بازگشت

مقدمة مركز الدراسات الاسلامية التابع لممثلية الولي الفقيه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره و دليلاعلي نعمه و آلائه، والصلاة والسلام علي أشرف الخلائق محمد و آله الطيبين الطاهرين.

و بعد: فلم يشهد العالم الاسلامي في القرن الرابع عشر من الهجرة النبوية الشريفة - و هو آنذاك علي مشارف نهاية ذلك القرن - حدثا في جلال و جمال و روعة و هيبة و أهمية حدث انتصار الثورة الاسلامية في اقليم ايران بقيادة المرجع الديني الكبير و القائد الفذ آية الله العظمي السيد روح الله الموسوي الخميني قدس الله نفسه الزكية.

و قد انبهر العالم الاسلامي خاصة والعالم عامة آنذاك بعظمة ذلك الحدث الكبير، و تأثر الجميع به (كل بحسبه)، فقد انبعثت في روح الأمة الاسلامية آمال عودة حاكمية الاسلام من جديد و بقوة بعد يأس و خمود، و ارتعدت فرائص الحكومات العملية في بلاد المسلمين خوفا من قيام الأمة ضدها في


أقطارها، و وجد مستضعفو العالم في هذه الثورة خير مثال يتأسي به في التحرك نحو الخلاص من هيمنة الاستكبار والطواغيت، و فزع المستكبرون من آثر هذه الثورة المباركة، و هرعوا يخططون لمحاصرتها في أضيق دائرة ممكنة فضلاعن مخططات القضاء عليها، و لقد شهدت خريطة العالم الاسلامي خاصة والعالم عامة تغيرات سياسية كبيرة كان انتصار الثورة الاسلامية في ايران السبب المهم في وقوعها أو أحد أسبابها علي الأقل.

و منذ انتصار هذه الثورة الاسلامية كان من الطبيعي علي جميع الأصعدة و علي الصعيد الفكري خاصة أن تتحدث هذه الثورة عن نفسها و عن هويتها، و عن نهجها في الفداء و التضحية المستمد من نهج الامام الحسين عليه السلام، و عن انتسابها التام الي نهة عاشوراء، فهي - و هو الحق - احدي بركات تلك النهضة المقدسة، و ثمرة من ثمراتها، و مصداق مهم من مصاديق الفتح الحسيني فيما بين عاشوراء و عصر الظهور، فلم لم تكن عاشوارء الحسين عليه السلام لما كانت هذه الثورة المباركة، و قد جسد الامام الخميني قدس سره هذه الحقيقة بقوله «كل ما عندنا فمن عاشوراء».

و كان من المتوقع أن تتألب دوائر الاستكبار العالمي و عملاؤها الفكريون والسياسيون لشن هجوم فكري علي السالام عامةو علي مذهب أهل البيت عليهم السلام و هوية هذه الثورة الاسلامية خاصة، هجوم أعد له التخيطيط الاستكباري بدقة و اتقان، هجوم علي كل الأصعدة و في جميع نواحي حياة الأمة المسلمة في أقطارها عامة و في ايران خاصة.

و ادراكا منها لأهمية هذه المسألة وخطورتها فقد أكدت القيادة الاسلامية


الحكيمة باستمرار علي مواصلة النهج الثوري علي جميع الأصعدة و في كل الأبعاد، خصوصا ي البعد الثافي الذي يجسد الهوية الفكرية لهذه الثورة، هذه الهوية التي لاتقيدها حدود جغرافية أو موانع سياسية، و في مواجهة الغزو الثافي الكافر الذي كانت و لم تزل عواصفه تهب بقوة و شراسة علي عالمنا الاسلامي.

والمتابع المتأمل في خطب و بيانات الامام الخميني قدس سره و آية الله السيد علي الخامنئي يلاحظ هذا التأكيد علي هذه المسألة واضحا جليا، خصوصا حيث اشتدت قوة الغزو الفكري الكافر في أيامنا الأخيرة الحاضرة، اذ أحكمت وسائل الاعلام الكافر قبضتها علي جميع العالم بطريقة حديثة و متفوقة و منوعة و شاملة، الأمر الذي يحتم أن تكون مواجهة هذا الغزو الثقافي عملاعلي مستوي رفيع من المعرفة و التخيطيط والفن، من أجل ايصال الكلمة الاسلامية الهادية - كلمة الفطرة الانسانية - الي كل القلوب بأساليب متعددة و محببة و مؤثرة، حتي تتوجه هذه القلوب الي دين الله باقبال و اعتقاد، و تنجو من حبائل مكر الشياطين و ضلالهم عن معرفة و تدبر.

و كان لابد لوليد الثورة الاسلامية الأغر «حرس الثورة الاسلامية» الذي نهض بأعباء حفظ هذه الثورة من أعداء الداخل و الخارج، مستهديا بنهج الامام أبي عبدالله الحسين عليه السلام في الفداء والتضحية وحب الشهادة، و ملبيا لكن نداءات عاشوراء كربلاء، أن يكون أول المسارعين و أسبق المبادرين الي اطاعة و تنفيذ توصيات القيادة الاسلامية بصدد مواصلة الثورة الثقافية، علي بصيرة بما للكلمة و الفكر و المعرفة من دور كبير في تثبيت و توضيح أصول


و منطلقات الثورة الاسلامية و نشرها، و في الدعوة الي الحق و الخير و الدفاع عنهما،جنبا الي جنب مع اعداد القوة التي يرهب بها المؤمنون عدوالله وعدوهم.

و كان و لم يزل للمؤسسات الثقافية والعلمية التابعة لحرس الثورة الاسلامية دور محسوس في نشر الثقافة و التربية الاسلامية بين قوات الحرس خاصة و في أوساط الأمة عامة، في اطار النهضة الفكرية الاسلامية الحاضرة التي هي احدي ثمرات انتصار هذه الثورة المباركة.

و ايمانا من «حرس الثورة الاسلامية» بانتمائهم التام الي النهج الحسيني الذي اعتمدته قيادة الثورة الاسلامية و جماهيرها في الجهاد و مقارعة الفساد و الظلم و الكفر، ذلك النهج الذي كان السبب الأهم في انتصار الثورة المباركة، و شعورا من «حرس الثورة الاسلامية» بوجوب التعريف بهذا النهج، و ضرورة نشر «ثقافة عاشوراء» في صفوف قوات الحرس و في أوساط الأمة الاسلامية، و وفاء ببعض ما للامام الحسين عليه السلام خاصة من فضل و دين في أعناق أبناء هذه الثورة فقد أقدمت قيادة الحرس علي تأسيس مديرية ثقافية خاصة، تتولي الاهتمام والعناية بنشر التراث الحسيني، و ترويج ثقافة عاشوراء، و تقديم التحقيقات الجديدة المتعلقة بتأريخ الثورة الحسينية علي جميع الأصعدة و في مختلف الجوانب و الأبعاد، و احياء الآثار العلمية و التأريخية والأدبية المتبطة بتأريخ الامام الحسين عليه السلام، و قد أطلق عليها: «مديرية دراسات عاشوراء المستقلة» في مركز الدراسات الاسلامية العائد لحرس الثورة الاسلامية.


فقد شرع في هذه المؤسسة - علي سبيل المثال - بتدوين (كتاب شناسي تأريخي امام حسين عليه السلام): فهرس وصفي لأهم مصادر تأريخ حياة الامام الحسين عليه السلام و نهضة عاشوراء، و يتألف هذا الكتاب من قسمين، يتناول القسم الأول تعريف و وصف مائة من الكتب المهمة المتعلقة بحياة الامام الحسين عليه السلام و نهضة عاشوراء، مرتبة علي حسب ترتيب تأريخ التأليف، و تحتل المساحة الوصفية لكل واحد منها من صفحتين الي أربع صفحات من هذا الكتاب. أما القسم الثاني فهو فهرس لتسعمائة كتاب مختص بحياة الامام الحسين عليه السلام و نهضة عاشوراء، منتزعة من كتاب (الذريعة الي تصانيف الشيعة)، يغني المحقق المتتبع عن عناء مراجعة جميع مجلدات كتاب الذريعة في هذا الصدد.

و شرعت أيضا هذه المؤسسة باعداد كتب جديدة ذات مناهج متنوعة للتعريف بنهضة عاشوراء، منها مثلا:

كتاب: (پيام عاشورا): بلاغات عاشوراء...، و قد تم نشره بالفعل.

كتاب: (زمينه هاي قيام امام حسين عليه السلام): ممهدات الثورة الحسينية.

كتاب: (پيامدهاي عاشوراء): آثار وقعة عاشوراء.

و في اطار احياء آثار المكتبة الحسينية تبنت هذه المؤسسة نشر الأعمال التحقيقية الجديدة المتعلقة بجميع أبعاد نهضة عاشوراء، و قد نشرت بالفعل كتاب (ابصار العين في أنصار الحسين عليه السلام) محققا.

و من الأعمال التحقيقية و الآثار التأريخية التي تعتز و تفخر هذه المؤسسة باصدارها و تقديمها الي المكتبة الاسلامية عامة و المكتبة الحسينية خاصة هذه


الدراسة التأريخية التحليلية النقدية المفصلة الجديدة، و عنوانها: (مع الركب الحسيني من المدينة الي المدينة).

و هي دراسة تشمل تأريخ فترة امامة الامام الحسين عليه السلام مضافا اليها تأريخ ماجري علي بقية آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بعد استشهاد الامام عليه السلام حتي عودة الركب الحسيني الي المدينة مرة أخري، و ذلك لارتباط تأريخ هذه الفترة ارتباطا تاما بصميم تأريخ نهضة عاشوراء.

و حيث لابد في دراسة تأريخ النهضة الحسينية من معرفة تأريخ مناشي ء و ممهدات هذه النهضة و لو بصورة اجمالية، فقد شملت هذه الدراسة أيضا مرورا مركزا و مختصرا علي تأريخ ما جري علي الاسلام والمسلمين في الخمسين سنة - منذ وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي سنة ستين للهجرة النبوية - في مقالة بعنوان «حركة النفاق... قراءة في الهوية و النتائج» تعرضت الي تعريف النفاق،و الي المشهور الخاطبي ء عن بداية حركة النفاق و عن نهايتها، و الي فضائلها، و الي المنعطفات الأساسية التي حصلت بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و نتائجها، و يجد القاري ء الكريم هذه المقالة في مدخل الجزء الأول (المقطع الأول) من هذه الدراسة.

و من الجدير بالذكر أننا قسمنا دراسة (مع الركب الحسيني من المدينة الي المدينة) الي ستة مقاطع هي:

1- تأريخ فترة وجود الامام الحسين عليه السلام في المدينة، الي رحلته عنها الي مكة المكرمة.


2- تأريخ فترة وجود الامام الحسين عليه السلام في مكة المكرمة.

3- تأريخ فترة حركة الامام عليه السلام من مكة الي كربلاء.

4- تأريخ فترة وجود الامام عليه السلام في كربلاء حتي استشهاده.

5- تأريخ فترة ماجري علي الركب الحسيني بعد استشهاد الامامعليه السلام حتي وصولهم الي الشام.

6- تأريخ فترة ماجري علي الركب الحسيني في الشام و ما جري عليهم في طريق العودة من الشام حتي دخولهم المدينة.

و ايمانا منا بأن هذه الدراسة التحليلية المفصلة لن تنال حقها في جميع جوانبها و أبعادها كما ينبغي اذا نهض بأعبائها و تأليفها في فترة زمنية محدودة محقق واحد مهما أوتي من خبرة في البحث و المتابعة، و مستوي رفيع في الدراية التأريخية، و قدرة تحليلية، و حس مرهف في قراءة ماوراء السطور و تشخيص خفايا القضايا و شوارد الأمور.

ذلك لأن الباحث و ان كان متمتعا بكل تلك المواصفات العالية يندر أن ينجو - علي مساحة بحث تحقيقي مترامي الأطراف كثير التفاصيل متشعب الزوايا - من مطبات الغفلة، أو مزالق العجلة، أو اختصار في موقع التفصيل، أو اطناب في موقع الاقتضاب، أو غير ذلك من العوامل السلبية المانعة من بلوغ البحث كماله المنشود، خصوصا اذا كانت هناك مساحة زمنية محدودة لانجاز العمل كما قلنا.

هذا ما تؤكده التجارب المشهود في الدراسات التأريخية المفصلة التي


قامت علي أساس جهد فردي، و في المكتبة التأريخية أمثلة كثيرة علي هذه الحقيقة.

لذا فقد توجهنا الي مجموعة مباركة من ستة كتاب باحثين محققين من ذوي الخبرد والكفاءة للقيام بعب ء انجاز هذه الدراسة التأريخية المفصلة (مع الركب الحسيني من المدينة الي المدينة)، هم حسب ترتيب ما اختصوا به...

1- فضيلة الأستاذ علي الشاوي: و اختص بالمقطع الأول أي تأريخ فترة وجود الامام الحسين عليه السلام في المدينة، و رحلته منها الي مكة المكرمة.

2- سماحة الشيخ نجم الدين الطبسي: و اختص بالمقطع الثاني أي تأريخ فترة وجود الامام الحسين عليه السلام في مكة المكرمة.

3- سماحة الشيخ محمد جواد الطبسي: و اختص بالمقطع الثالث أي تأريخ فترة حركة الامام الحسين عليه السلام من مكة الي كربلاء.

4- سماحة الشيخ عزت الله المولائي: و اختص بجزء من المقطع الرابع وهو تأريخ فترة وجود الامام الحسين عليه السلام في كربلاء الي ما قبل صبيحة يوم عاشوراء.

5- سماحة الشيخ محمد جعفر الطبسي: و اختص بالجزء الآخر من المقطع الرابع و هو تأريخ وقائع يوم عاشوراء حتي استشهاد الامام الحسين عليه السلام و انتهاء المعركة، كما اختص بالمقطع الخامس أي تأريخ فترة ما جري علي الركب الحسيني بعد استشهاد الامام عليه السلام حتي وصولهم


الي الشام.

6- سماحة الشيخ محمد أمين الأميني: و اختص بالمقطع السادس أي تأريخ فترة ما جري علي الركب الحسيني في الشام، و وقائع طريق العودة من الشام حتي دخولهم المدينة المنورة.

و حرصا منا علي الجمع بين مزايا العمل الجماعي و مزايا العمل الفردي فقد طلبنا الي فضيلة الأستاذ علي الشاوي أن يتولي مراجعة جميع بحوث زملائه في هذه الدراسة مناقشة و نقدا و تنظيما.

ندعوا الله تبارك و تعالي أن يتقبل من الجميع هذه الجهود المضنية لتحقيق المستوي المنشود لهذه الدراسة القيمة، و أن يوفق هؤلاء الأخوة المحققين الي مزيد من الأعمال المباركة في مجالات خدمة التأريخ الاسلامي عامة و تأريخ النهضة الحسينية خاصة.

مركز الدراسات الاسلامية لممثلية الولي الفقيه في حرس الثورة الاسلامية