح مفردات البيتين حيث قال:



«السـوام: النـعـم السـائمـة، وأکـثـر مـا يـقـولون هـذا الاسـم عـلي الابـل خـاصة. والسائمة: الراعية التي تسوم الکلا إذا داومت رعيه، وهي سوام، والرعاة يسومونها أي يـرعـونـهـا. وفي رواية أخري: تمثّل بهذين البيتين بالمدينة. وهذان البيتان لابن المفرغ الحـمـيـري، تـمـثـل بـهـمـا الحـسـيـن (ع).. (ثـم قـال): وقـد يـکـون قال ذلک في الموضعين جميعاً». (شرح الاخبار 3: 145).

وهـنـاک روايـة أوردهـا الشـيـخ عـبـاس القـمـي هـکـذا: «روي»: عـن ابـن عـبـّاس قـال: «رأيـت الحـسـيـن (ع) قـبـل أن يـتـوجـّه الي العـراق عـلي بـاب الکـعـبـة وکـفـّ جبرئيل (ع) في کفّه، وجبرئيل ينادي: هلمّوا إلي بيعة اللّه عزّوجلّ» (نفس المهموم: 163).

ولا يـخفي علي متأمّل أنّ ما ورد في متن هذه الرواية ليس بعزيز علي الامام (ع) ولا مستغرب وهو زيـن السـمـاوات والارض کـمـا ورد عـن لسـان جـدّه (ص)، وجـبـرئيـل (ع) والمـلا الا عـلي يـتـشـرّفـون بـخـدمـتـه، لکـن المـلاحـظ عـلي هـذه الروايـة قـول ابـن عـبـّاس «رأيـت» فـهـل کـان (رض) مـؤهـلاً لمـثـل هـذه الرؤية (رؤية جبرئيل (ع»، أم أنّه رآه بإذن خاص من الامام (ع) في تلک الواقعة، أم أنـه رآه مـتـمـثـّلاً بـشـراً سـويـاً، ثـمّ عـرّفـه الامـام (ع) أن هـذا الذي رآه هـو جبرئيل (ع)؟

ومـلاحـظـة أخـري: إذا کـان ابـن عـبـاس (رض) قـد شـاهـد هـذا الامـر، فهل بايع؟ وإذا کان قد بايع فکيف اطاق التخلّف عن الالتحاق برکب سيّد الشهدأ(ع)؟ حتي علي فرض معذوريّته في ذلک.

ومـلاحـظـة أخـري: هـل انـکشف أمر هذه الرؤية لابن عبّاس (رض) فقط؟ أم أنّ «هلمّوا إلي بيعة اللّه عـزّوجـلّ» کـاشـفـة عـن أنّ الخـطـاب مـوجـّه للنـاس الاخـريـن؟ فهل سمعوا الندأ؟ وماذا کانت الاجابة!؟

أم أنّ تلکم الرؤية کانت رؤيا منام؟

وهناک تساؤلات أخري.