بازگشت

ذكر المختار بن ابي عبيدة الثقفي و طلبه بثار الحسين


لما بعث الحسين (ع) مسلم بن عقيل الي الكوفة نزل دار المختار فبايعه

المختار في جملة من بايعه من اهل الكوفة و ناصحه و دعا الناس اليه فلما خرج مسلم كان المختار في قرية له خارج الكوفة لأن خروج مسلم كان قبل ميعاده بسبب ضرب ابن زياد لهاني و حبسه لجاء الخبر الي المختار عند الظهر بخروج مسلم فاقبل المختار في مواليه حتي دخل الكوفة و اتي الي باب الفيل و هو من ابواب المسجد بعد المغرب و كان ابن زياد قد عقد لعمرو بن حريث راية و امره علي الناس و اقعده في المسجد فمر بالمختار رجل من اصحاب ابن زياد يسمي هاني ء بن ابي حية الوداعي فقال للمختار ما وقوفك ههنا لا انت مع الناس و لا انت في بيتك فقال له المختار اصبح رأيي مرتجا لعظم خطيئتكم فدخل هاني علي عمرو بن حريث و اخبره بذلك فارسل عمرو الي المختار رجلا يأمره ان لا يجعل علي نفسه سبيلا فقال زائدة بن قدامة بن مسعود لعمرو يأتيك المختار علي انه آمن قال عمرو امامني فهو آمن و ان بلغ الامير عبيدالله عنه شي ء شهدت عنده ببرائته و شفعت له احسن الشفاعة فجاء المختار الي ابن حريث و جلس تحت رايته حتي اصبح و جاء عمارة بن عقبة بن الوليد بن عقبة بن ابي معيط فاخبر ابن زياد بامر المختار فلما اذن ابن زياد للناس دخل عليه المختار في جملة من


دخل فقال له ابن زياد انت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل فقال لم افعل و لكني اقبلت و قعدت تحت راية عمرو بن حريث الي الصباح و شهد له عمرو بن حريث بذلك فضربه ابن زياد بالقضيب علي وجهه حتي اصاب عينه فشترها [1] و قال و الله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك و أمر به الي السجن و حبس معه ميثم التمار صاحب اميرالمؤمنين عليه السلام فقال ميثم للمختار انك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين (ع) فتقتل هذا الذي يقتلنا و تطأ بقدميك علي و جنته و كان ميثم اخذ ذلك من اميرالمؤمنين عليه السلام (فلم) يزل المختار محبوسا حتي قتل الحسين «ع» فارسل المختار رسولا الي عبدالله بن عمر يطلب منه ان يكتب الي يزيد ليكتب الي ابن زياد باطلاق المختار فلما جاء الرسول الي عبدالله بن عمر و علمت زوجته صفية بحبس اخيها بكت و جزعت فرق لها عبدالله و كتب الي يزيد يطلب منه ان يكتب الي ابن زياد باطلاقه فكتب يزيد الي ابن زياد (اما بعد) فخل سبيل المختار ابن ابي عبيد حين تنظر في كتابي فدعا ابن زياد بالمختار فاخرجه ثم قال له قد اجلتك ثلاثا فان ادركنك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمة فلما كان اليوم الثالث خرج المختار الي الحجاز فلقيه ابن العرق مولي


ثقيف ورآء وا قصة فسلم عليه و سأله عن عينه فقال خبطها ابن الزانية بالقضيب فصارت كما تري ثم قال قتلني الله ان لم اقطع انامله و اعضاءه أربا أربا ثم قال له اذا سمعت بمكان قد ظهرت به في عصابة من المسلمين اطلب بدم الشهيد المظلوم المقتول بالطف سيد المسلمين و ابن سيدها و ابن بنت سيد المرسلين الحسين بن علي فوريك لأقتلن بقتله عدة القتلي التي قتلت علي دم يحيي بن زكريا عليهماالسلام فجعل ابن العرق يتعجب من قوله ثم سار المختار حتي وصل الي مكة و ابن الزبير يدعوا الي نفسه سرا فكتم امره عن المختار ففارقه المختار و غاب عنه سنة فسأل عنه ابن الزبير فقيل له انه بالطائف ثم حضر المختار و بايع ابن الزبير علي شروط شرطها و اقام عنده و حارب معه اهل الشام و قاتل قتالا شديدا و كان اشد الناس علي اهل الشام «فلما» هلك يزيد و اطاع اهل العراق ابن الزبير اقام المختار عنده خمسة اشهر و اياما فقدم هاني بن ابي حية الوداعي الي مكة يريد العمرة في رمضان فسأله المختار عن اهل الكوفة فاخبره انهم علي طاعة ابن الزبير الا أن طائفة من الناس هم عدد اهلها لو كان لهم من يجمعهم علي رأيهم اكل بهم الارض فقال المختار انا ابواسحق انا و الله لهم ان اجمعهم علي الحق و القي بهم ركبان الباطل و اهلك بهم كل جبار عنيد ثم ركب راحلته و اقبل نحو الكوفة حتي وصل الي نهر الحيرة يوم


الجمعة فاغتسل و ادهن و لبس ثيابه و اعتم و تقلد سيفه و ركب راحلته و دخل الكوفة و جعل لا يمر علي مجلس الأسلم علي اهله و قال ابشروا بالنصرة و الفلج اتاكم ما تحبون و لقيه عبيدة بن عمرو البدائي الكندي و كان من اشجع الناس و اشعرهم و اشدهم تشيعا و حبا لعلي عليه السلام فقال له ابشر بالنصر و الفلج « و كان» سليمان بن صرد و اصحابه في ذلك الوقت يستعدون للطلب بثار الحسين عليه السلام فلما خرج سليمان و اصحابه نحو الشام علي ما قدمنا ذلك قال عمر بن سعد و شبث ابن ربعي و يزيد بن الحارث بن رويم و هم من قتلة الحسين عليه السلام لعبد الله بن يزيد الخطمي و هو والي الكوفة من قبل ابن الزبير و ابراهيم بن محمد بن طلحة و هو امير الخراج ان المختار اشد عليكم من سليمان بن صرد ان سليمان انما خرج يقاتل عدوكم و ان المختار يريد ان يثب عليكم في مصركم فاوثقوه و اسجنوه فاتوا و اخذوه بغتة و اراد ابراهيم ان يقيده و يمشيه حافيا فلم يقبل عبدالله و اتي ببغلة دهماء فحمل عليها و قيل بل قيدوه «و كان» يقول و هو في السجن اما و رب البحار و النخيل و الاشجار و المهامه و القفار و الملائكة الأبرار و المصطفين الاخيار لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار و مهند بتار بجموع الانصار ليسوا بميل أغمار و لا بعزل اشرار حتي اذا اقمت عمود الدين و رابت شعب صدع المسلمين و شفيت


غليل صدور المؤمنين و ادركت ثار النبيين لم يكبر علي زوال الدنيا و لم احفل بالموت اذا اتي «و لما» قدم اصحاب سليمان بن صرد الي الكوفة كتب اليهم المختار من الحبس «اما بعد» فان الله اعظم لكم الأجر و حط عنكم الوزر بمفارقة القاسطين و جهاد المحلين انكم لم تنفقوا نفقة و لم تقطعوا عقبة و لم تخطوا خطوة الا رفع الله لكم بها درجة و كتب لكم حسنة فابشروا فاني لو خرجت اليكم جردت فيما بين المشرق و المغرب من عدوكم السيف باذن الله فجعلتهم ركاما و قتلتهم فذا و توأما فرحب الله لمن قارب و اهتدي و لا يبعد الله الا من عصي و ابي و السلام يا اهل الهدي و ارسل اليهم الكتاب مع رجل يقال له سيحان قد ادخله في قلنسوته بين الظهارة و البطانة فلما جاء الكتاب و وقف عليه جماعة من رؤساء القبائل اعادوا اليه الجواب مع عبدالله بن كامل و قالوا قل له قد قرأنا كتابك و نحن حيث يسرك فأن شئت ان نأتيك حتي نخرجك من الحبس فعلنا فاتاه فاخبره فسر لذلك و ارسل اليهم لا تفعلوا هذا فاني اخرج في ايامي هذه و كان المختار قد بعث غلاما له الي عبدالله بن عمر زوج اخته و كتب اليه «اما بعد» فاني قد حبست مظلوما و ظن بي الولاة ظنونا كاذبة فاكتب في يرحمك الله الي هذين الظالمين يعني والي الكوفة و امير خراجها كتابا لطيفا عسي الله ان يخلصني من ايديهما بلطفك و بركتك و يمنك و السلام


فكتب اليهما عبدالله بن عمر «اما بعد» فقد علمتما الذي بيني و بين المختار من الصهر و الذي بيني و بينكما من الود فاقسمت عليكما بحق ما بيني و بينكما لما خليتما سبيله حين تنظران في كتابي هذا و السلام عليكما و رحمة الله و بركاته «فلما» اتاهما كتاب ابن عمر طلبا من المختار كفلاء فاتي اناس كثير من اشراف الكوفة ليكفلوه فاختار عبدالله بن يزيد منهم عشرة من الاشراف فضمنوه فدعا به عبدالله بن يزيد و ابراهيم بن محمد بن طلحة و حلفاه ان لا يخرج عليهما فان خرج فعليه الف بدنة ينحرها لدي رتاج الكعبة و مماليكه كلهم احرار فحلف لهما بذلك و خرج الي داره «و كان» يقول بعد ذلك قاتلهم الله ما احمقهم حين يرون اني افي لهم بايمانهم هذه اما حلفي بالله فاني أذا حلفت علي يمين فرأيت خيرا منها اكفر عن يميني و خروجي عليهم خير من كفي عنهم و اما هدي الف بدنة فهو اهون علي من بصقة و اما عتق مماليكي فوالله لوددت انه تم لي امري ثم لم املك مملوكا ابدا «و لما» استقر المختار في داره اخذت الشيعة تختلف اليه و اتفقوا علي الرضا به و كان اكثر من استجاب له همدان و قوم كثير من ايناء العجم الذين كانوا بالكوفة و كانوا يسمون الحمراء لحمرة وجوههم و كان منهم بالكوفة زهاء عشرين الف رجل «و كان» قد بويع للمختار و هو في السجن و لم يزل اصحابه يكثرون و امره يقوي حتي عزل ابن الزبير عبدالله


ابن يزيد و ابراهيم بن محمد بن طلحة و بعث عبدالله بن مطيع واليا علي الكوفة «فلما» قدمها جاءه اياس بن مضارب و قال له لست آمن المختار ان يخرج عليك و قد بلغني ان امره قد تم فابعث اليه فاحبسه فبعث اليه ابن مطيع زائدة بن قدامة و حسين بن عبدالله من همدان فقالا له اجب الامير فدعا بثيابه و امر باسراج دابته و هم بالذهاب معهما فلما رأي ذلك زائدة قرأ قوله تعالي و اذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ففهمها المختار فجلس ثم نزع ثيابه و قال القوا علي القطيفة ما اراني الا قد و عكت أني لأجد قفقفة شديدة و تمثل بقول الشاعر:



اذا ما معشر تركوا نداهم

و لم يأتوا الكريهة لم يهابوا



و قال للرسولين ارجعا الي ابن مطيع فاخبراه بحالتي فرجعا فاذا اصحابه علي بابه و في داره منهم جماعة كثيرة، و قال حسين لزائدة اني قد فهمت قولك حين قرأت الآية فانكر زائدة ان يكون اراد شيئا فقال له حسين لا تحلف فما كنت لأبلغ عنك و لا عنه شيئا تكرهانه فاقبلا الي ابن مطيع فاخبراه بعلته فصدقهما و تركه و قيل ان ابن مطيع بعث الي المختار ما هذه الجماعات التي تغدو و تروح اليك فقال المختار مريض يعاد. «و بعث» المختار الي اصحابه فاخذ يجمعهم في الدور حوله و اراد ان يثب بالكوفة في المحرم «فجاء» رجل


من شبام حي من همدان اسمه عبدالرحمن بن شريح و كان شريفا فاجتمع مع اربعة من الشيعة و قال لهم ان المختار يريد ان يخرج بنا و لا ندري ارسله ابن الحنفية ام لا فاتفق رأيهم علي ان يأتوا ابن الحنفية فان امرهم باتباع المختار اتبعوه و ان نهاهم عنه اجتنبوه فأتوا المدينة و اخبروا ابن الحنفية بذلك فقال لهم و الله لوددت ان الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه فخرجوا من عنده و هم يقولون قد اذن لنا و لو كره لقال لا تفعلوا «قال» ابن نما رحمه الله تعالي و قد رويت عن والدي ان ابن الحنفيه قال لهم قوموا بنا الي امامي و امامكم علي بن الحسين عليهماالسلام فلما دخلوا عليه و اخبره الخبر قال يا عم لو ان عبدا زنجيا تعصب لنا اهل البيت لوجب علي الناس موازرته و قد وليتك هذا الأمر فاصنع ما شئت فخرجوا و هم يقولون اذن لنازين العابدين و محمد بن الحنفية اه «و روي» المسعودي في مروج الذهب ان المختار كتب الي علي بن الحسين السجاد عليه السلام يربده علي ان يبايع له و يقول بامامته و يظهر دعوته و انفذ اليه مالا كثيرا فأبي علي «ع» ان يقبل ذلك منه او يجيبه عن كتابه و سبه علي رؤس الاشهاد فلما يئس المختار من علي بن الحسين كتب الي محمد بن الحنفية بمثل ذلك فاشار عليه علي بن الحسين ان لا يجيبه الي شي ء من ذلك و ان يتبرأ منه كما فعل هو فاستشار ابن عباس


فقال لا تفعل لأنك لا تدري ما انت عليه من ابن الزبير فسكت عن المختار اه (و يمكن) الجمع بان يكون سب زين العابدين (ع) له جهارا للتبري مما نسبه اليه من ادعاء الامامة خوفا من بني امية لما علمه عن آبائه عن النبي (ص) من انهم لابد ان يستولوا علي الملك و ان كان راضيا بطلبه بدم الحسين (ع) و بقتله لمن شرك في دمه و دماء اصحابه «و كان» المختار علم بخروج من خرج الي المدينة فشق ذلك عليه خوفا من ان لا يجيبهم ابن الحنفية بما يحب فيتفرق عنه الناس فكان يريد النهوض باصحابه قبل قدومهم من المدينة فلم يتيسر له ذلك فلم يكن الا شهر او زيادة حتي قدموا الكوفة فدخلوا علي المختار قبل دخولهم الي بيوتهم فقال لهم ما وراءكم فد فتنتم و ارتبتم فقالوا له انا قد امرنا بنصرك فقال الله اكبر انا ابواسحق اجمعوا لي الشيعة فجمع منهم من كان قريبا اليه فقال لهم ان نفرا قد احبوا ان يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا الي امام الهدي و النجيب المرتضي ابن خير من مشي حاشا النبي المجتبي فاعلمهم اني وزيره و ظهيره و رسوله و امركم باتباعي و طاعتي فيما دعوتكم اليه من قتال المحلين و الطلب بدماء اهل بيت نبيكم المصطفين فقام عبدالرحمن بن شريح و اخبرهم ان ابن الحنفية امرهم بمظاهرته و موازرته و قال فليبلغ الشاهد الغائب و استعدوا و تأهبوا و قام اصحابه فتكلموا بنحو من كلامه و كان


اول من اجاب المختار الي ذلك عامر الشعبي و ابوه شراحيل «و قال» جماعة للمختار ان اشراف اهل الكوفة مجتمعون علي قتالك مع ابن مطيع فان اجابنا الي امرنا ابراهيم بن مالك الأشتر رجونا القوة علي عدونا فانه فتي رئيس و ابن رجل شريف له عشيرة ذات عز و عدد فقال لهم المختار فالقوه فادعوه و اعلموه الذي امرنا به من الطلب بدم الحسين (ع) و اهل بيته فخرجوا اليه و معهم الشعبي فاتوه و اعلموه عزمهم علي الطلب بدماء اهل البيت (ع) و سألوه مساعدتهم علي ذلك و ذكروا له ما كان ابوه عليه من ولاء علي (ع) و اهل بيته فقال لهم اني قد اجبتكم الي الطلب بدم الحسين (ع) و اهل بيته علي ان تولوني الأمر فقالوا له انت اهل لذلك ولكن ليس الي ذلك سبيل هذا المختار قد جاءنا من قبل امام الهدي و من نائبه محمد بن الحنفية و هو المأمور بالقتال و قد امرنا بطاعته فسكت ابراهيم و لم يجبهم فانصرفوا عنه و اخبروا المختار فمكث المختار ثلاثا ثم دعا جماعة من اصحابه فدخلوا عليه و بيده صحيفة مختومة بالرصاص فدفعها الي الشعبي و قال لأصحابه انطلقوا بنا الي ابراهيم بن الاشتر فسار في بضعة عشر رجلا من وجوه اصحابه و فيهم الشعبي و ابوه فدخلوا علي ابراهيم فالقي لهم الوسائد فجلسوا عليها و جلس المختار معه علي فراشه فقال له المختار ان الله اكرمك و اكرم اباك من قبلك بموالاة بني هاشم


و نصرتهم و معرفة فضلهم و ما اوجب الله من حقهم و هذا كتاب محمد بن علي اميرالمؤمنين و هو خير اهل الأرض اليوم و ابن خير اهل الأرض كلها قبل اليوم بعد انبياء الله و رسله يأمرك ان تنصرنا و توازرنا فان فعلت اغتبطت و ان امتنعت فهذا الكتاب حجة عليك و سيغني الله محمدا و اهل بيته عنك ثم قال للشعبي ادفع الكتاب اليه فدفعه اليه الشعبي فدعا بالمصباح و فض خاتمه و قرأه فاذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد المهدي الي ابراهيم بن مالك الأشتر سلام عليك فاني احمد اليك الله الذي لا اله الا هو اما بعد فاني قد بعثت اليكم وزيري و اميني الذي ارتضيته لنفسي و قد امرته بقتال عدوي و الطلب بدماء اهل بيتي فانهض معه بنفسك و عشيرتك و من اطاعك فانك ان نصرتني و اجبت دعوتي كانت لك بذلك عندي فضيلة و لك اعنة الخيل و كل جيش غاز و كل مصر و منبر و ثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة و اقصي بلاد الشام فلما فرغ ابراهيم من قراءة الكتاب قال قد كتب الي ابن الحنفية قبل اليوم و كتبت اليه فلم يكتب الي الا باسمه و اسم ابيه قال المختار ذلك زمان و هذا زمان قال ابراهيم فمن يعلم ان هذا كتابه فشهد جماعة ممن معه بذلك منهم يزيد بن انس و احمر بن شميط و عبدالله بن كامل و سكت الشعبي و ابوه فتأخر ابراهيم عند ذلك عن صدر الفراش و اجلس المختار عليه و بايعه ابراهيم


فقال المختار اتاتينا او ناتيك في امرنا فقال ابراهيم بل انا آتيك كل يوم و دعا بفاكهة و شراب من عسل فاكلوا و شربوا و خرجوا فخرج معهم ابن الأشتر و ركب مع المختار ثم رجع ابراهيم و معه الشعبي الي دار ابراهيم فقال له يا شعبي اني قد رأيتك لم تشهد انت و لا ابوك افتري هاوءلاء شهدوا علي حق قال له الشعبي قد شهدوا علي ما رأيت و هم سادة القراء و مشيخة المصر و فرسان العرب و لا اري مثل هاوءلاء يقولون الا حقا قال الشعبي قلت له هذه المقالة و انا و الله لهم علي شهادتهم متهم غير انه يعجبني الخروج و انا اري رأي القوم و احب تمام ذلك الأمر فلم اطلعه علي ما في نفسي ثم كتب ابراهيم اسماءهم و تركها عنده «و كان» ابراهيم رحمه الله تعالي ظاهر الشجاعة و اري زناد الشهامة نافذ حد الصرامة مشمرا في محبة اهل البيت عن ساقيه متلقيا غاية النصح لهم بكلتا يديه فجمع عشيرته و اخوانه و من اطاعه و اقبل يختلف الي المختار كل عشية عند المساء في نفر من مواليه و خدمه يدبرون امورهم فيبقون عامة الليل «و كان» حميد بن مسلم الأسدي صديقا لأبراهيم بن الاشتر فكان يذهب به معه الي المختار و اجتمع رأيهم علي ان يخرجوا ليلة الخميس لاربع عشرة بقيت من ربيع الاول و قيل الآخر سنة ست و ستين فلما كانت ليلة الثلاثاء و قيل الاربعاء عند المغرب قام ابراهيم فاذن و صلي المغرب


باصحابه ثم خرج يريد المختار و عليه و علي اصحابه السلاح و كان أياس ابن مضارب صاحب شرطة عبدالله بن مطيع امير الكوفة فاتاه فقال له ان المختار خارج عليك في احدي هاتين الليلتين فخذ حذرك منه ثم خرج اياس فبعث ابنه راشدا الي الكناسة و اقبل يسير حول السوق في الشرط ثم دخل علي ابن مطيع فقال له اني قد بعثت ابني الي الكناسة فلو بعثت في كل جبانة عظيمة بالكوفة رجلا من اصحابك في جماعة من اهل الطاعة لهاب المختار و اصحابه الخروج عليك فبعث ابن مطيع الي الجبانات من شحنها بالرجال و اوصي كلا منهم ان يحفظ الجهة التي هو فيها. و بعث شبث بن ربعي الي السبخة و قال اذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم و كان ذلك يوم الاثنين. و خرج ابراهيم ابن الاشتر يريد المختار ليلة الثلاثا. و قد بلغه ان الجبانات قد ملئت رجالا و ان اياس بن مضارب في الشرط قد احاطوا بالسوق و القصر فاخذ معه من اصحابه نحوا من مائة رجل عليهم الدروع و قد لبسوا عليها الاقبيه و تقلدوا بالسيوف و قال له اصحابه تجنب الطريق فقال و الله لأمرن وسط السوق بجنب القصر و لأرعبن به عدونا و لأرينهم هو انهم علينا فسار علي باب الفيل ثم علي دار عمرو بن حريث فلقيهم اياس بن مضارب في الشرط مظهرين السلاح فقال لهم من انتم فقال له ابراهيم انا ابراهيم بن الاشتر فقال اياس ما هذا الجمع الذي معك


و ما تريد والله ان امرك لمريب و قد بلغني انك تمر كل عشية من هاهنا و ما انا بتاركك حتي آتي بك الامير فيري فيك رأيه فقال ابراهيم خل سبيلنا فقال لا افعل «و كان» مع أياس ابن مضارب رجل من همدان يقال له ابوقطن و كان يصحب امراء الشرطة فهم يكرمونه و كان صديقا لابن الاشتر و من عشيرته فقال له ابن الاشتر ادن مني يا اباقطن فظن انه يريد ان يطلب منه ان يشفع له عند اياس فدنا منه و كان مع ابي قطن رمح طويل فتناوله منه ابن الاشتر و هو يقول ان رمحك هذا لطويل و حمل به علي اياس فطعنه في ثغرة نحره فصرعه و امره رجلا من قومه فاحتز راسه و انهزم اصحاب اياس و رجعوا الي ابن مطيع فاخبروه فبعث راشدا بن اياس مكان ابيه علي الشرط و بعث مكان راشد سويدا المنقري الي الكناسة «و اقبل» ابن الاشتر الي المختار و قال له انا اتعدنا الخروج في الليلة القابلة و قد عرض امر لابد معه من الخروج الليلة قال ما هو قال عرض لي اياس في الطريق فقتلته و هذا رأسه مع اصحابي علي الباب فاستبشر المختار بذلك و تفأل بالنصر و الظفر و قال هذا اول الفتح ان شاء الله تعالي ثم قال قم يا سعيد بن منفذ و اشعل النار في القصب ثم ارفعها للمسلمين و امر مناديه ان ينادي يا لثارات الحسين ثم دعا بدرعه و سلاحه فلبسه و هو يقول:




قد علمت بيضاء حسناء الطلل

واضحة الخدين عجزاء الكفل



اني غداة الروع مقدام بطل

لا عاجز فيها و لا وغد فشل



ثم قال له ابراهيم ان هاؤلاء الذين في الجبابين يمنعون اصحابنا من اتياننا فلو سرت الي قومي بمن معي فيأتيني كل من بايعني من قومي و سرت بهم في نواحي الكوفة و دعوت بشعارنا لخرج الينا من اراد الخروج فمن اتاك ابقيته عندك فان جاءك عدو كان معك من تمتنع به فاذا فرغت انا عجلت الرجوع اليك فقال له المختار افعل و عجل و اياك ان تسير الي اميرهم تقاتله و لا تقاتل احدا اذا امكنك ان لا تقاتله الا ان يبدأك احد بقتال. فخرج ابراهيم في الكتيبة التي جاء بها حتي اتي قومه و اجتمع اليه جل من كان اجابه فسار بهم في سكك الكوفة طويلا من الليل و هو يتجنب المواضع التي فيها الامراء الذين بعثهم ابن مطيع فلما وصل الي مسجد السكون اتاه جماعة من خيل زجر بن قيس ليس عليهم امير فحمل عليهم ابراهيم فكشفهم حتي ادخلهم جبانة كندة فقال ابراهيم من صاحب الخيل في جبانة كندة فقيل له زجر بن قيس فشد ابراهيم و اصحابه عليهم و هو يقول. اللهم انك تعلم انا غضبنا لأهل بيت نبيك و ثرنا لهم فانصرنا علي هاوءلاء و تمم لنا دعوتنا حتي انتهي اليهم هو و اصحابه فكشفوهم و ركب بعضهم بعضا كلما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة فقال


ابراهيم لأصحابه انصرفوا بنا عنهم و سار ابراهيم حتي اتي جبانة اثير فوقف فيها و تنادي اصحابه بشعارهم فاتاه سويد بن عبدالرحمن المنقري و رجا ان يصيبهم فيحظي بذلك عند ابن مطيع فلم يشعر ابراهيم الا و هم معه فقال ابراهيم لاصحابه يا شرطة الله انزلوا فانكم اولي بالنصر من هاوءلاء الفساق الذين خاضوا في دماء اهل بيت نبيكم فنزلوا ثم حمل عليهم ابراهيم حتي اخرجهم الي الصحراء و ولوا منهزمين يركب بعضهم بعضا و هم يتلاومون فقال قائل منهم ان هذا لامر يراد ما يلقون لنا جماعة الا هزموهم. فلم يزل ابراهيم يهزمهم حتي ادخلهم الكناسة فقال له اصحابه اتبعهم فاغتنم ما دخلهم من الرعب فقال ولكن ناتي صاحبنا اي المختار يؤمن الله بنا وحشته و يعلم ما كان من نصرنا له فيزداد هو و اصحابه قوة و لا آمن ان يكون جاءه اعداوءه فسار ابراهيم حتي اتي باب المختار فسمع الأصوات عالية و القوم يقتتلون و كان قد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة فعبي له المختار يزيد بن انس و جاء حجار بن ابجر فجعل المختار في وجهه احمر بن شميط فبينما الناس يقتتلون اذ جاء ابراهيم من قبل القصر فبلغ حجارا و اصحابه ان ابراهيم قد جاءهم من ورائهم فتفرقوا في الازقة قبل ان ياتيهم ابراهيم و جاء رجل من اصحاب المختار اسمه قيس بن طهفة النهدي في قريب من مائة رجل من بني


نهد فحمل علي شبث و هو يقاتل يزيد بن انس فخلي لهم شبث الطريق حتي اجتمعوا جميعا و جاء عبدالله بن الحر الجعفي في قومه لنصرة المختار. ثم ان شبثا ترك لهم السكة و اقبل الي ابن مطيع فقال له اجمع الأمراء الذين في الجبابين و جميع الناس ثم اخرج الي هاوءلاء القوم فقاتلهم فان امرهم قد قوي و قد خرج المختار و ظهر و قوي امره فلما بلغ المختار قوله خرج في جماعة من اصحابه حتي نزل في ظهر دير هند في السبخه و خرج ابوعثمان النهدي من اصحاب المختار فنادي في بني شاكر و هم مجتمعون في دورهم يخافون ان يظهروا لقرب كعب الخثعمي منهم و هو من اصحاب اياس و كان قد اخذ عليهم افواه السكك فلما اتاهم ابوعثمان في جماعة من اصحابه نادي يا لثارات الحسين يا منصور امت يا ايها الحي المهتدون ان امين آل محمد و وزيرهم قد خرج فنزل دير هند و بعثني اليكم داعيا و مبشرا فاخرجوا رحمكم الله فخرجوا ينادون يا لثارات الحسين و قاتلوا كعبا حتي خلوا لهم الطريق فاقبلوا الي المختار فنزلوا معه و خرج عبدالله بن قتادة (قراد خ ل) الخثعمي في نحو من مأتين فنزلوا مع المختار و كان قد تعرض لهم كعب فلما عرف انهم من قومه خلي عنهم و خرجت شبام و هم حي من همدان من آخر ليلتهم فبلغ خبرهم عبدالرحمن بن سعيد الهمداني فارسل اليهم ان كنتم تريدون المختار


فلا تمروا من ناحيتنا فلحقوا بالمختار حتي اجتمع عنده ثلاثة آلاف و ثمانمائة قبل الفجر و كان قد بايعه اثنا عشر الفا و كان ممن خرج معه حميد بن مسلم. فاصبح المختار و قد فرغ من تعبئة جيشه فصلي باصحابه في الغلس (اي الظلمة) و ارسل ابن مطيع الي من بالجبابين ان يأتوا المسجد و امر راشدا بن اياس صاحب شرطته فنادي في الناس برئت الذمة من رجل لم يأت المسجد الليلة فاجتمعوا فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف الي المختار و بعث راشدا ايضا في اربعة آلاف من الشرط. هكذا ذكرا الطبري و غيره و زاد ابن نما رحمه الله انه بعث حجار بن ابجر في ثلاثة آلاف و ثلاثة آخرين في ثلاثة آلاف و تتابعت العساكر الي نحو من عشرين الفا فلما صلي المختار الغداة سمعوا اصواتا مرتفعة فقال المختار من يأتينا بخبر هاوءلاء فقال له رجل انا اصلحك الله قال المختار فالق سلاحك و اذهب حتي تدخل فيهم كأنك منفرج وائتنا بخبرهم قال الرجل فلما دنوت منهم اذا مؤذنهم يقيم و اذا شبث بن ربعي و معه خيل عظيمة فصلي بهم فقرأ اذا زلزلت الأرض زلزالها فقلت في نفسي اما و الله اني لارجو ان يزلزل الله بكم ثم قرأ و العاديات ضبحا فقال له اناس من اصحابه لو كنت قرأت اطول من هاتين السورتين شيئا فقال ترون الديلم فد نزلت بساحتكم و انتم تقولون لو قرأت


سورة البقرة و آل عمران مما دل علي وقوع الرعب في قلبه فأقبل الرجل الي المختار و اخبره بخبر شبث و اصحابه و اتاه ايضا سعر الحنفي يركض و كان ممن بايع المختار فلم يقدر علي الخروج معه ليلة خرج خوفا من الحرس فلما اصبح اقبل علي فرسه فاعترضه راشد بن اياس و اصحابه فركض علي فرسه و افلت منهم حتي اتي المختار فاخبره بخبرهم. فبعث المختار ابراهيم بن الأشتر الي راشد بن اياس في تسعمائة (سبعمائة خ ل) و قيل في ستمائة فارس و ستمائة راجل. و بعث نعيم بن هبيرة اخا مصقلة بن هبيرة الي شبث بن ربعي في ثلاثمائة فارس و ستمائة راجل و امر هما بتعجيل القتال و ان لا يقفا مقابلة عدوهما لأنه اكثر منهما و قال لا ترجعا حتي تظهرا او تقتلا. فتوجه ابراهيم الي راشد و توجه نعيم بن هبيرة الي شبث و قدم المختار امامه يزيد بن انس في تسعمائة. فاما نعيم فجعل سعر الحنفي علي الخيل و مشي هو في الرجالة و قاتل شبثا قتالا شديدا حتي اشرقت الشمس و انبسطت و ضربهم اصحاب نعيم حتي ادخلوهم البيوت منهزمين فناداهم شبث و حرضهم فرجع اليه منهم جماعة فحملوا علي اصحاب نعيم و قد تفرقوا فانهزم اصحاب نعيم و صبر هو فقتل و اسر سعر و معه رجلان احدهما مولي فقتله شبث و اطلق الآخرين لانهما عربيان فاتيا المختار فاغتم اصحاب المختار لذلك غما شديدا و اخبره احد


الرجلين بما كان من امره فقال له اسكت فليس هذا بمكان الحديث. و جاء شبث حتي احاط بالمختار و يزيد بن انس و عبث ابن مطيع يزيد ابن الحارث بن رويم في الفين فوقفوا في افواه السكك و ولي المختار يزيد بن انس علي الخيل و خرج هو في الرجالة فحملت عليهم خيل شبث حملتين فلم يبرحوا من مكانهم فقال لهم يزيد بن انس يا معشر الشيعة قد كنتم تقتلون و تقطع ايديكم و ارجلكم و تسمل اعينكم و ترفعون علي جذوع النخل في حب اهل بيت نبيكم و انتم مقيمون في بيوتكم مطيعون لعدوكم فما ظنكم بهاؤلاء القوم ان ظهروا عليكم اليوم اذا و الله لا يدعون منكم عينا تطرف و ليقتلنكم صبرا و لترون منهم في اولادكم و ازواجكم و اموالكم ما الموت خير منه و الله لا ينجيكم منهم الا الصدق و الصبر و الطعن الصائب في اعينهم و الضرب الدارك علي هامهم فتيسروا للشدة و تهيأوا للحملة فاذا حركت رايتي مرتين فاحملوا فتهيأوا و جثوا علي الركب و انتظروا امره (و اما ابراهيم) بن الاشتر فانه اقبل نحو راشد بن اياس فاذا معه اربعة آلاف فقال ابراهيم لاصحابه لا يهولنكم كثرة هاؤلاء فوالله لرب رجل خير من عشرة و لرب فئة قليلة قد غلبت فئة كثيرة باذن الله و الله مع الصابرين. ثم قال لخزيمة بن نصر سر اليهم في الخيل و اخذ هو يمشي في الرجالة و يقول لصاحب رايته


تقدم برايتك امض بها قدما قدما و اقتتل الناس قتالا شديدا و حمل خزيمة بن نصر العبسي علي راشد فطعنه فقتله ثم نادي قتلت راشدا و رب الكعبة و انهزم اصحاب راشد و اقبل ابراهيم بن الاشتر و خزيمة ابن نصر و من معهما بعد قتل راشد نحو المختار و ارسل البشير الي المختار بقتل راشد فكبر هو و اصحابه و قويت نفوسهم و دخل اصحاب ابن مطيع الفشل. و ارسل ابن مطيع حسانا العبسي في نحو من الفين ليعترض ابراهيم بن الاشتر فتقدم اليهم ابراهيم فانهزموا من غير قتال و اقبل ابراهيم نحو المختار و شبث بن ربعي محيط به فلما رآه يزيد بن الحارث الذي كان علي افواه السكك مقبلا نحو شبث اقبل نحوه ليرده عن شبث و اصحابه فبعث ابراهيم اليه طائفة من اصحابه مع خزيمة بن نصر و سار هو نحو شبث فيمن بقي معه فلما اقبل ابراهيم نحو شبث جعل شبث و اصحابه ينكصون الي الورآء قليلا قليلا فلما دنا منهم ابراهيم حمل عليهم و امر يزيد بن انس ان يحمل عليهم ففعل فانهزموا حتي وصلوا الي بيوت الكوفة و حمل خزيمة بن نصر علي يزيد بن الحارث فهزمه و اصحابه و ازدحموا علي افواه السكك و كان يزيد ابن الحارث قد وضع الرماة علي افواه السكك فوق البيوت، و اقبل المختار فلما انتهي الي افواه السكك رمته الرماة بالنبل فصدوه عن دخول الكوفة من ذلك الوجه. و رجع الناس منهزمين الي ابن مطيع


و جاءه قتل راشد بن اياس فسقط في يده اي بهت و تحير فقال له عمرو ابن الحجاج ايها الرجل لا تلق بيدك و اخرج الي الناس و اندبهم اي عدوك فان الناس كثير و كلهم معك الا هذه الطائفة التي خرجت و الله يخزيها و انا اول منتدب فانتدب معي طائفة و مع غيري طائفة. فخرج ابن مطيع فقام في الناس و وبخههم علي هزيمتهم و امرهم بالخروج الي المختار و اصحابه (و اما المختار) فانه لما منعه الرماة من دخول الكوفة عدل الي بيوت مزينة و احمس و بارق و بيوتهم منفردة فاستقبلوه بالماء فشرب اصحابه و لم يشرب هو لأنه كان صائما فقال احمر بن شميط لابن كامل اتري الامير صائما قال نعم قال لو افطر كان اقوي له قال هو اعلم بما يصنع قال صدقت استغفر الله. فقال المختار نعم المكان للقتال هذا فقال له ابراهيم قد هزمهم الله و فلهم و ادخل الرعب في قلوبهم و تنزل ههنا سربنا فوالله ما دون القصر مانع فترك المختار هناك كل شيخ ضعيف و كل ذي علة و ثقلهم و استخلف عليهم اباعثمان النهدي و قدم ابراهيم امامه و بعث ابن مطيع عمرو بن الحجاج في الفين فخرج عليهم فبعث المختار الي ابراهيم ان اطوه و لا تقم عليه فطواه ابراهيم و امر المختار يزيد ابن انس ان يصمد لعمرو بن الحجاج فمضي نحوه و سار المختار خلف ابراهيم ثم وقف المختار في موضع مصلي خالد بن عبدالله و امر


ابراهيم ان يمضي علي وجهه حتي يدخل الكوفة من جهة الكناسة فمضي فخرج اليه شمر بن ذي الجوشن في الفين فسرح اليه المختار سعيد بن منقذ الهمداني فواقعه و ارسل الي ابراهيم ان اطوه و امض علي وجهك فمضي حتي انتهي الي سكة شبث فاذا نوفل بن مساحق في الفين و قيل خمسة آلاف قال الطبري و هو الصحيح و كان ابن مطيع امر مناديا فنادي في الناس ان الحقوا بابن مساحق و خرج ابن مطيع فوقف بالكناسة و استخلف شبث بن ربعي علي القصر فدنا ابن الأشتر من ابن مطيع فامر اصحابه بالنزول فنزلوا فقال قربوا خيولكم بعضها من بعض ثم امشوا اليهم مصلتين بالسيوف و لا يهولنكم ان يقال جاء آل فلان و آل فلان و سمي بيوتات اهل الكوفة. ثم قال ان هاوءلاء لو وجدوا حر السيوف لا نهزموا عن ابن مطيع انهزام المعزي من الذئب ففعلوا ذلك و اخذ ابن الاشتر اسفل قبائه فادخله في منطقته و كان قد لبس القباء فوق الدرع ثم قال لأصحابه شدوا عليهم فدي لكم عمي و خالي فلم يلبثوا ان انهزموا يركب بعضهم بعضا علي افواه السكك و ازدحموا و انتهي ابن الأشتر الي ابن مساحق فاخذ بلجام دابته و رفع السيف ليقتله فسأله ان يعفو عنه فخلي سبيله و قال اذكرها لي فكان يذكرها له و دخلوا الكناسة في آثارهم حتي دخلوا السوق و المسجد و حصروا ابن مطيع و معه الاشراف غير


عمرو بن حريث فانه خرج الي البر و جاء المختار حتي نزل جانب السوق و ولي ابراهيم بن الاشتر حصار القصر و معه يزيد بن انس و احمر بن شميط فحصروا القصر من ثلاث جهات ثلاثة ايام. و اشرف رجل من اصحاب ابن مطيع عشية علي اصحاب المختار فجعل يشتمهم فرماه رجل منهم بسهم فاصاب حلقه فقطع الجلد فوقع ثم برأ بعد ذلك. و جعل ابن مطيع يفرق علي اصحابه الدقيق و هو محصور و اشتد عليهم الحصار و اقبلت همدان حتي تسلقوا القصر بالحبال فلما رأي ابن مطيع و اصحابه ذلك اشار عليه شبث ان ياخذ لنفسه امانا فكره ذلك فاشار عليه ان يخرج خفية الي دار من دور الكوفة ثم يلحق بابن الزبير فقبل و خرج ليلا فدخل دار ابي موسي و خلي القصر ففتح اصحابه الباب. و جاء ابن الأشتر فطلب من بالقصر منه الأمان فامنهم فخرجوا فبايعوا المختار و جاء المختار حتي دخل القصر فبات فيه و اصبح الأشراف في المسجد و علي باب القصر و خرج المختار فصعد المنبر و خطب الناس و قال انا المسلط علي المحلين الطالب بدم ابن نبي رب العالمين الي ان قال ادخلوا فبايعوا بيعة هدي فوالله ما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي طالب (ع) و آل علي عليهم السلام اهدي منها ثم نزل فدخل عليه اشراف الكوفة فبايعوه علي كتاب الله و سنة رسوله (ص) و الطلب بدماء اهل البيت و جهاد المحلين و الدفع عن


الضعفاء و قتال من قاتلنا و سلم من سالمنا. و احسن المختار السيرة جهده و في ذلك يقول الشاعر:



و لما دعا المختار جئنا لنصره

علي الخيل تردي من كميت و اشقرا



دعا يا لثارات الحسين فاقبلت

تعادي بفرسان الصياح لتثأرا



و بلغه ان ابن مطيع في دار ابي موسي فأرسل اليه مائة الف درهم و قال تجهز بها و كان بينهما صداقة فاخذها و مضي الي البصرة. و وجد المختار في بيت المال تسعة آلاف درهم و فرق العمال علي ارمينية و آذربيجان و الموصل و المدائن و حلوان و الري و همدان و اصبهان و غيرها و دانت له البلاد كلها الا الحجاز و الجزيرة و الشام و مصر و البصرة و استعمل علي شرطته عبدالله بن كامل الشاكري و علي حرسه كيسان اباعمرة مولي عرينة (بجيلة خ ل) و صار يجلس للقضاء بين الناس ثم اقام شريحا للقضاء و كانوا يقولون انه عثماني و انه ممن شهد علي حجر بن عدي و انه لم يبلغ عن هاني ابن عروة ما ارسله به و ان عليا عليه السلام عزله عن القضاء فاراد المختار عزله فتمارض فعزله و جعل مكانه غيره. و قال عبدالله بن همام يذكر المختار و اصحابه و يمدحهم



و في ليلة المختار ما يذهل الفتي

و يلهيه عن روءد الشباب شموع



دعا يا لثارات الحسين فاقبلت

كتائب من همدان بعد هزيع






و من مذحج جاء الرئيس ابن مالك

يقود جموعا اردفت بجموع



و من اسد وافي يزيد لنصره

بكل فتي حامي انذمار منيع



و جاء نعيم خير شيبان كلها

بامر لدي الهيجا احد جميع



و ما ابن شميط اذ يحرض قومه

هناك بمخذول و لا بمضيع



و سار ابوالنعمان لله سعيه

الي ابن اياس مصحرا لوقوع



بخيل عليها يوم هيجا دروعها

و اخري حسورا غير ذات دروع



فكر الخيول كرة ثقفتهم

و شد باولاها علي ابن مطيع



فولي بضرب يشدخ الهام وقعه

و طعن غداة السكتين وجيع



فحوصر في دار الامارة بائيا

بذل و ارغام له و خضوع



فمن وزير ابن الوصي عليهم

و كان لهم في الناس خير شفيع



و آب الهدي حقا الي مستقره

بخير اياب آبه و رجوع



الي الهاشمي المهتدي المهتدي به

فنحن له من سامع و مطيع




پاورقي

[1] الشتر انقلاب جفن العين (منه).