بازگشت

سيرة الاصلاح


فـي النـصّ الذي نقله ابن شهر آشوب (ره) لبعض الوصيّة التي كتبها الامام الحسين (ع) لاخيه مـحمّد بن الحنفيّة (ر)، [1] وكذلك في نصّها الذي نقله العلاّمة المجلسي (ره) عن كتاب المـقـتـل للسـيـّد مـحـمـّد بـن أبـي طـالب المـوسـوي، والذي أوردنـاه مـن قـبـل، نـجـدُ الامـام (ع) في تعليله لخروجه علي الحكم الامويّ يقرن مع طلب الاصلاح في الامّة والامـر بـالمعروف والنهي عن المنكر قوله: (وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب (ع).


وممّا يستفاد من هذا الاقتران وهذا الحصر بهاتين السيرتين المقدّستين أمران:

الاوّل: هـو أنّ الاصـلاح العـملي في الامّة من خلال تقديم الصورة الحيّة المثلي لهذا الصلاح، والدعـوة العـمـليـّة إلي كـلّ مـعـروف والنـهـي العـملي عن كلّ منكر، إنّما يتحقّقان بالسير بهاتين السيرتين المقدّستين.

والثـانـي: هو أنّ الامام (ع) بذكره هاتين السيرتين فقط قد أعلن عن إدانته للسِّيَر الاخري التي حكمت حياة المسلمين بعد رسول اللّه (ص)، وكانت السبب في مناشيء الانحراف الذي تعاظم حتّي آلت الامور إلي حاكم مثل يزيد بن معاوية!.

ومـعـنـي هـذا أنّ الاصـلاح في الامّة وتطبيق مبداء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تحقيقا لحياة يحكمها الاسلام المحمّدي الخالص لايكون إلاّ بالاعراض عن تلك السِّيَر الاخري ورفضها.

ويـبـدو أنّ بـعـض الاقـلام التـي دوّنـت سـيـرة الامـام الحـسـيـن (ع) أو التـي استنسخت بعض كتب التـأريخ قد انتبهت إلي قوّة إدانة الامام (ع) لهذه السير الاخري في قوله: (وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب (ع) فقط، فأضافت إليها عبارة (وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين رضي اللّه عنهم) رفعا لهذه الادانة الحسينيّة لتلكم السير الاخري.

يـقـول السـيـّد مـرتـضـي العسكري وهو محقّق مرموق (إنّ الراشدين اصطلاح تأخّر استعماله عن عـصـر الخـلافـة الامـويـّة، ولم يـرد فـي نـصٍّ ثـبـت وجـوده قـبـل ذلك، ويـُقـصـد بـالراشـديـن الذيـن أتـوا إلي الحـكـم بـعـد رسول اللّه (ص) متواليا، من ضمنهم الامام علي (ع)، فلايصحّ أن يعطف الراشدين علي اسم الامام، كلّ هذا يدلّنا علي


أن الجملة أُدخلت في لفظ الامام الحسين (ع). [2] .

ولقـد وردت هـذه الاضـافـة فـي نـصّ الوصـيّة في رواية كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي وفي كتاب مقتل الحسين (ع) للخوارزمي نقلاعن الفتوح.


پاورقي

[1] مناقب آل أبي طالب، 4: 89.

[2] معالم المدرستين، 3: 61.