بازگشت

لقاء المناورة و إعلان رفض البيعة


نعود إلي متابعة القصّة وكيف تمّ اللقاء بين الامام (ع) وبين الوليد.

يتابع ابن أعثم روايته قائلا:

(ثـمّ صـار الحـسـيـن بـن عـلي إلي مـنـزله، ثمّ دعا بماء، فلبس وتطهّر بالماء، وقام فصلّي ركـعـتـيـن، ودعـا ربـّه بـمـا أحـبّ فـي صـلاتـه، فـلمـّا فـرغ مـن ذلك أرسـل إلي فـتـيـانـه وعـشـيـرتـه ومـواليـه وأهـل بـيـتـه وأعـلمـهـم بـشـأنـه، ثـم قال:

(كـونـوا بـبـاب هـذا الرجـل فإنّي ماضٍ إليه ومكلّمه، فإن سمعتم أنّ صوتي قد علاوسمعتم كلامي وصحتُ بكم، فادخلوا يا آل الرسول واقتحموا من غير إذنٍ، ثمّ اشهروا السيوف ولاتعجلوا، فإن رأيتم ما تكرهون فضعوا سيوفكم ثمّ اقتلوا من يريد قتلي.

ثـمّ خـرج الحـسـيـن (ع) مـن مـنـزله وفـي يـده قـضـيـب رسول اللّه (ص)، وهو في


ثلاثين رجلامن أهـل بـيـتـه ومـواليـه وشـيـعـتـه، حـتـّي أوقـفـهـم عـلي بـاب الوليـد بـن عـتـبـة، ثـم قـال: أنـظـروا مـاذا أوصـيـتكم فلاتتعدّوه، وأنا أرجو أن أخرج إليكم سالما إن شاءاللّه). [1] .

أمّا الشيخ المفيد (ره) قد روي أنّ الامام (ع) قال لهم:

(إنّ الوليد قد استدعاني في هذا الوقت، ولستُ آمن أن يكلّفني فيه أمرا لاأجيب إليه، وهو غير مـأمـون، فـكـونـوا مـعي، فإذا دخلت إليه فاجلسوا علي الباب، فإن سمعتم صوتي قد علافادخلوا عليه لتمنعوه عنّي). [2] .

لنعد إلي رواية ابن أعثم حيث قال:

(ثـمّ دخـل الحـسـيـن عـلي الوليـد بن عتبة فسلّم عليه، فردّ عليه ردّا حسنا ثمّ أدناه وقرّبه... ومـروان بـن الحـكـم هـنـاك جـالس فـي مـجـلس الوليـد، وقـد كـان بين مروان وبين الوليد منافرة ومفاوضة).

فأقبل الحسين علي الوليد فقال: أصلح اللّه الامير، والصلاح خير من الفساد، والصلة خير من الخشناء والشحناء، [3] وقد آن لكما أن تجمتعا، فالحمد للّه الذي ألّف بينكما.

...فلم يجيباه في هذا بشيٍ...

فـقـال الحسين: هل أتاكم من معاوية كائنة خبر، فإنّه كان عليلاوقد طالت علّته، فكيف حاله الان؟


... فتاءوّه الوليد وتنفّس الصعداء وقال: أباعبداللّه، آجرك اللّه في معاوية، فقد كان لك عمّ صدقٍ، وقد ذاق الموت، وهذا كتاب أميرالمؤمنين يزيد.

فـقـال الحـسـيـن: إنـّا للّه وإنـّا إليـه راجـعـون، وعظّم اللّه لك الاجر أيّها الامير، ولكن لماذا دعوتني!؟

فقال: دعوتك للبيعة، فقد اجتمع عليه الناس.

فقال الحسين: إنّ مثلي لايعطي بيعته سرّا، [4] وإنّما أُحبّ أن تكون البيعة علانية بـحـضرة الجماعة، ولكن إذا كان من الغد ودعوتَ الناس إلي البيعة دعوتنا معهم فيكون أمرنا واحدا.

فـقـال له الوليـد: أبـاعـبـداللّه، لقـد قـلت فـأحـسـنـت فـي القـول، وأحببت جواب مثلك، وكذا ظنيّ بك، فانصرف راشدا علي بركة اللّه حتّي تأتيني غدا مع الناس.

فـقـال مروان بن الحكم: أيّها الامير، إنّه إذا فارقك في هذه الساعة لم يبايع فإنّك لن تقدر منه ولاتقدر علي مثلها، فاحبسه عندك فلاتدعه يخرج أو يبايع وإلاّفاضرب عنقه.

...فـالتـفـت إليـه الحـسـيـن وقـال: ويلي عليك يا ابن الزرقاء! أتأمر بضرب عنقي!؟ كذبت واللّه، واللّه لو رام ذلك أحـدٌ مـن النـاس لسـقـيـتُ الارض مـن دمـه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرُم ضرب عنقي إن كنت صادقا.


ثـمّ أقـبـل الحـسـيـن عـلي الوليـد بـن عـتـبـة وقـال: أيـّهـا الامـيـر، إنـّا أهـل بـيـت النـبـوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمةّ، وبنا فتح اللّه وبنا ختم، ويـزيـد رجـل فـاسـق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلنٌ بالفسق، مثلي لايبايع لمثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة.

...وسـمـع مـن بـالبـاب الحـسـيـن فـهمّوا بفتح الباب وإشهار السيوف، فخرج إليهم الحسين سريعا فأمرهم بالانصراف إلي منازلهم، وأقبل الحسين إلي منزله. [5] .

فـقـال مـروان بـن الحـكم للوليد بن عتبة: عصيتني حتّي انفلت الحسين من يدك، أما واللّه لاتقدر علي مثلها أبدا، وواللّه ليخرجنّ عليك وعلي أمير المؤمنين فاعلم ذلك. [6] .

فـقـال له الوليـد بـن عـتـبـة: ويحك! أشرتَ عليّ بقتل الحسين، وفي قتله ذهاب ديني ودنياي، واللّه ما أحبّ أن أملك الدنيا بأسرها وأنّي قتلت الحسين بن عليّ، إبن فاطمة الزهراء، واللّه مـا أظـنّ أحـدا يـلقـي اللّه بـقـتـل الحـسين إلاّ وهو خفيف الميزان عنداللّه يوم القيامة لاينظر إليه ولايزكّيه وله عذاب أليم.

...فسكت مروان!!) [7] .



پاورقي

[1] الفتوح: 5: 13.

[2] الارشاد: 221.

[3] وفي تاريخ الطبري، 4: 251: (والصلة خير من القطيعة).

[4] وفـي تـاريـخ الطبري، 4: 251: (ولاأراک تجتزيء بها منّي سرّا دون أن نظهرها عـلي رؤوس النـاس عـلانـيـة، قال: أجل)؛ وفي الامامة والسياسة، 1: 206 (لاخير في بيعة سـرّ، والظـاهـرة خـيـر، فـإذا حـضر الناس کان أمرا واحدا)؛ وفي الارشاد: 221 (إنّي لاأراک تقنع ببيعتي ليزيد سرّا حتّي أبايعه جهرا فيعرف ذلک الناس).

[5] وفـي تـاريـخ الطـبـري، 4: 252: (ثـمّ خـرج فـمـرّ بأصحابه فخرجوا معه حتّي أتي منزله).

[6] وفـي الارشـاد: 221 ـ 222: (قـال له مروان: واللّه لئن فارقک الحسين الساعة ولم يـبـايـع لاقـدرت مـنـه عـلي مـثـلهـا أبـدا حـتـّي تـکـثـر القـتـلي بـيـنـکـم وبـيـنـه. إحـبـس الرجـل فـلايـخـرج مـن عـنـدک حـتـّي يـبـايـع أو تـضـرب عـنـقـه. فـوثـب الحـسـيـن (ع) عند ذلک وقال: أنت يا ابن الزرقاء تقتلني أم هو!؟ کذبت واللّه وأثمت...).

[7] الفتوح، 5: 13 ـ 14.