بازگشت

قد يسئل عن وجه خروج الحسين باهله و عياله الي الكوفه


قد يسئل عن وجه خروج الحسين عليه السلام باهله و عياله الي الكوفه و هي في يد اعدائه و قد علم صنع اهلها بأبيه و اخيه مع ان جميع نصائحه كانوا يشيرون عليه بعدم الخروج و منهم ابن عباس و كثير ممن لاقاه في الطريق و كيف لم يرجع حين علم بقتل مسلم بن عقيل «و كيف» استجاز ان يحارب بنفر قليل جموعا عظيمة لها مدد «و لم» القي بيده الي التهلكة و ما الجمع بين فعله و فعل اخيه


الحسن عليهماالسلام الذي سلم الأمر الي معوية بدون هذا الخوف «و هذا» السؤال يتوجه علي مذهب القائلين بعصمة الائمة عليهم السلام فيسئل عن وجه ذلك حتي لا ينافي العصمة و يتوجه علي مذهب القائلين بعدم العصمة فيقال ان مثل ذلك ما كان ليخفي علي مثل الحسين عليه السلام و فضله مسلم عند الكل و لو فرض عدم القول بالعصمة و قد اورد هذا السؤال السيد المرتضي رضي الله عنه في كتاب تنزيه الانبياء عليهم السلام «و اجاب» عنه بما حاصله ان الحسين عليه السلام غلب علي ظنه بمقتضي ماجري من الأمور انه يصل الي حقه بالمسير فوجب عليه و ذلك بمكاتبة وجوه الكوفة و اشرافها و قرانها مع تقدم ذلك منهم في ايام الحسن عليه السلام و بعد وفاته و اعطائهم العهود و المواثيق طائعين مبتدئين مكررين للطلب مع تسلطهم علي واليهم في ذلك الوقت و قوتهم عليه و ضعفه عنهم و قد جري الأمر في اوله علي ما ظنه عليه السلام و لاحت اسباب الظفر فبايع مسلما اكثر اهل الكوفة و كتب الي الحسين عليه السلام بذلك و تمكن مسلم من قتل ابن زياد غيلة في دار هاني لكنه لم يفعل معتذرا بأن الأسلام قيد الفتك و لما حبس ابن زياد هانيا حصره مسلم في قصره و كاد يستولي عليه لكن الاتفاق السي ء عكس الأمر «اما» الجمع بين فعله و فعل اخيه الحسن عليهماالسلام فالحسن عليه السلام لما احس بالغدر من


اصحابه سلم كفا للفتنة و ابقاء علي نفسه و اهله و شيعته و الحسين عليه السلام طلب بحقه حين قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه و عاهده و رأي قوة انصار الحق و ضعف انصار الباطل فلما انعكس الأمر رام الرجوع فمنع منه و طلب الموادعة و التسليم كما فعل اخوه الحسن عليهماالسلام فلم يجب و طلبت نفسه فمنع منها بجهده حتي مضي كريما الي جوار جده صلي الله عليه و آله انتهي ملخص جواب السيد رحمة الله عليه بتصرف «و الامر» كما ذكره رحمه الله تعالي من انهم لم يجيبوه الي الموادعة بل طلب ابن زياد ان ينزل هو و اصحابه علي حكمه و لو فعل ذلك لكان المظنون قويا ان يقتله ابن زياد مع اصحابه صبرا فاختار عليه السلام الموت عزيزا في مجال الطراد علي ميتة الذل بيد ابن زياد «بل» المتيقن من حال ابن زياد في خبثه و عداوته لأهل البيت الطاهر و نسبه المعلوم انه لا بد ان يفعل ما قلنا لو نزل الحسين عليه السلام علي حكمه «و في» بعض المخاطبات طلب ابن زياد ان يبايع هو و اصحابه ليزيد فاذا فعل ذلك رأي ابن زياد رأيه «هذا» ولكن الذي يظهر من تصفح مجموع ما جري للحسين عليه السلام هو خلاف ما اجاب به السيد قدس سره اذ يظهر منه ان الحسين عليه السلام كان عازما علي عدم مبايعة يزيد علي كل حال و لو ادي ذلك الي قتله و كان مقدما علي ذلك في حالة ظن السلامة ان وجدت و في


حال ظن العطب بل تيقنه لأنه كان مأمورا بذلك من قبل جده صلي الله عليه و آله و ابيه عليه السلام بامر آلهي كما تدل عليه الاخبار الكثيرة كما ان اخاه الحسن عليه السلام كان مأمورا بالصلح و التسليم عند خوف القتل و لا يلزم ان يكون تكليفهما في ذلك واحدا لجواز اختلاف الأحكام بحسب الاوقات لاختلاف الحكم و المصالح كما انه لا يجب اتفاقنا معهم في الاحكام التي من هذا القبيل و لا مانع عقلا و لا شرعا من اختلافنا معهم في ذلك و هذه الأنبياء عليهم السلام كانت تبعث فرادي الي الالوف من الكفرة تدعوهم الي دينها و تسب آلهتهم و تصبر علي انواع الأذي و الوان العذاب و القتل و الحرق و المثلة «مع» امكان دعوي ظهور الحكمة في فعل الحسن و فعل اخيه الحسين عليهماالسلام باختلاف حالة معوية و ولده يزيد الظاهرية في الجملة فلو بايع الحسين عليه السلام يزيدا و سلم اليه الأمر و لم ينازعه لخفي حاله علي اكثر الناس و اعتقدوه امام حق فكان يتمكن من تبديل الدين و قلب الشريعة ظهرا لبطن و طمس اعلام النبوة و محو اثرها و يأتي من بعده فيبنون علي ما اسس و يضيفون الي ما فعل فالحسين عليه السلام قد فدي دين جده بنفسه و اهله و ولده «و ما» تزلزلت اركان دولة بني امية الا بقتل الحسين عليه السلام و لا ظهر للناس حالهم الا بعد شهادته «و مما» يدل علي ان الحسين عليه


السلام كان موطنا نفسه علي القتل و ظانا او عالما في بعض الحالات بأنه يقتل في سفره ذلك «خطبته» التي خطبها حين عزم علي الخروج الي العراق التي يقول فيها خط الموت علي ولد آدم الخ فان اكثر فقراتها يدل علي ذلك «و نهي» عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام له بمكة عن الخروج و اقامته البرهان علي أن ذلك ليس من الرأي بقوله انك تأتي بلدا فيه عماله و امراؤه و معهم بيوت الاموال و انما الناس عبيد الدينار و الدرهم فلا آمن عليك ان يقاتلك من وعدك نصره و من انت احب اليه ممن يقاتلك معه و عدم اخذ الحسين عليه السلام بقوله مع اعتذاره اليه و اعترافه بنصحه «و نهي» ابن عباس له ايضا محتجا بنحو ذلك من ان الذين دعوه لم يقتلوا اميرهم و ينفوا عدوهم و يضبطوا بلادهم بل دعوه و اميرهم عليهم قاهر لهم و عماله تجبي بلادهم فكأنهم دعوه الي الحرب و لا يؤمن ان يخذلوه و يكونوا اشد الناس عليه «و معاودته» للنهي ذاكرا له نحوا من ذلك و مشيرا عليه باليمن فلم يقبل «و جوابه» لمحمد بن الحنفيه حين اشار عليه بعدم الخروج الي العراق فوعده النظر ثم ارتحل في السحر فسأله ابن الحنفية فقال له الحسين عليه السلام اتاني رسول الله صلي الله عليه و آله بعدما فارقتك فقال يا حسين اخرج فأن الله قد شاء ان يراك قتيلا قال ما معني حملك هذه النسوة معك قال ان الله قد شاء ان يراهن سبايا «و قول» ابن


عمر له حين نهاه عن الخروج فأبي انك مقتول في وجهك هذا فأنه دال علي ان ظاهر الحال كان كذلك و ما ظهر لابن عمر ما كان ليخفي علي الحسين عليه السلام «و قول» الفرزدق له قلوب الناس معك و اسيافهم عليك «و قول» بشر بن غالب له اني خلفت القلوب معك و السيوف مع بني امية و تصديق الحسين عليه السلام له «و نهي» عبدالله بن جعفر له و قوله اني مشفق عليك من هذا الوجه ان يكون فيه هلاكك و استئصال اهل بيتك و قول الحسين عليه السلام له اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله في المنام و امرني بما انا ماض له و امتناعه من أن يحدث بتلك الرؤيا «و نهي» عبدالله بن مطيع له و قوله و الله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك و اباء الحسين عليه السلام الا ان يمضي «و قول» الاعراب له انا لا نستطيع ان نلج و لا نخرج القاضي باستيلاء بني امية استيلاء تاما و خطورة الأمر «و اخبار» اخته زينب عليهاالسلام بما سمعته حين نزل الخزيمية «و ما» رآه في منامه بالثعلبية «و قوله» لأبي هره و ايم الله لتقتلني الفئة الباغية «و نظره» الي بني عقيل حين اخبره الأسديان بقتل مسلم و هاني و اشارا عليه بالرجوع و اخبراه انه ليس له بالكوفة ناصر بل هم عليه و قوله لهم ما ترون فقد قتل مسلم و امتناعهم عن الرجوع حتي يموتوا او يدركوا ثارهم و قوله للأسديين لا خير في العيش بعد هاؤلاء


فان الذي يظهر انه عليه السلام كان يريد ان يجيبوا بالأمتناع عن الرجوع ليعتذر بذلك الي الأسديين و انه عازم علي عدم الرجوع علي كل حال «و قوله» لأصحابه حين جاءه خبر مسلم و هاني و عبدالله بن يقطر انه قد خذلنا شيعتنا فمن احب منكم الأنصراف فلينصرف «و عدم» رجوعه بعد تفرقهم عنه و بقائه في اصحابه الذين صحبوه من المدينة و يسير من غيرهم «و اشارة» عمرو بن يوذان عليه بالرجوع و قوله له و الله ما تقدم الا علي الأسنة وحد السيوف و نهيه اياه عن المسير لأن الذين كتبوا اليه لم يكفوه مؤنة القتال و قول الحسين عليه السلام له ليس يخفي علي الرأي ولكن الله تعالي لا يغلب علي امره و قوله عليه السلام و الله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي «و قوله» عليه السلام و ايم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتي يقتلوني «و كتابه» الذي كتبه الي بني هاشم حين توجه الي العراق اما بعد فأنه من لحق بي استشهد و من تخلف عني لم يبلغ الفتح الي غير ذلك مما يقف عليه المتتبع المتأمل و هذه كلها ما بين صريح او ظاهر في المطلوب كما لا يخفي «و الي» هذا الذي ذكرناه ذهب ابن طاوس عليه الرحمة ايضا في اللهوف حيث قال الذي تحققناه ان الحسين عليه السلام كان عالما بما انتهت حاله اليه و كان تكليفه ما اعتمد عليه ثم اورد بعض الأخبار الدالة علي ذلك ثم قال لعل


بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة يعتقد ان الله لا يتعبد بمثل هذه الحيلة و رده بأن الله تعالي تعبد قوما بقتل انفسهم فقال فتوبوا الي بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم انتهي ملخصا «مع» انه اذا كان في ذلك من الفوائد مثل احياء الدين و كشف قبائح المنافقين و ردع الناس عن الأقتداء بهم كان التعبد به اولي من التعبد بقتل النفس عند التوبة و لا يقصر عن التعبد به في الجهاد و القصاص «اما» توهم ان ذلك القاء باليد الي التهلكة ففاسد لأن بذل النفس في سبيل الله تعالي للحصول علي الحياة الدائمة و النعيم الخالد القاء باليد الي اعظم السعادات «و اما» ما جاء في بعض الروايات من ان الحسين عليه السلام طلب منهم احد امور اما ان يرجع الي المكان الذي منه اتي او أن يسير الي ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين او ان يأتي يزيد فيضع يده في يده فلم يثبت و قد جاء في بعض الأخبار ما يكذبه و يدل علي ذلك الأعتبار ايضا و ملاحظة سائر الاحوال قال ابن الاثير في الكامل و قد روي عن عقبة بن سمعان انه قال صحبت الحسين من المدينة الي مكة و من مكة الي العراق و لم افارقه حتي قتل و سمعت جميع مخاطباته الناس الي يوم مقتله فوالله ما اعطاهم ما يتذاكر به الناس انه يضع يده في يد يزيد و لا ان يسيروه الي ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني ارجع


الي المكان الذي اقبلت منه او دعوني اذهب في هذه الارض العريضة حتي ننظر الي ما يصير اليه الناس فلم يفعلوا انتهي «و اما» دعاؤه الناس الي نصرته مثل عبدالله بن الحر الجعفي و غيره و كتابه الي اهل البصره فكل ذلك من باب اقامة الحجة و قطع المعذرة.

و الحمدلله الذي وفق لجمع هذا الكتاب المميز بين القشر و اللباب و الحاوي من شوارد الأخبار ما لم يجتمع مثله في كتاب مع مراعاة الحد الوسط بين الأيجاز و الأطناب و القاري ء المنصف يعلم امتيازه عن غيره مما صنف في هذا الباب فاسأله تعالي ان يكون وسيلة لشفاعة الحسين وجده و ابيه و اهل بيته عليهم السلام في يوم الحساب و امنا من العقاب و زيادة في الثواب.

و قد فرغ من تسويده جامعه العبد الجاني علي نفسه محسن بن المرحوم السيد عبدالكريم الحسيني العاملي نزيل دمشق الشام عفي الله عن جرائمه عصر يوم الجمعة المبارك الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام الذي هو من شهور سنة تسع و عشرين بعد الالف و ثلثمائة من هجرة سيد المرسلين صلي الله عليه و آله و سلم ببلدة دمشق الشام صانها الله عن طوارق الحدثان و الحمد لله وحده

(و صل الله علي سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم)