بازگشت

خطبة علي بن الحسين بالكوفة


ايها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي انا علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب انا ابن من انتهك حريمه و سلب نعيمه و انتهب ماله و سبي عياله انا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل و لا ترات انا ابن من قتل صبرا و كفي بذلك فخرا ايها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون انكم كتبتم الي ابي و خدعتموه و اعطيتموه من انفسكم العهد و الميثاق و البيعة و قاتلتموه و خذلتموه فتبا لما قدمتم لأنفسكم و سوأة لرأيكم بأية عين تنظرون الي رسول الله صلي الله عليه و آله اذ يقول لكم قتلتم عترتي و انتهكتم حرمتي فلستم من امتي (فارتفعت) اصوات النساء بالبكاء من كل ناحية و قال بعضهم لبعض هلكتم و ما تعلمون فقال عليه السلام رحم الله امرءا قبل نصيحتي و حفظ وصيتي في الله و رسوله و اهل بيته فان لنا في رسول الله اسوة حسنة «فقالوا» باجمعهم نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك و لا راغبين عنك فمرنا بامرك يرحمك الله فانا حرب لحربك و سلم لسلمك لنأخذن يزيد و نبرأ ممن ظلمك و ظلمنا «فقال» عليه السلام هيهات هيهات


ايها الغدرة المكرة حيل بينكم و بين شهوات انفسكم اتريدون ان تأتوا الي كما اتيتم الي آبائي من قبل كلا و رب الراقصات فان الجرح لما يندمل قتل ابي بالامس و اهل بيته معه و لم ينسني ثكل رسول الله صلي الله عليه و آله و ثكل ابي و بني ابي و وجده بين لهاتي [1] و مرارته بين حناجري و حلقي و غصصه تجري في فراش [2] صدري و مسألتي ان لا تكونوا لنا و لا علينا ثم قال:



لا غرو ان قتل الحسين فشيخه

قد كان خير من حسين و اكرما



فلا تفرحوا يا اهل كوفان بالذي

اصاب حسينا كان ذلك اعظما



قتيل بشط النهر روحي فداؤه

جزاء الذي ارداه نار جهنما



ثم قال رضينا منكم رأسا برأس فلا يوم لنا و لا علينا «و جاء» سنان بن انس النخعي الي باب ابن زياد فقال:



اوقر ركابي فضة او ذهبا

اني قتلت السيد المحجبا



قتلت خير الناس اما و ابا

و خيرهم اذ ينسبون نسبا



فلم يعطه ابن زياد شيئا «و قيل» ان سنانا انشد هذه الابيات علي باب فسطاط عمر بن سعد فحذفه بالقضيب و قال او مجنون انت و الله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك «و قيل» المنشد لها عند ابن


سعد هو الشمر «و قيل» الحسين عليه السلام انشدها عند يزيد لعنه الله و الله اعلم (ثم) ان ابن زياد لعنه الله جلس في قصر الامارة و اذن للناس اذنا عاما و امر باحضار رأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه فجعل ينظر اليه و يتبسم و كان في يده قضيب فجعل يضرب به ثناياه و يقول انه كان حسن الثغر (و في) رواية انه قال لقد اسرع الشيب اليك يا ابا عبدالله ثم قال يوم بيوم بدر «و كان» عنده انس بن مالك فبكي و قال كان اشبههم برسول الله صلي الله عليه و آله و كان مخضوبا بالوسمه «و كان» الي جانبه زيد بن ارقم صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و هو شيخ كبير فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا اله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلي الله عليه و آله ما لا احصيه كثرة يقبلهما ثم انتحب باكيا فقال له ابن زياد ابكي الله عينيك اتبكي لفتح الله و الله لولا انك شيخ قد خرفت و ذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن ارقم من بين يديه و صار الي منزله (و في رواية) انه نهض و هو يقول ايها الناس انتم العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة و امرتم ابن مرجانة و الله ليقتلن خياركم و ليستعبدن شراركم فبعدا لمن رضي بالذل و العار ثم قال يا ابن زياد لاحدثنك حديثا اغلظ عليك من هذا رأيت رسول الله صلي الله


عليه و آله اقعد حسنا علي فخذه اليمني و حسينا علي فخذه اليسري ثم وضع يده علي يا فوخيهما ثم قال اللهم اني استودعك اياهما و صالح المؤمنين فكيف كانت وديعة رسول الله صلي الله عليه و آله عندك يا ابن زياد «و ادخل» نساء الحسين عليه السلام و صبيانه علي ابن زياد فلبست زينب عليهاالسلام ارذل ثيابها و تنكرت و مضت حتي جلست ناحية من القصر و حف بها اماؤها فقال ابن زياد من هذه فلم تجبه فاعاد الكلام ثانيا و ثالثا يسأل عنها فلم تجبه فقال له بعض امائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فاقبل عليها ابن زياد فقال لها الحمدلله الذي فضحكم و قتلكم و اكذب احدوثتكم فقالت زينب الحمدلله الذي اكرمنا بنبيه محمد صلي الله عليه و آله و طهرنا من الرجس تطهيرا انما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا فقال كيف رأيت فعل الله باخيك و اهل بيتك فقالت ما رأيت الا جميلا هاؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الي مضاجعهم و سيجمع الله بينك و بينهم فتحاج و تخاصم (فتتحاجون اليه و تختصمون عنده خ ل) فانظر لمن الفلج يومئذ هبلتك امك يا ابن مرجانة فغضب ابن زياد و استشاط و كأنه هم بها فقال عمر بن حريث ايها الامير انها امرأة و المرأة لا تؤاخذ بشي ء من منطقها و لا تذم علي خطائها فقال لها ابن زياد شفي الله قلبي (نفسي خ ل)


من طاغيتك الحسين و العصاة المردة من اهل بيتك فرقت زينب و بكت و قالت له لعمري لقد قتلت كهلي و ابرزت اهلي و قطعت فرعي و اجتثثت اصلي فان كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة [3] و لعمري لقد كان ابوها سجاعا شاعرا فقالت ما للمرأة و السجاعة ان لي عن السجاعة لشغلا و لكن صدري نفث بما قلت و لنعم ما قال الشاعر:



تصان بنت الدعي في كلل الما

ك و بنت رسول الله تبتذل



يرجي رضي المصطفي فواعجبا

تقتل اولاده و يحتمل



«و عرض» عليه علي بن الحسين عليهماالسلام فقال من انت فقال انا علي بن الحسين فقال اليس قد قتل الله عليا بن الحسين فقال له علي قد كان لي اخ يسمي عليا قتله الناس فقال بل الله قتله فقال علي ابن الحسين الله يتوفي الانفس حين موتها فغضب ابن زياد و قال و بك جرأة لجوابي و فيك بقية للرد علي اذهبوا به فاضربوا عنقه فتعلقت به عمته زينب و قالت يا ابن زياد حسبك من دمائنا و اعتنقته و قالت لا و الله لا افارقه فان قتلته فاقتلني معه فنظر ابن زياد اليها و اليه ساعة ثم قال عجبا للرحم و الله اني لأظنها ودت اني قتلتها معه


دعوه فاني اراه لما به [4] «و في رواية» ان عليا بن الحسين عليهماالسلام قال لعمته اسكتي يا عمه حتي اكلمه ثم اقبل عليه فقال ابا لقتل تهددني يا ابن زياد اما علمت ان القتل لنا عادة و كرامتنا الشهادة ثم امر ابن زياد بعلي بن الحسين «ع» و اهل بيته فحملوا الي دار بجنب المسجد الاعظم فقالت زينب بنت علي عليهماالسلام لا تدخلن علينا عربية الا ام ولد او مملوكة فانهن سبين كما سبينا (قال) ابن الاثير قال بعض حجاب ابن زياد دخلت معه القصر حين قتل الحسين عليه السلام فاضطرم في وجهه نارا فقال بكمه هكذا علي وجهه و قال لا تحدثن بهذا احدا ثم ان ابن زياد قام من مجلسه و دخل المسجد فصعد المنبر فقال الحمد لله الذي اظهر الحق و اهله و نصر اميرالمؤمنين يزيد و حزبه و قتل الكذاب بن الكذاب و شيعته فما زاد علي هذا الكلام شيئا حتي قام اليه عبدالله بن عفيف الازدي و كان من خيار الشيعة و زهادها و كانت عينه اليسري ذهبت في يوم الجمل و الاخري في يوم صفين و كان يلازم المسجد الاعظم يصلي فيه الي الليل ثم ينصرف فقال يا ابن مرجانة ان الكذاب ابن الكذاب انت و ابوك و من استعملك و ابوه يا عدو الله اتقتلون ابناء النبيين و تتكلمون بهذا الكلام علي منابر المسلمين «فغضب» ابن زياد و قال من هذا المتكلم


فقال انا المتكلم يا عدو الله اتقتل الذرية الطاهرة التي قد اذهب الله عنها الرجس و طهرهم تطهيرا و تزعم انك علي دين الاسلام و اغوثاه اين اولاد المهاجرين و الانصار ينتقمون منك و من طاغيتك اللعين ابن اللعين علي لسان محمد رسول رب العالمين «فازداد» غضب ابن زياد حتي انتفخت او داجه و قال علي بن فتبادرت اليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه فنادي بشعار الازد يا مبرور و في الكوفة يومئذ من الازد سبعمائة مقاتل فاجتمعوا و انتزعوه من الجلاوزة و قيل وثب اليه فتيان منهم و قيل قامت الاشراف من الازد من بني عمه فخلصوه منهم و اخرجوه من باب المسجد و انطلقوا به الي منزله «فقال» ابن زياد اذهبوا الي هذا الاعمي اعمي الازد اعمي الله قلبه كما اعمي عينيه فأتوني به فلما بلغ ذلك الازد اجتمعوا و اجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم و بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر و ضمهم الي محمد بن الاشعث و امره بقتال القوم فاقتتلوا قتالا شديدا حتي قتل بينهم جماعة من العرب و وصل اصحاب ابن زياد الي دار عبدالله بن عفيف فكسروا الباب و اقتحموا عليه فصاحت ابنته اتاك القوم من حيث تحذر فقال لا عليك ناوليني سيفي فناولته اياه فجعل يذب عن نفسه و يقول:



انا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر

عفيف شيخي و ابن ام عامر






كم دارع من قومكم و حاسر

و بطل جدلته مغاور



و جعلت ابنته تقول يا ابت ليتني كنت رجلا اخاصم بين يديك اليوم هاؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة. و جعل القوم يدورون عليه من كل جهة و هو يذب عن نفسه فليس يقدم عليه احد و كلما جاؤه من جهة قالت ابنته يا ابه جاؤك من جهة كذا حتي تكاثروا عليه و أحاطوا به فقالت ابنته و اذلاه يحاط بابي و ليس له ناصر يستعين به فجعل يدير سينه و يقول:



اقسم لو يفسح لي عن بصري

ضاق عليكم موردي و مصدري [5]



فقال له ابن زياد يا عدو الله ما تقول في عثمان بن عفان قال يا عبد بني علاج يا ابن مرجانة و شتمه ما انت و عثمان اساء ام احسن و اصلح ام افسد و الله تبارك و تعالي ولي خلقه يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل و الحق و لكن سلني عن ابيك و عنك و عن يزيد و ابيه فقال ابن زياد والله لا اسألك عن شي ء او تذوق الموت غصة بعد غصة فقال عبدالله بن عفيف الحمدلله رب العالمين اما اني قد كنت اسأل الله ربي ان يرزقني الشهادة من قبل ان تلدك امك و سألت الله ان يجعل ذلك علي يد العن خلقه و ابغضهم اليه فلما كف بصري يئست من الشهادة الي الان فالحمدلله الذي رزقنيها بعد اليأس منها و عرفني الاجابة منهم في قديم دعائي فقال ابن زياد اضربوا عنقه فضربت


عنقه و صلب في السبخه ثم دعا ابن زياد بجندب بن عبدالله الازدي و كان شيخا فقال يا عدو الله الست صاحب ابي تراب قال بلي لا اعتذر منه قال ما اراني الا متقربا الي الله بدمك قال اذن لا يقربك الله منه بل يباعدك قال شيخ قد ذهب عقله و خلي سبيله (و لما) اصبح ابن زياد امر برأس الحسين عليه السلام فطيف به في سكك الكوفة كلها و قبائلها «فروي» عن زيد بن ارقم انه قال مر به علي و هو علي رمح و انا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ (ام حسبت ان اصحاب الكهف و الرقيم كانوا من آياتنا عجبا) فقف و الله شعري و ناديت رأسك و الله يا ابن رسول الله اعجب و اعجب و لما فرغ القوم من التطواف به في الكوفة ردوه الي باب القصر و يحق التمثل هنا بقول بعض الشعراء يرثي قتيلا من آل رسول الله صلي الله عليه و آله



رأس ابن بنت محمد و وصيه

للناظرين علي قناة يرفع



و المسلمون بمنظر و بمسمع

لا منكر منهم و لا متفجع



كحلت بمنظرك العيون عماية

و اصم رزؤك كل اذن تسمع



ايقظت اجفانا و كنت لها كري

و انمت عينا لم تكن بك تهجع



ما روضة الا تمنت انها

لك حفرة و لخط قبرك مضجع



ثم ان ابن زياد نصب الروؤس كلها بالكوفة علي الخشب و هي اول رؤوس نصبت في الاسلام بعد رأس مسلم بن عقيل


بالكوفة. (و كتب) ابن زياد الي يزيد يخبره بقتل الحسين عليه السلام و خبر اهل بيته «و تقدم» الي عبدالملك بن الحارث السلمي فقال انطلق حتي تاتي عمرو بن سعيد بن العاص يا لمدينة (و كان اميرا عليها و هو من بني امية) فتبشره بقتل الحسين عليه السلام و قال لا يسبقنك الخبر اليه قال عبدالملك فركبت راحلتي و سرت نحو المدينة فلقيني رجل من قريش فقال ما الخبر قلت الخبر عند الامير تسمعه قال انا لله و انا اليه راجعون قتل و الله الحسين «و لما» دخلت علي عمرو بن سعيد قال ما وراءك فقلت ما يسر الامير قتل الحسين بن علي فقال اخرج فناد بقتله فناديت فلم اسمع واعية قط مثل واعية بني هاشم في دورهم علي الحسين بن علي حين سمعوا النداء بقتله فدخلت علي عمرو بن سعيد فلما رآني تبسم الي ضاحكا ثم تمثل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي و قيل انه لما سمع اصوات نساء بني هاشم ضحك و تمثل بذلك فقال:



عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الارنب [6]



«ثم» قال عمرو هذه واعية بواعية عثمان ثم صعد المنبر و خطب الناس و اعلمهم قتل الحسين عليه السلام و قال في خطبته انها لدمة بلدمة و صدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة و موعظة بعد موعظة حكمة


بالغة فما تغني النذر و الله لوددت أن رأسه في بدنه و روحه في جسده احيانا كان يسبنا و نمدحه و يقطعنا و نصله كعادتنا و عادته و لم يكن من امره ما كان ولكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد قتلنا الا ان ندفعه عن انفسنا «فقام» عبدالله بن السائب فقال لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين عليهم السلام لبكت عليه فجبهه عمرو بن سعيد و قال نحن احق بفاطمة منك ابوها عمنا و زوجها اخونا و ابنها ابننا لو كانت فاطمة حية لبكت عينها و حرت كبدها و ما لامت من قتله و دفعه عن نفسه «و خرجت» ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب حين سمعت نعي الحسين عليه السلام حاسرة و معها اخواتها ام هاني و اسماء و رمله و زينب بنات عقيل بن ابي طالب تبكي قتلاها بالطف و هي تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و انتم آخر الأمم



بعترتي و باهلي بعد مفتقدي

منهم اساري ء قتلي ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



«فلما» كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمرو بن سعيد سمع اهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته و لا يرون شخصه



ايها القاتلون جهلا حسينا

ابشروا بالعذاب و التنكيل



كل اهل السمآء يدعو عليكم

من نبي و ملأك و قبيل






قد لعنتم علي لسان ابن داو

دو موسي و صاحب الأنجيل



رواه الطبري و غيره «و دخل» بعض موالي عبدالله بن جعفر فنعي اليه ابنيه عونا و جعفرا فاسترجع و جعل الناس يعزونه فقال مولي له يسمي ابوالسلاسل هذا ما لقينا من الحسين فحذفه عبدالله ابن جعفر بنعله ثم قال يا ابن اللخناء اللحسين تقول هذا و الله لو شهدته لاحببت ان لا افارقه حتي اقتل معه و الله انه لمما يسخي نفسي عنهما و يهون علي المصاب بهما انهما اصيبا مع اخي و ابن عمي مواسيين له صابرين معه «ثم» اقبل علي جلسائه فقال الحمدلله عز علي مصرع الحسين ان لا اكن آسيت حسينا بيدي فقد آساه ولداي (ولدي خ ل) «و قال» شهر بن حوشب بينما انا عند ام سلمة اذ دخلت صارخة تصرخ و قالت قتل الحسين «ع» قالت ام سلمه فعلوها ملأ الله قبورهم نارا و وقعت مغشيا عليها «و اما يزيد» فأنه لما وصله كتاب ابن زياد اجابه عليه يأمره بجمل راس الحسين عليه السلام و رؤوس من قتل معه و حمل اثقاله و نسائه و عياله «فارسل» ابن زياد الرؤوس مع زجر بن قيس و انفذ معه ابابردة بن عوف الأزدي و طارق بن ابي ظبيان في جماعة من اهل الكوفة الي يزيد «ثم» امر ابن زياد بنساء الحسين عليه السلام و صبيانه فجهزوا و أمر بعلي بن الحسين عليهماالسلام فغل بغل الي عنقه «و في رواية» في يديه و رقبته ثم سرح بهم في اثر الرؤوس


مع محفر [7] بن ثعلبة العائذي و شمر بن ذي الجوشن و حملهم علي الأقتاب و ساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار فانطلقوا بهم حتي لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس فلم يكلم علي بن الحسين عليه السلام احدا منهم في الطريق بكلمة حتي بلغوا الشام «فلما» انتهوا الي باب يزيد رفع محفر بن ثعلبة صوته فقال هذا محفر بن ثعلبة اتي اميرالمؤمنين باللئام الفجرة فاجابه علي بن الحسين عليهماالسلام ما ولدت ام محفر اشر و الأم «و عن» الزهري انه لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة علي جيرون فانشد لنفسه



لما بدت تلك الحمول و اشرقت

تلك الشموس علي ربي جيرون



نعب الغراب فقلت صح اولا تصح [8]

فلقد قضيت من الغريم ديوني

و لما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر فقالت له لي اليك حاجة فقال ما حاجتك قالت اذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة و تقدم اليهم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل و ينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا و نحن في هذه الحال فأمر في جواب سؤالها ان تجعل الرؤوس علي الرماح في اوساط المحامل بغيا منه و كفرا و سلك بهم بين النظارة علي تلك الصفة حتي


اتي بهم باب دمشق «فوقفوا» علي درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي «و جاء» شيخ فدنا من نساء الحسين عليه السلام عياله و قال الحمدلله الذي اهلككم و قتلكم و اراح البلاد من رجالكم و امكن اميرالمؤمنين منكم فقال له علي بن الحسين يا شيخ هل قرأت القرآن قال نعم قال فهل عرفت هذه الآية قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربي قال قد قرأت ذلك فقال له علي فنحن القربي يا شيخ فهل قرأت في بني اسرائيل و آت ذا القربي حقه فقال قد قرأت ذلك فقال علي فنحن القربي يا شيخ فهل قرأت هذه الآية و اعلموا انما غنمتم من شي ء فان لله خمسه و للرسول و لذي القربي قال نعم فقال له علي فنحن القربي يا شيخ ولكن هل قرأت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يهطركم تطهيرا قال قد قرأت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا قال قد قرأت ذلك فقال علي فنحن اهل البيت الذين اختصنا الله بآية الطهارة يا شيخ قال فبقي الشيخ ساكتا نادما علي ما تكلم به و قال بالله انكم هم فقال علي بن الحسين عليهماالسلام تا لله انا لنحن هم من غير شك و حق جدنا رسول الله (ص) انا لنحن هم فبكي الشيخ و رمي عمامته ثم رفع رأسه الي السماء و قال اللهم اني ابرأ اليك من عدو آل محمد من جن و انس ثم قال هل لي من توبة فقال له نعم ان تبت تاب الله عليك و انت معنا فقال انا تائب


فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فامر به فقتل «و عن» سهل بن سعد انه قال خرجت الي بيت المقدس حتي توسطت الشام فاذا انا بمدينة مطردة الانهار كثيرة الاشجار و قد علقوا الستور و الحجب و الديباج و هم فرحون مستبشرون و عندهم نساء يلعبن بالدفوف و الطبول فقلت في نفسي تري لاهل الشام عيدا لا نعرفه نحن فرأيت قوما يتحدثون فقلت يا قوم لكم بالشام عيدا لا نعرفه نحن قالوا يا شيخ نراك غريبا فقلت انا سهل بن سعد قد رأيت محمدا صلي الله عليه و آله قالوا يا سهل ما اعجبك السماء لا تمطر دما و الارض لا نخيف باهلها قلت و لم ذاك فالوا هذا رأس الحسين عترة محمد صلي الله عليه و آله و اهله يهدي من ارض العراق فقلت وا عجبا يهدي رأس الحسين عليه السلام و الناس يفرحون قلت من اي باب يدخل فأشاروا الي باب يقال له باب الساعات فبينا انا كذلك حتي رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فاذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان عليه رأس من اشبه الناس وجها برسول الله صلي الله عليه و آله فاذا من ورائه نسوة علي جمال بغير وطاء فدنوت من اولهن فقلت يا جارية من انت فقالت انا سكينة بنت الحسين فقلت لها الك حاجة الي فانا سهل بن سعد ممن رأي جدك و سمعت حديثه قالت يا سهل قل لصاحب هذا الرأس ان يقدم الرأس امامنا حتي يشتغل الناس


بالنظر اليه و لا ينظروا الي حرم رسول الله صلي الله عليه و آله قال سهل فدنوت من صاحب الرأس فقلت له هل لك ان تقضني حاجتي و تأخذ مني اربعمأة دينار قال ما هي قلت تقدم الرأس امام الحرم ففعل ذلك و دفعت اليه ما وعدته «و روي» ان بعض فضلاء التابعين و هو خالد بن معدان لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام اخفي نفسه شهرا من جميع اصحابه فلما وجدوه بعد اذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك فقال ألا ترون ما نزل بنا ثم انشأ يقول:



جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد

مترملا بدمائه ترميلا



و كأنما بك يا ابن بنت محمد

قتلوا جهارا عامدين رسولا



قتلوك عطشانا و لما يرقبوا

في قتلك التأويل و التنزيلا



و يكبرون بان قتلت و انما

قتلوا بك التكبير و التهليلا



ثم ادخل ثقل الحسين عليه السلام و نساؤه و من تخلف من اهله علي يزيد و هم مقرنون في الحبال و زين العابدين عليه السلام مغلول فلما وقفوا بين يديه و هم علي تلك الحال قال له علي بن الحسين عليه السلام انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلي الله عليه و آله لو رآنا علي هذه الصفة فلم يبق في القوم احد الا و بكي فأمر يزيد بالحبال فقطعت و امر بفك الغل عن زين العابدين عليه السلام.

«ثم» وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه و اجلس النساء


خلفه لئلا ينظرن اليه «و في رواية» انه لما ادخل نساء الحسين عليه السلام علي يزيد و الرأس بين يديه جعلت فاطمة و سكينة يتطاولان لينظران الي الرأس و جعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس فلما رأين الرأس صحن فصاح نساء يزيد و ولولت بنات معاوية فقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام ابنات رسول الله سبايا يا يزيد فبكي الناس و بكي اهل داره حتي علت الاصوات و رآه علي بن الحسين عليهماالسلام فلم ياكل الرؤوس بعد ذلك ابدا «و اما» زينب عليهاالسلام فانها لما رأته اهوت الي جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب يا حسيناه يا حبيب رسول الله يا ابن مكة و مني يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفي فابكت و الله كل من كان حاضرا في المجلس و يزيد ساكت ثم جعلت امرأة من بني هاشم كانت في دار يزيد تندب الحسين عليه السلام و تنادي يا حبيباه يا سيد اهل بيتاه يا ابن محمداه يا ربيع الارامل و اليتامي يا قتيل اولاد الادعياء فابكت كل من سمعها «و كان» في السبايا الرباب بنت امري ء القيس زوجة الحسين عليه السلام و هي ام سكينة بنت الحسين «ع» و هي التي يقول فيها الحسين «ع»



لعمرك انني لأحب دارا

تحل بها سكينة و الرباب



احبهما و ابذل فوق جهدي

و ليس لعاذل عندي عتاب






و لست لهم و ان عتبوا مطيعا

حياتي او يغيبني التراب



«فقيل» ان الرباب اخذت الرأس و وضعته في حجرها و قبلته و قالت:



وا حسينا فلا نسيت حسينا

اقصدته اسنة الأعدآء



غادروه بكربلاء صريعا

لاسقي الله جانبي كربلاء



«والرباب» هذه بعد رجوعها الي المدينة خطبها الأشراف من قريش فقالت و الله لا كان لي حمو بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و عاشت بعد الحسين عليه السلام سنة ثم ماتت كمدا علي الحسين عليه السلام و لم تستظل بعده بسقف «و لما» وضعت الرؤوس بين يدي يزيد و فيها رأس الحسين عليه السلام جعل يتمثل بقول الحصين بن الحمام المري



صبرنا و كان الصبر منا سجية

باسيافنا تفرين هاما و معصما



ابي قومنا ان ينصفونا فانصفت

قواضب في ايماننا تقطر الدما



نفلق [9] هاما من رجل اعزة

علينا [10] و هم كانوا اعق و اظلما



«و دعا» بقضيب خيزران و جعل ينكت به ثنايا الحسين عليه السلام ثم قال يوم بيوم بدر «و كان» عنده ابوبرزة الأسلمي فقال ويحك يا يزيد اتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة اشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه و آله يرشف ثناياه و ثنايا اخيه الحسن و يقول انتما سيدا شباب اهل الجنة فقتل الله قاتلكما و لعنه و اعد له جهنم و ساءت


مصيرا فغضب يزيد و امر باخراجه فاخرج سحبا «و في رواية» انه قال اما انك يا يزيد تجي ء يوم القيمة و ابن زياد شفيعك و يجي ء هذا و محمد شفيعه ثم قام فولي «و قال» يحيي بن الحكم اخو مروان بن الحكم و كان جالسا مع يزيد:



لهام بجنب [11] الطف ادني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل [12] .



سمية اضحي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



فضرب يزيد في صدره و قال اسكت «و في رواية» انه اسر اليه و قال سبحان الله افي هذا الموضع ما يسعك السكوت:

«و كان» يحيي قد سأل اهل الكوفة الذين جاءوا بالسبايا والرؤوس ما صنعتم فأخبروه فقال حجبتم عن محمد صلي الله عليه و آله يوم القيامة لن اجامعكم علي امر ابدا «و في رواية» ان يزيد دعا اشراف اهل الشام فاجلسهم حوله ثم دعا بعلي بن الحسين و صبيان الحسين و نسائه فادخلوا عليه و الناس ينظرون ثم قال يزيد لعلي بن الحسين عليهماالسلام يا ابن الحسين ابوك قطع رحمي و جهل حقي و نازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت فقال علي بن الحسين عليهماالسلام ما اصاب من مصيبة في الارض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا


علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما اتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور فقال يزيد لابنه خالد اردد عليه فلم يدر خالد ما يرد عليه فقال له يزيد ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير فقال علي بن الحسين (ع) يا ابن معاوية و هند و صخر لم تزل النبوة والأمرة لآبائي و اجدادي من قبل ان تولد و لقد كان جدي علي بن ابي طالب في يوم بدر واحد و الأحزاب في يده راية رسول الله صلي الله عليه و آله و ابوك و جدك في ايديهما رايات الكفار ثم قال علي بن الحسين (ع) ويلك يا يزيد انك لو تدري ماذا صنعت و ما الذي ارتكبت من ابي و اهل بيتي و اخي و عمومتي اذا لهربت في الجبال و افترشت الرماد و دعوت بالويل و الثبور ان يكون رأس ابي الحسين بن فاطمة و علي منصوبا علي باب مدينتكم و هو وديعة رسول الله صلي الله عليه و آله فيكم فابشر بالخزي و الندامة اذا اجتمع الناس ليوم القيمة «و في رواية» انه لما انشد يزيد الابيات السابقة قال له علي بن الحسين عليهماالسلام بل ما قال الله اولي ما اصاب من مصيبة في الأرض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها فقال يزيد ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير «و جعل» يزيد يتمثل بابيات ابن الزبعري و زاد يزيد فيها البيتين الاخيرين [13] .




ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



فأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القرم من ساداتهم

و عدلناه [14] ببدر فاعتدل



(فجزيناهم ببدر مثلها

و اقمنا ميل بدر فاعتدل خ ل)



لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



لست من خندف [15] ان لم انتقم

من بني احمد ما كان فعل



«فقامت» زينب بنت علي عليه السلام فقالت [16] .


پاورقي

[1] اللهاة اللحمة في اقصي الفم (منه).

[2] الفراش کل عظم رقيق يقال فراش و فراشة کسحاب و سحابة (منه).

[3] في نسخة شجاعة بالشين المعجمة و کذا ما بعدها (منه).

[4] اي هو شديد المرض (منه).

[5] العبارة من متن الکتاب: قال فما زالوا به حتي اخذوه ثم حمل فأدخل علي ابن‏زياد فلما رآه قال الحمدلله الذي اخزاک فقال له عبدالله يا عدو الله و بماذا اخزاني والله لو فرج لي عن بصري ضاق عليکم موردي و مصدري.

[6] الارنب وقعة کانت لبني زبيد علي بني‏زياد من بني الحارث بن کعب «منه».

[7] بضم الميم و فتح الحاء المهمله و تشديد الفاء المکسورة و آخره رآء کذا في الکامل لأبن‏الاثير «منه».

[8] نح اولا تنح «منه».

[9] يفلقن خ ل.

[10] احبة الينا خ ل.

[11] بادني خ ل.

[12] الرذل.

[13] کذا رواه سبط بن الجوزي عن الشعبي و ينبغي ان يکون زاد فهيا البيت الثاني ايضا ولکنه غير مذکور في رواية ابن‏الجوزي «منه».

[14] و عدلنا ميل بدر خ ل.

[15] عتبة خ ل.

[16] هذه رواية السيد ابن‏طاوس و رواها الطبرسي في الاحتجاج بتفاوت کثير اشرنا اليه في الهامش «منه».