بازگشت

اشارة


لنـوع المـخـاطـب أثـر فـي نـوع خـطـاب أهـل البيت (ع) مع الغير، وهذه الحقيقة من الحقائق اللاّزم استذكارها لفهم وإدراك متون خطاباتهم (ع).

وعـلي قـدر درجة المخاطب من العقل والايمان واليقين بهم (ع) والتسليم لهم تكون درجة مخاطبتهم (ع) الغير بصريح القضيّة ومُرِّ الحقّ.


وفـي هـذه الروايـة نـجـدُ المـخـاطـب مـن المـلائكـة ومـؤمـنـي الجـنّ، مـن شـيـعـة أهل البيت (ع) ومن أهل الصدق والاخلاص في الاهبة والنصرة، وعلي درجة عالية جدّا من المعرفة بمنزلة الامام (ع) ومن اليقين والتسليم لامره، كما هو واضح في متن المحاورة في هذه الرواية.

ولذا نـجـد الامام (ع) يجيبهم بصريح القضيّة ووضوح تام، إنّه (ع) في هذه المحاورة ـ بمنطق العـمـق، مـنـطق الشهيد الفاتح ـ يؤكّد أنّه ماضٍ إلي مصرعه المختار (الموعد حفرتي) علي الارض المختارة (بقعتي التي أستشهد فيها وهي كربلاء). ويؤكّد (ع) أنّ الامر لابدّ منه تحقيقا للارادة الالهـيـّة فـي اخـتـبار (هذا الخلق المتعوس) حتّي يتشخّص لهم بوضوح تامّ طريق السعادة من مـتـاهات الشقاء والتعاسة، وليمتاز الحقّ من الباطل تماما بلاشائبة اختلاط وشبهة، حين يتحقّق بـذلك المـصـرع وعـلي تـلك البـقـعـة فـصـل الاسـلام المـحمّدي الخالص عن الامويّة المتلبّسة بـمـسـوح الاسـلام، وهـذا مـن أهـمّ أبـعـاد الفـتـح الحـسـيـنـيّ المـبـيـن، المـتـواصـل عـلي امـتـداد الزمان، بركة من بركات مصرع (الذبح العظيم)، وفيضا من فيوضات ذلك القبر المقدّس الذي اختاره اللّه يوم دحا الارض مركزا لاشعاع ذلك الفتح، ومعقلاللشيعة الحسينيّين علي مرّ الايّام وأمانا لهم في الدنيا والاخرة.

ويـؤكّد (ع) أيضا أنّ الامر لابدّ من جريان وقائعه في إطار الاسباب العادية بعيدا عن خوارق العـادة مـن أسـبـاب مـا فـوق العـادة، ولو كـانـت الغـايـة نـصـرا ظـاهـريـّا عـاجـلاولاسـبيل إلي تحقيقه إلاّ بالخوارق فإنَّ الامام (ع) بولايته التكوينيّة العامّة بإذن اللّه تبارك وتـعالي أقدر من الملائكة والجنّ علي تحقيق ذلك (نحن واللّه أقدر عليهم منكم، ولكن ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيي من حيَّ عن بيّـنة...).