بازگشت

في صفة القتال


فلما كان من الغد و هو اليوم الثالث من المحرم قدم عمر بن سعد بن ابي وقاص في اربعة آلاف و كان ابن زياد قد ولاه الري و ارسل معه اربعة آلاف لقتال الديلم فلما جاء الحسين عليه السلام قال له سر اليه فاذا فرغت سرت الي عملك فاستعفاه فقال نعم علي ان ترد الينا عهدنا فاستمهله و استشار نصحاءه فنهوه عن ذلك فبات ليلته مفكرا فسمعوه و هو يقول:



دعاني عبيدالله من دون قومه

الي خطة فيها خرجت لحيني [1] .



فوالله لا ادري و اني لواقف

علي خطر لا ارتضيه و مين [2] .



أأترك ملك الري و الري رغبة

ام ارجع مذموما بقتل حسين



و في قتله النار التي ليس دونها

حجاب و ملك الري قرة عين



و جاءه حمزة بن المغيرة بن شعبة و هو ابن اخته فقال له انشدك


الله باخال ان تسير الي الحسين فتأثم عند ربك و تقطع رحمك فوالله لأن تخرج من دنياك و مالك و سلطان الارض كلها لو كان لك خير لك من ان تلقي الله بدم الحسين فقال له ابن سعد فاني افعل ان شاء الله (و جاء) ابن سعد الي ابن زياد فقال انك وليتني هذا العمل يعني الري و تسامع به الناس فان رايت ان تنفذ لي ذلك و تبعث الي الحسين من اشراف الكوفة من لست خيرا منه و سمي له اناسا فقال له ابن زياد لست استشيرك في من ابعث ان سرت بجندنا و الا فابعث الينا بعهدنا قال فاني سائر.

و قبل ان يحارب الحسين عليه السلام «قال» سبط ابن الجوزي قال محمد بن سيرين و قد ظهرت كرامات علي بن ابي طالب عليه السلام في هذا فانه لقي عمر بن سعد يوما و هو شاب فقال ويحك يا ابن سعد كيف بك اذا قمت يوما مقاما تخير فيه بين الجنة و النار فتختار النار «و سار» ابن سعد الي قتال الحسين عليه السلام بالأربعة آلاف التي كانت معه «و انضم» اليه الحر و اصحابه فصار في خمسة آلاف (ثم) جاءه شمر في اربعة آلاف «ثم» اتبعه ابن زياد بيزيد ابن ركاب الكلبي في الفين و الحصين بن نمير السكوني في اربعة آلاف و فلان المازني في ثلالة آلاف و نصر ابن فلان في الفين «فذلك» عشرون الف فارس تكملت عنده الي ست ليال خلون من


المحرم و بعث كعب بن طلحة في ثلاثة آلاف و شبث بن ربعي الرياحي في الف و حجار بن ابجر في الف فذلك خمسة و عشرون الفا و ما زال يرسل اليه بالعساكر حتي تكامل عنده ثلاثون الفا ما بين فارس و راجل (ثم) كتب اليه اني لم اجعل لك علة في كثرة الخيل و الرجال فانظر لا اصبح و لا امسي الا و خبرك عندي غدوة و عشية و كان يستحثه لستة ايام مضين من المحرم «و قال» حبيب بن مظاهر للحسين عليه السلام يا ابن رسول الله ههنا حي من بني اسد بالقرب منا تأذن لي في المصير اليهم لادعوهم الي نصرتك فعسي الله ان يدفع بهم عنك فاذن له فخرج اليهم في جوف الليل و عرفهم بنفسه انه اسدي و قال اني قد اتيتكم بخير ما اتي به وافد الي قوم اتيتكم ادعوكم الي نصر ابن بنت نبيكم فأنه في عصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من الف رجل لن يخذلوه و لن يسلموه ابدا و هذا عمر بن سعد قد احاط به و انتم قومي و عشيرتي و قد اتيتكم بهذه النصيحة فاطيعوني اليوم في نصرته تنالوا بها شرف الدنيا و الآخرة فاني اقسم بالله لا يقتل احد منكم في سيل الله مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا الا كان رفيقا لمحمد صلي الله عليه و آله في عليين فوثب اليه رجل منهم اسمه عبدالله بن بشر فقال انا اول من يجيب الي هذه الدعوة ثم جعل يرتجز و يقول:




قد علم القوم اذ توا كلوا

و احجم الفرسان او تثاقلوا



اني شجاع بطل مقاتل

كانني ليث عرين باسل



ثم تبادر رجال الحي حتي التأم منهم تسعون رجلا فاقبلوا يريدون الحسين عليه السلام و خرج رجل في ذلك الوقت من الحي الي ابن سعد فاخبره بالحال فارسل اليهم اربعمائة فارس مع الأزرق فالتقوا معهم قبل وصولهم الي الحسين عليه السلام بيسير فتناوشوا و اقتتلوا فصاح حبيب بالازرق ويلك ما لك و ما لنا انصرف عنا و دعنا يشقي بنا غيرك فأبي الازرق ان يرجع و علمت بنو اسد انه لا طاقة لهم بالقوم فانهزموا راجعين الي حيهم و ارتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد ابن يبيتهم و رجع حبيب بن مظاهر الي الحسين عليه السلام فاخبره فقال لا حول و لا قوة الا بالله و اراد ابن سعد ان يبعث الي الحسين عليه السلام رسولا يسأله ما الذي جاء به فعرض ذلك علي جماعة من الرؤسآء فكلهم ابي استحياء من الحسين عليه السلام لأنهم كاتبوه فقام اليه كثير بن عبدالله الشعبي و كان فارسا شجاعا لا يرد وجهه شي ء فقال انا اذهب اليه و الله لأن شئت لا فتكن به فقال عمر ما اريد ان تفتك به ولكن اذهب فسله ما الذي جاء به فأقبل فلما رآه ابوثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام اصلحك الله يا ابا عبدالله قد جاءك شر اهل الارض و اجرأه علي دم و افتكه


و قام اليه فقال له ضع سيفك قال لا و الله و لا كرامة انما انا رسول فان سمعتم مني و الا انصرفت قال فآخذ بقائم سيفك ثم تكلم قال لا و الله لا تمسه قال اخبرني بما جئت به و انا ابلغه عنك و لا ادعك تدنو منه فانك فاجر فاستبا و انصرف الي عمر بن سعد فاخبره فارسل قرة بن قيس الحنظلي فلما رآه الحسين عليه السلام مقبلا قال اتعرفون هذا قال حبيب بن مظاهر نعم هذا رجل من حنظلة تميم و هو ابن اختنا و قد كنت اعرفه بحسن الرأي و ما كنت اراه يشهد هذا المشهد فجاء حتي سلم علي الحسين عليه السلام و بلغه رسالة عمر بن سعد فقال له الحسين عليه السلام كتب الي اهل مصركم هذا ان اقدم فأما اذا كرهتموني فاني انصرف عنكم فقال له حبيب بن مظاهر ويحك يا قرة اين نرجع الي القوم الظالمين انصر هذا الرجل الذي بآبائه ايدك الله بالكرامة فقال له ارجع الي صاحبي بجواب رسالته و اري رأيي فانصرف الي ابن سعد فاخبره فقال ارجو ان يعافيني الله من امره و كتب الي ابن زياد بذلك فلما قرأ الكتاب قال:



الآن اذ علقت مخالبنا به [3]

يرجو النجاة [4] ولات حين مناص



ثم كتب الي ابن سعد ان اعرض علي الحسين ان يبايع ليزيد هو و جميع اصحابه فاذا هو فعل ذلك رأينا رأينا فقال ابن سعد قد


خشيت ان لا يقبل ابن زياد العافية «و ورد» كتاب ابن زياد في الأثر الي ابن سعد ان حل بين الحسين و اصحابه و بين المآء فلا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان فبعث عمر في الوقت عمرو بن الحجاج في خمسمائة فارس فنزلوا علي الشريعة و حالوا بين الحسين عليه السلام و اصحابه و بين المآء و منعوهم ان يستقوا منه قطرة و ذلك قبل قتل الحسين عليه السلام بثلاثة ايام «و نادي» عبدالله بن حصين الازدي با علي صوته يا حسين تنظرون الي الماء كأنه كبد السماء و الله لا تذوقون منه قطرة واحدة حتي تموتوا عطشا فقال الحسين عليه السلام اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له ابدا. قال حميد بن مسلم و الله لعدته بعد ذلك في مرضه فوالله الذي لا آله غيره لقد رأيته يشرب المآء حتي يبغر [5] ثم يقي ء و يصيح العطش العطش ثم يعود فيشرب المآء حتي يبغر ثم يقيئه و يتلظي عطشا فما زال ذلك دأبه حتي هلك «فلما» اشتد العطش علي الحسين «ع» و اصحابه امر اخاه العباس بن علي عليهماالسلام فسار في عشرين راجلا يحملون القرب و ثلاثين فارسا فجاؤا حتي دنوا من الماء ليلا و امامهم نافع بن هلال البجلي يحمل اللواء فقال عمرو بن الحجاج من الرجل قال نافع قال ما جاء بك قال جئنا


نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه قال فاشرب هنيئا قال لا والله لا اشرب منه قطرة و الحسين عطشان هو و أصحابه فقالوا لا سبيل الي سقي ء هاؤلاء انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء فقال نافع لرجاله املأوا قربكم فملأ و ها و ثار اليهم عمرو بن الحجاج و اصحابه فحمل عليهم العباس و نافع بن هلال فكشفوهم و اقبلوا بالماء ثم عاد عمرو بن الحجاج و اصحابه و اردوا ان يقطعوا عليهم الطريق فقاتلهم العباس و اصحابه حتي ردوهم و جاءوا بالماء الي الحسين عليه السلام «و ضيق» القوم علي الحسين عليه السلام حتي نال منه العطش و من اصحابه فقال له يزيد بن الحصين [6] الهمداني يا ابن رسول الله اتأذن لي ان اخرج الي القوم فاذن له فخرج اليهم فقال يا معشر الناس ان الله عزوجل بعث محمدا «ص» بالحق بشيرا و نذيرا و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابه و قد حيل بينه و بين ابنه فقالوا يا يزيد قد اكثرت الكلام فاكفف و الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله فقال الحسين عليه السلام اقعد يا يزيد (ثم) و ثب الحسين عليه السلام متوكئا علي قائم سيفه و نادي


با علي صوته فقال انشدكم الله هل تعرفونني قالوا نعم انت ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سبطه قال انشدكم الله هل تعلمون ان جدي رسول الله (ص) قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان امي فاطمة بنت محمد (ص) قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون ان ابي علي بن ابي طالب عليه السلام قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان جدتي خديجة بنت خويلد اول نساء هذه الامة اسلاما قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان سيدالشهداء حمزة عم ابي قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان الطيار في الجنة عمي قالوا اللهم نعم قال فانشدكم الله هل تعلمون ان هذا سيف رسول الله صلي الله عليه و آله انا متقلده قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان هذه عمامة رسول الله صلي الله عليه و آله انا لا بسها قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله هل تعلمون ان عليا كان اول القوم اسلاما و اعلمهم علما و اعظمهم حلما و انه ولي كل مؤمن و مؤمنة قالوا اللهم نعم قال فبم تستحلون دمي و ابي الذائد عن الحوض يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء و لواء الحمد في يد ابي يوم القيامة قالوا قد علمنا ذلك كله و نحن غير تاركيك حتي تذوق الموت عطشا «فلما» خطب هذه الخطبة و سمع بنانه و اخته زينب كلامه بكين و ارتفعت اصواتهن


فوجه اليهن اخاه العباس و عليا ابنه و قال لهما سكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن «و ارسل» الحسين عليه السلام الي عمر بن سعد مع عمرو بن قرطة الانصاري اني اريد ان اكلمك فالقني الليل بين عسكري و عسكرك فخرج اليه ابن سعد في عشرين و خرج الحسين عليه السلام في مثلها فامر الحسين (ع) اصحابه فتنحوا و بقي معه اخوه العباس و ابنه علي الاكبر و امر ابن سعد اصحابه فتنحوا و بقي معه ابنه حفص و غلام له فقال له الحسين عليه السلام ويلك يا ابن سعد اما تتقي الله الذي البه معادك اتقاتلني و انا ابن من علمت ذر هاؤءلاء القوم و كن معي فانه اقرب لك الي الله فقال ابن سعد اخاف ان تهدم داري فقال الحسين عليه السلام انا ابنيها لك فقال اخاف ان تؤخذ ضيعتي فقال الحسين عليه السلام انا اخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز فقال لي عيال و اخاف عليهم ثم سكت و لم يجبه الي شي ء فانصرف عنه الحسين عليه السلام و هو يقول مالك ذبحك الله علي فراشك عاجلا و لا غفر لك يوم حشرك فوالله اني لارجو ان لا تأكل من بر العراق الا يسيرا فقال في الشعير كفاية عن البر مستهزأ بذلك القول «و في رواية» انه (ع) لما رأي نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوي و مددهم لقتاله انفذ الي عمر بن سعد اني اريد ان القاك فاجتمعا ليلا بين العسكرين و تناجيا طويلا ثم التقي


الحسين عليه السلام و عمر بن سعد مرارا ثلاثا او اربعا ثم كتب عمر الي ابن زياد «اما بعد» فان الله قد اطفأ النائرة و جمع الكلمة و اصلح امر الامة هذا الحسين قد اعطاني ان يرجع الي المكان الذي منه اتي او ان يسير الي ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم أو ان يأتي اميرالمؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيري فيما بينه و بينه رأيه و في هذا لك رضا و للأمة صلاح «و عن» عقبة بن سمعان انه قال و الله ما اعطاهم الحسين عليه السلام ان يضع يده في يد يزيد و لا أن يسير الي ثغر من الثغور ولكنه قال دعوني ارجع الي المكان الذي اقبلت منه او اذهب في هذه الارض العريضة «يقول المؤلف» و هذا هو الذي يقوي في نفسي «قال» فلما قرأ ابن زياد الكتاب قال هذا كتاب ناصح لأميره مشفق علي قومه فقام اليه شمر بن ذي الجوشن و قال اتقبل هذا منه و قد نزل بارضك و الي جنبك و الله لأن رحل من بلادك و لم يضع يده في يدك ليكونن اولي بالقوة و العزة و لتكونن اولي بالضعف و العجز ولكن لينزل علي احكمك هو و اصحابه فان عاقبت فانت اولي بالعقوبة و ان عفوت كان ذلك لك فقال له ابن زياد نعم ما رأيت الرأي رايك اخرج بهذا الكتاب الي عمر بن سعد فليعرض علي الحسين و اصحابه النزول علي حكمي فاذا فعلوا فليبعث بهم الي سلما و ان ابوا فليقاتلهم


فان فعل فاسمع له واطع و ان ابي فأنت امير الجيش فاضرب عنقه و ابعث الي برأسه و كتب الي ابن سعد اني لم ابعثك الي الحسين (ع) لتكف عنه و لا لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و البقاء و لا لتعتذر عنه و لا لتكون له عندي شافعا انظر فان نزل الحسين و اصحابه علي حكمي و استسلموا فابعث بهم الي سلما و ان ابوا فازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم فأنهم لذلك مستحقون فان قتلت الحسين (ع) فاوطي الخيل صدره و ظهره فأنه عاق شاق قاطع ظلوم و لست اري ان هذا يضر بعد الموت شيئا ولكن علي قول قد قلته لو قد قتلته لفعلت هذا به فان انت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع و ان ابيت فاعتزل عملنا و جندنا و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر فانا قد امرناه بامرنا و السلام فلما قرأ ابن سعد الكتاب قال له مالك ويلك لا قرب الله دارك و قبح الله ما قدمت به علي و الله اني لأظنك انت نهيته ان يقبل ما كتبت به اليه و افسدت علينا امرا كنا قد رجونا ان يصلح لا يستسلم و الله حسين ان نفس ابيه لبين جنبيه فقال له شمر بن ذي الجوشن اخبرني بما انت صانع اتمضي لأمر اميرك و تقاتل عدوه و الا فخل بيني و بين الجند و العسكر قال لا و لا كرامة لك ولكن انا اتولي ذلك فدونك فكن انت علي الرجالة «و نهض» عمر بن سعد الي الحسين عليه السلام عشية يوم الخميس


لتسع مضين من المحرم «و جاء» شمر حتي وقف علي اصحاب الحسين (ع) فقال اين بنو اختنا يعني العباس و جعفر و عبدالله و عثمان ابنآء علي عليه السلام فقال الحسين عليه السلام اجيبوه و ان كان فاسقا فانه بعض اخوالكم [7] فقالوا له ما تريد فقال لهم انتم يا بني اختي آمنون فلا تقتلوا انفسكم مع اخيكم الحسين عليه السلام و الزموا طاعة يزيد فقالوا له لعنك الله و لعن امانك اتؤمننا و ابن رسول الله لا امان له «و في رواية» فناداه العباس بن اميرالمؤمنين عليهماالسلام تبت يداك و لعن ما جئتنا به من امانك يا عدو الله اتأمرنا ان نترك اخانا و سيدنا الحسين بن فاطمة و ندخل في طاعة اللعناء و اولاد اللعنآء فرجع الشمر الي عسكره مغضبا «و كان» ابن خالهم عبدالله بن ابي المحل بن حزام و قيل جرير بن عبدالله بن مخلد الكلابي قد اخذ لهم امانا من ابن زياد و ارسله اليهم مع مولي له و ذلك ان امهم ام البنين بنت حزام زوجة علي عليه السلام هي عمة عبدالله هذا فلما رأوا الكتاب قالوا لا حاجة لنا في امانكم امان الله خير من امان ابن سمية «ثم» نادي عمر بن سعد يا خيل الله اركبي و بالجنة ابشري فركب الناس ثم زحف نحوهم بعد العصر و الحسين عليه السلام جالس امام بيته


محتب بسيفه اذ خفق براسه علي ركبتيه فسمعت اخته زينب الضجة فدنت من اخيها فقالت يا اخي اما تسمع هذه الاصوات قد اقتربت فرفع الحسين عليه السلام راسه فقال اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله الساعة في المنام فقال انك تروح الينا فاطمت اخته وجهها و نادت بالويل فقال لها الحسين عليه السلام ليس لك الويل يا اخيه اسكتي رحمك الله «و في رواية» انه عليه السلام جلس فرقد ثم استيقظ و قال يا اختاه رأيت الساعة جدي محمدا و ابي عليا و امي فاطمة و اخي الحسن و هم يقولون يا حسين انك رائح الينا عن قريب «و في» بعض الروايات غدا فلطمت زينب وجهها و صاحت فقال لها الحسين عليه السلام مهلا لا تشمتي القوم بنا «و قال» له العباس يا اخي اتاك القوم فنهض ثم قال يا عباس اركب انت حتي تلقاهم و تقول لهم ما بالكم و ما بدا لكم و تسألهم عما جاء بهم فاتاهم في نحو عشرين فارسا فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر فسألهم فقالوا قد جاء امر الامير ان نعرض عليكم ان تنزلوا علي حكمه او نناجزكم قال فلا تعجلوا حتي ارجع الي ابي عبدالله فاعرض عليه ما ذكرتم فوقفوا و رجع العباس اليه بالخبر و وقف اصحابه يخاطبون القوم و يعظونهم و يكفونهم عن قتال الحسين عليه السلام فلما اخبره العباس بقولهم قال له ارجع اليهم فان استطعت ان تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عنا العشية لعلنا نصلي


لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره فهو يعلم اني كنت احب الصلوة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعآء و الاستغفار و اراد الحسين عليه السلام ايعنا ان يوصي اهله فسألهم العباس ذلك فتوقف ابن سعد فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي سبحان الله و الله لو انهم من الترك او الديلم و سألونا مثل ذلك لا جبناهم فكيف و هم آل محمد و قال له قيس بن الاشعث بن قيس اجبهم لعمري ليصبحنك بالقتال فاجابوهم الي ذلك «فجمع» الحسين عليه السلام اصحابه عند قرب المسآء «قال» علي بن الحسين عليهماالسلام فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم و انا اذ ذاك مريض فسمعت ابي يقول لاصحابه: اثني علي الله احسن الثناء و احمده علي السراء و الضراء اللهم اني احمدك علي ان اكرمتنا بالنبوة و علمتنا القرآن و فقهتنا في الدين و جعلت لنا اسماعا و ابصارا و افئدة فاجعلنا لك من الشاكرين «اما بعد» فاني لا اعلم اصحابنا اوفي و لا خيرا من اصحابي و لا اهل بيت ابر و لا اوصل من اهل بيتي فجزاكم الله عني خيرا الا و اني لأظن يوما لنا من هاءولاء الا و اني قد اذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام و هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا و ليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من اهل بيتي و تفرقوا في سواد هذا الليل و ذروني و هاءولاء القوم فأنهم لا يريدون غيري فقال له اخوته و ابناؤه و بنو اخيه و ابناء عبدالله بن جعفر


و لم نفعل ذلك لنبقي بعدك لا ارانا الله ذلك ابدا بدأهم بهذا القول العباس بن اميرالمؤمنين و اتبعه الجماعة عليه فتكلموا بمثله و نحوه «ثم» نظر الي بني عقيل فقال حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم اذهبوا فقد اذنت لكم قالوا سبحان الله فما يقول الناس لنا و ماذا تقول لهم انا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا خير الاعمام و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح و لم نضرب معهم بسيف و لا ندري ما صنعوا لا و الله ما نفعل ولكنا نفديك بانفسنا و اموالنا و اهلينا و نقاتل معك حتي نرد موردك فقبح الله العيش بعدك «و قام» اليه مسلم بن عوسجة الاسدي فقال انحن نخلي عنك و قد احاط بك هذا العدو و بما نعتذر الي الله في اداء حقك لا و الله لا يراني الله ابدا و انا افعل ذلك حتي اكسر في صدورهم رمحي و اضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي و لو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة و لم افارقك او اموت معك «و قام» سعيد بن عبدالله الحنفي فقال لا و الله يا ابن رسول الله لا نخليك ابدا حتي يعلم الله انا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمد (ص) و الله لو علمت اني اقتل فيك ثم احيا ثم احرق حيا ثم اذري يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي القي حمامي دونك و كيف لا افعل ذلك و انما هي قتلة واحدة ثم انال الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا «و قام» زهير بن القين و قال و الله


يا ابن رسول الله لوددت اني قتلت نم نشرت الف مرة و ان الله تعالي يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن انفس هاوءلاء الفتيان من اخوانك و ولدك و اهل بيتك «و تكلم» جماعة اصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا و قالوا انفسنا لك الفداء نقيك بايدينا و وجوههنا فاذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربنا و قضينا ما علينا «و وصل» الخبر الي محمد بن بشير الحضرمي في تلك الحال بأن ابنه قد اسر بثغر الري فقال عند الله احتسبه و نفسي ما كنت احب ان يؤسر و ابقي بعده فسمع الحسين عليه السلام قوله فقال رحمك الله انت في حل من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك فقال اكلتني السباع حيا ان فارقتك قال فاعط ابنك هذا هذه الاثواب البرود يستعين بها في فداء اخيه فاعطاه خمسة اثواب برود قيمتها الف دينار فحملها مع ولده و امر الحسين عليه السلام اصحابه ان يقربوا بين بيوتهم و يدخلوا الاطناب بعضها في بعض و يكونوا بين يدي البيوت فيستقبلون القوم من وجه واحد و البيوت من ورائهم و عن ايمانهم و عن شمائلهم قد حفت بهم الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم «و قام» الحسين عليه السلام و اصحابه الليل كله يصلون و يستغفرون و يدعون و يتضرعون و باتوا ولهم دوي كدوي النحل ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد:



سمة العبيد من الخشوع عليهم

لله ان ضمتهم الأسحار






فاذا ترجلت الضحي شهدت لهم

بيض القواضب انهم احرار



فعبر اليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان و ثلاثون رجلا «قال» بعض اصحاب الحسين عليه السلام مرت بنا خيل لابن سعد تحرسنا و كان الحسين عليه السلام يقرأ و لا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما انتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب فسمعها رجل من تلك الخيل يقال له عبدالله بن سمير فقال نحن و رب الكعبة الطيبون ميزنا منكم فقال له برير بن خضير يا فاسق انت يجعلك الله من الطيبين فقال له من انت ويلك قال انا برير بن خضير فتسابا «فلما» كان وقت السحر خفق الحسين عليه السلام برأسه خفقة ثم استيقظ فقال رأيت كأن كلابا قد شهدت لتهشني و فيها كلب ابقع رأيته اشدها علي و اظن ان الذي يتولي قتلي رجل ابرص ثم اني رأيت جدي رسول الله (ص) و معه جماعة من اصحابه و هو يقول يا بني انت شهيد آل محمد و قد استبشربك اهل السموات و اهل الصفيح الا علي فليكن افطارك عندي الليلة عجل و لا تتأخر فهذا ملك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء «و اصبح» الحسين عليه السلام فعبأ اصحابه بعد صلوة الغداة «و كان» معه اثنان و ثلاثون فارسا و اربعون راجلا و قيل ثمان و اربعون راجلا «و في رواية» ثمانون


راجلا «و عن» الباقر عليه السلام انهم كانوا خمسة و اربعين فارسا و مأة راجل «و قيل» كانوا سبعين فارسا و مأة راجل «فجعل» زهير ابن القين في الميمنة و حبيب بن مظاهر في الميسرة و اعطي رايته العباس اخاه و جعلوا البيوت في ظهورهم «و امر» بحطب و قصب كان من وراء البيوت ان يترك في خندق كانوا قد حفروه هناك في ساعة من الليل و ان يحرق بالنار مخافة ان يأتوهم من ورائهم فنفعهم ذلك «و اصبح» ابن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعة او يوم السبت فعبأ اصحابه فجعل علي ميمنته عمرو بن الحجاج و علي ميسرته شمر بن ذي الجوشن و علي الخيل عروة (عزرة خ ل) بن قيس و علي الرجالة شبث بن ربعي و اعطي الراية دريدا مولاه و جعل علي ربع اهل المدينة عبدالله الازدي و علي ربع ربيعة و كندة قيس بن الأشعث و علي ربع مذحج و اسد عبدالرحمن الجعفي و علي ربع تميم و همدان الحر بن يزيد الرياحي «و امر» الحسين عليه السلام بفسطاط فضرب و امر بجفنة فيها مسك كثير و جعل عندها نورة ثم دخل ليطلي فروي ان برير بن خضير الهمداني و عبدالرحمن بن عبد ربه الانصاري وقفا علي باب الفسطاط ليطليا بعده فجعل برير يضاحك عبدالرحمن فقال له عبدالرحمن يا برير ما هذه ساعة باطل فقال برير لقد علم قومي اني ما احببت الباطل كهلا و لا شابا و انما افعل ذلك استبشارا بما نصير


اليه فوالله ما هو الا ان نلقي هاوءلاء القوم باسيافنا نعالجهم بهما ساعة ثم نعانق الحور العين «ثم» ركب الحسين عليه السلام دابته و دعا بمصحف فوضعه امامه فروي عن علي بن الحسين عليهماالسلام انه قال لما صبحت الخيل الحسين (ع) رفع يديه و قال اللهم انت ثقتي في كل كرب و انت رجائي في كل شدة و انت لي في كل امر نزل بي ثقة وعدة كم من كرب يضعف فيه الفؤاد و تقل فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدو انزلته بك و شكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ففرجته عني و كشفته فأنت ولي كل نعمة و صاحب كل حسنة و منتهي كل رغبة «و ركب» اصحاب عمر ابن سعد و اقبلوا يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام فيرون الخندق في ظهورهم و النار تضطرم في الحطب و القصب الذي كان القي فيه فنادي شمر باعلي صوته يا حسين اتعجلت النار قبل يوم القيمة فقال الحسين (ع) من هذا كأنه شمر فقالوا نعم قال يا ابن راعية المعزي انت اولي بها صليا و رام مسلم بن عوسجة ان يرميه بسهم فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك فقال له دعني حتي ارميه فانه الفاسق من اعداء الله و عظماء الجبارين و قد امكن الله منه فقال له الحسين عليه السلام لا ترمه فأني اكره ان ابدأهم بقتال «و اقبل» رجل من عسكر ابن سعد قال له ابن ابي جويريه المزني فلما رأي النار تتقد نادي يا حسين


ابشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا فقال الحسين عليه السلام اللهم اذقه عذاب النار في الدنيا فنفر به فرسه و القاه في تلك النار فاحترق «ثم» برز تميم بن حصين الفزاري فنادي يا حسين و يا اصحاب حسين اما ترون ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات و الله لا ذقتم منه قطرة حتي تذوقوا الموت جرعا فقال الحسين عليه السلام هذا و ابوه من اهل النار اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم فخنقه العطش حتي سقط عن فرسه و وطأتة الخيل بسنابكها فمات «و لما» ركب اصحاب ابن سعد قرب الي الحسين عليه السلام فرسه فاستوي عليه و تقدم نحو القوم في نفر من اصحابه و بين يديه برير بن خضير فقال له الحسين عليه السلام كلم القوم فتقدم برير فقال يا قوم اتقوا الله فان ثقل محمد صلي الله عليه و آله قد اصبح بين اظهركم هاءولاء ذريته و عترته و بناته و حرمه فهاتوا ما عندكم و ما الذي تريدون ان تصنعوه بهم فقالوا نريد ان نمكن منهم الامير ابن زياد فيري رأيه فيهم فقال لهم برير افلا تقبلون منهم ان يرجعوا الي المكان الذي جاءوا منه ويلكم يا اهل الكوفة انسيتم كتبكم و عهودكم التي اعطيتموها و اشهدتم الله عليها يا ويلكم ادعوتم اهل بيت نبيكم و زعمتم انكم تقتلون انفسكم دونهم حتي اذا اتوكم اسلمتموهم و حلئتموهم [8]


عن ماء الفرات يئس ما خلفتم نبيكم في ذريته ما لكم لاسقاكم الله يوم القيمة فبئس القوم انتم «فقال» له نفر منهم يا هذا ما ندري ما تقول فقال برير الحمد الله الذي زادني فيكم بصيرة اللهم اني ابرا اليك من فمال هوءلاء القوم اللهم الق بأسهم بينهم حتي يلقوك و انت عليهم غضبان فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع الي ورائه «و تقدم» الحسين عليه السلام حتي وقف بازاء القوم فجعل ينظر الي صفوفهم كأنهم السيل و نظر الي ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة «فقال» الحمدلله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال متصرفة باهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فأنها تقطع رجاء من ركن اليها و تخيب طمع من طمع فيها و اراكم قد اجتمعتم علي امر قد اسخطتم الله فيه عليكم و اعرض بوجهه الكريم عنكم و احل بكم نقمته و جنبكم رحمته فنعم الرب ربنا و بئس العبيد انتم اقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد (ص) ثم انكم زحفتم علي ذريته و عترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فانساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم و لما تريدون انا لله و انا اليه راجعون هاءولاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين «فقال» ابن سعد ويلكم كلموه فأنه ابن ابيه و الله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع و لما حصر «فتقدم» شمر فقال يا حسين ماهذا الذي تقول


افهمنا حتي نفهم فقال اقول اتقوا الله ربكم و لا تقتلوني فأنه لا يحل لكم قتلي و لا انتهاك حرمتي فاني ابن بنت نبيكم و جدتي خديجة زوجة نبيكم و لعله قد بلغكم قول نبيكم الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة [9] «و في رواية» انه دعا الحسين براحلته فركبها و نادي با علي صوته يا اهل العراق و كلهم (وجلهم خ ل) يسمعون فقال ايها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتي أعظكم بما يحق لكم علي و حتي اعذر اليكم فان اعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد و ان لم تعطوني النصف عن انفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين فلما سمع اخواته و بناته كلامه هذا صحن و بكين و ارتفعت اصواتهن فارسل اليهن اخاه العباس و ابنه عليا و قال اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن ثم انه (ع) حمد الله و اثني عليه و ذكره بما هو اهله و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله و علي ملائكته و انبيائه و قال ما لا يحصي كثرة فلم يسمع متكلم قط قبله و لا بعده ابلغ في منطق منه:



له من علي في الحروب شجاعة

و من احمد عند الخطابة قيل




ثم قال اما بعد فانسبوني فانظروا من انا ثم ارجعوا الي انفسكم و عاتبوها فانظروا هل يصلح و يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي الست ان بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه و اول المؤمنين بالله و المصدق برسول الله صلي الله عليه و آله و بما جاء به من عند ربه او ليس حمزة سيدالشهداء عمي او ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي او لم يبلغكم ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي هذان سيدا شباب اهل الجنة فان صدقتموني بما اقول و هو الحق و الله ما تعمدت كذبا مذ علمت ان الله يمقت عليه اهله و ان كذبتموني فأن فيكم من أن سألتموه عن ذلك اخبركم سلوا جابر بن عبدالله الانصاري و اباسعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي و البرآء بن عازب [10] و زيدا بن ارقم و انس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبد الله علي حرف ان كان يدري ما تقول «فقال» له حبيب بن مظاهر و الله اني لأراك تعبد الله علي سبعين حرفا (سبعين الف حرف خ ل) و انا اشهد انك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله علي قلبك «ثم قال» لهم الحسين عليه السلام فان كنتم في شك من هذا افتشكون في اني


ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم ويحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته او مال لكم استهلكته او بقصاص من جراحة فاخذوا لا يكلمونه «فنادي» يا شبث بن ربعي و يا حجار بن ابجر و يا قيس بن الاشعث و يا يزيد ابن الحارث الم تكتبوا الي ان قد اينعت الثمار و اخضرت الجنان و انما تقدم علي جند لك مجند فقال له قيس بن الاشعث ما ندري ما تقول ولكن انزل علي حكم بني عمك فانهم لن يروك الا ما تحب «فقال» له الحسين عليه السلام لا والله لا اعطيكم بيدي اعطآء الذليل و لا افر فرار (اقر اقرار خ ل) العبيد «ثم» نادي يا عباد الله اني عذت بربي و ربكم ان ترجمون اعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب «ثم» انه اناخ راحلته و امر عقبة بن سمعان فعلقها ثم ركب فرسه و تهيأ للقتال «و في رواية» انه عليه السلام ركب ناقته و قيل فرسه و خرج الي الناس فاستنصتهم فابوا ان ينصتوا [11] حتي قال لهم ويلكم ما عليكم ان تنصتوا لي فتسمعوا قولي و انما ادعوكم الي سبيل الرشاد فمن اطاعني كان من المرشدين و من عصاني كان من المهلكين


و كلكم عاص لامري غير مستمع قولي فقد ملئت بطونكم من الحرام و طبع علي قلوبكم ويلكم الا تنصتون الا تسمعون فتلاوم اصحاب عمر بن سعد بينهم و قالوا انصتوا له فحمد الله و اثني عليه و ذكره بما هو اهله و صلي علي محمد «ص» و علي الملائكة و الانبيآء و الرسل و ابلغ في المقال ثم قال تبا [12] لكم ايتها الجماعة و ترحا [13] احين استصرختمونا و الهين [14] (و لهين متحيرين خ ل) فاصرخناكم موجفين [15] (مؤدين [16] مستعدين خ ل) سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم [17] علينا نارا قدحناها (اججناها خ ل) علي عدوكم و عدونا فاصبحتم البا [18] علي اوليآئكم و يدا عليهم لأعدائكم بغير عدل افشوه فيكم و لا امل اصبح لكم فيهم الا الحرام من الدنيا انالوكم و خسيس عيش طمعتم فيه من غير حدث كان منا و لا رأي تفيل [19] لنا فهلا لكم الويلات اذكرهتمونا و تركتمونا تجهزتموها [20]


و السيف مشيم [21] (لم يشهر خ ل) و الجاش [22] طامن [23] و الرأي لما يستحصف [24] ولكن اسرعتم اليها كطيرة الدبا [25] و تداعيتم اليها كتداعي (كتهافت خ ل) الفراش فسحقا (فقبحا خ ل) لكم يا عبيد الامة (فانما انتم من طواغيت الامه خ ل) و شذاذ [26] الأحزاب و نبذة الكتاب و نفثة الشيطان و عصبة الآثام و محر في الكتاب (الكلم خ ل) و مطفئي السنن و قتلة اولاد الانبياء و مبيدي عترة الاوصياء و ملحقي العهار [27] بالنسب و مؤذي المؤمنين و صراخ ائمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين و لبئس ما قدمت لهم انفسهم و في العذاب هم خالدون و انتم ابن حرب و اشياعه تعضدون (أهاؤلاء تعضدون خ ل) و عنا تخاذلون اجل و الله الخذل فيكم معروف (غدر فيكم قديم خ ل) و شجت عليه اصولكم و تأزرت عليه فروعكم (و شجت عليه عروقكم و توارثته اصولكم و فروعكم خ ل) و ثبتت عليه قلوبكم و غشيت صدوركم فكنتم اخبث ثمر (شي ء خ ل) شجا للناظر و اكلة


للغاصب الا لعنة الله علي الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها و قد جعلتم الله عليكم كفيلا فانتم و الله هم الا ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة [28] و الذلة و هيهات منا الذلة (و هيهات ما آخذ الدنية خ ل) يأبي الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنون و جدود (و حجور خ ل) طابت و حجور (و حجر خ ل) طهرت و انوف حمية و نفوس ابية لا تؤثر (من ان توثر خ ل) طاعة اللئام علي مصارع الكرام الا قد اعذرت و انذرت الا و اني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد (العتاد خ ل) و كثرة العدو و خذلان الناصر (و خذلة الاصحاب (الناصر خ ل) ثم وصل عليه السلام كلامه بابيات فروة بن مسيك المرادي فقال:



فان نهزم فهزامون قدما

و ان نغلب فغير مغلبينا [29]



و ما ان طبنا [30] جبن ولكن

منايانا و دولة آخرينا



اذا ما الموت رفع عن اناس

كلا كله [31] اناخ بآخرينا



فافني ذلكم سروات قومي

كما افني القرون الاولينا



فلو خلد الملوك اذن خلدنا

و لو بقي الكرام اذن بقينا



فقل للشامتين بنا افيقوا

سيلقي الشامتون كما لقينا




«ثم» قال اما والله لا تلبثون بعدها الا كريث [32] ما يركب الفرس حتي تدور بكم دور الرحي و تقلق بكم قلق المحور [33] عهد عهده الي ابي عن جدي فاجمعوا امركم و شركائكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون (ثم كيدوني جميعا فال تنظرون خ ل) اني توكلت علي الله ربي و ربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي علي صراط مستقيم اللهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سنين كسني يوسف و سلط عليهم غلام ثقيف [34] يسقيهم كاسا مصبرة و لا يدع فيهم احدا الا قتلة بقتلة و ضربة بضربة ينتقم لي و لأوليائي و اهل بيتي و اشياعي منهم فانهم غرونا و كذبونا و خذلونا و انت ربنا عليك توكلنا و اليك انبنا و اليك المصير ثم قال ادعوا لي عمر بن سعد فدعي له و كان كارها لا يحب ان يأتيه فقال يا عمر أنت تقلني و تزعم ان يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري و جرجان والله لا تتهني بذلك ابدا عهدا معهودا فاصنع ما انت صانع فانك لا تفرح بعدي بدنيا و لا آخرة و لكأني برأسك علي قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان و يتخذونه غرضا بينهم فاغتاظ ابن سعد من كلامه ثم صرف بوجهه عنه و نادي باصحابه ما تنتظرون به احملوا باجمعكم انما هي اكلة واحدة


«ثم» ان الحسين عليه السلام نزل عن راحلته و دعا بفرس رسول الله صلي الله عليه و آله المرتجز فركبه «و خرج» زهير بن القين علي فرس له ذنوب شاك في السلاح فقال يا اهل الكوفة بدار (نذار خ ل) من لكم عذاب الله بدار (نذار خ ل) ان حقا علي المسلم نصيحة المسلم و نحن حتي الآن اخوة علي دين واحد ما لم يقع بيننا و بينكم السيف فاذا وقع السيف انقطعت العصمة و كنا نحن امة و انتم امة ان الله قد ابتلانا [35] و اياكم بذرية محمد صلي الله عليه و آله لينظر ما نحن و انتم عاملون انا ندعوكم الي نصره و خذلان الطاغية عبيدالله بن زياد فسبوه و اثنوا علي ابن زياد فقال لهم يا عباد الله ان ولد فاطمة احق بالود و النصر من ابن سمية فان كنتم لم تنصروهم فاعيذكم بالله ان تقتلوهم فلعمري ان يزيد يرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه السلام فرماه شمر بسهم و قال اسكت اسكت الله نامتك [36] ابرمتنا [37] بكثرة كلامك فقال زهير يا ابن البوال علي عقبيه ما اياك اخاطب انما انت بهيمة و الله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين و ابشر بالخزي يوم القيمة و العذاب الأليم فقال شمر ان الله قاتلك و صاحبك عن ساعة قال افبالموت تخوفني و الله للموت معه احب الي من الخلد معكم ثم رفع صوته


و قال عبادالله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي فوالله لا تنال شفاعة محمد قوما اهرقوا دمآء ذريته و اهل بيته و قتلوا من نصرهم و ذب عن حريمهم فامره الحسين عليه السلام فرجع «و لما» رأي الحر ابن يزيد ان القوم قد صمموا علي قتال الحسين عليه السلام قال لعمر ابن سعد امقاتل انت هذا الرجل قال اي و الله قتالا ايسره ان تسقط الرؤءس و تطيح الأيدي قال فما لكم فيما عرضه عليكم رضي قال اما لو كان الامر الي لفعلت ولكن اميرك قد ابي فاقبل الحر حتي وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال له يا قرة هل سقيت فرسك اليوم قال لا قال فما تريد ان تسقيه قال قرة فظننت و الله انه يريد أن يتنحي فلا يشهد القتال فكره ان اراه حين يصنع ذلك فقلت له لم اسقه و انا منطلق فاسقيه فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه فوالله لو اطلعني علي الذي يريد لخرجت معه الي الحسين عليه السلام فاخذ الحر يدنو من الحسين عليه السلام قليلا قليلا فقال له المهاجر بن اوس ما تريد يا ابن يزيد أتريد ان تحمل فلم يجبه و اخذه مثل الافكل و هي الرعده فقال له المهاجران امرك لمريب و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ولو قيل لي من اشجع اهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي اري منك فقال الحر اني و الله اخير نفسي بين الجنة و النار فوالله اني لا اختار علي الجنة


شيئا و لو قطعت و حرقت ثم ضرب فرسه قاصدا الي الحسين عليه السلام و يده علي رأسه و هو يقول اللهم اليك انيب فتب علي فقد ارعبت قلوب اوليائك و اولاد بنت نبيك و قال للحسين عليه السلام جعلت فداك يا ابن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سايرتك في الطريق و جعجعت بك في (الي خ ل) هذا المكان و ما ظننت ان القوم يردون عليك ما عرضته عليهم و لا يبلغون منك هذه المنزلة و الله لو علمت انهم ينتهون بك الي ما اري ما ركبت مثل الذي ركبت و اني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي مواسيا لك بنفسي حتي اموت بين يديك فهل تري لي من توبة فقال له الحسين عليه السلام نعم يتوب الله عليك فانزل قال انا لك فارسا خير مني راجلا اقاتلهم علي فرسي ساعة و الي النزول يصير آخر امري فقال له الحسين عليه السلام فاصنع يرحمك الله ما بدا لك فاستقدم امام الحسين عليه السلام فقال يا اهل الكوفة لأمكم الهبل [38] و العبر ادعوتم هذا العبد الصالح حتي اذا جاءكم اسلمتموه و زعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه و امسكتم بنفسه و اخذتم بكظمه و احطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة فصار كالأسير في ايدكم لا يملك لنفسه نفعا و لا يدفع


عنها ضرا و حلأتموه و نساءه و صبيته و اهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود و النصاري و المجوس و تتمرغ فيه خنازير السواد و كلابه فهاهم قد صرعهم العطش بئس ما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم الله يوم الظما فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل فرجع حتي وقف امام الحسين عليه السلام «و روي» ابن نما انه قال للحسين عليه السلام لما وجهني عبيدالله اليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي ابشر يا حر بخير فالتفت فلم ار احدا فقلت و الله ما هذه بشارة و انا اسير الي الحسين عليه السلام و ما كنت احدث نفسي باتباعك فقال لقد اصبت اجرا و خيرا «و نادي» عمر بن سعد يا دريد ادن رايتك فادناها ثم وضع سهما في كبد قوسه فرمي به نحو عسكر الحسين عليه السلام و قال اشهدوا لي عند الامير اني اول من رمي و اقبلت السهام من القوم كأنها القطر فلم يبق من اصحاب الحسين عليه السلام احد الا اصابه من سهامهم «فقال» عليه السلام لاصحابه قوموا رحمكم الله الي الموت الذي لابد منه فان هذه السهام رسل القوم اليكم فاقتتلوا ساعة من النهار حملة و حملة حتي قتل من اصحاب الحسين عليه السلام جماعة فعندها ضرب الحسين عليه السلام يده علي لحيته و جعل يقول اشتد غضب الله علي اليهود اذ جعلوا له ولدا و اشتد غضبه علي النصاري اذ جعلوه ثالث ثلاثه و اشتد غضبه علي المجوس


اذ عبدوا الشمس و القمر دونه و اشتد غضبه علي قوم اتفقت كلمتهم علي قتل ابن بنت نبيهم اما و الله لا اجيبهم الي شي ء مما يريدون حتي القي الله تعالي و انا مخضب بدمي «فروي» عن مولانا الصادق عليه السلام انه قال سمعت ابي يقول لما التقي الحسين عليه السلام و عمر بن سعد و قامت الحرب علي ساق انزل الله النصر حتي رفرف علي رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر علي اعدائه و بين لقاء الله فاختار لقاء الله ثم صاح الحسين عليه السلام اما من مغيث يغيثنا لوجه الله اما من ذاب يذب عن حرم رسول الله (ص) «و كان» يزيد بن زياد بن المهاجر (مهاصر خ ل) الكندي و يكني ابا الشعثاء في اصحاب ابن سعد فلما ردوا علي الحسين عليه السلام ما عرضه عليهم عدل اليه فقاتل بين يديه و جعل يرتجز و يقول:



انا يزيد و ابي المهاجر [39]

اشجع من ليث بغيل خادر



يا رب اني للحسين ناصر

و لابن سعد تارك و هاجر



و جثا بين يدي الحسين عليه السلام فرمي بمأة سهم ما سقط منها خمسة اسهم و كان راميا و كلما رمي يقول له الحسين عليه السلام اللهم سدد رميته و اجعل ثوابه الجنة فقتل خمسة من اصحاب عمر بالنشاب و كان اول من قتل (ثم) ارتمي الناس و تبارزوا افكان اصحاب


الحسين عليه السلام كما قيل فيهم:



قوم اذا نودوا لدفع ملمة

و الخيل بين مدعس و مكردس



لبسوا القلوب علي الدروع و اقبلوا

يتهافتون علي ذهاب الانفس



«فبرز» يسار مولي زياد و سالم مولي عبيدالله بن زياد و قالا من يبارز فوثب حبيب بن مظاهر و برير بن خضير فقال لهما الحسين عليه السلام اجلسا فقام عبدالله بن عمير الكلبي فاستأذن الحسين عليه السلام في مبارزتهما و كان طويلا بعيد ما بين المنكبين فنظر اليه الحسين عليه السلام و قال اني احسبه للأقران قتالا و اذن له و كان قد خرج من الكوفة ليلا و معه امرأته ام وهب الي الحسين عليه السلام لأنه لما رأي العساكر تعرض بالنخيلة لتسير الي حرب الحسين عليه السلام قال و الله لقد كنت علي جهاد اهل الشرك حريصا و اني لأرجو ان لا يكون جهاد هاءولاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم اقل ثوابا عندالله من جهاد المشركين فاخبر زوجته فقالت اصبت اخرج و اخرجني معك فلما برز قال له يسار من انت فانتسب له فقال له لست اعرفك ليخرج الي زهير بن القين او حبيب بن مظاهر او برير بن خضير فقال له ابن عمير يا ابن الفاعلة و بك رغبة عن مبارزة احد من الناس و لا يبرز اليك احد الا و هو خير منك ثم شد عليه فضربه بسيفه حتي برد و هو اول من قتل من اصحاب ابن سعد فانه لمشتغل بضربه


اذ شد عليه سالم مولي عبيدالله فصاحوا به قد رهقك العبد فلم يعبأ به حتي غشيه فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسري فاطارت اصابع كفه ثم شد عليه ابن عمير فضربه حتي قتله فرجع و قد قتلهما جميعا و هو يرتجز و يقول:



ان تنكروني فانا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي



اني امرؤ ذو مرة [40] و عضب [41]

و لست بالخوار [42] عند النكب [43]



اني زعيم [44] لك ام وهب

بالطعن فيهم صادقا [45] و الضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب

ثم قاتل قتالا شديدا حتي قتل رجلين آخرين فقتله هاني بن ثبيت الحضرمي و بكير بن حي التيمي و خرجت امرأته فجلست عند رأسه تمسح التراب عن وجهه و تقول هنيئا لك الجنة فامر شمر غلاما له يقال له رستم فضرب رأسها بالعمود فماتت مكانها [46] «و برز» عمر بن




خالد الصيداوي فقال له الحسين عليه السلام تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة فحمل هو و سعد مولاه و جبار بن الحارث السلماني و مجمع بن عبيدالله العائذي فاوغلوا في اصحاب عمر بن سعد فعطف عليهم اصحاب ابن سعد فقطعوهم عن اصحابهم فحمل العباس بن علي عليهماالسلام فاستنقذهم و قد جرحوا ثم حملوا فقاتلوا حتي قتلوا في مكان واحد.

و حمل عمرو بن الحجاج علي ميمنة اصحاب الحسين عليه السلام فيمن كان معه من اهل الكوفة فلما دنا من اصحاب الحسين عليه السلام جثوا له علي الركب و اشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم علي


الرماح فذهبت الخيل ترجع فرشقهم اصحاب الحسين عليه السلام بالنبل فصرعوا منهم رجالا و جرحوا آخرين «و جاء» رجل من بني تميم يقال له عبدالله بن حوزة فقال يا حسين ابشر بالنار فقال له الحسين عليه السلام كذبت بل اقدم علي رب رحيم و شفيع مطاع ثم رفع الحسين عليه السلام يديه فقال اللهم حزه (جره خ ل) الي النار فاضطرب به فرسه في جدول فوقع و تعلقت رجله اليسري بالركاب و ارتفعت اليمني فشد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه بكل حجر و مدر حتي مات و عجل الله بروحه الي النار «و كان» مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج مع ابن سعد و قال لعلي اصيب رأس الحسين فاصيب به منزلة عند ابن زياد فلما رأي ما صنع بابن حوزة بدعاء الحسين عليه السلام رجع و قال لقد رأيت من اهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم ابدا «و نشب» القتال «فخرج» برير بن خضير الهمداني و كان زاهدا عابدا و كان اقرأ اهل زمانه و كان يقال له سيد القراء و هو يقول:



انا برير و ابي خضير

لا خير فيمن ليس في خير



«و جعل» يحمل علي القوم و هو يقول اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين اقتربوا مني يا قتلة اولاد البدريين اقتربوا مني يا قتلة اولاد رسول رب العالمين و ذريته الباقين فخرج اليه يزيد بن معقل فقال لبرير هل تذكر


و انت تقول ان فلانا كان علي نفسه مسرفا و ان معوية ضال مضل و ان امام الهدي و الحق علي بن أبي طالب فقال له برير اشهد ان هذا رأيي و قولي فقال يزيد اشهد انك من الضالين فقال له برير هلم اباهلك و لندع الله ان يلعن الكاذب منا و ان يقتل المحق منا المبطل فتباهلا ثم تبارزا فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة فلم يضره شيئا و ضربه برير ضربة قدت المغفر و وصلت الي دماغه فسقط و السيف في رأسه فحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا و اعتركا ساعة ثم ان بريرا رمي به الي الارض و قعد علي صدره فحمل كعب بن جابر الازدي علي برير و طعنه بالرمح في ظهره فنزل برير عن ابن منقذ بعد ان عض انفه فقطعه و اقبل اليه كعب بن جابر فضربه بسيفه حتي قتله رضوان الله عليه «و في» بعض الروايات ان بريرا قتل ثلاثين رجلا فلما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أعنت علي ابن فاطمة و قتلت بريرا سيد القراء لا اكلمك ابدا «و قيل» ان الذي قتل بريرا رجل يقال له بحير بن اوس الضبي فلما قتله جعل يقول و قيل بل قالها كعب بن جابر



سلي تخبري عني و انت ذميمة

غداة حسين و الرماح شوارع



الم آت اقصي ما كرهت و لم يخل

غداة الوغي و الروع ما انا صانع



مني يزني لم تخنه كموبه

و ابيض مشحوذ الغراء ان قاطع






فجردته في عصبة ليس دينهم

كديني و اني بعد ذاك [47] لقانع



و لم تر عيني مثلهم في زمانهم

و لا قبلهم في الناس اذ انا يافع



اشد قراعا بالسيوف لدي الوغي

الا كل من يحمي الذمار مقارع



و قد صبروا اللطعن و الضرب حسرا

و قد جالدوا لو ان ذلك نافع



فابلغ عبيدالله اذ ما لقيته

باني مطيع للخليفة سامع



قتلت بريرا ثم جلت بهمة

غداة الوغي لما دعا من يقارع



(قتلت بريرا ثم حملت تعمة

ابامنقذ لما دعا من يماصع خ ل)



«ثم» ذكر له بعد ذلك ان بريرا كان من عباد الله الصالحين «و جاءه» ابن عم له و قال ويحك يا بحير قتلت بريرا بن خضير فبأي وجه تلقي ربك غدا فندم الشقي و قيل ان رضي بن منقذا جاب كعب بن جابر فقال:



فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عندي ابن جابر



لقد كان ذا عارا علي وسبة

يعيرها الابنآء عند المعاشر



فيا ليت اني كنت في الرحم حيضة

و يوم حسين كنت ضمن المقابر



فيا سوأتا ماذا اقول لخالقي

و ما حجتي يوم الحساب القماطر



«ثم برز» وهب بن حباب الكلبي [48] و يقال انه كان نصرانيا فاسلم


علي يدي الحسين عليه السلام و كانت معه امه و زوجته فقالت امه قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال افعل يا اماه و لا اقصر فبرز و هو يقول:



ان تنكروني فانا ابن الكلبي

سوف تروني و ترون ضربي



و حملتي و صولتي في الحرب

ادرك ثاري بعد ثار صحبي



و ادفع الكرب امام الكرب

ليس جهادي في الوغي باللعب



«ثم» حمل و لم يزل يقاتل حتي قتل جماعة ثم رجع الي امرأته و امه و قال يا اماه ارضيت فقالت ما رضيت حتي تقتل بين يدي الحسين عليه السلام فقالت امرأته بالله عليك لا تفجعني بنفسك فقالت له امه يا بني اعزب عن قولها و ارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيمة فرجع فلم يزل يقاتل حتي قطعت يداه و اخذت امرأته عمودا و اقبلت نحوه و هي تقول فداك ابي و امي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلي الله عليه و آله فاقبل كي يردها الي النسآء فاخذت بجانب ثوبه و قالت لن اعود دون ان اموت معك فقال الحسين عليه السلام جزيتم من اهل بيت خيرا ارجعي الي النساء رحمك الله فانصرفت اليهن و لم يزل الكلبي يقاتل حتي قتل رضوان الله عليه «و قال» الحر للحسين عليه السلام فاذا كنت اول من خرج عليك فأذن لي ان اكون اول قتيل بين


يديك [49] لعلي اكون ممن يصافح جدك محمدا صلي الله عليه و آله غدا في القيمة فحمل علي اصحاب عمر بن سعد و هو يتمثل بقول عنترة



مازلت ارميهم بغرة وجهه

و لبانه [50] حتي تسر بل بالدم



ثم جعل يرتجز و يقول



اني انا الحر و مأوي الضيف

اضرب في اعناقكم [51] بالسيف



عن خير من حل بارض الخيف

اضربكم و لا اري من حيف



و روي انه كان يرتجز ايضا و يقول



آليت لا أقتل حتي اقتلا

و لن اصاب اليوم الا مقبلا



اضربهم بالسيف ضربا معضلا [52]

لا ناكلا عنهم و لا معللا [53]



لا عاجزا عنهم و لا مبدلا

احمي الحسين الماجد المؤملا



و قاتل قتالا شديدا «فروي» انه لما لحق بالحسين عليه السلام قال رجل من بني تميم من بني الحرث يقال له يزيد بن سفيان اما و الله


لو لحقته لا تبعته السنان فبينما الحر يقاتل و ان فرسه لمضروب علي اذنيه و حاجبيه و ان الدماء لتسيل اذ قال الحصين يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه قال نعم فما لبث الحر ان قتله و قتل اربعين فارسا و راجلا حتي عقر فرسه فقاتلهم راجلا قتالا شديدا و هو يقول:



ان تعقروا بي فانا ابن الحر

اشجع من ذي لبد هزبر



و في رواية انه كان يرتجز و يقول:



اني انا الحر و نجل الحر

اشجع من ذي لبد هزبر



و لست بالجبان عند الكر

لكنني الوقاف عند الفر



و جعل يضربهم بسيفه حتي قتل نيفا و اربعين رجلا «و في» رواية ثمانية عشر رجلا «و كان» يحمل هو و زهير بن القين فاذا حمل احدهما و غاص فيهم حمل الآخر حتي يخلصه ففعلا ذلك ساعة و في ذلك يقول عبيدالله بن عمرو البدائي من بني البداء و هم من كندة:



سعيد بن عبدالله لا تنسينه

و لا الحراذ آسي زهيرا علي قسر



«ثم» حملت الرجالة علي الحر و تكاثروا عليه فاشترك في قتله ايوب ابن مسرح و رجل آخر من فرسان اهل الكوفة فاحتمله اصحاب الحسين عليه السلام حتي وضعوه بين يدي الحسين عليه السلام و به رمق فجعل يمسح التراب عن وجهه و يقول انت الحر كما سمتك امك حر في الدنيا و الاخرة «و روي» انه اتاه


الحسين عليه السلام و دمه يشخب فقال بخ بخ لك يا حر انت حر كما سميت في الدنيا و الآخره «و خرج» من اصحاب الحسين عليه السلام نافع بن هلال البجلي و قيل هلال بن نافع فقاتل قتالا شديدا و جعل يقول:



انا ابن هلال البجلي

انا علي دين علي



و دينه دين النبي

«فبرز» اليه رجل من بني فظيعة يقال له مزاحم «و اجم خ ل» بن حريث فحمل عليه نافع فقتله و كان قد كتب اسمه علي فوق [54] نبله و كانت مسمومة فقتل بها اثني عشر او ثلاثة عشر رجلا سوي من جرح فجعل يقول:



ارمي بها معلمة افواقها

و النفس لا ينفعها اشفاقها



مسمومة تجري بها اخفاقها

ليملأن ارضها رشاقها



فلم يزل يرميهم حتي فنيت سهامه ثم ضرب يده الي سيفه فأشتبله و جعل يقول:



انا الغلام اليمني البجلي

ديني علي دين حسين و علي



ان اقتل اليوم فهذا املي

فذاك رأيي و الاقي عملي



فكسروا عضديه و اخذ اسيرا فأخذه شمر و اتي به الي ابن سعد فقال له ابن سعد ويحك يا نافع ما حملك علي ما صنعت بنفسك قال


ان ربي يعلم ما اردت و الدماء تسيل علي وجهه و لحيته و هو يقول لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوي من جرحت و لو بقيت لي عضد و ساعد ما اسرتموني فانتضي شمر سيفه ليقتله فقال له نافع و الله لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقي الله بدمائنا فالحمدلله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه فقتله شمر «و خرج» عمرو ابن قرطة الأنصاري فاستأذن الحسين عليه السلام فاذن له فبرز و هو يرتجز و يقول:



قد علمت كتيبة الانصار

اني ساحمي حوزة الذمار



ضرب غلام غير نكس شاري [55]

دون حسين مهجتي و داري [56]



فقاتل قتال المشتاقين الي الجزاء و بالغ في خدمة سلطان السماء حتي قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد و جمع بين سداد و جهاد و كان لا يأتي الي الحسين عليه السلام سهم الا اتقاه بيده و لا سيف الا تلقاه بمهجته فلم يكن يصل الي الحسين عليه السلام سوء حتي اثخن بالجراح فالتفت الي الحسين عليه السلام و قال يا ابن رسول الله اوفيت قال نعم انت امامي في الجنة فاقرأ رسول الله صلي الله عليه و آله


عني السلام و اعلمه اني في الاثر فقاتل حتي قتل رضوان الله عليه «و كان» له اخ مع عمر بن سعد فقال للحسين عليه السلام اضللت اخي و غررته حتي قتلته فقال الحسين عليه السلام ان الله لم يضل اخاك بل هداه و اضلك قال قتلني الله ان لم اقتلك او اموت دونك فحمل و اعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه نافع فصرعه فحمل اصحابه فاستنقذوه «و برز» جون مولي ابي ذر الفغاري و كان عبدا اسود فقال له الحسين عليه السلام انت في اذن مني فانما تبعتنا للعافية فلا تبتل بطريقتنا فقال يا ابن رسول الله انا في الرخاء الحس قصاعكم و في الشدة اخذلكم و الله ان ريحي لنتن و ان حسبي لئيم و ان لوني لأسود فتنفس علي بالجنة فيطيب ريحي و يشرف حسبي و يبيض وجهي لا و الله لا افارقكم حتي يختلط هذا الدم الاسود مع دمائكم ثم برز و هو يقول:



كيف تري الكفار ضرب الاسود

بالسيف ضربا عن بني محمد



اذب عنهم باللسان واليد

ارجو به الجنة يوم المورد



ثم قاتل حتي قتل فوقف عليه الحسين عليه السلام فقال اللهم بيض وجهه و طيب ريحه و احشره مع الابرار و عرف بينه و بين محمد و آل محمد «و عن» الباقر عليه السلام ان الناس كانوا يحضرون المعركة و يدفنون القتلي فوجدوا جونا بعد عشيرة ايام تفوح منه رائحة المسك


«و برز» عمذرو بن خالد الصيداوي فقال للحسين عليه السلام يا اباعبدالله قد هممت ان الحق باصحابي و كرهت ان اتخلف و اراك وحيدا من اهلك قتيلا فقال له الحسين عليه السلام تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة فتقدم فقاتل حتي قتل «و جاء» حنظلة بن سعد (اسعد خ ل) الشبامي [57] فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام و الرماح و السيوف بوجهه و نحره فما احقه بقول عرقلة بن حسان الدمشقي:



و يرد صدر السمهري بصدره

ماذا يؤثر ذابل في يذبل



و كأنه و المشرقي بكفه

بحريكر علي الكماة بجدول



و اخذ ينادي يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم و ما الله يريد ظلما للعباد يا قوم اني اخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب و قد خاب من افتري فقال له الحسين (ع) يا ابن سعد (اسعد خ ل) رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق و نهضوا اليك يشتمونك و اصحابك فكيف بهم الآن و قد قتلوا اخوانك الصالحين قال صدقت جعلت فداك افلا نروح الي ربنا و نلحق باخواننا قال بلي رح الي ما هو لك خير من الدنيا و ما


فيها والي ملك لا يبلي فقال السلام عليك يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و علي اهل بيتك و جمع (و عرف خ ل) بيننا و بينك في الجنة فقال الحسين عليه السلام آمين آمين و تقدم فقاتل قتالا شديدا فحملوا عليه فقتلوه «و جاء» رجل فقال اين الحسين فقال ها انا ذا قال ابشر بالنار تردها الساعة قال ابشر برب رحيم و شفيع مطاع من انت قال انا محمد بن الاشعث قال اللهم ان كان عبدك كاذبا فخذه الي النار و اجعله اليوم آية لأصحابه فما هو الا ان ثني عنان فرسه فرمي به و ثبتت رجله في الركاب فضربه حتي قطعه و وقعت مذاكيره في الارض قال الراوي فو الله لقد عجبنا من سرعة اجابة دعآئه «و في رواية» ان محمد بن الاشعث قال يا حسين اي حرمة لك من رسول الله (ص) ليست لغيرك فتلا الحسين عليه السلام ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض ثم قال و ان محمدا لمن آل ابراهيم و ان العترة الهادية لمن آل محمد ثم رفع الحسين عليه السلام رأسه الي السماء فقال اللهم ار محمدا بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعده ابدأ فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلط الله عليه عقربا فلدغه فمات بادي العورة «ثم» جاء آخر فقال اين الحسين فقال ها انا ذا قال ابشر بالنار قال ابشر برب رحيم و شفيع مطاع من انت قال انا شمر بن ذي


الجوشن قال الحسين عليه السلام الله اكبر قال رسول الله صلي الله عليه و آله رأيت كأن كلبا ابقع يلغ في دماء اهل بيتي و قال الحسين عليه السلام رأيت كأن كلابا تنهشني و كان فيها كلب ابقع كان اشدها علي و هو انت و كان شمر ابرص «و برز» مسلم بن عوسجة و هو يرتجز و يقول:



ان تسألوا عني فاني ذو لبد

من فرع قوم من ذري بني اسد



فمن بغانا حائد عن الرشد

و كافر بدين جبار صمد



فقاتل قتالا شديدا «و صاح» عمرو بن الحجاج بالناس يا حمقاء اتدرون من تقاتلون تقاتلون فرسان اهل المصر و اهل البصائر و قوما مستميتين لا يبرز اليهم منكم احد و الله لو لم ترموهم الا بالحجارة لتقتلتموهم فقال ابن سعد صدقت ثم ارسل الي الناس من يعزم عليهم ان لا يبارز رجل منكم رجلا منهم «و صاح» عمرو بن الحجاج يا اهل الكوفة الزموا طاعتكم و جماعتكم لا ترتابوا في قتل من مرق من الدين و خالف الامام فسمعه الحسين عليه السلام فقال يا عمرو اعلي تحرض الناس انحن مرقنا من الدين ام انتم و الله لتعلمن لو قبضت ارواحكم و متم علي اعمالكم اينا المارق «ثم» حمل عمرو ابن الحجاج في اصحابه علي الحسين عليه السلام من نحو الفرات فاضطربوا ساعة «فصرع» مسلم بن عوسجة الأسدي رحمة الله عليه


و بقي به رمق و انصرف عمرو بن الحجاج و اصحابه و انقطعت الغبره فاذا مسلم صريع فمشي اليه الحسين عليه السلام و معه حبيب بن مظاهر فقال الحسين عليه السلام رحمك الله يا مسلم فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا و دنا منه حبيب بن مظاهر فقال عز علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة فقال له مسلم قولا ضعيفا بشرك الله بخير ثم قال له حبيب لولا اني اعلم اني في الاثر من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك فقال له مسلم فأني اوصيك بهذا و اشار الي الحسين عليه السلام فقاتل دونه حتي تموت فقال له حبيب لأنعمنك عينا ثم مات رضوان الله عليه و صاحت جارية له يا سيداه يا ابن عوسجاه فنادي اصحاب ابن سعد مستبشرين قتلنا مسلما ابن عوسجة فقال شبث بن ربعي ثكلتكم امهاتكم اما انكم تقتلون انفسكم بايديكم و تذلون انفسكم لغيركم اتفرحون بقتل مسلم بن عوسجة اما و الذي اسلمت له لرب موقف له في المسلمين كريم لقد رأيته يوم آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل ان تلتئم خيول المسلمين «ثم» تراجع القوم الي الحسين عليه السلام فحمل شمر في الميسرة علي ميسرة اصحاب الحسين عليه السلام فثبتوا له و طاعنوه و حملوا علي الحسين عليه السلام و اصحابه من كل جانب و قاتلهم اصحاب الحسين عليه السلام قتالا شديدا فاخذت


خيلهم تحمل و انما هي اثنان و ثلاثون فارسا فلا تحمل علي جانب من خيل الكوفة الا كشفته فلما رأي ذلك عروة (عزرة خ ل) بن قيس و هو علي خيل اهل الكوفة بعث الي ابن سعد اما تري ما تلقي خيلي هذا اليوم من هذه العدة اليسيرة ابعث اليهم الرجال و الرماة و قاتل اصحاب الحسين عليه السلام القوم اشد قتال خلقه الله حتي انتصف النهار فبعث ابن سعد الحصين بن نمير في خمسماية من الرماة فاقتتلوا حتي دنوا من الحسين عليه السلام و اصحابه فلما رأوا صبر اصحاب الحسين عليه السلام تقدم الحصين الي اصحابه ان يرشقوا اصحاب الحسين عليه السلام بالنبل فرشقوهم فلم يلبثوا ان عقروا خيولهم و جرحوا الرجال و بقي الحسين عليه السلام و ليس معه فارس و اشتد القتال بينهم فقاتلوهم اشد قتال خلقه الله و لم يقدروا ان ياتوهم الا من جانب واحد لاجتماع ابيتهم و تقارب بعضها من بعض فارسل عمر بن سعد الرجال ليقوضوها عن ايمانهم و شمائلهم ليحيطوا بهم و اخذ الثلاثة و الأربعة من اصحاب الحسين عليه السلام يتخللون البيوت فيقتلون الرجل و هو يقوض و ينهب فيرمونه عن قريب فيصرعونه فيقتلونه فقال ابن سعد احرقوها بالنار فاحرقت فقال لهم الحسين عليه السلام دعوهم يحرقوها فأنهم اذا فعلوا ذلك لم يجوزوا اليكم فكان كما قال «و قيل» ان شمرا حمل حتي بلغ فسطاط


الحسين عليه السلام فطعنه بالرمح و نادي علي بالنار حتي احرق هذا البيت علي اهله فصاحت النساء و خرجن و صاح به الحسين عليه السلام انت تحرق بيتي علي اهلي احرقك الله بالنار فقال حميد بن مسلم اتقتل الولدان و النساء و الله ان في قتل الرجال لما يرضي به اميرك فلم يقبل فاتاه شبث بن ربعي فقال افزعنا النساء ثكلتك امك فاستحيا و انصرف و حمل شمر بن ذي الجوشن في اصحابه علي اصحاب الحسين عليه السلام فحمل عليهم زهير بن القين في عشرة رجال من اصحاب الحسين عليه السلام فكشفوهم عن البيوت و قتلوا اباعذرة (عزرة خ ل) الضبابي من اصحاب شمر و عطف عليهم شمر فقتل منهم ورد الباقين الي مواضعهم «و كان» يقتل من اصحاب الحسين عليه السلام الواحد و الاثنان فيبين ذلك فيهم لقتلهم و يقتل من اصحاب ابن سعد العشرة فلا يبين ذلك فيهم لكثرتهم «و قتل» ابوتمامة الصائدي ابن عم له كان عدوه «و حضر» وقت صلوة الظهر فقال ابوثمامة الصيداوي للحسين عليه السلام يا اباعبدالله نفسي لنفسك الفداء هاوءلاء اقتربوا منك و لا و الله لا تقتل حتي اقتل دونك و احب ان القي الله ربي و قد صليت هذه الصلوة فرفع الحسين عليه السلام رأسه الي السماء و قال ذكرت الصلوة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا اول وقتها ثم قال


سلوهم ان يكفوا عنا حتي نصلي ففعلوا فقال لهم الحصين بن نمير انها لا تقبل فقال له حبيب بن مظاهر زعمت لا تقبل الصلوة من آل رسول الله صلي الله عليه و آله و انصارهم و تقبل منك يا خمار فحمل عليه الحصين و حمل عليه حبيب فضرب حبيب وجه فرسه بالسيف فشب به الفرس و وقع عنه الحصين فاستنقذه اصحابه و شدوا علي حبيب فقتل رجلا منهم «و قال» الحسين عليه السلام لزهير بن القين و سعيد بن عبدالله الحنفي تقدما امامي حتي اصلي الظهر فتقدما امامه في نحو من نصف اصحابه حتي صلي بهم صلاة الخوف فوصل الي الحسين عليه السلام سهم فتقدم سعيد بن عبدالله و وقف يقيه من النبال بنفسه ما زال و لا تخطي فما زال يرمي بالنبل حتي سقط الي الأرض و هو يقول اللهم العنهم لعن عاد و ثمود اللهم ابلغ نبيك عني السلام و ابلغه ما لقيت من الم الجراح فاني اردت ثوابك في نصر ذرية نبيك «و في رواية» انه قال اللهم لا يعجزك شي ء تريده فابلغ محمدا صلي الله عليه و آله نصرتي و دفعي عن الحسين عليه السلام و ارزقني مرافقته في دار الخلود ثم قضي نحبه رضوان الله عليه فوجد فيه ثلاثة عشر سهماسوي ما به من ضرب السيوف و طعن الرماح «و قيل» صلي الحسين عليه السلام و اصحابه فرادي بالأيماء «و تقدم» سويد ابن عمرو بن ابي المطاع و كان شريفا كثيرا الصلوة ثم جعل يرتجز و يقول




اقدم حسين اليوم تلقي احمدا

و شيخك الحبر عليا ذا الندي



و حسنا كالبدر وافي الأسعدا

و عمك القرم الهبام الأرشدا



حمزة ليث الله يدعي اسدا

و ذا الجناحين تبوا مقعدا



في جنة الفردوس يعلو صعدا

فقاتل قتال الأسد الباسل و بالغ في الصبر علي الخطب النازل حتي سقط بين القتلي و قد اثخن بالجراح فلم يزل كذلك و ليس به حراك حتي سمعهم يقولون قتل الحسين (ع) فتحامل و اخرج سكينا من خفه و جعل يقاتل حتي قتل رضوان الله عليه فكان آخر من بقي من اصحاب الحسين عليه السلام «و خرج» زهير بن القين و هو يرتجز و يقول:



انا زهير و انا ابن القين

اذودكم [58] بالسيف عن حسين



ان حسينا احد السبطين

من عترة البر التقي الزين



ذاك رسول الله غير المين

اضربكم و لا اري من شين



يا ليت نفسي قسمت قسمين

ثم قال مخاطبا للحسين عليه السلام [59]



اقدم هديت هاديا مهديا

اليوم تلقي جدك النبيا






و ذا الجناحين التي الكميا

و اسد الله الشهيد الحيا



و حسنا و المرتضي عليا

فقاتل قتالا شديدا حتي قتل علي رواية تسعة عشر رجلا و علي رواية اخري مائة و عشرين رجلا فشد عليه كثير بن عبدالله الشعبي و مهاجر بن اوس التميمي فقتلاه فقال الحسين عليه السلام حين صرع زهير لا يبعدك الله يا زهير و لعن قاتلك لعن الذين مسخوا قردة و خنازير «و جاء» عابس بن شبيب (ابي شبيب خ ل) الشاكري و معه شوذب مولي بني شاكر فقال يا شوذب ما في نفسك ان تصنع قال ما اصنع اقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله حتي اقتل قال ذلك الظن بك فتقدم بين يدي ابي عبدالله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك و حتي احتسبك انا فان هذا يوم ينبغي لنا ان نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه فأنه لا عمل بعد اليوم و انما هو الحساب «و تقدم» شوذب فقال السلام عليك يا اباعبدالله و رحمة الله و بركاته استودعك الله ثم قاتل حتي قتل «و تقدم» عابس فقال يا اباعبدالله اما و الله ما امسي علي وجه الارض قريب و لا بعيد اعز علي و لا احب الي منك و لو قدرت علي ادفع عنك الضيم او القتل بشي ء اعز من نفسي و دمي لفعلت السلام عليك يا اباعبدالله اشهد الله اني علي هداك و هدي ابيك ثم مضي بالسيف مصلتا




نحوهم و به ضربة علي جبينه قال ربيع بن تميم الحارثي فلما رأيته مقبلا عرفته و قد كنت شاهدته في المغازي و كان اشجع الناس فقلت ايها الناس هذا الاسد الاسود هذا ابن شبيب (ابي شبيب خ ل) القوي لا يخرجن اليه احد منكم ارموه بالحجارة فرموه حتي قتل «و في رواية» انه اخذ ينادي الا رجل لرجل فتحاماه الناس لشجاعته فقال لهم ابن سعد ارضخوه بالحجارة فرموه بالحجارة من كل جانب فلما رأي ذلك القي درعه و مغفره و شد علي الناس فهزمهم بين يديه قال الراوي فوالله لقد رأيته يطرد اكثر من مأتين من الناس ثم احاطوا به من كل جانب فقتلوه فرأيت رأسه في ايدي رجال ذوي عدة كل يقول انا قتلته فقال ابن سعد لا تختصموا هذا لم يقتله انسان واحد حتي فرق بينهم بهذا القول (و برز) حبيب بن مظاهر الأسدي و هو يقول:



انا حبيب و ابي مظاهر

فارس هيجاء و حرب تسعر



انتم اعد عدة و اكثر

و نحن اعلي حجة و اظهر



و انتم عند الوفاء اغدر

و نحن اوفي منكم و اصبر



حقا و اتقي منكم و اعذر

و قال ايضا



اقسم لو كان لكم اعدادا

و شطركم و ليتم الا كتادا [60] .






يا شر قوم حسبا و آدا [61]

و شرهم قد علموا اندادا



فقاتل قتالا شديدا فقتل رجلا من بني تميم اسمه بديل بن صريم و حمل عليه آخر من تميم فطعنه فذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير علي رأسه بالسيف فوقع و نزل اليه التميمي فاحتز رأسه فهد مقتله الحسين عليه السلام و قال عندالله احتسب نفسي و حماة اصحابي «و قال» الحصين للتميمي انا شريكك في قتله قال لا و الله قال اعطني الرأس اعلقه في عنق فرسي ليري الناس اني شاركتك في قتله ثم خذه فلا حاجة لي فيما يعطيك ابن زياد فاعطاه الرأس فجال به في الناس ثم رده اليه فلما رجع الي الكوفة علقه في عنق فرسه «و كان» لحبيب ابن يسمي القاسم قد راهق فجعل يتبع الفارس الذي معه رأس ابيه فارتاب به فقال مالك تتبعني قال ان هذا الرأس الذي معك رأس ابي فاعطني اياه حتي ادفنه فقال ان الامير لا يرضي ان يدفن و ارجو ان يثبني فقال لكن الله لا يثيبك الا اسوأ الثواب و بكي الغلام ثم لم يزل يتبع اثر قاتل ابيه بعد ما ادرك حتي قتله و اخذ بثار ابيه و ذلك انه كان في عسكر فهجم عليه و هو في خيمة له نصف النهار فقتله و اخذ رأسه و قيل ان حبيبا قتل من اصحاب ابن سعد اثنين و سبعين رجلا «و برز» عمرو بن خالد الأزدي و هو يقول




اليك يا نفس الي الرحمن

فابشري بالروح و الريحان



اليوم تجزين علي الأحسان

قد كان منك غابر الزمان



ما خط في اللوح لدي الديان

لا تجزعي فكل حي فاني



و الصبر احظي لك بالأمان

يا معشر الازد بني قحطان



ثم قاتل حتي قتل رحمة الله عليه «فتقدم» ابنه خالد بن عمرو وهو يرتجز و يقول:



صبرا علي الموت بني قحطان

كيما تكونوا في رضي الرحمن



ذي المجد و العزة و البرهان

و ذي العلي و الطول و الاحسان



يا ابتا قد صرت في الجنان

في قصر در حسن البنيان



ثم تقدم فلم يزل يقاتل حتي قتل رحمه الله تعالي «و برز» سعد بن حنظلة التميمي و هو يقول:



صبرا علي الأسياف و الأسنه

صبرا عليها لدخول الجنه



و حور عين ناعمات هنه

لمن يريد الفوز لا بالظنه



يا نفس للراحة فاجهدنه

و في طلاب الخير فارغبنه



ثم حمل و قاتل قتالا شديدا حتي قتل رضوان الله عليه «و خرج» عمير بن عبدالله المذحجي و هو يرتجز و يقول:



قد علمت سعد و حي مذحج

اني لدي الهيجاء ليث محرج



اعلوا بسيفي هامة المدجج

و اترك القرن لدي التعرج






فريسة الضع الاذل الأعرج

و لم يزل يقاتل حتي قتله مسلم الضبابي و عبدالله البجلي «و خرج» عبدالرحمن بن عبدالله اليزني و هو يقول:



انا ابن عبدالله من آل يزن

ديني علي دين حسين و حسن



اضربكم ضرب فتي من اليمن

ارجو بذاك الفوز عند المؤتمن



ثم حمل فقاتل حتي قتل «و خرج» يحيي بن سليم المازني و هو يرتجز و يقول:



لأضربن القوم ضربا فيصلا

ضربا شديدا في العداة معجلا



لا عاجزا فيه و لا مولولا

و لا اخاف اليوم موتا مقبلا



لكنني كالليث احمي اشبلا

تم حمل فقاتل حتي قتل رحمه الله «و خرج» قرة بن ابي قرة الغفاري و هو يرتجز و يقول [62] .



قد علمت حقا بنوغفار

و خندف بعد بني نزار



بأني الليث لدي الغبار

لأضربن معشر الفجار



بكل عضب ذكر بتأر

ضربا وجيعا عن بني الاخيار



رهط النبي السادة الابرار

ثم حمل فقاتل حتي قتل «و خرج» مالك بن انس المالكي (الكاهلي خ ل) و قيل انس بن حارث الكاهلي و هو يرتجز و يقول:






قد علمت مالك [63] و الذودان [64]

و الخندفيون و قيس عيلان



بان قومي آفة الأقران [65]

لدي الوغي و سادة الفرسان



مباشر الموت بطعن آن [66]

لسنا نري العجز عن الطعان



آل علي شيعة الرحمن

آل زياد [67] شيعة الشيطان



ثم حمل فقاتل حتي قتل علي رواية ابن شهر آشوب اربعة عشر رجلا و علي رواية الصدوق في الأمالي ثمانية عشر رجلا ثم قتل رحمه الله «و خرج» عمرو بن مطاع الجعفي و هو يقول:



انا ابن جعف و ابي مطاع

و في يميني مرهف قطاع



و اسمر في راسه لماع

يري له من ضوئه شعاع



اليوم قد طاب لنا القراع

دون حسين الضرب و السطاع (كذا)



يرجي بذاك الفوز و الدفاع

عن حر نار حين لا انتفاع



ثم حمل فقاتل حتي قتل «و خرج» انيس بن معقل الاصبحي و هو يقول:



انا انيس و انا ابن معقل

و في يميني نصل سيف مصقل



اعلو به الهامات وسط القسطل

عن الحسين الماجد المفضل



ابن رسول الله خير مرسل




فقاتل حتي قتل [68] «و خرج» الحجاج بن مسروق الجعفي و هو مؤذن الحسين عليه السلام و هو يقول [69] .



اقدم حسينا هاديا مهديا

اليوم نلقي جدك النبيا



ثم اباك ذا الندي عليا

ذاك الذي نعرفه وصيا



و الحسن الخير الرضا الوليا

و ذا الجناحين الفتي الكميا



و اسد الله الشهيد الحيا

ثم حمل فقاتل حتي قتل [70] «و خرج» شاب قتل ابوه في المعركة و كانت امه معه فقالت له امه اخرج و قاتل بين يدي ابن رسول الله فخرج فقال الحسين عليه السلام هذا شاب قتل ابوه و لعل امه تكره خروجه فقال الشاب امي امرتني بذلك فبرز و هو يقول:



اميري حسين و نعم الامير

سرور فؤاد البشير النذير



علي و فاطمة والدا

ه فهل تعلمون له من نظير



له طلعة مثل شمس الضحي

له غرة مثل بدر منير



و قاتل حتي قتل و حز رأسه و رمي به الي عسكر الحسين عليه السلام فحملت امه رأسه و قالت احسنت يا بني يا سرور قلبي و يا قرة


عيني ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته و اخذت عمود خيمة و حملت عليهم و هي تقول:



انا عجوز سيدي ضعيفه

خاوية بالية نحيفه



اضربكم بضربة عنيفه

دون بني فاطمة الشريفه



و ضربت رجلين فقتلتهما فأمر الحسين عليه السلام بصرفها و دعالها «و خرج» جنادة بن الحارث الانصاري و هو يقول:



انا جناد و انا ابن الحارث

لست بخوار و لا بناكث



عن بيعتي حتي يرثني وارث

اليوم شلوي في الصعيد ماكث



و حمل فلم يزل يقاتل حتي قتل [71] و خرج عمرو بن جناده و هو يقول:



اضق الخناق من ابن سعد و ارمه

من عامه بفوارس الأنصار



و مهاجرين مخضبين رماحهم

تحت العجاجة من دم الكفار



خضبت علي عهد النبي محمد

فاليوم تخضب من دم الفجار



ثم قاتل حتي قتل رحمه الله تعالي «و لما» رأي اصحاب الحسين عليه السلام انهم قد غلبوا و انهم لا يقدرون ان يمنعوا الحسين عليه السلام و لا انفسهم تنافسوا في ان يقتلوا بين يديه «فجاءه» عبدالله و عبدالرحمن ابناء عروة (عزرة خ ل) الغفاريان فقالا يا اباعبدالله عليك السلام قد حازنا الناس اليك فاحببنا ان نقتل بين يديك قال


مرحيا بكما ادنوا مني فدنوا منه و جعلا يقاتلان و جعل عبدالرحمن يرتجز و يقول:



قد علمت حقا بنو غفار

و خندف بعد بني نزار



لنضر بن معشر الفجار

بكل عضب ذكر [72] بتار



يا قوم ذودوا عن بني الاخيار [73]

بالمشرفي و القنا الخطار



فقاتل حتي قتل «و في» رواية الصدوق في الامالي انه برز عبدالله بن عروة الغفاري و هو يقول:



قد علمت حقا بنو غفار

اني اذب طلاب الثار



بالمشرفي و القنا الخطار

(و اتاه) فتيان و هما سيف بن الحارث بن سريع و مالك بن عبدالله بن سريع الجابريان [74] و هما ابناء عم و اخوان لأم و هما يبكيان فقال لهما يا ابني اخي صح ما يبكيكما فوالله اني لأرجو ان تكونا بعد ساعة قريري العين فقالا جعلنا الله فداك و الله علي انفسنا نبكي ولكن نبكي عليك نراك و قد احيط بك و لا نقدر علي ان ننفعك (نمنعك خ ل) فقال جزا كما الله يا ابني اخي بوجدكما من ذلك و مواساتكما اياي بأنفسكما احسن جزاء المتقين [75] ثم استقدما و قالا السلام عليك يا ابن رسول




الله فقال و عليكما السلام و رحمة الله و بركاته فقاتلا حتي قتلا «و خرج» غلام تركي كان للحسين عليه السلام و كان قارئا للقرآن فجعل يقاتل و يرتجز و يقول:



البحر من طعني و ضربي يصطلي

و الجو من سهمي و نبلي يمتلي



اذا حسامي في يميني ينجلي

ينشق قلب الحاسد المبجل



فقتل جماعة [76] ثم سقط صريعا فجاء اليه الحسين عليه السلام فبكي و وضع خده علي خده ففتح عينيه فرأي الحسين عليه السلام فتبسم ثم صار الي ربه «و حدث» مهران مولي بني كاهل قال شهدت كربلا مع الحسين عليه السلام فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا لا يحمل علي قوم الا كشفهم ثم يرجع الي الحسين عليه السلام و هو يرتجز و يقول



ابشر هديت الرشد تلقي احمدا

في جنة الفردوس تعلو صعدا [77]



فقلت من هذا فقالوا ابوعمر النهشلي و قيل الخثعمي فاعترضه عامر بن نهشل فقتله و احتز رأسه و كان ابوعامر هذا متهجدا كثير الصلوة «و برز» مالك بن ذودان و انشأ يقول:




اليكم من مالك الضرغام

ضرب فتي يحمي عن الكرام



يرجو ثواب الله ذي الانعام

فقاتل حتي قتل «و برز» ابراهيم بن الحصين الأسدي و هو يرتجز و يقول:



اضرب منكم مفصلا و ساقا

ليهرق اليوم دمي اهراقا



و يرزق الموت ابواسحقا

اعني بني الفاجرة الفساقا [78]



و قاتل حتي قتل «و كان» يأتي الرجل بعد الرجل الي الحسين عليه السلام فيقول السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه الحسين عليه السلام و يقول و عليك السلام و نحن خلفك ثم يقرأ فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر حتي قتلوا عن آخرهم و لم يبق مع الحسين عليه السلام سوي اهل بيته و هم. ولد علي. و ولد جعفر. و ولد عقيل. و ولد الحسن. و ولد الحسين فاجتمعوا يودع بعضهم بعضا و عزموا علي الحرب «و كانوا» سبعة عشر رجلا في المتفق عليه [79] و قيل ازيد من ذلك و فيهم يقول سراقة الباهلي.



عين بكي بعبرة و عويل

و اندبي ان ندبت آل الرسول






سبعة [80] منهم لصلب علي

قد ابيدوا و سبعة [81] لعقيل



و ابن عم النبي عونا اخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول



و اندبي كلهم فليس اذا ما

ضن بالخير كلهم بالبخيل [82]



و سمي النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مسلول



لعن الله حيث حل زيادا

و ابنه و العجوز ذات البعول [83]



«فخرج» علي بن الحسين الاكبر و قيل الاصغر و امه ليلي بنت ابي قره (مره خ ل) بن عروة بن مسعود الثقفيه و امها ميمونة بنت ابي سفيان بن حرب و كان من اصبح الناس وجها و أحسنهم خلقا و كان عمره تسع عشرة سنة و قيل ثمان عشرة سنة و قيل خمس و عشرون سنة و هو اول قتيل يوم كربلا من آل ابي طالب فاستأذن اباه في القتال فاذن له ثم نظر اليه نظرة آيس منه و ارخي عينيه فبكي ثم رفع سبابتيه نحو السماء و قال اللهم كن انت الشهيد عليهم فقد برز اليهم غلام اشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك و كنا اذا اشتقنا الي نبيك نظرنا اليه اللهم امنعهم بركات الأرض و فرقهم تفريقا و مزقهم تمزيقا و اجعلهم طرائق قددا و لا ترض الولاة عنهم ابدا فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا و صاح يا ابن سعد


قطع الله رحمك و لا بارك لك في امرك و سلط عليك من يذبحك بعدي علي فراشك كما قطعت رحمي و لم تحفظ قرابتي من رسول الله (ص) ثم رفع صوته و تلا ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم فشد علي علي الناس و هو يقول:



انا علي بن الحسين بن علي

نحن و بيت الله [84] اولي بالنبي



تا لله لا يحكم فينا ابن الدعي

اضرب بالسيف احامي عن ابي



ضرب غلام هاشمي علوي

فجعل يشد عليهم ثم يرجع الي ابيه فيقول يا اباه العطش فيقول له الحسين عليه السلام اصبر حبيبي فانك لا تمسي حتي يسقيك رسول الله صلي الله عليه و آله بكأسه «و في رواية» انه قال يا ابه العطش قتلني و ثقل الحديد اجهدني فهل الي شربة من الماء سبيل فبكي الحسين عليه السلام و قال و اغوثاه يا بني من اين آتي لك بالمآء قاتل قليلا فما اسرع ما تلقي جدك محمد صلي الله عليه و آله فيسقيك بكأسه الأوفي شربة لا تظمأ بعدها ابدا فجعل يكر كرة بعد كرة و اهل الكوفة يتقون قتله فقتل اربعة و اربعين رجلا علي رواية الصدوق في الامامي و علي رواية محمد بن ابي طالب تمام المأتين و لم يذكره غيره فيما علمناه فنظر




اليه مرة بن منقذ العبدي فقال علي اثام العرب ان هو فعل مثل ما اراه يفعل و مر بي ان لم اثكله فمر يشد علي الناس كما كان يفعل فاعترضه مرة بن منقذ و طعنه بالرمح و قيل بل رماه بسهم فصرعه فنادي يا ابتاه عليك السلام هذا جدي يقرئك السلام و يقول لك عجل القدوم علينا و اعتوره الناس فقطعوه باسيافهم فجاء الحسين عليه السلام حتي وقف عليه و قال قتل الله قوما قتلوك يا بني ما اجراهم علي الرحمن و علي انتهاك حرمة الرسول علي الدنيا بعدك العفا و خرجت زينب بنت علي عليهماالسلام و هي تنادي يا حبيباه و يا ابن اخاه و جاءت فاكبت عليه فجاء الحسين عليه السلام فاخذ بيدها وردها الي الفسطاط و اقبل بفتيانه و قال احملوا اخاكم فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون امامه «و برز» عبدالله بن مسلم بن عقيل بن ابي طالب و امه رقية بنت علي بن ابي طالب عليه السلام و هو يرتجز و يقول:



اليوم القي مسلما و هو ابي

و فتية بادوا علي دين النبي



ليسوا بقوم عرفوا بالكذب

لكن خيار و كرام النسب



من هاشم السادات اهل الحسب

فقتل ثلاثة رجال [85] فرماه عمرو بن صبيح الصيداوي (الصدائي




خ ل) بسهم فوضع عبد الله يده علي جبهته يتقيه فاصاب السهم كفه و نفذ الي جبهته فسمرها فلم يستطع ان يحركها ثم طعنه اسيد ابن مالك بالرمح في قلبه فقتله و عمرو بن صبيح هذا اخذه المختار و طعنه بالرماح حتي مات «و قيل» ان قاتل عبدالله بن مسلم بن زيد بن رقاد (ورقاء خ ل) و كان يقول رميته بسهم و كفه علي جبهته يتقي النبل فاثبت كفه في جبهته فما استطاع ابن يزيل كفه عن جبهته و قال حين رميته اللهم انهم لستقلونا و استذلونا فاقتلهم كما قتلونا ثم رماه بسهم آخر و كان يقول جئته و هو ميت فنزعت سهمي من جوفه و لم ازل النضنض الآخر عن جبهته حتي اخذته و بقي النصل و هذا اتاه اصحاب المختار فلم يطعنوه و لم يضربوه ولكن جعلوا يرمونه بالنبل و الحجارة حتي سقط فاحرقوه حيا «و خرج» محمد بن مسلم بن عقيل بن ابي طالب فقاتل حتي قتل قتله ابوجرهم الأزدي و لقيط ابن ياسر الجهني «و خرج» محمد بن ابي سعيد بن عقيل بن ابي طالب فقاتل حتي قتل رماه لقيط بن ياسر الجهني بسهم فقتله «و خرج» جعفر بن عقيل بن ابي طالب و هو يرتجز و يقول:



انا الغلام الابطحي الطالبي

من معشر في هاشم و غالب



و نحن حقا سادة الذوائب

هذا حسين اطيب الاطائب




من عترة البر التقي الغالب

فقتل خمسة عشر فارسا علي رواية محمد بن ابي طالب و رجلين علي رواية ابن شهر آشوب فقتله عبدالله بن عروة الخثعمي و قيل بشر بن سوط (حوط خ ل) الهمداني «و خرج» عبدالرحمن بن عقيل بن ابي طالب و هو يقول:



ابي عقيل فاعرفوا مكاني

من هاشم و هاشم اخواني



كهول صدق سادة الاقران

هذا حسين شامخ البنيان



و سيد الشيب مع الشبان

فقتل علي رواية محمد بن ابي طالب و ابن شهر اشوب سبعة عشر فارسا فحمل عليه عثمان بن خالد الجهني و بشر بن سوط (حوط خ ل) الهمداني فقتلاه و هذان اخذهما المختار فضرب اعناقهما و احرقهما بالنار «و خرج» عبدالله الاكبر بن عقيل بن ابي طالب [86] فقتله عثمان بن خالد و بشر بن سوط (حوط خ ل) ايضا و قيل عمرو بن صبيح «و حمل» الناس علي الحسين عليه السلام و اهل بيته من كل جانب «فخرج» محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب و امه زينب بنت اميرالمؤمنين عليه السلام و قيل الخوصاء من بني تيم اللات بن




ثعلبة و هو يقول:



اشكوا الي الله من العدوان

قتال قوم في الردي عميان



قد تركوا معالم القرآن

و محكم التنزيل و التبيان



و اظهروا الكفر مع الطغيان

ثم قاتل حتي قتل عشرة أنفس فحمل عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله «و خرج» اخوه عون بن عبدالله بن جعفر (ع) و امه ايضا زينب بنت اميرالمؤمنين عليه السلام و قيل جمانة بنت المسيب بن نجبة و هو يقول:



ان تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان ازهر



يطير فيها بجناح اخضر

كفي بهذا شرفا في المحشر



ثم قاتل حتي قتل علي رواية ابن شهر اشوب ثلاثة فوارس و ثمانية عشر رجلا فحمل عليه عبدالله بن قطبة الطائي فقتله [87] «و خرج» اخوهما عبيدالله بن عبدالله بن جعفر [88] فقاتل حتي قتل «و خرج» القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام و امه ام ولد و هو غلام لم يبلغ الحلم فلما نظر الحسين عليه السلام


اليه قد برز اعتنقه و جعلا يبكيان حتي غشي عليهما ثم استأذن عمه في المبارزة فاني ان ياذن له فلم يزل الغلام يقبل يديه و رجليه حتي اذن له فخرج و دموعه تسيل علي خديه و هو يقول:



ان تنكروني فانا ابن [89] الحسن

سبط النبي المصطفي و المؤتمن



هذا حسين كالأسير المرتهن

بين الناس لا سقوا صوب المزن



فقاتل قتالا شديدا حتي قتل علي صغر سنه علي بعض الروايات خمسة و ثلاثين رجلا و علي رواية الصدوق في الامالي انه برز و هو يقول:



لا تجزعي نفسي فكل فاني

اليوم تلقين ذوي الجنان



فقتل مهم ثلاثة «قال» حميد بن مسلم خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر و في يده سيف و عليه قميص و ازار و نعلان قد انقطع شسع احدهما ما انسي انها كانت اليسري فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الازدي و الله لاشدن عليه فقلت سبحان الله و ما تريد بذلك و الله لو ضربني ما بسطت اليه يدي دعه يكفيكه هاوءلاء الذين تراهم قد احتوشوه فقال و الله لأشدن عليه فشد عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف ففلقه و وقع الغلام الي الارض لوجهه و نادي يا عماه فجلي الحسين عليه السلام كما يجلي الصقر ثم شد شدة ليث اغضب فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن


المرفق فصاح صيحة سمعتها اهل العسكر ثم تنحي عنه الحسين عليه السلام و حمل اهل الكوفة ليستنقذوة فوطئت الخيل عمرا بأرجلها حتي مات و انجلت الغبرة فاذا بالحسين عليه السلام قائم علي رأس الغلام و هو يفحص برجليه و الحسين عليه السلام يقول بعدا لقوم قتلوك و من خصمهم يوم القيمة فيك جدك و ابوك ثم قال عليه السلام عز و الله علي عمك ان تدعوه فلا يجيبك او يجيبك فلا ينفعك صوت و الله كثر واتره و قل ناصره ثم حمله و وضع صدره علي صدره و كأني انظر الي رجلي الغلام يخطان الارض فجاء به حتي القاه مع ابنه علي و القتلي من اهل بيته ثم قال اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تغادر منهم احدا فسألت عنه فقيل لي هو القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام «و صاح» الحسين عليه السلام في تلك الحال صبرا يا بني عمومتي صبرا يا اهل بيتي فوالله لا رأيتم هو انا بعد هذا اليوم ابدا «و خرج» ابوبكر بن الحسن بن علي بن ابي طالب و امه ام ولد فقاتل حتي قتل رماه عبدالله بن عقبة الغنوي و قيل حرملة بن كاهل بسهم فقتله «و خرج» عبدالله بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام و امه ام ولد فقاتل حتي قتل رماه حرملة بن كاهل بسهم فقتله «و تقدمت» اخوة الحسين عليه السلام عازمين علي ان يموتوا


دونه «فاول» من خرج منهم ابوبكر [90] بن علي و اسمه عبيدالله و امه ليلي بنت مسعود من بني نهشل فتقدم و هو يرتجز و يقول:



شيخي علي ذوالفخار الأطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل



هذا حسين ابن النبي المرسل

عنه نحامي بالحسام المصقل



تفديه نفسي من اخ مبجل

فلم يزل يقاتل حتي قتله زجر بن بدر النخعي «ثم» برز من بعده اخوه عمر بن علي و هو يقول:



اضربكم و لا اري فيكم زجر

ذاك الشقي بالنبي قد كفر



يا زجر يا زجر تداني من عمر

لعلك اليوم تبوء من سقر



شر مكان في حريق و سعر

لأنك الجاحد يا شر البشر



ثم حمل علي زجر قاتل اخيه فقتله و استقبل القوم و جعل يضرب بسيفه ضربا منكرا و هو يقول:



خلوا عداة الله خلوا عن عمر

خلوا عن الليث الهصور المكفهر



يضربكم بسيفه و لا يفر

و ليس فيها كالجبان المنحجر



فلم يزل يقاتل حتي قتل «و خرج» محمد الاصغر بن علي بن ابي طالب و امه ام ولد فرماه رجل من تميم من بني ابان بن دارم فقتله و جاء برأسه «و خرج» عبدالله بن علي و امه ليلي بنت مسعود


النهشلية [91] فقاتل حتي قتل «و لما» رأي العباس بن علي كثرة القتلي من اهله قال لأخوته من ابيه و امه و هم عبدالله و جعفر و عثمان و امهم ام البنين بنت خالد بن حزام الكلابية و اسمها فاطمة يا بني امي تقدموا حتي اراكم قد نصحتم لله و لرسوله فانه لا ولد لكم «فبرز» عبدالله بن علي و كان عمره خمسا و عشرين سنة و هو يقول:



انا ابن ذي النجدة و الأفضال

ذاك علي الخير ذو الفعال



سيف رسول الله ذو النكال

في كل يوم ظاهر الاهوال



فاختلف هو و هاني بن ثبيت [92] الحضرمي ضربتين فقتله هاني «ثم» برز بعده اخوه جعفر بن علي و كان عمره تسع عشرة سنة و هو يقول:



اني انا جعفر ذو المعالي

ابن علي الخير ذي النوال



حسبي بعمي شرفا و خالي

فحمل عليه هاني ثبيب بن الحضرمي ايضا فقتله و جاء برأسه و قيل رماه خولي فاصاب شقيقته او عينه «ثم» برز بعده اخوه عثمان بن علي فقام مقام اخوته و كان عمره احدي و عشرين سنة و هو يقول:






اني انا عثمان ذو المفاخر

شيخي علي ذو الفعال الطاهر



هذا حسين خيرة الأخاير

و سيد الصغار و الاكابر



(و سيد الكبار و الاصاغر خ ل)

بعد الرسول و الوصي الناصر



فرماه خولي بن يزيد الاصبحي علي جبينه فسقط عن فرسه و حمل عليه رجل من بني ابان بن دارم فقتله و جاء برأسه «و برز» من بعدهم اخوهم العباس بن علي و هو اكبر هم و يكني اباالفضل و يلقب بالسقا و قمر بني هاشم و هو صاحب لوآء الحسين عليه السلام و كان العباس عليه السلام و سيما جميلا يركب الفرس المطهم و رجلاه يخطان في الارض فيروي انه خرج يطلب المآء و حمل علي القوم و هو يقول:



لا ارهب الموت اذا الموت رقا

حتي اواري في المصاليت لقا



نفسي لسبط المصطفي الطهر وقا

اني انا العباس اغدو بالسقا



و لا اخاف الشريوم الملتقي

ففرقهم و ضربه زيد بن ورقاء علي يمينه فقطعها فاخذ السيف بشماله و حمل و هو يرتجز و يقول:



و الله ان قطعتم يميني

اني احامي أبدا عن ديني



و عن امام صادق اليقين

نجل النبي الطاهر الأمين



فضربه حكيم بن الطفيل علي شماله فقطعها فقال:



يا نفس لا تخشي من الكفار

و ابشري برحمة الجبار






مع النبي السيد المختار

قد قطعوا ببغيهم يساري



فاصلهم يا رب حر النار

فضربه آخر بعمود من حديد فقتله فبكي الحسين عليه السلام لقتله بكآء شديدا و لنعم ما قال القائل:



احق الناس ان يبكي عليه

فتي ابكي الحسين بكربلاء



اخوه و ابن والده علي

ابوالفضل المضرج بالدمآء



و من و اساه لا يثنيه شي ء

و جاد له علي عطش بمآء



و للمؤلف عفي الله عن جرائمه من قصيدة:



لا تنس للعباس حسن مقامه

بالطف عند الغارة الشعواء



و اسي اخاه بها و جاد بنفسه

في سقي اطفال له و نساء



رد الالوف علي الالوف معارضا

حد السيوف بجبهة غراء



«و للمؤلف» ايضا من قصيدة اخري:



و اذكر اباالفضل هل تنسي فضائله

في كربلا حين جد الامر و التبسا



واسي اخاه و فاداه بمهجته

و خاض في غمرات الموت منغمسا



آلي بان لا يذوق المآء و هو يري

اخاه ظمآن من ورد له يئسا



ففز اباالفضل بالفضل الجسيم بما

اسديته فعليك الفضل قد حبسا [93] .



«و يروي» في كيفية قتله عليه السلام غير ذلك و يأتي قريبا [94] «و كانت»


ام البنين ام هاؤلاء الاخوة الأربعة القتلي تخرج الي البقيع فتندبهم اشجي ندبة و احرقها فيجتمع الناس اليها فكان مروان بن الحكم يجي ء فيمن يجي ء فلا يزال يسمغ ندبتها و يبكي «و برز» احمد بن محمد الهاشمي و هو يقول:



اليوم ابلو حسبي و ديني

بصارم تحمله يميني



فقاتل حتي قتل «و خرج» غلام من خباء من اخبية الحسين عليه السلام و في اذنيه درتان فاخذ بعود من عيدانه و هو مذعور فجعل يلتفت يمينا و شمالا و قرطاه يتذبذبان فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه بالسيف فقتله فصارت امه شهربانويه تنظر اليه و لا تتكلم كالمدهوشة «و نادي» الحسين عليه السلام هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلي الله عليه و آله هل من موحد يخاف الله فينا هل من مغيث يرجو الله في اغاثتنا هل من معين يرجو ما عندالله في اعانتنا قارتفعت اصوات النساء بالعويل «فتقدم» الي باب الخيمة و قال لزينب ناوليني ولدي الصغير حتي اودعه فأتي بابنه عبدالله و امه الرباب بنت امري ء القيس فأخذه و اجلسه في حجره و اومأ اليه ليقبله فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فوقع في نحره فذبحه فقال لزينب خذيه ثم تلقي الدم بكفيه فلما امتلأ تارمي بالدم نحو السماء ثم قال هون علي ما نزل به انه بعين الله «و في رواية» انه قال اللهم


لا يكن اهون عليك من فصيل «قال» الباقر عليه السلام فلم يسقط من ذلك الدم قطرة الي الارض و في رواية انه صبه في الأرض ثم قال يا رب ان كنت حبست عنا النصر من السمآء فاجعل ذلك لما هو خير منه و انتقم لنا من هاؤلاء القوم الظالمين ثم حمله حتي وضعه مع قتلي اهل بيته «و في رواية» انه حفر له بجفن سيفه و رمله بدمه فدفنه و حرملة هذا اخذه المختار فقطع يديه ثم احرقه بالنار «و عطش» الحسين عليه السلام حتي اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من المآء فرماه الحصين بن نمير بسهم فوقع في فمه الشريف فجعل يتلقي الدم من فمه و يرمي به الي السماء «و حمل» القوم علي الحسين عليه السلام فغلبوه علي عسكره و قد اشتدبه العطش فركب المسناة يريد الفرات و بين يديه العباس اخوه اعترضتهما خيل ابن سعد و فيهم رجل من بني ابان بن دارم فقال لهم ويلكم حولوا بينه و بين الفرات و لا تمكنوه من الماء فحالوا بينه و بين الفرات فقال الحسين عليه السلام اللهم اظمأه و في رواية اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له فغضب الدارمي و رماه بسهم فاثبته في حنكه الشريف فانتزع الحسين عليه السلام السهم و بسط يديه تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمي به نحو السماء ثم حمدالله و اثني عليه ثم قال اللهم اني اشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا


تبق منهم احدا «فمكث» ذلك الرجل يسيرا ثم صب الله عليه الظما فجعل لا يروي و كان يصيح من الحر في بطنه و البرد في ظهره و بين يديه المراوح و الثلج و خلفه كانون و كان برد له الماء فيه السكر و عساس فيها اللبن و هو يقول اسقوني اهلكني العطش فيؤتي بالعس او القلة فيه الماء و اللبن و السويق يكفي جماعة فيشربه و يضطجع هنيئة ثم يقول اسقوني قتلني الظما فما زال كذلك حتي انقدت بطنه انقداد بطن البعير ذكر ذلك الطبري و ابوالفرج بن عبدالرحمن الجوزي و ابن الأثير في الكامل بتفاوت يسير و غيرهم «ثم» ان الحسين عليه السلام رجع الي مكانه و قد اشتد به العطش و احاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه فجعل العباس عليه السلام يقاتلهم وحده حتي قتل و كان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي و حكيم بن الطفيل السنبسي بعد ان اثخن بالجراح فلم يستطع حراكا فبكي الحسين لقتله بكاء شديدا «ثم» ان الحسين عليه السلام دعا الناس الي البراز فلم يزل يقتل كل من برز اليه حتي قتل مقتلة عظيمة ثم حمل علي الميمنة و هو يقول:



القتل اولي من ركوب العار

و العار اولي من دخول النار



و الله ما هذا و هذا جاري

ثم حمل علي الميسرة و هو يقول:






انا الحسين بن علي

آليت ان لا انثني



احمي عيالات ابي

امضي علي دين النبي



«و لما» بقي الحسين عليه السلام في ثلاثة او اربعة من اصحابه و في رواية ثلاثة رهط من اهله قال ابغوني ثوبا لا يرغب فيه احد اجعله تحت ثيابي لئلا اجرد منه بعد قتلي فاني مقتول مسلوب فأتي بتبان قال لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلة و لا ينبغي لي ان البسه و في رواية انه قال هذا لباس اهل الذمة فاخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثيابه و في رواية انه اتي بشي ء اوسع منه دون السراويل و فوق التبان فلبسه فلما قتل جردوه منه «ثم» استدعي بسراويل من حبرة يمانية يلمع فيها البصر ففزرها و لبسها و انما فزرها لئلا يسلبها بعد قتله فلما قتل عليه السلام سلبها منه بحر (ابجر خ ل) بن كعب و تركه مجردا فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنهما عودان و ترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا الي ان اهلكه الله تعالي و اقبل الحسين عليه السلام علي القوم يدفعهم عن نفسه و الثلاثة الذين معه يحمونه حتي قتل الثلاثة و بقي وحده و قد اثخن بالجراح في رأسه و بدنه فجعل يضاربهم بسيفه و حمل الناس عليه عن يمينه و شماله فحمل علي الذين عن يمينه فتفرقوا ثم حمل علي الذين عن يساره فتفرقوا «قال» بعض الرواة فوالله ما رأيت مكثورا قط قد


قتل ولده و اهل بيته و اصحابه اربط جاشا و لا امضي جنانا و لا اجرأ مقدما منه والله ما رأيت قبله و لا بعده مثله و ان كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه و عن شماله انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب و لقد كان يحمل فيهم و قد تكملوا ثلاثين الفا فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع الي مركزه و هو يقول لا حول و لا قوة الا بالله «فلما» رأي شمر ذلك استدعي الفرسان فصاروا في ظهور الرجالة و امر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام حتي صار كالقنفذ فاحجم عنهم فوقفوا بازائه و جاء شمر في جماعة من اصحابه فحالوا بينه و بين رحله الذي فيه ثقله و عياله «فصاح» الحسين عليه السلام ويلكم يا شيعة آل ابي سفيان ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا احرارا في دنياكم هذه و ارجعوا الي احسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون فناداه شمر ما تقول يا ابن فاطمة فقال اقول اني اقاتلكم و تقاتلونني و النساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم و جهالكم و طغاتكم من التعرض لحرمي مادمت حيا فقال شمر لك ذلك يا ابن فاطمة ثم صاح اليكم عن حرم الرجل و اقصدوه بنفسه فلعمري هو كفوء كريم فقصدوه بالحرب و جعل شمر يحرضهم علي الحسين عليه السلام فجعلوا يحملون علي الحسين (ع) و الحسين يحمل عليهم فينكشفون عنه و هو في ذلك


يطلب شربة من مآء فلا يجد و كلما حمل بفرسه علي الفرات حملوا عليه باجمعهم حتي اجلوه عنه «و لما» اثخن بالجراح و بقي كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المزني علي خاصرته طعنة فسقط عليه السلام من فرسه الي الارض علي خده الايمن ثم قام و خرجت اخته زينب الي باب الفسطاط و هي تنادي وا أخاه وا سيداه وا أهل بيتاه ليت السمآء اطبقت علي الارض و ليت الجبال تدكدكت علي السهل «و قد» دنا عمر بن سعد فقالت يا عمر ايقتل ابوعبدالله و انت تنظر اليه فدمعت عيناه حتي سالت دموعه علي خديه و لحيته و صرف وجهه عنها و لم يجبها بشي ء فنادت ويلكم اما فيكم مسلم فلم يجبها احد بشي ء «و قاتل» عليه السلام راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية و يفترص العورة و يشد علي الخيل و هو يقول اعلي قتلي تجتمعون اما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله اسخط عليكم لقتله مني و ايم الله اني لأرجو ان يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون اما و الله لو قتلتموني لالقي الله بأسكم بينكم و سفك دماءكم ثم لا يرضي لكم بذلك حتي يضاعف لكم العذاب الاليم «و كان» علي الحسين عليه السلام جبة من خز و كان معتما مخضوبا بالوسمة «و لم» يزل يقاتل حتي اصابه اثنان و سبعون جراحة فوقف يستريح ساعة و قد ضعف عن القتال فبينا هو واقف اذ اتاه


حجر فوقع علي جبهته فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته فاتاه سهم مسموم له ثلاث شعب فوقع علي قلبه فقال عليه السلام بسم الله و بالله و علي ملة رسول الله صلي الله عليه و آله ثم رفع راسه الي السماء و قال آلهي تعلم انهم يقتلون رجلا ليس علي وجه الأرض ابن بنت نبي غيره ثم اخذ السهم فاخرجه من ورآء ظهره فانبعث الدم كأنه ميزاب فضعف و وقف «و لما» رجع الحسين عليه السلام من المسناة الي فسطاطه بعد قتل اخيه العباس اقبل الشمر في جماعة من اصحابه فاحاطوا به فاسرع منهم رجل يقال له مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين عليه السلام و ضربه علي رأسه الشريف بالسيف و كان علي رأسه برنس و قيل قلنسوة فقطع البرنس و وصل السيف الي رأسه فامتلأ البرنس دما فقال له الحسين عليه السلام لا اكلت بيمينك و لا شربت بها و حشرك الله مع القوم الظالمين ثم القي البرنس او القلنسوة و دعا بخرقة فشد بها رأسه و استدعي بقلنسوة اخري فلبسها و اعتم عليها «و اخذ» الكندي البرنس و كان من خز فلما قدم علي اهله اخذ يغسل عنه الدم فقالت له امرأته اسلب ابن رسول الله تدخل بيتي اخرجه عني «فلم» يزل ذلك الرجل فقيرا بشر طول عمره «و هذا» اخذه المختار و قطع يديه و رجليه و تركه يضطرب حتي مات «و رجع» شمر و من معه عن الحسين عليه السلام الي مواضعهم فمكثوا هيئة


ثم عادوا اليه فاخذ الحسين عليه السلام يشد عليهم فينكشفون عنه ثم انهم احاطوا به «فخرج» عبدالله بن الحسن بن علي عليهماالسلام و هو غلام لم يراهق من عند النساء فلحقته زينب بنت علي عليهماالسلام لتحبسه فقال لها الحسين عليه السلام احبسيه يا اختي فابي و امتنع عليها امتناعا شديدا و جاء يشتد الي عمه الحسين حتي وقف الي جنبه و قال لا افارق عمي فاهوي بحر (ابجر خ ل) بن كعب الي الحسين عليه السلام بالسيف فقال له الغلام ويلك يا ابن الخبيثة اتقتل عمي فضربه بحر (ابجر خ ل) بالسيف فاتقاها الغلام بيده فاطنها الي الجلد فاذا هي معلقة فنادي الغلام يا عماه او يا اماه فاخذه الحسين عليه السلام فضمه الي صدره و قال يا ابن اخي اصبر علي ما نزل بك و احتسب في ذلك الخير فان الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول الله صلي الله عليه و آله و علي و حمزة و جعفر و الحسن صلي الله عليهم اجمعين فرماه حرملة بسهم فذبحه و هو في حجر عمه فرفع الحسين عليه السلام يديه و قال اللهم امسك عنهم قطر السماء و امنعهم بركات الارض اللهم فأن متعتهم الي حين ففرقهم فرقا و اجعلهم طرائق قددا و لا ترض الولاة منهم ابدا فأنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا ثم ضارب الرجالة حتي انكشفوا عنه و كان قد ضعف عن القتال «و تحاماه» الناس فمكث طويلا من النهار و كلما جاءه احد انصرف عنه كراهية


ان يلقي الله بدمه «قال» هلال بن نافع اني لواقف مع اصحاب عمر ابن سعد اذ صرخ صارخ ابشر ايها الامير فهذا شمر قد قتل الحسين فخرجت بين الصفين فوقفت عليه و انه ليجود بنفسه فوالله ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه احسن منه و لا انور وجها و لقد شغلني نور وجهه و جمال هيئته عن الفكرة في قتله فاستسقي في تلك الحال ماء فسمعت رجلا يقول و الله لا تذوق الماء حتي ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول انا ارد الحامية فاشرب من حميمها لا و الله بل ارد علي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و اسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر و اشرب من ماء غير آسن و اشكو اليه ما ارتكبتم مني و فعلتم بي فغضبوا باجمعهم حتي كأن الله لم يجعل في قلب احد منهم من الرحمة شيئا «و صاح» شمر بالفرسان و الرجالة و يحكم ما تنتظرون بالرجل اقتلوه ثكلتكم امهاتكم فحملوا عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك علي كتفه اليسري و ضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه و ضربه آخر علي عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا بها لوجهه و كان قد اعيا و جعل يقوم و يكبو و طعنه سنان بن انس النخعي في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني [95] صدره و رماه بسهم فوقع في نحره فسقط و جلس قاعدا


فنزع السهم من نحره و قرن كفيه جميعا فكلما امتلأتا من دمائه خضب بها رأسه و لحيته و هو يقول: هكذا القي الله مخضبا بدمي مغصوبا علي حقي «و قال» عمر بن سعد لرجل عن يمينه انزل ويحك الي الحسين فارحه «و قيل» بل قال سنان لخولي بن يزيد احتز رأسه فبدر خولي ليحتز رأسه فضعف و ارعد فقال له سنان و قيل شمر فت الله في عضدك مالك ترعد و نزل سنان و قيل شمر اليه فذبحه ثم احتز رأسه الشريف و هو يقول و الله اني لأحتز رأسك و اعلم انك السيد المقدم و ابن رسول الله و خير الناس ابا و اما ثم دفع الراس الشريف الي خولي فقال احمله الي الامير عمر بن سعد و في ذلك يقول الشاعر:



فاي رزية عدلت حسينا

غداة تبيره كفا سنان



«و سنان» هذا اخذه المختار فقطع انامله انملة انملة ثم قطع يديه و رجليه و اغلي له قدرا فيها زيت و رماه فيها و هو يضطرب و جاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام فقال رجل يا امة الله ان سيدك قتل قالت الجارية فاسرعت الي سيداتي و انا اصيح فقمن في وجهي و صحن «و ارتفعت» في السماء عند قتل الحسين عليه السلام غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا يري فيها عين و لا اثر حتي ظن القوم ان العذاب قد جاءهم فلبشوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم «و في رواية» انها اظلمت الدنيا ثلاثة ايام بعد قتل الحسين عليه


السلام ثم ظهرت الحمرة في السماء «و لم» تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين عليه السلام و قال السدي لما قتل الحسين عليه السلام بكت السماء و بكاؤها حمرتها «و أمطرت» السماء دما يوم قتله و بقي اثره في الثياب مدة حتي تقطعت و كان جماعة في سفر قالوا فمطرنا مطرا بقي اثره في ثيابنا مثل الدم و ما قلع حجر بالشام و في رواية في الدنيا الا وجد تحته دم عبيط و مكث الناس شهرين او ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء ساعة تطلع الشمس حتي ترتفع و في رواية من صلاة الفجر الي غروب الشمس «و قال» عبدالملك بن مروان للزهري اي رجل انت ان اخبرتني اي علامة كانت يوم الحسين بن علي عليهماالسلام قال لا يرفع حصاة ببيت المقدس الا وجد تحتها دم عبيط فقال عبدالملك اني و اياك في هذا الحديث غريبان «و روي» عن ابي حباب الكلبي قال حدثنا الجصاصون قالوا كنا نخرج الي الجبانة في الليل عند مقتل الحسين عليه السلام فنسمع الجن ينوحون عليه و يقولون:



مسح النبي جبينه

فله بريق في الخدود



ابواه من عليا قريش

و جده خير الجدود



«و رأي» ابن عباس النبي صلي الله عليه و آله في الليلة التي قتل فيها الحسين عليه السلام و بيده قارورة و هو يجمع فيها دما قال فقلت يا رسول الله ما هذا قال هذه دماء الحسين عليه السلام و اصحابه


ارفعها الي الله تعالي فأصبح ابن عباس و اعلم الناس بقتل الحسين عليه السلام و قص رؤياه فوجد قد قتل في ذلك اليوم «و كان» سن الحسين عليه السلام يوم قتل سبعا و خمسين سنة او ستا و خمسين سنة و خمسة اشهر و سبعة ايام او خمسة ايام او تسعة اشهر و عشرة ايام او ثمانية اشهر و سبعة ايام او خمسة ايام علي اختلاف الروايات و الاقوال المتقدمة في مولده عليه السلام «و قيل» ثمان و خمسون سنة و قيل خمس و خمسون سنة و ستة اشهر.


پاورقي

[1] الحين بالفتح الهلاک «منه».

[2] أفکر في امري علي خطرين خ ل.

[3] الان حين تعلقته حبالنا خ ل.

[4] الخلاص خ ل.

[5] بغر البعير کفرح و منع شرب و لم يرو فاخذه داء من الشرب و البغر بالتحريک کثرة شرب الماء او داء و عطش کذا في القاموس (منه).

[6] کذا وجد و يحتمل ان يکون الصواب برير بن خضير و قد وقع في عدة مواضع برير بن خضير في بعض الکتب و يزيد بن حصين في بعض آخر فالظاهر انه صحف احدهما بالاخر و التعدد ممکن (منه).

[7] و ذلک ان امهم ام البنين کانت من بني کلاب و الشمر من بني کلاب «منه».

[8] طردتموهم و منعتموهم «منه».

[9] و سيأتي تمام کلامه عليه‏السلام في الرواية الآتية بعد هذا «منه عفي عنه».

[10] البراء موجود في مقتل ابن‏نما خاصة «منه».

[11] رواية ابن‏طاووس في اللهوف فاستنصتهم فانصتوا و يمکن حملها علي انهم انصتوا بعد ان قال لهم ما ذکر و يؤيده ان ابن‏طاوس «ره» کثير الأختصار «منه».

[12] التب الهلاک «منه».

[13] الترح محرکة الهم «منه».

[14] الوله بالتحريک الحزن «منه».

[15] و جيف الفرس و البعير عدوه و اوجفته اعديته «منه».

[16] يقال آدي للسفر بالمد اي تهيأ فهو مؤد و اداه علي کذا اعانه و فلان مؤداي شاک في السلاح «منه».

[17] او قدتم «منه».

[18] مجتمعين «منه».

[19] اي ضعف و أخطأ «منه».

[20] الضمير للحرب او الفتنة و التجهز التهيوء اي هلا اظهرتم ارادة الحرب من اول الامر حيث کانت الحال قابلة للتدارک و کان القياس تجهزتم لها لان تجهز لا يتعدي بنفسه و لو صحت روايتها عنه عليه‏السلام لکفي بها شاهدا علي الجواز لکن احتمال الخطأ من النساخ موجود «منه».

[21] مغمد «منه».

[22] الجأش بالهمز و الجاش بدونه رواغ القلب اذا اضطرب عند الفزع و نفس الانسان «منه».

[23] مطمئن «منه».

[24] استحصف الرأي استحکم «منه».

[25] الدبا بالفتح الجراد قبل ان يطير «منه».

[26] شذاذ الناس الذين يکونون في القوم و ليسوا من قبائلهم «منه».

[27] عاهرها عهارا اتاها للفجور «منه».

[28] السلة بالفتح و الکسر استلال السيوف «منه».

[29] و ان نهزم فغير مهزمينا خ ل.

[30] بالکسر عادتنا «منه».

[31] جمع کلکل و هو الصدر «منه».

[32] کمقدار «منه».

[33] المحور کمنبر العود الذي تدور عليه البکرة و ربما کان من حديد «منه».

[34] هو المختار بن ابي‏عبيدة الثقفي «منه».

[35] اختبرنا «منه».

[36] في الصحاح قولهم اسکت الله نامته اي ما ينم عليه من حرکته «منه».

[37] يقال ابرمه اي امله و اضجره «منه».

[38] الهبل الثکل «منه».

[39] (مهاصر خ ل).

[40] المرة بالکسر قوة الخلق و شدته و الاحکام و القوة «منه».

[41] العضب الطعن و الضرب «منه».

[42] الخوارالضعيف «منه».

[43] النکب المصيبة «منه».

[44] کفيل «منه».

[45] (مقدما خ ل).

[46] الظاهر انه وقع خلط من المؤرخين بين قصة وهب بن حباب الکلبي الآتي ذکره و قصة عبيدالله هذا کما يظهر من التتبع فالطبري و ابن‏الاثير نسبا قتل غلام شمر للمرأة الي زوجة عبيدالله کما ذکرناه هنا و بعض نسبه الي زوجة و هب و نسبا ايضا اخذ العمود الي آخر القصة الاتيه عند ذکر وهب بن حباب الي زوجة عبيد. و ابن‏طاوس و غيره نسبوا اخذ العمود الي زوجة وهب و الطبري و ابن‏الاثير قالا ان زوجة عبيدالله اسمها ام‏وهب فيحتمل الاشتباه بام‏وهب ابن‏حباب و ان يکونا اخذا ذلک من بعض الأراجيز المنسوبة لعبيدالله و فيها اني زعيم لک ام‏وهب. کما نقلناه هنا. و المفيد لم يذکر في رجز عبيدالله اني زعيم البيت و حسبي بيتي الخ و اقتصر علي الباقي و لعله اقرب الي الصواب. و الطبري نسب الي عبيدالله الرجز کما نسبناه هنا و عنه نقلناه و کذا ابن‏نما عدا الشطر الاخير. و بعضهم نسب الي وهب انه ارتجز و قال:



اني زعيم لک ام‏وهب

بالطعن فيهم تارة و الضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب

حتي يذيق القوم مر الحرب



اني امروء ذو مرة و عضب

و لست بالخوار قبل النکب



حسبي الهي من عليم حسبي

مع ان اکثر ذلک هو في الرجز المنسوب الي عبيدالله و الله اعلم «منه».

[47] (بابن حرب خ ل).

[48] قد عرفت ان الظاهر وقوع خلط من المؤرخين بين قصة الکلبي هذا و عبيدالله الکلبي المتقدم قاتل يسار و سالم فراجع (منه).

[49] لا يخفي ان مقتضي بعض الروايات انه قتل جماعة قبل الحر و هو المستفاد من تاريخ ابن‏الاثير فلذلک حمل علي ان المراد اول قتيل من المبارزين و يمکن کون الحر اول المقتولين و عدم صحة مادل علي خلاف ذلک کما لعله يفهم من تاريخ المفيد فأنه لم يذکر ان احدا تقدم الحر في القتل سوي ان ابن‏عوسجة صرع قبله «منه».

[50] اللبان الصدر «منه».

[51] اعراضکم خ ل.

[52] (مقصلا خ ل).

[53] مهللا خ ل.

[54] الفوق بالضم موضع الوتر من السهم و الجمع افواق «منه».

[55] ليس بالفرار خ ل.

[56] قال ابن‏نما عليه الرحمة قوله و داري اشار الي عمر بن سعد لما التمس منه الحسين عليه‏السلام المهادنة فقال تهدم داري اه و هو استنباط حسن «منه».

[57] نسبة الي شبام بالشين المعجمة المکسورة و الباء الموحدة بطن من همدان «منه».

[58] اردکم خ ل.

[59] سيأتي نسبة ابيات تشبه هذه الأبيات مع بعض التغيير الي الحجاج بن مسروق «منه».

[60] جمع کتد و هو ما بين الکاهل الي الظهر «منه».

[61] الآد الصلب کأنه اراد ان اصلاب آبائهم التي خرجت منها نطفهم خبيثه «منه».

[62] سيأتي ابيات لبعض الغفاريين فيها بعض من هذه (منه).

[63] کاهلنا خ ل.

[64] کاهلها و ذودان خ ل.

[65] يا قوم کونوا کأسود خفان و استقبلوا القوم بطعن آن خ ل.

[66] اي حان (منه).

[67] و آل حرب خ ل.

[68] بعد ان قتل علي رواية ابن‏شهر آشوب نيفا و عشرين رجلا (منه).

[69] قد تقدم نسبة بعض هذه الابيات الي زهير بن القين (منه).

[70] بعدان قتل علي رواية ابن‏شهر آشوب خمسا و عشرين رجلا (منه).

[71] بعد ان قتل علي رواية ابن شهر آشوب ستة عشر رجلا «منه».

[72] صارم خ ل.

[73] الاحرار خ ل.

[74] نسبة الي بني‏جابر من بطن همدان «منه».

[75] في رواية ان هذا الکلام کان منه عليه‏السلام مع الغفاريين (منه).

[76] في رواية ابن‏شهر آشوب انه قتل سبعين رجلا «منه».

[77] تقدمت ابيات منسوبة الي سويد بن عمرو و فيها الشطر الثاني و قريب من الشطر الاول کما انا بعدان وجدناها منسوبة الي سويد المذکور وجدنا ابن‏شهر آشوب نسبها الي سعيد بن عبدالله الحنفي «منه».

[78] فقتل علي رواية ابن‏شهر آشوب اربعة و ثمانين رجلا «منه».

[79] في حديث الرضا عليه‏السلام مع ابن‏شبيب و قتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلا فيمکن ان يکون عد معهم مسلما بن عقيل فانه و ان لم يقتل مع الحسين عليه‏السلام فکأنه قتل معه «منه».

[80] تسعة خ ل.

[81] و ستة خ ل و خمسة خ ل.

[82] الصواب تقديم البيت الخامس علي الرابع.

[83] و هي سمية ام‏زياد او مرجانة ام عبيدالله و کانتا من البغايا و قصتهما مشهورة (منه).

[84] و رب البيت خ ل.

[85] قال ابن شهر آشوب انه قتل ثمانية و تسعين رجلا في ثلاث حملات و لم يذکر ذلک غيره فيما علمناه «منه».

[86] علي هذا يکون المقتول بالطف من ولد عقيل ستة و بعضهم اقتصر علي ذکر اربعة «منه».

[87] في تاريخ الطبري ان قاتله عامر بن نهشل و قاتل اخيه عبدالله بن قطبة عکس ما ذکرنا «منه».

[88] ذکره ابوالفرج و لم يذکره غيره من الرواة و المورخين بل اقتصروا علي ذکر عون و محمد «منه».

[89] نجل خ ل.

[90] قال الطبري في تاريخه و ابن‏الاثير في الکامل و قد شک في قتله «منه».

[91] فهو اخو ابي‏بکر بن علي لأمه و ابيه و هو غير عبدالله بن علي اخي العباس لامه و ابيه و قد صرح بذلک المفيد في ارشاده «منه».

[92] بضم الثاء المثله و بفتح الباء للوحده و سکون الياء المثناة من تحتها و آخره تاء مثناة من فوقها «کامل ابن‏الاثير».

[93] ترک هنا بيت برمته و هو:



قضيت حق الأخا و الدين مبتذلا

للنفس في سقي اطفال له و نسا

[94] و انما قدمنا ذکره هنا حتي يرتبط بمقتل اخوته لامه «منه».

[95] البواني اضلاع الزور کذا في القاموس «منه».