بازگشت

خطبة زين العابدين بالمدينة


الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين باري


الخلائق اجمعين الذي بعد فارتفع في السموات العلي و قرب فشهد النجوي نحمده علي عظائم الأمور و فجائع الدهور و الم الفجائع و مضاضة اللواذع و جليل الرزء و عظيم المصائب الفاظعة الكاظه الفادحة الجائحه ايها القوم ان الله و له الحمد ابتلانا بمصائب جليلة و ثلمة في الاسلام عظيمة قتل ابوعبدالله و عترته و سبي نساؤه و صبيته و داروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان و هذه الرزية التي لا مثلها رزية ايها الناس فاي رجالات منكم يسرون بعد قتله ام اي فؤاد لا يحزن من اجله ام اي عين منكم تحبس دمعها و تضن عن انهمالها فلقد بكت السبع الشداد لقتله و بكت البحار بامواجها و السموات باركانها و الأرض بارجائها و الاشجار باغصانها و الحيتان في لجج البحار و الملائكة المقربون و اهل السموات اجمعون يا ايها الناس اي قلب لا ينصدع لقتله ام اي فؤاد لايحن اليه ام اي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام و لا يصم ايها الناس اصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار كأنا اولاد ترك و كابل من غير جرم اجترمناه و لا مكروه ارتكبناه و لا ثلمة في الاسلام ثلمناها ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين ان هذا الا اختلاق و الله لو ان النبي صلي الله عليه و آله تقدم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاية بنا لما زادوا علي ما فعلوا بنا فانا لله و انا اليه راجعون من


مصيبة ما اعظمها و اوجعها و افجعها و اكظها و افظعها و امرها و افدحها فعند الله نحتسب فيما اصابنا و ما بلغ بنا انه عزيز ذو انتقام «فقام» صوحان بن صعصعة بن صوحان و كان زمنا فاعتذر اليه بما عنده من زمانة رجليه فاجابه بقبول معذرته و حسن الظن فيه و ترحم علي ابيه «ثم» دخل زين العابدين عليه السلام الي المدينة فرآها موحشة باكية و وجد ديار اهله خالية تنعي اهلها و تندب سكانها و لنعم ما قال الشاعر:



مررت علي ابيات آل محمد

فلم ارها امثالها يوم حلت



فلا يبعد الله الديار و اهلها

و ان اصبحت منهم برغم تخلت



و قال آخر:



و لما وردنا مآء يثرب بعدما

اسلنا علي السبط الشهيد المدامعا



و مدت لما نلقاه من الم الجوي

رقاب المطايا و استلانت خواضعا



و جرع كاس الموت بالطف انفس

كرام و كانت للرسول و دائعا



و بدل سعد الشم من آل هاشم

بنحس فكانوا كالبدور طوالعا



وقفنا علي الاطلال نندب اهلها

اسي و نبكي الخاليات البلاقعا



«و لم» يزل زين العابدين عليه السلام و هو ذو الحلم الذي لا يبلغ الوصف اليه حزينا باكيا علي تلك الرزية العظيمة حتي قبضه الله تعالي اليه «و عن» الصادق عليه السلام انه قال ان زين العابدين عليه السلام بكي علي ابيه اربعين سنة صائما نهاره قائما ليله فاذا حضره الافطار جاء غلامه


بطعامه و شرابه فيضعه بين يديه فيقول كل يا مولاي فيقول قتل ابن رسول الله جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا فلا يزال يكرر ذلك و يبكي حتي يبل طعامه من دموعه ثم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتي لحق بالله عزوجل «و في رواية» انه كان اذا حضر الطعام لأفطاره ذكر قتلاه و قال واكرباه يكرر ذلك و يقول قتل ابن رسول الله جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا حتي يبل بالدموع ثيابه «و حدث» مولي له انه برز يوما الي الصحراء قال فتبعته فوجدته قد سجد علي حجارة خشنة فوقفت و انا اسمع شهيقه و بكاءه و احصيت عليه الف مرة و هو يقول (لا اله الا الله حقا حقا لا آله الا الله تعبد اورقا لا اله الا الله ايمانا و صدقا) ثم رفع رأسه من سجوده و اذا لحيته و وجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه فقلت يا سيدي اما آن لحزنك ان ينقضي و لبكائك ان يقل فقال لي ويحك ان يعقوب بن اسحق بن ابراهيم كان نبيا ابن نبي له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن واحد و دب ظهره من الغم و ذهب بصره من البكاء و ابنه حي في دار الدنيا و انا رأيت ابي و اخي و سبعة عشر من اهل بيتي صرعي مقتولين فكيف ينقضي حزني و يقل بكائي.