بازگشت

في الأمور المتقدمة علي القتال


لما مات معويه [1] و ذلك في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة و تخلف بعده ولده يزيد كتب يزيد الي ابن عمه الوليد بن عتبة بن ابي سفيان و كان واليا علي المدينة مع مولي لمعويه يقال له ابن ابي زريق يأمره بأخذ البيعة علي اهلها [2] و خاصة علي الحسين


عليه السلام و لا يرخص له في التأخر عن ذلك و يقول ان ابي عليك فاضرب عنقه و ابعث الي برأسه فاحضر الوليد مروان بن الحكم و استشاره في امر الحسين «ع» فقال انه لا يقبل و لو كنت مكانك لضربت عنقه فقال الوليد ليتني لم اك شيئامذ كوارثم بعث الي الحسين «ع» في الليل فاستدعاه فعرف الحسين «ع» الذي اراد فدعا بجماعة من اهل بيته و مواليه و كانوا ثلاثين رجلا و امرهم بحمل السلاح و قال لهم ان الوليد قد استدعاني في هذا الوقت و لست آمن ان يكلفني فيه امرا لا أجيبه اليه و هو غير مأمون فكونوا معي فأذا دخلت اليه فاجلسوا علي الباب فأن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه لتمنعوه عني فصار الحسين «ع» الي الوليد فوجد عنده مروان ابن الحكم فنعي اليه الوليد معويه فاسترجع الحسين «ع» ثم قرأ عليه كتاب يزيد و ما امره فيه من اخذ البيعة منه ليزيد فقال الحسين عليه السلام اني اراك لا تقنع ببيعتي سرا حتي ابايعه جهرا فيعرف ذلك الناس فقال له الوليد اجل فقال الحسين «ع» تصبح و تري رأيك في ذلك فقال له الوليد انصرف علي اسم الله حتي تأتينا مع جماعة الناس فقال له مروان والله لئن فارقك الحسين الساعه و لم يبايع لا قدرت منه علي مثلها ابدا حتي تكثر القتلي بينكم و بينه ولكن احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتي يبايع او تضرب عنقه فوثب


الحسين «ع» عند ذلك و قال ويلي عليك يا ابن الرزقاء [3] انت تأمر بضرب عنقي و في رواية انت تقتلني ام هو كذبت والله و لوءمت ثم اقبل علي الوليد فقال ايها الامير انا اهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة بنا فتح الله و بنا ختم و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق و مثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح و تصبحون و ننظر و تنظرون اينا احق بالخلافة والبيعة ثم خرج يتهادي بين مواليه و هو يتمثل بقول يزيد بن المفرغ:



لا ذعرت السوام في غسق [4] الص

بح مغيرا و لا دعيت يزيدا



يوم اعطي مخافة الموت [5] ضيما

و المنايا يرصدنني ان احيدا



حتي اتي منزله و قيل انه انشدهما لما خرج من المسجد الحرام متوجها الي العراق. و قيل غير ذلك فقال مروان للوليد عصيتني لا والله لا يمكنك مثلها من نفسه ابدا فقال له الوليد ويحك انك اشرت علي بذهاب ديني و دنياي والله ما احب ان املك الدنيا بأسرها و اني قتلت حسينا سبحان الله اقتل حسينا لما أن قال لا ابايع والله ما اظن احدا يلقي الله بدم الحسين الا و هو خفيف الميزان لا ينظر الله اليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب اليم فقال مروان فاذا كان


هذا رأيك فقد اصبت فيما صنعت يقول هذا و هو غير حامد له علي رأيه فاقام الحسين عليه السلام في منزله تلك الليله و هي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين فلما اصبح خرج من منزله يستمع الأخبار فلقيه مروان فقال له يا اباعبدالله اني لك ناصح فاطعني ترشد فقال الحسين عليه السلام و ما ذاك قل حتي اسمع فقال مروان اني آمرك ببيعة يزيد بن معوية فأنه خير لك في دينك و دنياك فقال الحسين عليه السلام انا لله و انا اليه راجعون و علي الاسلام السلام اذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد و لقد سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول الخلافة محرمة علي آل ابي سفيان و طال الحديث بينه و بين مروان حتي انصرف مروان و هو غضبان فلما كان آخر نهار السبت بعث الوليد الرجال الي الحسين عليه السلام ليحضر فيبايع فقال لهم الحسين (ع) اصبحوا ثم ترون و نري فكفوا تلك الليلة عنه و لم يلحوا عليه فخرج في تلك الليلة و قيل في غداتها و هي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة [6] و قال محمد بن ابي طالب


خرج الحسين (ع) من منزله ذات ليلة و اقبل الي قبر جده صلي الله عليه و آله فقال السلام عليك يا رسول الله انا الحسين بن فاطمه فرخك و ابن فرختك و سبطك الذي خلفتني في امتك فاشهد عليهم يا نبي الله انهم قد خذلوني و ضيعوني و لم يحفظوني و هذه شكواي اليك حتي القاك ثم قام فصف قدميه فلم يزل راكعا و ساجدا فلما كانت الليلة الثانية خرج الي القبر ايضا و صلي ركعات فلما فرغ من صلاته جعل يقول اللهم هذا قبر نبيك محمد و انا ابن بنت نبيك و قد حضرني من الأمر ما قد علمت اللهم اني احب المعروف و انكر المنكر و انا اسألك يا ذاالجلال و الأكرام بحق القبر و من فيه الا اخترت لي ما هو لك رضا و لرسولك رضا ثم جعل يبكي عند القبر حتي اذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه علي القبر فاغفي فاذا هو برسول الله (ص) قد اقبل في كتيبة من الملآئكة عن يمينه و عن شماله و بين يديه حتي ضم الحسين (ع) الي صدره و قبل بين عينيه و قال حبيبي يا حسين كأني اراك عن قريب مرملا بدمائك مذبوحا بارض كرب و بلاء من عصابة من امتي و انت مع ذلك عطشان لا تسقي و ظمآن لا تروي و هم مع ذلك يرجون شفاعتي لا انالهم الله شفاعتي يوم القيامة حبيبي يا حسين ان أباك و امك و اخاك قدموا علي و هم مشتاقون اليك و ان لك في الجنان لدرجات لا تنالها الا بالشهادة فجعل الحسين (ع)


في منامه ينظر الي جده و يقول يا جداه لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا فخذني اليك و ادخلني معك في قبرك فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله لابد لك من الرجوع الي الدنيا حتي ترزق الشهادة و ما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم فأنك و اباك و اخاك و عمك و عم ابيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتي تدخلوا الجنة فانتبه الحسين (ع) من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤياه علي اهل بيته و بني عبدالمطلب فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق و لا مغرب قوم اشد غما من اهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و لا اكثر باك و لا باكية منهم و لما عزم الحسين عليه السلام علي الخروج من المدينة مضي في جوف الليل الي قبر امه فودعها ثم مضي الي قبر اخيه الحسن (ع) ففعل كذلك و خرج معه بنو اخيه و اخوته و جل اهل بيته الا محمد بن الحنفية فأنه لما علم عزمه علي الخروج من المدينة لم يدر اين يتوجه فقال له يا اخي انت احب الناس الي و اعزهم علي و لست والله ادخر النصيحة لأحد من الخلق و ليس احد احق بها منك لانك مزاج مائي و نفسي و روحي و بصري و كبير اهل بيتي و من وجبت طاعته في عنقي لأن الله قد شرفك علي و جعلك من سادات اهل الجنة تنح ببيعتك عن يزيد و عن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك الي الناس فادعهم الي نفسك فأن بايعك الناس و بايعوا لك حمدت الله


علي ذلك و ان اجتمع الناس علي غيرك لم ينقص الله بذلك دينك و لا عقلك و لا تذهب به مرووءتك و لا فضلك اني اخاف عليك ان تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك و اخري عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة غرضا فاذا خير هذه الأمة كلها نفسا و ابا و اما اضيعها دما و اذلها أهلا فقال له الحسين عليه السلام فأين اذهب يا أخي قال تخرج الي مكة فان اطمأنت بك الدار بها فذاك و ان تكن الأخري خرجت الي بلاد اليمن فأنهم انصار جدك و ابيك و هم ارأف الناس و أرقهم قلوبا و اوسع الناس بلادا فأن اطمأنت بك الدار و الا لحقت بالرمال و شعف [7] «و شعوب خ ل» الجبال و جزت من بلد الي بلد حتي تنظر ما يوءول اليه أمر الناس و يحكم الله بيننا و بين القوم الفاسقين فأنك اصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الأمر استقبالا فقال الحسين عليه السلام يا اخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوي لما بايعت يزيد بن معوية فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام و بكي فبكي الحسين عليه السلام معه ساعة ثم قال يا اخي جزاك الله خيرا فقد نصحت و اشفقت و ارجو ان يكون رأيك سديدا موفقا و انا عازم علي الخروج الي مكة و قد تهيأت لذلك انا و اخوتي و بنو اخي و شيعتي


امرهم امري و رأيهم رأيي و اما انت يا اخي فلا عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم لا تخفي عني شيئا من امورهم ثم دعا الحسين عليه السلام بدواة و بياض و كتب هذه الوصية لأخيه محمد.

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اوصي به الحسين بن علي بن ابي طالب الي اخيه محمد المعروف بابن الحنفية ان الحسين عليه السلام يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله جاء بالحق من عند الحق و ان الجنة حق و ان الساعة آتية لا ريب فيها و ان الله يبعث من في القبور و اني لم اخرج أشر او لا بطر او لا مفسدا و لا ظالما و انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي اريد ان آمر بالمعروف و انهي عن المنكر و اسير بسيرة جدي و ابي علي بن ابي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله اولي بالحق و من رد علي هذا اصبر حتي يقضي الله بيني و بين القوم بالحق و هو خير الحاكمين و هذه وصيتي يا اخي اليك و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب ثم طوي الكتاب و ختمه بخاتمه ثم دفعه الي اخيه محمد ثم و دعه و خرج من المدينة و اقبلت نساء بني عبدالمطلب فاجتمعن للنياحة لما بلغهن ان الحسين عليه السلام يريد الشخوص من المدينة حتي مشي فيهن الحسين «ع» فقال انشد كن الله ان تبدين هذا الأمر معصية لله و لرسوله قالت له نساء بني عبدالمطلب فلمن نستبقي النياحة و البكاء فهو عندنا


كيوم مات فيه رسول صلي الله عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و رقية و زينب و ام كلثوم جعلنا الله فداك من الموت يا حبيب الأبرار من اهل القبور و اقبلت بعض عماته تبكي و تقول اشهد يا حسين لقد سمعت الجن ناحت بنوحك و هم يقولون:



و ان قتيل الطف من آل هاشم

اذل رقابا من قريش فذلت



و اتته ام سلمة فقالت يا بني لا تحزني بخروجك الي العراق فاني سمعت جدك (ص) يقول يقتل ولدي الحسين بأرض العراق بأرض يقال لها كربلا فقال لها يا أماه و انا و الله اعلم ذلك و اني مقتول لا محالة و ليس لي من هذا بد و اني و الله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه و اعرف من يقتلني و اعرف البقعة التي ادفن فيها و اعرف من يقتل من اهل بيتي و قرابتي و شيعتي و ان اردت يا اماه اريك حفرتي و مضجعي ثم اشار الي جهة كربلا فانخفصت الأرض حتي اراها مضجعه و مدفنه و موضع عسكره و موقفه و مشهده فعند ذلك بكت ام سلمة بكآء شديدا و سلمت امرها الي الله فقال تعالي فقال لها يا اماه قد شآء الله ان يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا و قد شآء ان يري حرمي و رهطي و نسائي مشردين و اطفالي مذبوحين مأسورين مظلومين مقيدين و هم يستغيثون فلا يجدون ناصرا و لا معينا و خرج عليه السلام من المدينة في جوف الليل و هو يقرأ فخرج منها خآئفا يترقب قال ربي نجني من القوم


الظالمين و لزم الطريق الأعظم فقال له اهل بيته لو تنكبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير كيلا يحلقك الطلب فقال لا والله لا افارقه حتي يقضي الله ما هو قاض فلقيه عبدالله بن مطيع فقال له جعلت فداك اين تريد قال اما الآن فمكة و اما بعد فأني استخير الله قال خار الله لك و جعلنا فداك فأذا اتيت مكة فأياك ان تقرب الكوفة فأنها بلدة مشوءومة بها قتل ابوك و خذل اخوك و اغتيل بطعنة كادت تأتي علي نفسه الزم الحرم فانت سيد العرب لا يعدل بك اهل الحجاز احدا و يتداعي اليك الناس من كل جانب لا تفارق الحرم فداك عمي و خالي فوالله لئن هلكت لنسترقن بعدك و كان دخوله عليه السلام الي مكة يوم (ليلة خ ل) الجمعة لثلاث مضين من شعبان فيكون مقامه في الطريق نحوا من خمسة ايام لأنه خرج من المدينة لليلتين بقيتا من رجب كما مر و دخلها و هو يقرأ و لما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي ان يهديني سواء السبيل فاقام بمكة باقي شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذا القعده و ثماني ليال من ذي الحجة و اقبل اهل مكة و من كان بها من المعتمرين و اهل الآفاق يختلفون اليه و ابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة و هو قائم يصلي عندها عامة النهار و يطوف و يأتي الحسين عليه السلام فيمن يأتيه اليومين المتواليين و بين كل يومين مرة و لا يزال يشير عليه بالرأي و هو اثقل خلق الله علي ابن الزبير لأنه قد علم ان اهل


الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين عليه السلام باقيا في البلد و ان الحسين عليه السلام اطوع في الناس منه و اجل و لما بلغ اهل الكوفة موت معوية و امتناع الحسين عليه السلام من البيعة ارجفوا بيزيد و اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فلما تكاملوا قام سليمان فيهم خطيبا و قال في آخر خطبته يا معشر الشيعة انكم قد علمتم بان معوية قد هلك و صار الي ربه و قدم علي عمله و قد قعد في موضعه ابنه يزيد و هذا الحسين بن علي عليهماالسلام قد خالفه و صار الي مكه هاربا من طواغيت آل ابي سفيان و انتم شيعته و شيعة ابيه من قبله و قد احتاج الي نصرتكم اليوم فان كنتم تعلمون انكم ناصروه و مجاهدوا عدوه فاكتبوا أليه و ان خفتم الوهن و الفشل فلا تغروا الرجل من نفسه قالوا بل نقاتل عدوه و نقتل انفسنا دونه فارسلوا و فدا من قبلهم و عليهم ابوعبدالله الجدلي و كتبوا اليه معهم (بسم الله الرحمن الرحيم) للحسين بن علي عليهماالسلام من سليمان بن صرد و المسيب بن نجبة [8] و رفاعة بن شداد البجلي و حبيب بن مظاهر و عبدالله بن وال و شيعته من المؤمنين و المسلمين سلام عليك اما بعد فالحمدلله الذي قصم عدوك و عدو ابيك من قبل الجبار العنيد الغشوم الظلوم الذي انتزي علي هذه الأمة فابتزها امرها و غصبها فيأها و تأمر عليها بغير


رضا منها ثم خيارها و استسقي شرارها و جعل مال الله دولة بين جبابرتها و عتاتها فبعدا له كما بعدت ثمود و انه ليس علينا امام غيرك فاقبل لعل الله يجمعنا بك علي الحق و النعمان بن بشير في قصر الأمارة و لسنا نجتمع معه في جمعة و لا نخرج معه الي عيد و لو قد بلغنا انك اقبلت اخرجناه حتي يلحق بالشام أن شاء الله تعالي والسلام عليك و رحمة الله و بركاته يا ابن رسول الله و علي ابيك من قبلك و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و قيل انهم سرحوا الكتاب مع عبدالله بن مسمع الهمداني و عبدالله بن وال و امروهما بالنجآء فخرجا مسرعين حتي قدما علي الحسين عليه السلام بمكة لعشر مضين من شهر رمضان ثم لبثوا يومين و انفذوا قيس بن مسهر الصيداوي [9] و عبدالرحمن بن عبدالله بن شداد الأرحبي و عمارة بن عبدالله السلولي الي الحسين عليه السلام و معهم نحو مائة و خمسين صحيفة من الرجل و الأثنين و الاربعة و هو مع ذلك يتأني و لا يجيبهم فورد عليه في يوم واحد ستمانة كتاب و تواترت الكتب حتي اجتمع عنده في نوب متفرقة اثنا عشر الف كتاب ثم لبثوا يومين آخرين و سرحوا اليه هاني بن




هاني السبيعي [10] و سعيد بن عبدالله الحنفي و كانا آخر الرسل و كتبوا اليه (بسم الله الرحمن الرحيم) للحسين بن علي عليهماالسلام من شيعته من المؤمنين و المسلمين اما بعد فحيهلا [11] فان الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك فالعجل العجل ثم العجل العجل و السلام ثم كتب معهما ايضا شبث [12] بن ربعي و حجار بن ابجر [13] و يزيد بن الحارث و يزيد بن رويم و عروة بن قيس و عمرو بن الحجاج الزبيدي و محمد بن عمير التميمي (اما بعد) فقد اخضر الجناب و اينعت الثمار فأذا شئت فاقبل علي جند لك مجند و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و علي ابيك من قبلك و في رواية ان اهل الكوفة كتبوا اليه ان لك هنا مائة الف سيف فلا تتأخر و تلاقت الرسل كلها عنده فقال الحسين عليه السلام لهاني و سعيد خبراني من اجتمع علي هذا الكتاب الذي سير الي معكما فقالا يا ابن رسول الله شبث بن ربعي و حجار بن ابجر و يزيد بن الحارث و يزيد بن رويم و عروة بن قيس و عمرو بن الحجاج [14] و محمد بن عمير بن عطارد فعندها قام الحسين عليه السلام فصلي


ركعتين بين الركن و المقام و سأل الله الخيرة في ذلك ثم كتب مع هاني ابن هاني و سعيد بن عبدالله (بسم الله الرحمن الرحيم) من الحسين ابن علي الي الملأ من المؤمنين و المسلمين اما بعد فان هانيا و سعيدا قدما علي بكتبكم و كانا آخر من قدم علي من رسلكم و قد فهمت كل الذي اقتصصتم و ذكرتم و مقالة جلكم انه ليس علينا امام فاقبل لعل الله ان يجمعنا بك علي الحق والهدي و انا باعث اليكم اخي و ابن عمي و ثقتي من اهل بيتي مسلما ابن عقيل فان كتب الي انه قد اجتمع رأي ملأ كم و ذوي الحجي و الفضل منكم علي مثل ما قدمت به رسلكم و قرات في كتبكم فاني اقدم اليكم و شيكا [15] ان شآء الله تعالي فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه علي ذلك لله و السلام و دعا الحسين عليه السلام مسلما ابن عقيل و قيل انه كتب معه جواب كتبهم فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبدالله السلولي و عبدالرحمن بن عبدالله الازدي و امره بالتقوي و كتمان امره و اللطف فان رأي الناس مجتمعين مستوسقين عجل اليه بذلك فاقبل مسلم رحمه الله حتي اتي الي المدينة فصلي في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و ودع من احب من اهله و استأجر


دليلين من قيس فاقبلا به يتنكبان الطريق و اصابهما عطش شديد فعجزا عن السير فأومآ له الي سنن الطريق بعد ان لاح لهما ذلك فسلك مسلم ذلك السنن و مات الدليلان عطشا فكتب مسلم الي الحسين عليه السلام من الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسهر اما بعد فأني اقبلت من المدينة مع دليلين فحادا عن الطريق فضلا و اشتد علينا العطش فلم يلبثا ان ماتا و اقبلنا حتي انتهينا الي المآء فلم ننج الا بحشاشة انفسنا و ذلك المآء بمكان يدعي المضيق من بطن الخبت و قد تطيرت من توجهي هذا فأن رأيت اعفيتني منه و بعثت غيري و السلام فكتب اليه الحسين عليه السلام اما بعد فقد خشيت ان لا يكون حملك علي الكتاب الي في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له الا الجبن فامض لوجهك الذي و جهتك فيه و السلام فلما قرأ مسلم الكتاب قال اما هذا فلست اتخوفه علي نفسي فاقبل حتي مر بماء لطي ء فنزل ثم ارتحل عنه فأذا برجل يرمي الصيد فنظر اليه و قد رمي ظبيا حين اشرف له فصرعه فقال مسلم نقتل عدونا ان شاء الله ثم اقبل حتي دخل الكوفة فنزل في دار المختار بن ابي عبيدة الثقفي و قيل في غيرها و اقبلت الشيعة تختلف اليه فكلما اجتمع اليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليه السلام و هم يبكون و بايعه الناس حتي بايعه منهم ثمانية عشر الفا و في رواية اثنا عشر الفا فكتب


مسلم الي الحسين عليه السلام كتابا يقول فيه اما بعد فان الرائد لا يكذب اهله و ان جميع اهل الكوفة معك و قد بايعني منهم ثمانية عشر الفا (و في رواية اثنا عشر الفا) فعجل الأقبال حين تقرأ كتابي هذا و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و ارسل الكتاب مع عابس بن شبيب الشاكري و قيس بن مسهر الصيداوي و عن الشعبي انه بايع الحسين عليه السلام اربعون الفا من اهل الكوفة علي ان يحاربوا من حارب و يسالموا من سالم و جعلت الشيعة تختلف الي مسلم حتي علم بمكانه فبلغ النعمان بن بشير ذلك و كان واليا علي الكوفة من قبل معوية فأقره يزيد عليها و كان من الصحابة من الانصار و حضر مع معويه حرب صفين و كان من اتباعه [16] فصعد المنبر و خطب الناس و حذرهم الفتنة فقام اليه عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني اميه فقال له انه لا يصلح ما تري الا الغشم ان هذا الذي انت عليه رأي المستضعفين فقال له النعمان ان اكون من المستضعفين في طاعة الله أحب الي من أن أكون من الأعزين في معصية الله ثم نزل فكتب عبدالله بن مسلم الي يزيد يخبره بقدوم مسلم بن عقيل الكوفه و مبايعة الناس له و يقول ان كان لك في الكوفة حاجة فابعث اليها رجلا قويا ينفذ امرك و يعمل مثل عملك في عدوك فان النعمان بن


بشير رجل ضعيف او هو يتضعف و كتب اليه عمارة بن الوليد بن عقبه و عمر بن سعد بنحو ذلك فدعي يزيد سرحون مولي معويه و استشاره فيمن يولي علي الكوفة و كان يزيد عاتبا علي عبيدالله بن زياد و هو يومئذ وال علي البصرة و كان معويه قد كتب لابن زياد عهدا بولاية الكوفة و مات قبل انفاذه فقال سرحون ليزيد لو نشر لك معوية ما كنت آخذا برأيه قال بلي قال هذا عهده لعبيد الله علي الكوفة فضم يزيد البصره و الكوفة الي عبيد الله و كتب اليه بعهده و سيره مع مسلم بن عمرو الباهلي و كتب الي عبيد الله معه اما بعد فأنه كتب الي شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني ان ابن عقيل فيها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين فسر حين تقرأ كتابي هذا حتي تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخزرة حتي تثقفه فتوثقه او تقتله او تنفيه و السلام فخرج مسلم بن عمرو حتي قدم علي عبيدالله بالبصرة فأمر عبيدالله بالجهاز من وقته و التهيأ و المسير الي الكوفة من الغد و كان الحسين عليه السلام قد كتب الي جماعة من اشراف البصرة كتابا مع ذراع السدوسي و قيل مع مولي للحسين عليه السلام اسمه سليمان و يكني ابارزين منهم. الاحنف بن قيس. و يزيد بن مسعود النهشلي. و المنذر ابن الجارود العبدي. يقول فيه اني ادعوكم الي الله و الي نبيه فأن السنة قد اميتت و ان البدعة قد احييت فان تجيبوا دعوتي و تطيوا


أمري أهدكم سبيل الرشاد فجمع يزيد بن مسعود بني تميم و بني حنظلة و بني سعد فلما حضروا قال يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم و حسبي منكم فقالوا بخ بخ انت و الله فقرة الظهر و رأس الفخر حللت في الشرف وسطا و تقدمت فيه فرطا قال فاني قد جمعتكم لأمر اريد ان أشاوركم فيه و استعين بكم عليه فقالوا انا و الله نمنحك النصيحة و نجهد لك الرأي فقل حتي نسمع فقال أن معوية مات فاهون به و الله هالكا و مفقودا الا و انه قد انكسر باب الجور و الأثم و تضعضعت اركان الظلم و قد كان احدث بيعة عقدبها امر اظن ان قد احكمه و هيهات الذي اراد اجتهد والله ففشل و شاور فخذل و قد قام ابنه يزيد شارب الخمور و رأس الفجور يدعي الخلافة علي المسلمين و يتأمر عليهم بغير رضي منهم مع قصر حلم و قلة علم لا يعرف من الحق موطي ء قدميه فاقسم بالله قسما مبرورا لجهاده علي الدين افضل من جهاد المشركين و هذا الحسين بن علي بن رسول الله صلي الله عليه و آله ذو الشرف الأصيل و الراي الاثيل له فضل لا يوصف و علم لا ينزف و هو اولي بهذا الأمر لسابقته و سنه و قدمه و قرابته يعطف علي الصغير و يحنو علي الكبير فاكرم به راعي رعية و امام قوم و جبت لله به الحجة و بلغت به الموعظة فلا تعشوا عن نور الحق و لا تسكعوا [17]


في وهد الباطل فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم الي ابن رسول الله (ص) و نصرته والله لا يقصر احد عن نصرته الا اورثه الله تعالي الذل في ولده و القلة في عشيرته وها اناذا قد لبست للحرب لامتها و ادرعت لها بدرعها من لم يقتل يمت و من يهرب لم يفت فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب فتكلمت بنوحنظله فقالوا يا اباخالد نحن نبل كنانتك و فرسان عشيرتك ان رميت بنا اصبت و ان غزوت بنا فتحت لا تخوض والله غمرة الا خضناها و لا تلقي و الله شدة الالقيناها ننصرك باسيافنا و نقيك بابداننا اذا شئت فقم و تكلمت بنو سعد بن يزيد فقالوا يا اباخالد ان أبغض الاشياء الينا خلافك و الخروج من رأيك و قد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا امرنا (رأيه خ ل) و بقي عزنا فينا فامهلنا نراجع الرأي و نحسن المشورة و نأتيك برأينا و تكلمت بنو عامر بن تميم فقالوا اباخالد نحن بنو ابيك و حلفاوءك لا نرضي ان غضبت و لا نقطن ان ظعنت و الأمر اليك فادعنا نجبك و مرنا نطعك و الأمر لك اذا شئت فقال و الله يا بني سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم ابدا و لا زال سيفكم فيكم ثم كتب الي الحسين عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فقد وصل الي كتابك و فهمت ما ندبتني اليه و دعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك و الفوز بنصيبي من نصرتك و ان الله لم


يخل الأرض قط من عامل عليها بخير او دليل علي سبيل نجاة و انتم حجة الله علي خلقه و وديعته في ارضه تفرعتم من زيتونة احمديه هو اصلها و انتم فرعها فاقدم سعدت باسعد طائر فقد ذللت لك اعناق بني تميم و تركتهم اشد تتابعا في طاعتك من الأبل الظمآء لورود المآء يوم خمسها و قد ذللت لك رقاب بني سعد و غسلت درن صدورها بمآء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع فلما قرأ الحسين عليه السلام الكتاب قال مالك آمنك الله يوم الخوف و اعزك و ارواك يوم العطش الأكبر فلما تجهز المشاراليه للخروج الي الحسين عليه السلام بلغه قتله قبل أن يسير فجزع من انقطاعه عنه و كتب اليه الأحنف اما بعد فاصبر أن وعد الله حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون و اما المنذر بن الجارود فأنه جآء بالكتاب و الرسول الي عبيدالله بن زياد في عشية الليلة التي يريد ابن زياد ان يذهب في صبيحتها الي الكوفة لأن المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيسا من عبيد الله و كانت بحرية بنت المنذر زوجة عبيدالله فأخذ عبيدالله الرسول فصلبه ثم انه خطب الناس و توعدهم علي الخلاف و خرج من البصرة و استخلف عليها اخاه عثمان و أقبل الي الكوفة و معه مسلم بن عمرو الباهلي


رسول يزيد و شريك [18] ابن الاعور الحارثي و قيل كان معه خمسمائة فتأخروا عنه رجآء ان يقف عليهم و يسبقه الحسين عليه السلام الي الكوفة فلم يقف علي احد منهم و سار فلما اشرف علي الكوفة نزل حتي امسي و دخلها ليلا مما يلي النجف و عليه عمامة سودآء و هو متلثم قال بعضهم انه دخلها من جهة البادية في زي اهل الحجاز ليوهم الناس انه الحسين «ع» و الناس قد بلغهم اقبال الحسين «ع» فهم ينتظرونه فظنوا رأوا عبيدالله انه الحسين عليه السلام فقالت أمرأة الله اكبر ابن رسول الله (ص) فتصايح الناس و قالوا انا معك اكثر من اربعين الفا و اخذ لا يمر علي جماعة من الناس الا سلموا عليه و قالوا مرحبا بك يا ابن رسول الله قدمت خير مقدم فرأي من تباشرهم بالحسين (ع) ماساءه و ازدحموا عليه حتي اخذوا بذنب دابته فحسر اللثام و قال انا عبيدالله فتساقط القوم و وطأ بعضهم بعضا و في رواية ان عبدالله بن مسلم قال لهم لما كثروا تأخروا هذا الأمير عبيدالله بن زياد و سار حتي وافي القصر بالليل و معه جماعة قد التفوا


به لا يشكون انه الحسين (ع) فاغلق النعمان بن بشير عليه و علي خاصته فناداه بعض من كان مع ابن زياد ليفتح لهم الباب فاطلع عليه النعمان و هو يظنه الحسين (ع) فقال انشدك الله الا تنحيت و الله ما انا بمسلم اليك امانتي و ما لي في قتالك من ارب فجعل لا يكلمه ثم انه دني فتدلي النعمان من شرف القصر فجعل يكلمه فقال ابن زياد افتح لا فتحت فقد طال ليلك و سمعها انسان من خلفه فنكص الي القوم الذين اتبعوه من اهل الكوفة علي انه الحسين فقال يا قوم ابن مرجانه و الذي لا آله غيره ففتح له النعمان فدخل و ضربوا الباب في وجوه الناس و انفضوا و اصبح ابن زياد فنادي في الناس الصلوة جامعة فاجتمع الناس فخرج اليهم فحمد الله و اثني عليه ثم قال اما بعد فان اميرالمؤمنين يزيد و لاني مصركم و ثغركم و فيئكم و امرني بانصاف مظلومكم و اعطاء محرومكم و الأحسان الي سامعكم و مطيعكم و بالشدة علي مريبكم و عاصيكم و انا متبع فيكم امره و منفذ فيكم عهده فانا لمحسنكم و مطيعكم كالولدا البروسوطي و سيفي علي من ترك امري و خالف عهدي فليتق امروء علي نفسه الصدق ينبي ء عنك لا الوعيد ثم نزل و في رواية انه قال فابلغوا هذا الرجل الهاشمي (يعني مسلما بن


عقيل) ليتقي غضبي و اخذ العرفاء [19] و الناس اخذا شديدا فقال اكتبوا لي الغربآء و من فيكم من طلبة اميرالمؤمنين [20] و من فيكم من الحروية [21] و اهل الريب الذين شأنهم الخلاف و النفاق و الشقاق ثم يجاءبهم لنري رأينا فمن يجي ء لنابهم فبري ء و من لم يكتب لنا احدا فليضمن لنا من في عرافته ان لا يخالفنا منهم مخالف و لا يبغي علينا منهم باغ فمن لم يفعل برئت منه الذمة و حلال لنا دمه و ماله و ايما عريف و جد في عرافته من بغية اميرالمؤمنين احد لم يرفعه الينا صلب علي باب داره و الغيت تلك العرافة من العطآء و لما سمع مسلم بن عقيل مجي ء عبيدالله الي الكوفة و مقالته التي قالها و ما اخذ به العرفآء و الناس خرج من دار المختار الي دار هاني بن عروة في جوف الليل و دخل في امانه فاخذت الشيعة تختلف اليه في دار هاني علي تستر و استخفآء من عبيدالله و تواصوا بالكتمان و الح عبيدالله في طلب مسلم و لا يعلم اين هو و كان شريك بن الأعور الهمداني لما جاء من البصرة مع عبيدالله بن زياد نزل دار هاني فمرض و كان شريك من


محبي اميرالمؤمنين «ع» و شيعته عظيم المنزلة جليل القدر فارسل أليه ابن زياد انه يريد ان يعوده فقال شريك لمسلم ان هذا الفاجر عائدي فادخل بعض الخزائن فاذا جلس اخرج اليه فاقتله ثم اقعد في القصر ليس احد يحول بينك و بينه فأن برئت سرت الي البصرة حتي اكفيك امرها و علامتك ان اقول اسقوني ماء و نهاه هاني عن ذلك و كان مسلم شجاعا مقداما جسورا فلما دخل عبيدالله علي شريك و سأله عن وجعه و طال سؤاله جعل يقول اسقوني مآء فلما رأي ان احدا لا يخرج خشي ان يفوته فاخذ يقول:



ما الانتظار بسلمي ان تحييها

كاس المنية بالتعجيل اسقوها



فتوهم ابن زياد و خرج فلما خرج دخل مسلم و السيف في كفه فقال له شريك ما منعك من قتله قال هممت بالخروج فتعلقت بي امرأة و قالت لي نشدتك الله ان قتلت ابن زياد في دارنا و بكت في وجهي فرميت السيف و جلست فقال هاني يا ويلها قتلتني و قتلت نفسها و الذي فرت منه وقعت فيه و في رواية انه قال منعني من قتله خصلتان كراهية هاني ان يقتل في داره و حديث ان الأيمان قيد الفئك فقال له هاني اما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا و لما خفي علي ابن زياد حديث مسلم دعي مولي له يقال له معقل فاعطاه ثلاثة آلاف او اربعة آلاف درهم و امره بحسن التوصل الي اصحاب مسلم و ان


يدفع اليهم المال و يقول لهم استعينوا به علي حرب عدوكم و يعلمهم انه من اهل حمص و يظهر لهم انه منهم و قال له انك لو قد اعطيتهم المال اطمأنوا اليك و وثقوا بك فتردد اليهم حتي تعرف مقر مسلم و تدخل عليه فجآء معقل حتي جلس الي مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم و هو يصلي فسمع قوما يقولون هذا يبايع للحسين (ع) فقال له معقل اني امرؤ من اهل الشام انعم الله علي بحب اهل هذا البيت و من احبهم و تباكي له و قال معي ثلاثة آلاف درهم اردت بها لقآء رجل منهم بلغني انه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فاغتر ابن عوسجة بذلك فاخذ بيعته و اخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحن و ليكتمن ثم ادخله علي مسلم فاخذ بيعته و امر أباتمامة الصآئدي بقبض المال منه و هو الذي كان يقبض اموالهم و ما يعين به بعضهم بعضا و يشتري لهم به السلاح و كان بصيرا و فارسا من فرسان العرب و وجوه الشيعة و اقبل معقل يختلف اليهم فهو اول داخل و آخر خارج حتي فهم ما احتاج اليه ابن زياد فكان يخبره وقتا وقتا و بلغ الذين بايعوا مسلما خمسة و عشرين الف رجل فعزم علي الخروج فقال هاني لا تعجل و خاف هاني عبيدالله علي نفسه فانقطع عن حضور مجلسه و تمارض فسأل عنه ابن زياد فقبل هو مريض فقال لو علمت بمرضه لعدته و دعا محمد بن الأشعث و اسمآء بن خارجه و عمرو بن الحجاج الزبيدي


و كانت رويحه بنت عمرو هذا تحت هاني فقال لهم ما يمنع هاني من اتياننا فقالوا ما ندري و قد قيل انه مريض قال قد بلغني ذلك و بلغني انه بري ء و انه يجلس علي باب داره قالقوه و مروه ان لا يدع ما عليه من حقنا فاني لا احب ان يفسد عندي مثله من اشراف العرب فأتوة و وقفوا عيشة علي بابه فقالو له ما يمنعك من لقاء الأمير فأنه قد ذكرك و قال لو اعلم انه مريض لعدته فقال لهم المرض يمنعني فقالوا انه قد بلغه انك تجلس كل عشية علي باب دارك و قد استبطأك و الأبطاء و الجفاء لا يحتمله السلطان من مثلك لأنك سيد في قومك و نحن نقسم عليك الا ركبت معنا فدعا بثيابه فلبسها ثم دعا ببغلته فركبها حتي اذا دني من القصر كأن نفسه احست ببعض الذي كان فقال لحسان بن اسماء بن خارجة يا ابن الاخ اني و الله لهذا الرجل لخائف فما تري قال يا عم و الله اتخوف عليك شيئا و لم تجعل علي نفسك سبيلا و لم يكن حسان يعلم مما كان شيئا و كان محمد بن الاشعث عالما به فجاء هاني و القوم معه حتي دخلوا علي عبيد الله فلما طلع قال عبيد الله لشريح القاضي و كان جالسا عنده.



اتتك بخائن رجلاه تسعي

يقود النفس منها للهوان



فلما دني من ابن زياد التفت الي شريح و اشار الي هاني و انشد بيت عمرو بن معد يكرب الزبيدي.




أريد حياته (حباءه خ ل) و يريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد



و كان اول ما قدم مكر ما له ملطفا به فقال له هاني و ما ذاك ايها الأمير قال ايه يا هاني ما هذه الأمور التي تربص في دارك لاميرالمؤمنين و عامة المسلمين جئت بمسلم ابن عقيل فادخلته دارك و جمعت له الجموع و السلاح في الدور حولك و ظننت ان ذلك يخفي علي قال ما فعلت ذلك و ما مسلم عندي قال بلي قد فعلت فلما كثر ذلك بينهما و ابي هاني لا مجاحدته و منا كرته دعا ابن زياد معقلا ذلك العين فقال اتعرف هذا قال نعم و علم هاني عند ذلك انه كان عينا عليهم و انه قد اتاه باخبارهم فسقط في يده [22] ساعة ثم راجعته نفسه فقال اسمع مني و صدق مقالتي فوالله ما كذبت والله ما دعوته الي منزلي و لا علمت بشي ء من أمره حتي جاءني يسألني النزول فاستحييت من رده و داخلني من ذلك ذمام فضيفته و آويته و قد كان من امره ما قد بلغك فأن شئت اعطيتك الآن موثقا تطمئن به و رهينة تكون في يدك حتي انطلق و اخرجه من داري فاخرج من ذمامه و جواره فقال له ابن زياد و الله لا تفارقني ابداحتي تأتيني به قال لا والله لا اجيئك به ابدا اجيئك بضيفي تقتله قال و الله لتأتيني به قال و الله لا آتيك به فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي و ليس بالكوفة


شامي و لا بصري غيره فقال اصلح الله الأمير خلني و اياه حتي اكلمه فقام فخلي به ناحية فقال له يا هاني انشدك الله ان تقتل نفسك و ان تدخل البلآء في عشيرتك فوالله اني لأنفس بك عن القتل ان هذا الرجل ابن عم القوم و ليسوا قاتليه و لا ضائريه فادفعه اليهم فانه ليس عليك بذلك مخزاة و لا منقصه انما تدفعه الي السلطان فقال هاني والله ان علي في ذلك الخزي و العار ان ادفع جاري و ضيفي و انا صحيح اسمع واري شديد الساعدين كثير الأعوان و الله لو لم اكن الا واحد اليس لي ناصر لم ادفعه حتي اموت دونه فاخذ يناشده و هو يقول و الله لا ادفعه ابدا فسمع ابن زياد ذلك فقال ادنوه مني فادنوه منه فقال و الله لتأتيني به اولأ ضربن عنقك فقال هاني اذا و الله لتكثر البارقة حول دارك فقال ابن زياد و الهفاه عليك اباالبارقة تخوفني و هاني يظن ان عشيرته سيمنعونه ثم قال ادنوه مني فادني منه فاستعرض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب به انفه و جبينه و خده حتي كسر انفه و سالت الدمآء علي ثيابه و وجهه و لحيته و نثر لحم جبينه و خده علي لحيته حتي كسر القضيب و ضرب هاني يده علي قآئم سيف شرطي و جاذبه الشرطي و منعه فقال عبيدالله احروري [23] سآئر اليوم قد حل دمك جروه فجروه فألقوه في بيت من بيوت الدار و اغلقوا


عليه بابه فقال اجعلوا عليه حرسا ففعل ذلك به فقام اليه اسمآء بن خارجه و قيل حسان بن اسمآء فقال ارسل غدر سائر اليوم أمرتنا ان بخيئك بالرجل حتي اذا جئناك به هشمت انفه و وجهه و سيلت دمآءه علي لحيته و زعمت انك تقتله فقال له عبيدالله و انك لههنا فامر به فضرب و اجلس ناحية فقال انا لله و انا اليه راجعون الي نفسي انعاك يا هاني فقال محمد بن الأشعث قد رضينا بما رأي الأمير لنا كان ام علينا انما الأمير مؤدب و في رواية ان ابن زياد قال لهاني لما دخل عليه يا هاني اما تعلم ان ابي قدم هذا البلد فلم يترك احدا من هذه الشيعة الاقتله غير ابيك و غير حجر و كان من حجر ما قد علمت ثم لم يزل يحسن صحبتك ثم كتب الي امير الكوفة ان حاجتي قبلك هاني قال نعم قال فكان جزائي ان خبأت في بيتك رجلا يقتلني قال ما فعلت فعند ذلك اخرج الذي كان عينا عليهم و بلغ عمرو بن الحجاج ان هانيا قد قتل فاقبل في مذحج حتي احاط بالقصر و معه جمع عظيم ثم نادي و قال انا عمرو بن الحجاج و هذه فرسان مذحج و وجوهها لم تخلع طاعة و لم تفارق جماعة و قد بلغهم ان صاحبهم قد قتل فاعظموا ذلك فقيل لابن زياد هذه فرسان مذحج بالباب فقال لشريح القاضي ادخل علي صاحبهم فانظر اليه ثم اخرج و اعلمهم انه حي لم يقتل فدخل شريح فنظر اليه فقال هاني لما رأي شريحا يا لله يا للمسلمين اهلكت عشيرتي


اين اهل المصر و الدماة تسيل علي لحيته اذ سمع الصيحة علي باب القصر فقال اني لأظنها اصوات مذحج و شيعتي من المسلمين انه أن دخل علي عشرة نفر انقذوني فلما سمع كلامه شريح خرج اليهم فقال لهم ان الأمير لما بلغه كلامكم و مقالتكم في صاحبكم امرني بالدخول اليه فأتيته فنظرت اليه فامرني ان القاكم و اعرفكم انه حي و ان الذي بلغكم من قتله باطل فقال له عمرو بن الحجاج و اصحابه اما اذا لم يقتل فالحمد لله ثم انصرفوا و لما ضرب عبيدالله هانئا و حبسه خاف ان يثب به الناس فخرج فصعد المنبر و معه اشراف الناس و شرطه و حشمه فخطب خطبة موجزة و حذر الناس و هددهم فما نزل حتي دخلت النظارة المسجد من قبل باب التمارين يشتدون و يقولون قد جاء ابن عقيل فدخل عبيدالله القصر مسرعا و اغلق ابوابه قال عبدالله ابن حازم انا و الله رسول ابن عقيل الي القصر لا نظر ما فعل هاني فلما ضرب و حبس ركبت فرسي فكنت اول داخل الدار علي مسلم ابن عقيل بالخبر فاذا نسوة من مراد مجتمعات ينادين يا عبرتاه يا ثكلاه فدخلت علي مسلم فاخبرته الخبر فامرني ان انادي في اصحابه و قد ملأبهم الدور حوله و كانوا فيها اربعة آلاف رجل فقال لمناديه ناد يا منصور امت و كان ذلك شعارهم فنادي فتنادي اهل الكوفة و اجتمعوا عليه فاجتمع اليه اربعة آلاف فعقد لعبد الله بن عزيز


الكندي علي ربع كنده و ربيعة و قال سر أمامي في الخيل و عقد لمسلم بن عوسجة الاسدي علي ربع مذحج و اسد و قال انزل في الرجال و عقد لأبي ثمامة الصائدي علي ربع تميم و همدان و عقد لعباس بن جعدة الجدلي علي ربع المدينة و عبأ ميمنته و ميسرته و وقف هو في القلب و اقبل نحو القصر و تداعي الناس و اجتمعوا فما لبثنا الا قليلا حتي امتلا المسجد من الناس و السوق و ما زالوا يتوثبون حتي المساء و بعث عبيد الله الي وجوه اهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر و احاط مسلم بالقصر فضاق بعبيد الله امره و كان اكثر عمله ان يمسك باب القصر و ليس معه الا ثلثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من اشراف الناس و اهل بيته و خاصته و اقبل من نأي عنه من اشراف الناس يأتونه من قبل الباب الذي يلي دار الروميين و جعل من في القصر مع ابن زياد يشرفون علي اصحاب مسلم فينظرون اليهم و اصحاب مسلم يرمونهم بالحجارة و يشتمونهم و يفترون علي عبيد الله و علي امه و ابيه فدعا ابن زياد كثير بن شهاب و امره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيسير في الكوفة و يخذل الناس عن ابن عقيل و يخوفهم الحرب و يحذرهم عقوبة السلطان و امر محمد بن الاشعث ان يخرج فيمن اطاعه من كندة و حضر موت فيرفع راية امان لمن جاءه من الناس و قال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي و شبث بن ربعي التميمي


و حجار بن ابجر السلمي (العجلي خ ل) و شمر بن ذي الجوشن العامري (الضبابي خ ل) و حبس باقي وجوه الناس عنده استيحاشا اليهم لقلة عدد من معه من الناس فخرج كثير بن شهاب يخذل الناس عن مسلم و خرج محمد بن الاشعث حتي وقف عند دور بني عمارة فبعث ابن عقيل الي محمد بن الاشعث عبدالرحمن بن شريح الشيباني فلما رأي ابن الاشعث كثرة من اتاه تأخر عن مكانه و جعل محمد بن الاشعث و كثير بن شهاب والقعقاع و شبث بن ربعي يردون الناس عن اللحوق بمسلم و يخوفونهم للسلطان حتي اجتمع اليهم عدد كثير من قومهم و غيرهم فصاروا الي ابن زياد من قبل دار الروميين فقال له كثير اصلح الله الأمير معك في القصر ناس كثير فاخرج بنا اليهم فأبي عبيد الله و عقد شبث بن ربعي لوآء فاخرجه و اقام الناس مع ابن عقيل يكثرون حتي المساء و امرهم شديد فأمر عبيد الله من عنده من الاشراف أن يشرفوا عن الناس فيمنوا اهل الطاعة الزيادة و الكرامة و يخوفوا اهل المعصية الحرمان و العقوبة و يعلموهم وصول الجند من الشام اليهم و تكلم كثير بن شهاب حتي كادت الشمس ان تغرب فقال ايها الناس الحقوا بأهاليكم و لا تعجلوا الشر و لا تعرضوا انفسكم للقتل فأن هذه جنود اميرالمؤمنين يزيد قد اقبلت و قد اعطي الله الامير عهدا لئن اقمتم علي حربه و لم


تنصرفوا من عشيتكم ان يحرم ذريتكم العطاء و يفرق مقاتليكم في مغازي الشام و ان يأخذ البري ء منكم بالسقيم و الشاهد بالغائب حتي لا يبقي له بقية من اهل المعصية الا اذاقها و بال ما جنت ايديها و تكلم الاشراف بنحو من ذلك فلما سمع الناس مقالتهم اخذوا يتفرقون و كانت المرأة تأتي ابنها و اخاها فتقول أنصرف الناس يكفونك و يجي ء الرجل الي ابنه و اخيه و يقول غدا يأتيك اهل الشام فما تصنع بالحرب و الشر انصرف فيذهب به فينصرف فما زالوا يتفرقون حتي امسي ابن عقيل في خمسمائة فلما اختلط الظلام جعلوا يتفرقون فصلي المغرب و ما معه الا ثلاثون نفسا في المسجد فلما رأي انه قد امسي و ليس معه الا اولئك النفر خرج متوجها الي ابواب كنده فلم يبلغ الأبواب الا و معه عشرة ثم خرج من الباب فاذا ليس معه انسان فالتفت فاذا هو لا يحس احدا يدله علي الطريق و لا يدله علي منزله و لا يواسيه بنفسه ان عرض له عدو فمضي علي وجهه متحيرا في ازقة الكوفة لا يدري اين يذهب حتي خرج الي دور بني جبلة من كندة فمضي حتي اتي الي باب امرأة يقال لها طوعة ام ولد كانت للأشعث بن قيس فاعتقها و تزوجها اسيد الحضرمي فولدت له لالا و كان بلال قد خرج مع الناس و امه قآئمة تنتظره فسلم عليها ابن عقيل فردت عليه السلام و طلب منها مآء فسقته و جلس و دخلت


ثم خرجت فقالت يا عبدالله الم تشرب قال بلي قالت فاذهب الي اهلك فسكت ثم اعادت مثل ذلك فسكت ثم قالت في الثالثة سبحان الله يا عبدالله قم عافاك الله الي اهلك فأنه لا يصلح لك الجلوس علي بابي و لا احله لك فقام و قال يا أمة الله ما لي في هذا المصر اهل و لا عشيرة فهل لك في اجر و معروف و لعلي مكافيك بعد هذا اليوم قالت يا عبدالله و ما ذاك قال انا مسلم بن عقيل كذبني هآولآء القوم و غروني و اخرجوني قالت انت مسلم قال نعم قالت ادخل فدخل الي بيت في دارها غير البيت الذي تكون فيه و فرشت له و عرضت عليه العشآء فلم يتعش و لم يكن باسرع من ان جآء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت و الخروج منه فقال لها و الله انه ليريبني كثرة دخولك الي هذا البيت و خروجك منذ الليلة ان لك لشأنا قالت له يا بني اله عن هذا قال و الله لتخبريني قالت له اقبل علي شأنك و لا تسألني عن شي ء فالح عليها فقالت يا بني لا تخبرن احدا من الناس بشي ء مما اخبرك به قال نعم فاخذت عليه الأيمان فحلف لها فاخبرته فاضطجع و سكت و لما تفرق الناس عن مسلم طال الأمر علي ابن زياد و جعل لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمع اولا فقال لأصحابه اشرفوا فانظروا هل ترون منهم احدا فاشرفوا فلم يجدوا احدا قال


فانظروهم لعلهم تحت الظلال [24] قد كمنوا لكم فنزعوا الأخشاب من سقف المسجد و جعلوا يخفضون بشعل النار في ايديهم و ينظرون و كانت احيانا تضيي ء لهم و تارة لا تضيي ء كما يريدون فدلوا القناديل و اطنان القصب تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران ثم تدلي حتي تنتهي الي الأرض ففعلوا ذلك في اقصي الظلال و ادناها و اوسطها فلا يرون احدا حتي فعل ذلك بالظلة التي فيها المنبر فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد بتفرق القوم ففتح باب السده [25] التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر و خرج اصحابه معه و امرهم فجلسوا قبيل العتمة [26] و امر عمر بن نافع فنادي الا برئت الذمة من رجل من الشرط [27] او العرفآء [28] والمناكب [29] او المقاتلة صلي العتمة الا في المسجد فلم


يكن الا ساعة حتي امتلأ المسجد من الناس ثم امر مناديه فاقام الصلوة و اقام الحرس خلفه و امرهم بحراسته من ان يدخل اليه من يغتاله و صلي بالناس ثم صعد المنبر فحمد الله و اثني عليه ثم قال اما بعد فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد اتي ما قد رأيتم من الخلاف و الشقاق فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره و من جآء به فله دينه اتقوا الله عباد الله و الزموا طاعتكم و بيعتكم و لا تجعلوا علي انفسكم سبيلا يا حصين بن نمير و هو صاحب شرطته ثكلتك امك ان ضاع باب من سكك الكوفة و خرج هذا الرجل و لم تأتني به و قد سلطتك علي دور اهل الكوفة فابعث مراصد علي اهل الكوفة و دورهم و اصبح غدا و استبرأ الدور و حبس خلالها حتي تأتيني بهذا الرجل ثم دخل القصر و قد عقد لعمرو بن حريث راية و امره علي الناس فلما اصبح جلس مجلسه و اذن للناس فدخلوا عليه و اقبل محمد بن الاشعث فقال مرحبا بمن لا يستغش ولايتهم ثم اقعده الي جنبه و اصبح ابن تلك العجوز فغدا الي عبدالرحمن بن محمد بن الاشعث فاخبره بمكان مسلم ابن عقيل من امه فاقبل عبدالرحمن حتي اتي اباه و هو عند ابن زياد فساره فعرف ابن زياد سراره فقال له ابن زياد في جنبه بالقضيب قم فأتني به الساعه فقام و بعث معه قومه لانه علم ان كل قوم يكرهون ان


يصاب فيهم مثل مسلم فبعث معه عبيد الله [30] بن العباس السلمي في سبعين رجلا من قيس حتي اتوا الدار التي فيها مسلم فلما سمع مسلم وقع حوافر الخيل و اصوات الرجال علم انه قد اتي فخرج اليهم بسيفه و اقتحموا عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه حتي اخرجهم من الدار ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك فأخرجهم مرارا و قتل منهم جماعة و اختلف و بكر بن حمران الأحمري ضربتين فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا و اسرع السيف في السفلي و فصلت لها ثنيتاه و ضربه مسلم في رأسه ضربة منكرة و ثناه باخري علي حبل العاتق كادت تطلع الي جوفه فلما رأوا ذلك اشرفوا عليه من فوق البيت و اخذوا يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في اطنان القصب ثم يرمونها عليه من فوق البيت فلما رأي ذلك خرج عليهم مصلتا سيفه في السكة فقال محمد بن الأشعث لك الأمان لا تقتل نفسك و هو يقاتلهم و يرتجز بأبيات حمران بن مالك الخثعمي يوم القرن



اقسمت لا اقتل الاحرا

و ان رأيت الموت شيئا نكرا



اخاف ان اكذب او اغرا

او أخلط البارد سخنا مرا






رد شعاع الشمس فاستقرا

كل امري يوما ملاق شرا



اضربكم و لا اخاف ضرا

فقال له محمد بن الأشعث انك لا تكذب و لا تغر و لا تخدع ان القوم بنو عمك و ليسوا بقاتليك و لا ضائريك و كان قد اثخن بالحجارة و عجر عن القتال فاسند ظهره الي جنب تلك الدار فاعاد ابن الأشعث عليه القول لك الأمان فقال آمن انا قال نعم فقال للقوم الذين معه الي الأمان قال القوم له نعم الا عبيدالله بن العباس السلمي فانه قال لا ناقة لي في هذا و لا جمل و تنحي فقال مسلم اما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في ايديكم و في رواية انه لما سمع وقع حوافر الخيل لبس درعه و ركب فرسه و جعل يحاربهم حتي قتل منهم جماعة و في رواية احد و اربعين رجلا فنادي اليه ابن الأشعث لك الأمان فقال و اي امان للغدرة الفجرة و اقبل يقاتلهم و يرتجز بالأبيات المتقدمة فنادوا اليه انك لا تكذب و لا تغر فلم يلتفت الي ذلك و تكاثروا عليه بعد ان اثخن بالجراح فطعنه رجل من خلفه فخر الي الأرض فاخذ أسيرا.



قال الراوي فاتي ببغله فحمل عليها و اجتمعوا حوله و انتزعوا سيفه و كأنه عند ذلك يئس من نفسه فدمعت عيناه ثم قال هذا اول الغدر فقال له محمد بن الأشعث ارجو ان لا يكون عليك بأس قال و ما هو الا الرجآء اين امانكم انا لله و انا اليه راجعون و بكي فقال


له عبيدالله بن العباس ان من يطلب مثل الذي تطلب اذا نزل به مثل ما نزل بك لم يك لم يبك فقال و الله ما لنفسي بكيت و لا لها من القتل ارثي و ان كنت لم احب لها طرفة عين تلفا ولكني ابكي لأهلي المقبلين الي ابكي لحسين و آل حسين ثم اقبل علي محمد بن الأشعث فقال يا عبدالله اني اراك و الله ستعجز عن اماني فهل عندك خير تستطيع ان تبعث من عندك رجلا علي لساني ان يبلغ حسينا فأني لا اراه الا و قد خرج اليوم أو هو خارج غدا و اهل بيته و يقول له ان ابن عقيل بعثني اليك و هو اسير في ايدي القوم لا يري انه يمسي حتي يقتل و هو يقول لك ارجع فداك ابي و امي باهل بيتك و لا يغررك اهل الكوفة فانهم اصحاب ابيك الذي كان يتمني فراقهم بالموت او القتل ان اهل الكوفة قد كذبوك و ليس لمكذوب رأي فقال ابن الأشعث والله لأفعلن و لأعلمن ابن زياد اني قد امنتك و أقبل ابن الأشعث بابن عقيل الي باب القصر و استأذن و دخل علي ابن زياد فاخبره خبر ابن عقيل و ضرب بكر اياه و ما كان من امانه فقال له عبيد الله و ما انت و الأمان كأنا ارسلناك لتؤمنه انما ارسلناك لتأتينا به فسكت و انتهي بابن عقيل الي باب القصر و قد اشتد به العطش و علي باب القصر ناس جلوس ينتظرون الأذن فيهم عمارة بن عقبه بن ابي معيط و عمرو بن حريث و مسلم بن عمرو


الباهلي [31] و كثير بن شهاب و اذا قلة [32] فيها مآء بارد موضوعة علي الباب فقال مسلم اسقوني من هذا الماء فقال له مسلم بن عمرو اتراها ما ابردها لا والله لا تذوق منها قطرة ابداحتي تذوق الحميم في نار جهنم فقال له مسلم ويلك من انت فقال انا الذي عرف الحق اذ أنكرته و نصح لأمامه اذ غششته و اطاعه اذ خالفته انا مسلم بن عمرو الباهلي فقال له ابن عقيل لأمك الثكل ما اجفاك و افظك و اقسي قلبك انت يا ابن باهلة اولي بالحميم و الخلود في نار جهنم مني ثم جلس نتساند الي الحآئط و بعث عمرو بن حريث و قيل عمارة بن عقبة غلا ماله فاتاه بقلة عليها منديل و قدح و نصب فيه مآء فقال له اشرب فاخذ كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه فلا يقدر ان يشرب ففعل ذلك مرة او مرتين فلما ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح فقال الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة يرثي بها مسلم رضي الله عنه.



يا مسلم بن عقيل لا اغب ثري

ضريحك المزن هطالا و هتانا



بذلت نفسك في مرضاة خالقها

حتي قضيت بسيف البغي ظمآنا



كأنما نفسك اختارت لها عطشا

لما درت ان سيقضي السبط عطشانا



فلم تطق ان تسيغ المآء عن ظمأ

من ضربة ساقها بكر بن حمرانا




و خرج رسول ابن زياد فامر بادخاله اليه فلما دخل مسلم لم يسلم عليه بالأمرة فقال له الحرسي الا تسلم علي الأمير فقال ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه و ان كان لا يريد قتلي فليكثرن سلامي عليه فقال له ابن زياد لعمري لتقتلن قال فدعني اوصي الي بعض قومي قال افعل فنظر مسلم الي جلسآء ابن زياد و فيهم عمر بن سعد فقال يا عمر ان بيني و بينك قرابة ولي اليك حاجة و هي سر فامتنع عمر أن يسمع منه فقال له ابن زياد و لم تمتنع ان تنظر في حاجة ابن عمك فقام معه فجلس بحيث ينظر اليهما ابن زياد فقال له ان علي بالكوفة دينا سبعمائة درهم فبع سيفي و درعي فاقضها عني و اذا قتلت فاستوهب جثتي من ابن زياد فوارها و ابعث الي الحسين عليه السلام من يرده فأني قد كتبت اليه اعلمه ان الناس معه و لا اراه الا مقبلا فقال عمر لابن زياد اتدري ايها الأمير ما قال لي انه ذكر كذا و كذا فقال ابن زياد لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن اما ماله فهو له و لسنا نمنعك ان تصنع به ما احب و اما جثته فأنا لن نشفعك فيها و في رواية فانا لا نبالي اذا قتلناه ما صنع بها

و اما حسين فأنه ان لم يردنا لم نرده و في رواية انه حين دخل قال له الحرسي سلم علي الأمير فقال اسكت ويحك والله ما هو لي بأمير. فقال ابن زياد لا عليك سلمت ام لم تسلم فأنك مقتول. فقال


له مسلم ان قتلتني فلقد قتل من هو شر منك من هو خير مني. فقال له ابن زياد قتلني الله ان لم اقتلك قتلة لم يقتلها احد في الاسلام. فقال له مسلم اما انك احق من احدث في الأسلام ما لم يكن و انك لا تدع سوء القتلة و قبح المثلة و خبث السريرة و لؤم الغلبة لأحد اولي بها منك. فقال ابن زياد ياعاق ياشاق خرجت علي امامك و شققت عصي المسلمين و القحت الفتنة. فقال مسلم كذبت انما شق عصا المسلمين معوية و ابنه يزيد و اما الفتنة فانما القحتها انت و ابوك زياد بن عبيد عبد بني علاج من ثقيف و انا ارجو ان يرزقني الله الشهادة علي يدي شر بريته. فقال له ابن زياد منتك نفسك امرا حال الله دونه و جعله لأهله. فقال له مسلم و من اهله يا ابن مرجانه اذا لم نكن نحن اهله. فقال ابن زياد اهله اميرالمؤمنين يزيد. فقال مسلم الحمدلله علي كل حال رضينا بالله حكما بيننا و بينكم. فقال له ابن زياد اتظن ان لك في الأمر شيئا فقال له مسلم و الله ما هو الظن و لكنه اليقين و قال له ابن زياد ايه ابن عقيل اتيت الناس و هم جميع و امر هم ملتئم فشتتت امرهم بينهم و فرقت كلمتهم و حملت بعضهم علي بعض. قال كلا لست لذلك اتيت ولكنكم اظهرتم المنكر و دفنتم المعروف و تأمرتم علي الناس بغير رضي منهم و حملتموهم علي غير ما امركم الله به و عملتم فيهم باعمال كسري و قيصر فاتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف


و ننهي عن المنكر و ندعوهم الي حكم الكتاب و السنة و كنا اهل ذلك. فقال له ابن زياد و ما انت و ذاك يا فاسق لم لم تعمل بذلك اذ انت بالمدينة تشرب الخمر. قال مسلم انا اشرب الخمر اما والله ان الله ليعلم انك تعلم انك غير صادق و ان احق بشرب الخمر مني و اولي بها من يلغ في دمآء المسلمين و لغا فيقتل النفس التي حرم الله قتلها و يسفك الدم الذي حرم الله علي الغضب و العداوة و سوء الظن و هو يلهو و يلعب كأن لم يصنع شيئا. فاقبل ابن زياد يشتمه و يشتم عليا و الحسن و الحسين و عقيلا و اخذ مسلم لا يكلمه «و في رواية» انه قال له انت و ابوك احق بالشتيمة فاقض ما انت قاض يا عدو الله (ثم) قال ابن زياد اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثم اتبعوه جسده فقال مسلم والله لو كان بيني و بينك قرابة ما قتلتني [33] فقال ابن زياد اين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف فدعي بكر بن حمران فقال له اصعد فلتكن انت الذي تضرب عنقه فصعد به و هو يكبر و يستغفر الله و يسبحه و يصلي علي رسول الله صلي الله عليه و آله و يقول اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا و كذبونا و خذلونا فضرب عنقه و اتبع رأسه جثته و نزل بكر الذي قتله مذعورا فقال له ابن زياد ما شأنك فقال ايها الأمير رأيت ساعة قتله رجلا اسود شنيي ء


الوجه حذائي عاضا علي اصبعه او قال علي شفته ففزعت منه فزعا لم افزعه قط فقال ابن زياد لعلك دهشت (فقام) محمد بن الأشعث الي عبيدالله ابن زياد فكلمه في هاني بن عروه فقال انك قد عرفت منزلة هاني في المصر و بيته في العشيره و قد علم قومه اني و صاحبي سقناه اليك و انشدك الله لما و هبته لي فأني اكره عداوة المصر و اهله فوعده ان يفعل ثم بداله و امر بهاني في الحال و قال اخرجوه الي السوق فاضربوا عنته فاخرج هاني حتي اتي به الي مكان من السوق كان يباع فيه الغنم و هو مكتوف فجعل يقول و امذحجاه و لا مذحج لي اليوم يا مذحجاه يا مذحجاه اين مذحج فلما رأي ان احدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال اما من عصي او سكين او حجارة او عظم يحاجز بها رجل عن نفسه و وثبوا اليه فشدوه و ثاقاثم قيل له امدد عنقك فقال ما انا بها سخني و ما انا بمعينكم علي نفسي فضربه مولي لعبيدالله بن زياد تركي يقال له رشيد بالسيف فلم يصنع شيئا فقال له هاني الي الله المعاد اللهم الي رحمتك و رضوانك ثم ضربه اخري فقتله و بصر عبدالرحمن بن الحصين المرادي بعد ذلك بقاتل هاني فحمل عليه بالرمح فطعنه فقتله و اخذ بثار هاني «و في» مسلم و هاني رحمهما الله تعالي يقول عبدالله بن الزبير [34] الاسدي و يقال انها للفرزدق


و قيل انها لسليمان الحنفي:



فأن كنت لا تدرين ما الموت فانظري

الي هاني ء في السوق و ابن عقيل



الي بطل قد هشم السيف وجهه

و آخر يهوي من طمار [35] قتيل



اصابهما فرخ البغي [36] فأصبحا

احاديث من يسري بكل سبيل



تري جسدا قد غير الموت لونه

و نضح دم قد سال كل مسيل



فتي كان احيي من فتاة حيية

و اقطع من ذي شفرتين صقيل



ايركب اسماء [37] الهما ليج [38] آمنا

و قد طلبته مذحج بذحول



تطوف [39] حواليه [40] مراد و كلهم

علي رقبة [41] من سائل و مسول



فأن انتم لم تثأروا [42] بأخيكم

فكونوا بغايا [43] ارضيت بقليل




«و قال آخر» يخاطب محمد بن الأشعث.



و تركت عمك لم تقاتل دونه

فشلا و لولا انت كان منيعا



و قتلت وافد حزب آل محمد

و سلبت اسيافا له و دروعا



و كان ابن زياد لما حوصر في القصر اتي برجل يسمي عبد الأعلي الكلبي كان قد خرج لنصرة مسلم بن عقيل فاخذه كثير بن شهاب و بعث به الي ابن زياد فقال لابن زياد انما اردتك فامر به فحبس و اتي برجل آخر يقال له عمارة الأزدي كان خرج ايضا لنصرة مسلم بن عقيل فحبسه ابن زياد ايضا فلما قتل مسلم و هاني ء دعا ابن زياد بعبد الأعلي فقال له خرجت لانظر ما يصنع الناس فاخذني كثير بن شهاب فطلب منه ابن زياد ان يحلف علي ذلك بالأيمان المغلظة فلم يحلف فامر ابن زياد ان يذهبوا به الي جبانة السبيع و يضربوا عنقه فانطلقوا به اليها و قتلوه و امر بعمارة الأزدي ان يذهبوا به الي قومه فضربت عنقه فيهم «و كان» خروج مسلم في الكوفة يوم الثلاثا لثمان مضين من ذي الحجه يوم التروية و قتله يوم الاربعاء يوم عرفة لتسع خلون منه علي رواية المفيد «و في رواية» ان قتله كان يوم التروية «و امر» ابن زياد بجثة مسلم و هاني فصلبتا بالكناسة و بعث برأسيهما الي يزيد بن معوية مع الزبير بن الاروح التميمي و هاني بن ابي حية الوداعي و اخبره بامر هما «و كان» رأس مسلم اول رأس حمل من رؤوس بني هاشم و جثته


اول جثة صلبت «فاعاد» يزيد الجواب اليه يشكره علي فعله و سطوته و يقول له قد بلغني ان حسينا قد سار الي الكوفة و قد ابتلي به زمانك من بين الا زمان و بلدك من بين البلدان و ابتليت به من بين العمال و عندها تعتق او تعود عبدا فظع المناظر و المسالح و احبس علي الظنة و خذ علي التهمة و اكتب الي في كل ما يحدث «و كان» يزيد بن معوية قد انفذ عمرو بن سعيد بن العاص من المدينة الي مكة في عسكر عظيم و ولاه امر الموسم و امره علي الحاج كلهم فحج بالناس و اوصاه بقبض الحسين عليه السلام سرا و ان لم يتمكن منه يقتله غيلة و امره ان يناجز الحسين عليه السلام القتال ان هو ناجزه فلما كان يوم التروية قدم عمرو بن سعيد الي مكة في جند كثيف «ثم» ان يزيد دس مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني امية و امرهم بقتل الحسين عليه السلام علي اي حال اتفق [44] فلما علم الحسين عليه السلام بذلك عزم علي التوجه الي العراق و كان قد احرم بالحج و قد وصله قبل ذلك كتاب مسلم بن عقيل ببيعة اهل الكوفة له فطاف


بالبيت و سعي بين الصفا و المروة و قصر من شعره و احل من احرام الحج و جعلها عمرة مفردة لأنه لم يتمكن من اتمام الحج مخافة ان يقبض عليه فخرج من مكة يوم الثلاثا و قيل يوم الأربعآء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة فكان الناس يخرجون الي مني و الحسين عليه السلام خارج الي العراق و قيل خرج عليه السلام يوم الثلاثا لثلاث مضين من ذي الحجة و لم يكن علم بقتل مسلم بن عقيل لأن مسلما قتل في ذلك اليوم الذي خرج فيه الحسين عليه السلام الي العراق او بعده بيوم او بخمسة ايام او ستة و لما عزم الحسين عليه السلام علي الخروج الي العراق قام خطيبا «فقال» الحمدلله و ما شآء الله و لا قوة الا بالله و صلي الله علي رسوله خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة و ما اولهني الي اسلافي اشتياق يعقوب الي يوسف و خير لي مصرع انا لاقيه كأني باوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلا فيملأن مني اكراشا جوفا و اجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا اهل البيت نصبر علي بلآئه و يوفينا اجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة لي في حظيرة القدس تقربهم عينه و ينجزبهم وعده من كان باذلا فينا مهجته و موطنا علي لقآء الله نفسه فليرحل معنا فانني راحل مصبحا أن شآء الله تعالي «و جآءه» ابوبكر عمر بن عبدالرحمن بن


الحارث بن هشام المخزومي فنهاه عن الخروج الي العراق فقال له الحسين «ع» جزاك الله خيرا يا ابن عم قد اجتهدت رأيك و مهما يقض الله يكن و جاءه عبدالله بن عباس فنهاه عن الخروج ايضا فقال استخير الله و انظر ما يكون «ثم» اتاه مرة ثانية فاعاد عليه النهي و قال ان ابيت الا الخروج فاخرج الي اليمن فقال الحسين عليه السلام يا ابن عم اني و الله لأعلم انك ناصح مشفق و قد ازمعت و اجمعت المسير ثم خرج ابن عباس فمر بابن الزبير و انشد



يا لك من قبرة بمعمر

خلالك الجو فبيضي و اصفري



و نقري ما شئت ان تنقري

هذا حسين خارج فأبشري



«و جآءه» عبدالله بن الزبير فاشار عليه بالعراق ثم خشي ان يتهمه فقال لو اقمت لما خالفنا عليك فلما خرج ابن الزبير قال الحسين عليه السلام ان هذا ليس شي ء احب اليه من ان اخرج من الحجاز «و جآءه» عبدالله بن عباس و عبدالله بن الزبير فاشارا عليه بالأمساك عن المسير الي الكوفة فقال لهما ان رسول الله صلي الله عليه و آله قد امرني بأمر و انا ماض فيه فخرج ابن عباس و هو يقول وا حسيناه «ثم» جاءه عبدالله بن عمر فأشار عليه بصلح اهل الضلال و حذره من القتل و القتال فقال له يا اباعبدالرحمن اما علمت ان من هو ان الدنيا علي الله ان رأس يحيي بن زكريا اهدي الي بغي من بغايا بني اسرائيل اما


تعلم ان بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في اسواقهم يبيعون و يشترون كأن لم يصنعوا شيئا فلم يجعل الله عليهم بل اخذهم بعد ذلك اخذ عزيز ذي انتقام اتق الله يا ابا عبد الرحمن و لا تدعن نصرتي و كان الحسين عليه السلام يقول و ايم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لا ستخرجوني حتي يقتلوني و الله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت و الله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فاذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من فرام [45] المرأة «و جآءه» محمد بن الحنفية في الليلة التي اراد الحسين عليه السلام الخروج في صبيحتها عن مكة فقال له يا اخي ان اهل الكوفة قد عرفت غدرهم بابيك و اخيك و قد خفت ان يكون حالك كحال من مضي فأن رأيت ان تقيم فأنك اعز من بالحرم و امنعه فقال يا اخي قد خفت ان يغتالني يزيد بن معوية بالحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت فقال له ابن الحنفية فان خفت ذلك فصر الي اليمن او بعض نواحي البر فانك امنع الناس به و لا يقدر عليك احد فقال أنظر فيما قلت فلما كان السحر ارتحل الحسين عليه السلام فبلغ ذلك ابن الحنفية فاتاه فأخذ بزمام ناقته و قد ركبها فقال يا اخي الم تعدني


النظر فيما سالتك قال بلي قال فما حداك علي الخروج عاجلا قال اتاني رسول الله صلي الله عليه و آله بعد ما فارقتك فقال يا حسين اخرج فأن الله قد شآء ان يراك قتيلا فقال محمد بن الحنفية انا لله و انا اليه راجعون فما معني حملك هآوءلاء النسوة معك و انت تخرج علي مثل هذا الحال فقال ان الله قد شآء ان يراهن سبايا فسلم عليه و مضي «و في» رواية ان محمد بن الحنفية كان يومئذ بالمدينة فبلغه خبر الحسين عليه السلام و هو يتوضأ في طست فبكي حتي سمع و كف دموعه في الطست «قال» ابومحمد الواقدي و زرارة بن خلج [46] لقينا الحسين بن علي عليهماالسلام قبل ان يخرج الي العراق فاخبرناه ضعف الناس بالكوفة و ان قلوبهم معه و سيوفهم عليه فأومي بيده نحو السمآء ففتحت ابواب السمآء و نزلت الملآئكة عددا لا يحصيه الا الله عزوجل فقال لولا تقارب الأشيآء و حبوط الأجر لقاتلتهم بهآء ولآء ولكن اعلم علما ان من هناك مصعدي و هناك مصارع اصحابي لا ينجو منهم الا ولدي علي «و سمع» عبدالله بن عمر بخروجه فقدم راحلته و خرج خلفه مسرعا فادركه في بعض المنازل فقال اين تريد يا ابن رسول الله قال العراق قال مهلا ارجع الي حرم جدك فأبي


الحسين عليه السلام فلما رأي ابن عمر اباءه قال يا اباعبدالله اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلي الله عليه و آله يقبله منك فكشف الحسين عليه السلام عن سرته فقبلها ابن عمر ثلاثا و بكي و قال استودعك الله يا اباعبدالله فانك مقتول في وجهك هذا «و في رواية» انه قبل ما بين عينيه و بكي و قال استودعك الله من قتيل «و لما» خرج الحسين عليه السلام من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص امير الحجاز من قبل يزيد [47] عليهم اخوه يحيي بن سعيد ليردوه فابي عليهم و تدافع الفريقان و تضاربوا بالسياط ثم امتنع عليهم الحسين عليه السلام و اصحابه امتناعا شديدا و مضي الحسين (ع) علي وجهه فبادروا و قالوا يا حسين الا تتقي الله تخرج من الجماعة و تفرق بين هذه الأمة فقال لي عملي و لكم عملكم انتم بريئون مما اعمل و انا بري ء مما تعملون «رعن» علي بن الحسين عليهماالسلام قال خرجنا مع الحسين (ع) فما نزل منزلا و لا ارتحل منه الا ذكر يحيي بن زكريا و قتله و قال يوما و من هوان الدنيا علي الله ان رأس يحيي بن زكريا اهدي الي بغي من بغايا بني اسرائيل و عن الصادق عليه السلام قال لما سار ابوعبدالله الحسين بن علي صلوات الله عليهما من مكة ليدخل


المدينة لقيته افواج من الملائكة المسومين و المردفين في ايديهم الحراب علي نجب من نجب الجنة فسلموا عليه و قالوا بالحجة الله علي خلقه بعد جده و ابيه ان الله عزوجل امد جدك رسول الله صلي الله عليه و آله بنا في مواطن كثيرة و ان الله امدك بنا فقال لهم الموعد حفرتي و بقعتي التي استشهد فيها و هي كربلا فاذا وردتها فاتوني فقالوا يا حجة الله ان الله امرنا ان نسمع لك و نطيع فهل تخشي من عدو يلقاك فنكون معك فقال لا سبيل لهم علي و لا يلقوني بكريهة او اصل الي بقعتي و اتته افواج من مؤمني الجن فقالوا له يا مولانا نحن شيعتك و انصارك فمرنا بما تشاء فلو امرتنا بقتل كل عدو لك و انت بمكانك لكفيناك ذلك فجزاهم خيرا و قال لهم اما قرأتم كتاب الله المنزل علي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله في قوله اينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيدة و قوله قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل الي مضاجعهم فاذا اقمت في مكاني فبماذا يمتحن هذا الخلق المتعوس و بماذا يختبرون و من ذا يكون ساكن حفرتي و قد اختارها الله تعالي لي يوم دحي الأرض و جعلها معقلا لشيعتنا و محبينا تقبل بها اعمالهم و صلواتهم و يجاب دعاؤهم و تسكن اليها شيعتنا فتكون لهم امانا في الدنيا و الآخرة ولكن تحضرون يوم السبت و هو يوم عاشورا الذي في آخره اقتل و لا يبقي بعدي


مطلوب من اهلي و نسبي و اخواني و اهل بيتي و يسار برأسي الي يزيد بن معوية فقالت الجن نحن والله يا حبيب الله و ابن حبيبه لولا أن امرك طاعة و انه لا يجوز لنا مخالفتك لخالفناك و قتلنا جميع اعدائك قبل ان يصلوا اليك فقال لهم لحن و الله اقدر عليهم منكم ولكن ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة «و كتب» عمرو بن سعيد و هو والي المدينة بأمر الحسين عليه السلام الي يزيد فلما قرأ الكتاب تمثل بهذا البيت



فان لا تزر ارض العدو تأته

يزرك عدو او يلو منك كاشح



«ثم» سار عليه السلام حتي مر بالتنعيم فلقي هناك عيرا تحمل هدية قد بعث بها بجير [48] بن ريسان الحميري عامل اليمن الي يزيد بن معوية و عليها الورس و الحلل فاخذ الهديه و قال لأصحاب الجمال من احب ان ينطلق معنا الي العراق و فيناه كراه و احسنا معه صحبته و من احب ان يفارقنا اعطيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق فمضي معه قوم و امتنع آخرون فمن فارق اعطاه حقه و من سار معه اعطاه كراه و كساه «ثم» سار عليه السلام حتي اتي الصفاح [49] فلقيه


الفرزدق الشاعر «قال» الفرزدق حججت بامي سنة ستين فبينما انا اسوق بعيرها حتي دخلت الحرم اذ لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة معه اسيافه و اتراسه فقلت لمن هذا القنطار فقيل للحسين بن علي عليهماالسلام فاتيته و سلمت عليه و قلت له اعطاك الله سوء لك و املك فيما تحب بابي انت و امي يا ابن رسول الله ما اعجلك عن الحج فقال لو لم أعجل لأخذت ثم قال لي من انت قلت رجل من العرب فلا و الله ما فتشني عن اكثر من ذلك ثم قال لي اخبرني عن الناس خلفك فقلت الخبير سألت قلوب الناس معك و اسيافهم عليك و القضآء ينزل من السماء و الله يفعل ما يشآء فقال صدقت لله الأمر من قبل و من بعد و كل يوم ربنا هو في شان ان نزل القضآء بما نحب فنحمد الله علي نعمآئه و هو المستعان علي ادآء الشكر و ان حال القضآء دون الرجآء فلم يبعد من كان الحق نيته و التقوي سيرته فقلت له اجل بلغك الله ما تحب و كفاك ما تحذر و سألته عن اشيآء من نذور و مناسك فاخبرني بها و حرك راحلته و قال السلام عليك «و الحق» عبدالله بن جعفر الحسين عليه السلام بابنيه عون و محمد و كتب علي ايديهما اليه كتابا يقول فيه «اما بعد» فأني اسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي فأني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له ان يكون فيه هلاكك و استئصال اهل بيتك و ان هلكت


اليوم طفي ء نور الأرض فأنك علم المتهدين و رجآء المؤمنين فلا تعجل بالمسير فأني في اثر كتابي و السلام و صار عبدالله الي عمرو بن سعيد فسأله ان يكتب للحسين عليه السلام امانا و يمنيه البر و الصلة فكتب له و انفذه مع اخيه يحيي بن سعيد فلحقه يحيي و عبدالله بن جعفر بعد نفوذ ابنيه و جهدا به في الرجوع فقال اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله في المنام و امرني بما انا ماض له فقالا له فما تلك الرؤيا قال ما حدثت بها احدا و ما انا محدث بها احدا حتي القي ربي عزوجل فلما ايس منه عبدالله بن جعفر امرا بنيه عونا و محمدا بلزومه و المسير معه و الجهاد دونه و رجع هو الي مكة و سار الحسين عليه السلام نحو العراق مسرعا لا يلوي علي شي ء حتي بلغ وادي العقيق فنزل ذات عرق فلقيه رجل من بني اسد يسمي بشر بن غالب واردا من العراق فسأله عن اهلها فقال خلفت القلوب معك و السيوف مع بني اميه فقال صدق اخو بني اسد ان الله يفعل ما يشآء و يحكم ما يريد «و لما» بلغ الحسين عليه السلام الي الحاجز من بطن الرمة [50] كتب كتابا الي جماعة من اهل الكوفة منهم سليمان بن صرد الخزاعي و المسيب بن نجبة و رفاعة بن شداد و غيرهم و ارسله مع قيس بن مسهر الصيداوي و ذلك قبل ان يعلم بقتل مسلم يقول فيه بسم الله الرحمن


الرحيم من الحسين بن علي الي اخوانه من المؤمنين و المسلمين سلام عليكم فأني احمد اليكم الله الذي لآ اله الا هو «اما بعد» فأن كتاب مسلم ابن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم و اجتماع ملأكم علي نصرنا و الطلب بحقنا فسألت الله ان يحسن لنا الصنيع و ان يثيبكم علي ذلك اعظم الأجر و قد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثا لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فاذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في امركم و جدوا فاني قادم عليكم في ايامي هذه ان شاء الله تعالي و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته (و كان) مسلم بن عقيل قد كتب اليه قبل ان يقتل بسبع و عشرين ليلة فاقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام الي الكوفة (و كان) ابن زياد لما بلغه مسير الحسين عليه السلام من مكة الي الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطته حتي نزل القادسيه و نظم الخيل ما بين القادسية الي خفان و ما بين القادسية الي القطقطانه (القطقطانيه خ ل) والي جبل لعلع قال الناس هذا الحسين يريد العراق (فلما) انتهي قيس الي القادسيه اعترضه الحصين بن نمير ليفتشه فاخرج قيس الكتاب و خرقه فحمله الحصين الي ابن زياد فلما مثل بين يديه قال له من انت قال انا رجل من شيعة اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب و ابنه قال فلماذا خرقت الكتاب قال لئلا تعلم ما فيه قال و ممن الكتاب ولي من


قال من الحسين عليه السلام الي جماعة من اهل الكوفة لا اعرف اسمآءهم فغضب ابن زياد و قال و الله لا تفارقني حتي تخبرني باسمآء هؤلآء القوم او تصعد المنبر فتسب الحسين بن علي و اباه و اخاه و الا قطعتك اربا اربا فقال قيس اما القوم فلا اخبرك باسمائهم و اما سب الحسين و ابيه و اخيه فافعل (و في رواية) انه قال له اصعد المنبر فسب الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي فصعد قيس فحمدالله و اثني عليه و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله و اكثر من الترحم علي علي و الحسن و الحسين و لعن عبيدالله بن زياد و اباه و لعن عتاة بني امية ثم قال ايها الناس ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و انا رسوله اليكم و قد خلفته بالحاجز فاجيبوه فأمر به ابن زياد فرمي من اعلي القصر فتقطع فمات فبلغ الحسين عليه السلام قتله فاسترجع و استعبر بالبكآء و لم يملك دمعته ثم قرأ فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا ثم قال جعل الله له الجنة ثوابا اللهم اجعل لنا و لشيعتنا منزلا كريما و اجمع بيننا و بينهم في مستقر من رحمتك رغآئب [51] مذخور ثوابك انك علي كل شي ء قدير ثم اقبل الحسين عليه السلام من الحاجز يسير نحو العراق حتي انتهي الي مآء من مياه العرب فاذا عليه عبدالله بن مطيع العدوي و هو نازل به فلما رأي الحسين عليه السلام قام اليه فقال بأبي


انت و امي يا ابن رسول الله ما اقدمك و احتمله فانزله فقال له الحسين «ع» كان من موت معويه ما قد بلغك فكتب الي اهل العراق يدعونني الي انفسهم فقال له عبدالله اذكرك الله يا ابن رسول الله و حرمة الأسلام ان تنتهك انشدك الله في حرمة قريش انشدك الله في حرمة العرب فوالله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك و لئن قتلوك لا يهابوا بعدك احدا ابدا والله انها لحرمة الاسلام تنتهك و حرمة قريش و حرمة العرب فلا تفعل و لا تأت الكوفة و لا تعرض نفسك لبني امية فأبي الحسين عليه السلام الا ان يمضي (و كان) عبيدالله ابن زياد امر فأخذ ما بين وا قصة الي طريق الشام الي طريق البصرة فلا يدعون احدا يلج و لا احدا يخرج و اقبل الحسين عليه السلام لا يشعر بشي ء حتي لقي الأعراب فسألهم فقالوا لا و الله ما ندري غير انا لا نستطيع ان نلج و لا نخرج فسار تلقآء وجهه (و كان) زهير بن القين البجلي قد حج في تلك السنة و كان عثمانيا فلما رجع من الحج جمعه الطريق مع الحسين عليه السلام (فحدث) جماعة من فزارة و بجيلة قالوا كنا مع زهير بن القين حين اقبلنا من مكة فكنا نساير الحسين عليه السلام فلم يكن شي ء ابغض الينا من ان نسير معه في مكان واحد او ننزل معه في منزل واحد فاذا سار الحسين تخلف زهير بن القين و اذا نزل الحسين تقدم زهير فنزلنا يوما في منزل لم نجد بدا من


أن ننزل معه فيه فنزل هو في جانب و نزلنا في جانب آخر فبينا نحن جلوس نتغدي من طعام لنا اذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتي سلم ثم دخل فقال يا زهير ان اباعبدالله بعثني اليك لتأتيه فطرح كل انسان منا ما في يده كأن علي رؤسنا الطير كراهة ان يذهب زهير الي الحسين عليه السلام فقالت له امرأته و هي ديلم بنت عمرو سبحان الله ايبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه فلو اتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت فاتاه زهير علي كره فما لبث ان جاء مستبشرا قد اشرق وجهه فامر بفسطاطه و ثقله و رحله فحول الي الحسين عليه السلام ثم قال لامرأته انت طالق الحقي باهلك فأني لا احب ان يصيبك بسببي الا خيرا و قد عزمت علي صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي واقيه بنفسي ثم اعطاها مالها و سلمها الي بعض بني عمها ليوصلها الي اهلها فقامت اليه و بكت و ودعته و قالت خار الله لك اسئلك ان تذكرني في القيامة عند جد الحسين عليه السلام و قال لأصحابه من احب منكم ان يتبعني و الا فهو آخر العهد مني اني سأحدثكم حديثا انا غزونا بلنجر [52] و هي بلدة ببلاد الخزر ففتح الله علينا و اصبنا غنآئم ففرحنا فقال لنا سلمان الفارسي اذا ادركتم قتال


شباب آل محمد فكونوا اشد فرحا بقتالكم معهم مما اصبتم من الغنائم فاما انا فاستودعكم الله و لزم الحسين عليه السلام حتي قتل معه «و لما» نزل الحسين عليه السلام الخزيمية اقام بها يوما و ليلة فلما اصبح اقبلت اليه اخته زينب فقالت يا اخي ألا اخبرك بشي ء سمعته البارحه فقال الحسين عليه السلام و ما ذاك فقالت خرجت في بعض الليل لقضآء حاجة فسمعت هاتفا يهتف و يقول:



الا يا عين فاحتفلي بجهد

و من يبكي علي الشهدآء بعدي



علي قوم تسوقهم المنايا

بمقدار الي انجاز وعد



فقال لها الحسين عليه السلام يا اختاه كل الذي قضي فهو كائن «ثم» سار عليه السلام حتي نزل الثعلبية [53] وقت الظهيرة و قيل ممسيا فوضع رأسه فرقد ثم استيقظ فقال رأيت هاتفا يقول انتم تسرعون و المنايا تسرع بكم الي الجنة فقال له ابنه علي يا ابه افلسنا علي الحق فقال بلي يا بني و الذي اليه مرجع العباد فقال يا ابه اذا لا نبالي بالموت فقال الحسين عليه السلام جزاك الله يا بني خير ما جزي ولدا عن والده ثم بات في الموضع فلما اصبح اذا برجل من اهل الكوفة يكني اباهرة الأزدي قد اتاه فسلم عليه ثم قال يا ابن رسول الله ما الذي اخرجك عن حرم الله و حرم جدك محمد صلي الله عليه و آله


فقال الحسين عليه السلام ويحك يا اباهرة ان بني امية اخذوا مالي فصبرت و شتموا عرضي فصبرت و طلبوا دمي فهربت و ايم الله لتقتلني الفئة الباغية و ليلبسنهم الله ذلا شاملا و سيفا قاطعا و ليسلطن الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من قوم سبا اذ ملكتهم امرأة فحكمت في اموالهم و دمآئهم (و روي) عبدالله بن سليمان و المنذر ابن المشمعل الأسديان قالا لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة الا اللحاق بالحسين عليه السلام للنظر ما يكون من امره فاقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتي لحقناه بزرود فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأي الحسين عليه السلام فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه و مضي و مضينا نحوه فقال احدنا لصاحبه اذهب بنا الي هذا لنسئله فأن عنده خبر الكوفة فمضينا اليه فقلنا السلام عليك فقال و عليكما السلام قلنا ممن الرجل قال اسدي قلنا له و نحن اسديان فمن انت قال انا بكر بن فلان و انتسبنا له ثم قلنا له اخبرنا عن الناس من ورائك قال لم اخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة و رأيتهما يجران بارجلهما في السوق فاقبلنا حتي لحقنا الحسين عليه السلام فسايرناه حتي نزل الثعلبية ممسيا فجئنا حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدثناك علانية و ان شئت سرا فنظر الينا و الي


اصحابه ثم قال مادون هآؤلاء سر قلنا له رأيت الراكب الذي استقبلته عشية امس قال نعم و قد اردت مسألته فقلنا قد والله استبر أنا لك خبره و كفيناك مسألته و هو امرؤء منا ذو رأي و صدق و عقل و انه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم و هاني و رآهما يجران في السوق بارجلهما فقال انا لله و انا اليه راجعون رحمة الله عليهما يردد ذلك مرارا فقلنا له ننشدك الله في نفسك و اهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر و لا شيعة بل نتخوف ان يكونوا عليك فنظر الي بني عقيل فقال ما ترون فقد قتل مسلم فقالوا و الله لا نرجع حتي نصيب ثارنا او نذوق ما ذاق فاقبل علينا الحسين عليه السلام و قال لا خير في العيش بعد هآولآء فعلمنا انه قد عزم رأيه علي المسير فقلنا له خار الله لك فقال رحمكما الله فقال له اصحابه انك و الله ما انت مثل مسلم و لو قدمت الكوفة لكان الناس اليك اسرع فسكت و ارتج الموضع بالبكاء لقتل مسلم بن عقيل و سالت الدموع عليه كل مسيل ثم انتظر حتي اذا كان السحر قال لفتيانه و غلمانه اكثروا من المآء فاستقوا و اكثروا و كان لا يمر بماء الا اتبعه من عليه (ثم) ارتحلو فسار حتي انتهي الي زبالة فأتاه بها خبر عبدالله بن يقطر و هو اخو الحسين عليه السلام من الرضاعة و كان سرحه الي مسلم بن عقيل من الطريق و هو لا يعلم بقتله فاخذته خيل


الحصين فسيره من القادسية الي ابن زياد فقال له اصعد فوق القصر و العن الكذاب ابن الكذاب ثم انزل حتي اري فيك رأيي فصعد فاعلم الناس بقدوم الحسين عليه السلام و لعن ابن زياد و اباه فالقاه من القصر فتكسرت عظامه و بقي به رمق فاتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فعيب عليه فقال اردت ان اريحه فلما بلغ الحسين عليه السلام خبره اخرج الي الناس كتابا فقرأ عليهم و فيه بسم الله الرحمن الرحيم «اما بعد» فأنه قد اتاني خبر فظيع قتل مسلم ابن عقيل و هاني بن عروة و عبدالله بن يقطر و قد خذلنا شيعتنا فمن احب منكم الأنصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام فتفرق الناس عنه و اخذوا يمينا و شمالا حتي بقي في اصحابه الذين جاءوا معه من المدينة و نفر يسير ممن انضموا اليه و كان قد اجتمع اليه مدة مقامه بمكة نفر من اهل الحجاز و نفر من اهل البصرة و انما فعل ذلك لعلمه بأن اكثر من اتبعوه انما اتبعوه ظنا منهم انه يقدم بلدا قد استقامت له طاعة اهله فكره ان يسيروا معه الا و هم يعلمون ما يقدمون عليه و قد علم ان اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته و الموت معه (و قيل) ان خبر مسلم و هاني اتاه في زبالة


ايضا (و قال) السيد [54] ان الفرزدق لقي الحسين عليه السلام فسلم عليه و قال يا ابن رسول الله كيف تر كن الي اهل الكوفة و هم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته فاستعبر الحسين عليه السلام باكيا ثم قال رحم الله مسلما فلقد صار الي روح الله و ريحانه و تحياته و رضوانه اما انه قد قضي ما عليه و بقي ما علينا ثم انشأ يقول:



فان تكن الدنيا تعد نفيسة

فان ثواب الله اعلي و انبل



و ان تكن الأبدان للموت انشئت

فقتل امري ء بالسيف في الله افضل



و ان تكن الأرزاق قسما مقدرا

فقلة حرص المرء في السعي اجمل



و ان تكن الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل



(فلما) كان وقت السحر امر الحسين عليه السلام اصحابه فاستقوا ماء و اكثروا ثم سار من زبالة حتي مر ببطن العقبة فنزل عليها فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له عمرو بن يوذان (لوذان خ ل) فسأله اين تريد فقال له الحسين عليه السلام الكوفة فقال الشيخ انشدك الله لما انصرفت فوالله ما تقدم الا علي الأسنة وحد السيوف و ان هآؤلآء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال و وطأوا


لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا فاما علي هذا الحال التي تذكر فاني لا اري لك أن تفعل فقال له الحسين عليه السلام يا عبدالله ليس يخفي علي الرأي و لكن الله تعالي لا يغلب علي امره ثم قال عليه السلام و الله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل فرق الأمم (ثم) سار عليه السلام من بطن العقبة حتي نزل شراف فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من المآء فاكثروا ثم سار منها حتي انتصف النهار فبينا هو يسير اذ كبر رجل من اصحابه فقال الحسين عليه السلام الله اكبر لم كبرت قال رأيت النخل فقال له جماعة من اصحابه و الله ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط فقال لهم الحسين عليه السلام فما ترونه قالوا نراه و الله اسنة الرماح و آذان الخيل فال و انا و الله اري ذلك ثم قال عليه السلام ما لنا ملجأ نلجأ اليه فنجعله في ظهورنا و نستقبل القوم بوجه واحد فقالوا له بي هذا ذو جشم (حسم خ ل) (خشب خ ل) و هو جبل الي جنبك فمل اليه عن يسارك فان سبقت اليه فهو كما تريد فاخذ اليه ذات اليسار و ملنا معه فما كان بأسرع من ان طلعت علينا هوادي [55] الخيل فتبيناها و عدلنا فلما رأوز


عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كأن اسنتهم اليعاسيب [56] و كأن راياتهم اجنحة الطير فاستبقنا الي ذي جشم (خشب خ ل) فسبقناهم اليه و امر الحسين عليه السلام بابنيته فضربت و جآء القوم زهآء [57] الف فارس مع الحر بن يزيد التميمي حتي وقف هو و خيله مقابل الحسين عليه السلام في حر الظهيره و الحسين عليه السلام و اصحابه معتمون متقلدوا اسيافهم فقال الحسين عليه السلام لفتيانه اسقوا القوم و ارووهم من المآء و رشفوا الخيل ترشيفا اي اسقوها قليلا فاقبلوا يملأون القصاع و الطساس من المآء ثم يدنونها من الفرس فاذا عب فيها ثلاثا او اربعا او خمسا عزلت عنه و سقوا آخر حتي سقوها عن آخرها فقال علي بن الطعان المحاربي كنت مع الحر يومئذ فجئت في آخر من جآء من اصحابه فلما رأي الحسين عليه السلام ما بي و بفرسي من العطش قال انخ الرواية و الرواية عندي السقآء ثم قال يا ابن الأخ انخ الجمل فانخته [58] فقال اشرب فجعلت كلما شربت سال المآء من السقآء فقال الحسين عليه السلام اخنث السقآء اي اعطفه فلم ادر


كيف افعل فقام فخنثه بيده فشربت و سقيت فرسي و كانت ملاقاة الحر للحسين عليه السلام علي مرحلتين من الكوفة «و لما» التقي الحر مع الحسين عليه السلام قال له الحسين (ع) النا ام علينا فقال بل عليك يا اباعبدالله فقال الحسين (ع) لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم «و كان» مجي ء الحر من القادسية «و كان» عبيدالله بن زياد بعث الحصين بن نمير و امره ان ينزل القادسية و تقدم الحر بين يديه في الف فارس يستقبل بهم الحسين عليه السلام فلم يزل الحر موافقا للحسين عليه السلام حتي حضرت صلوة الظهر فامر الحسين عليه السلام الحجاج بن مسروق ان يؤذن فلما حضرت الأقامة خرج الحسين «ع» في ازار و رداء و نعلين فحمد الله و اثني عليه ثم قال ايها الناس انها معذرة الي الله و اليكم اني لم آتكم حتي اتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله ان يجمعنا بك علي الهدي و الحق فان كنتم علي ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما اطمئن اليه من عهودكم و مواثيقكم و ان لم تفعلوا و كنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم الي المكان الذي جئت منه اليكم فسكتوا فقال للمؤذن اقم فاقام الصلاة فقال للحر اتريد ان تصلي باصحابك قال لا بل تصلي انت و نصلي بصلاتك فصلي بهم الحسين عليه السلام ثم دخل فاجتمع اليه اصحابه و انصرف الحر الي مكانه الذي كان فيه


فدخل حيمة قد ضربت له و اجتمع اليه جماعة من اصحابه و عاد الباقون الي صفهم الذي كانوا فيه فاعادوه ثم اخذ كل رجل منهم بعنان دابته و جلس في ظلها «فلما» كان وقت العصر امر الحسين عليه السلام ان يتهيأوا اللرحيل ففعلوا ثم امر مناديه فنادي بالعصر و اقام فاستقدم الحسين عليه السلام و قام فصلي ثم سلم و انصرف اليهم بوجهه فحمد الله و اثني عليه ثم قال اما بعد ايها الناس فانكم ان تتقوا الله و تعرفوا الحق لأهله يكن ارضي لله عنكم و نحن اهل بيت محمد اولي بولاية هذا الأمر عليكم من هآؤلآء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور و العدوان و ان ابيتم الا الكراهية لنا و الجهل بحقنا و كان رأيكم الآن غير ما اتتني به كتبكم و قدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم ققال له الحر انا و الله ما ادري ما هذه الكتب و الرسل التي تذكر فقال الحسين (ع) لبعض اصحابه يا عقبة ابن سمعان [59] اخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم الي فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنثرت بين يديه فقال له الحر انا لسنا من هآؤلآء


الذين كتبوا اليك و قد امرنا اذا نحن لقيناك ان لا نفارقك حتي نقدمك الكوفة علي عبيدالله فقال له الحسين عليه السلام الموت ادني اليك من ذلك ثم قال لأصحابه قوموا فاركبوا فركبوا و انتظر حتي ركبت نسآؤه فقال لاصحابه انصرفوا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم و بين الأنصراف فقال الحسين عليه السلام للحر ثكلتك امك ما تريد فقال له الحر اما لو غيرك من العرب يقولها لي و هو علي مثل الحال التي انت عليها ما تركت ذكرامه بالثكل كآئنا من كان ولكن مالي الي ذكر امك من سبيل الا بأحسن ما نقدر عليه فقال له الحسين عليه السلام فما تريد قال اريد ان انطلق بك الي الأمير عبيدالله ابن زياد فقال اذا و الله لا اتبعك فقال اذا والله لا ادعك فترادا القول ثلاث مرات فلما كثر الكلام بينهما قال له الحر اني لم اؤمر بقتالك انما امرت ان لا افارقك حتي اقدمك الكوفة فاذا ابيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة و لا يردك الي المدينة يكون بيني و بينك نصفا حتي اكتب الي الأمير عبيدالله بن زياد فلعل الله ان يرزقني العافية من ان ابتلي بشي ء من امرك فخذ ههنا فتياسر عن طريق العذيب و القادسية فتياسر الحسين «ع» و سار و الحر يسايره «ثم» ان الحسين عليه السلام خطبهم [60] فحمدالله و اثني


عليه ثم قال ايها الناس ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال من رأي سلطانا جآئرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه و آله يعمل في عباد الله بالأثم و العدوان فلم يغير بقول و لا فعل كان حقا علي الله يدخله مدخله الا و ان هآؤلآء قد لزموا طاعة الشيطان و تولوا عن طاعة الرحمن و اظهروا الفساد و عطلوا الحدود و استأثروا بالفي ء و احلوا احرام الله و حرموا حلاله و اني احق بهذا الأمر (لقرابتي من رسول الله (ص) «خ») و قد اتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني فأن وفيتم لي ببيعتكم فقد اصبتم حظكم و رشدكم و انا الحسين بن


علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و نفسي مع انفسكم و اهلي و ولدي مع اهاليكم و اولادكم و لكم بي اسوة و ان لم تفعلوا و نقضتم عهدي و خلعتم بيعتي فلعمري ما هي منكم بنكر لقد فعلتموها بأبي و اخي و ابن عمي مسلم بن عقيل و المغرور من اغتر بكم فحظكم أخطأتم و نصيبكم ضيعتم و من نكث فأنما ينكث علي نفسه و سيغني الله عنكم و السلام «فقال» له الحراني اذكرك الله في نفسك فأني اشهد لئن قاتلت لتقتلن فقال له الحسين عليه السلام افبالموت تخوفني و هل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني و سأقول كما قال اخو الأوس لابن عمه و هو يريد نصرة رسول الله صلي الله عليه و آله فخوفه ابن عمه و قال اين تذهب فانك مقتول فقال:



سامضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذا ما نوي حقا و جاهد مسلما



و واسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا و ودع مجرما



اقدم نفسي لا اريد بقآءها

لتلقي خميسا في الوغي و عرمرما



فان عشت لم اندم و ان مت لم الم

كفي بك ذلا ان تعيش و ترغما



«فلما» سمع الحر ذلك تنحي عنه و جعل يسير ناحية عن الحسين عليه السلام

«و لم» يزل الحسين عليه السلام سائرا حتي انتهوا الي عذيب الهجانات [61] فاذاهم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة لنصرة الحسين


عليه السلام علي رواحلهم و فيهم نافع بن هلال البجلي و هو بجنب فرسا له يقال له الكامل و معهم دليل يقال له الطرماح بن عدي (حكم خ ل) الطائي و كان قد امتار لأهله من الكوفة ميرة فاراد الحر حبسهم اوردهم الي الكوفة فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك و قال لأمنعنهم مما امنع منه نفسي انما هآؤلآء انصاري و هم بمنزلة من جآء معي فان بقيت علي ما كان بيني و بينك و الا ناجزتك فكف الحر عنهم ثم سئلهم الحسين عليه السلام عن خبر الناس فقالوا اما الأشراف فقد استمالهم ابن زياد بالأموال فهم الب واحد عليك و اما سآئر الناس فافئدتهم لك و سيوفهم مشهورة عليك قال فهل لكم علم برسولي قيس بن مسهر قالوا نعم قتله ابن زياد فترقرقت عينا الحسين عليه السلام و لم يملك دمعته ثم قال منهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا اللهم اجعل لنا و لهم الجنة نزلا و اجمع بيننا و بينهم في مستقر من رحمتك و رغائب مذخور ثوابك «و قال» له الطرماح بن عدي اذكرك الله في نفسك لا يغرنك اهل الكوفة فوالله ان دخلتها لتقتلن و اني لأخاف ان لا تصل اليها و ما اري معك كثير احد و لو لم يقاتلك الا هآؤلآء لكفي و لقد رأيت قبل خروجي من الكوفة جمعا عظيما يريدون المسير اليك فانشدك الله ان قدرت ان لا تقدم اليهم شبرا فافعل و طلب منه ان يذهب معه الي بلاد


قومه [62] حتي يري رأيه و ان ينزل جبلهم أجاء و يبعث الي من بأجاء و سلمي و هما جبلان لطي ء و تكفل له بعشرين الف طآئي يضربون بين يديه باسيافهم فجزاه الحسين عليه السلام و قومه خيرا و قال له ان بيننا و بين القوم قولا لا نقدر معه علي الأنصراف فأن يدفع الله عنا فقديما ما انعم علينا و كفي و ان يكن ما لابد منه ففوز و شهادة ان شآء الله و سار الطرماح مع الحسين عليه السلام ثم ودعه و وعده ان يوصل الميرة لأهله و يعود لنصره فلما عاد بلغه خبر قتله في عذيب الهجانات فرجع و قال الحسين عليه السلام لأصحابه هل فيكم احد يعرف الطريق علي غير الجاده فقال الطرماح بن عدي نعم يا ابن رسول الله انا اخبر الطريق قال سر بين ايدينا فسار الطرماح امامهم و جعل يرتجز و يقول:



يا ناقتي لا تذعري من زجر

و امضي بنا قبل طلوع الفجر



بخير فتيان و خير سفر

آل رسول الله آل الفخر



السادة البيض الوجوه الزهر

الطاعنين بالرماح السمر



الضاربين بالسيوف البتر

حتي تجلي بكريم النجر






الماجد الجد الرحيب الصدر

اصابه الله بخير امر



عمره الله بقاء الدهر

يا مالك النفع معا و الضر



ايد حسينا سيدي بالنصر

علي الطغاة من بقايا الكفر



علي اللعينين سليلي صخر

يزيد لا زال حليف الخمر



و ابن زياد العهر بن العهر

«و لم» يزل الحسين عليه السلام سائرا حتي انتهي الي قصر بني مقاتل [63] فنزل به و قيل الي القطقطانه [64] فرأي فسطاطا مضروبا فسأل عنه فقيل انه لعبيدالله بن الحر الجعفي و كان من شجعان اهل الكوفة فارسل اليه الحسين عليه السلام يدعوه فاسترجع و قال و الله ما خرجت من الكوفة الا كراهية ان يدخلها الحسين و انا بها و أبي ان يأتي فجاء اليه الحسين عليه السلام و دعاه الي نصرته فاستعفاه فقال




له الحسين (ع) فأن لم تكن ممن ينصرنا فاتق ان تكون ممن يقاتلنا فوالله لا يسمع و اعيتنا احد ثم لا ينصرنا الا هلك فقال اما هذا فلا يكون ابدا ان شاء الله تعالي «و في رواية» انه قال للحسين عليه السلام ولكن هذا فرسي خذه اليك فوالله ما ركبته قط و انا اروم شيئا الا بلغته و لا ارادني احد الا نجوت عليه فاعرض عنه الحسين عليه السلام بوجهه و قال لا حاجة لنا فيك و لا في فرسك ثم تلا و ما كنت متخذ المضلين عضدا «فلما» كان آخر الليل امر الحسين عليه السلام فتيانه فاستقوا من الماء ثم امر بالرحيل فارتحل من قصر بني مقاتل ليلا قال عقبة بن سمعان فسرنا معه ساعة فخفق و هو علي ظهر فرسه خفقة ثم انتبه و هو يقول انا لله و انا اليه راجعون و الحمدلله رب العالمين ففعل ذلك مرتين او ثلاثا فاقبل اليه ابنه علي بن الحسين فقال يا أبه جعلت فداك مم حمدت و استرجعت قال يا بني اني خفقت خفقة فعن لي فارس علي فرس و هو يقول القوم يسيرون و المنايا تسير اليهم فعلمت انها انفسنا نعيت الينا فقال له يا ابه لا اراك الله سوءا السنا علي الحق قال بلي و الذي اليه مرجع العباد قال اذا لا نبالي ان نموت محقين فقال له الحسين عليه السلام جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده «فلما» اصبح نزل فصلي الغداة ثم عجل الركوب فاخذ يتياسر باصحابه يريد ان يفرقهم فيأتيه الحر فيرده و اصحابه


فجعل اذا ردهم نحو الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه و ارتفعوا فلم يزالوا يتياسرون كذلك حتي انتهوا الي نينوي فاذا راكب علي نجيب له عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة و هو مالك بن بشير [65] الكندي فوقفوا جميعا ينتظرونه فلما انتهي اليهم سلم علي الحر و أصحابه و لم يسلم علي الحسين (ع) و اصحابه و دفع الي الحر كتابا من ابن زياد فاذا فيه اما بعد فججعع [66] بالحسين حين يبلغك كتابي و يقدم عليك رسولي فلا تنزله الا بالعراء [67] في غير حصن و علي غير ماء و قد أمرت رسولي ان يلزمك فلا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك امري و السلام فعرض لهم الحر و اصحابه و منعوهم من السير و اخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء و لا قرية فقال له الحسين (ع) الم تأمرنا بالعدول عن الطريق قال بلي ولكن كتاب الامير عبيدالله قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك و قد جعل علي عينا يطالبني بذلك فقال له الحسين عليه السلام دعنا ويحك ننزل


في هذه القرية او هذه نينوي و الغاضرية او هذه يعني شفية فقال لا استطيع هذا رجل قد بعث علي عينا «فقال» زهير بن القين للحسين (ع) اني و الله لا اري ان يكون بعد الذي ترون الا اشد مما ترون يا ابن رسول الله ان قتال هؤلاء الساعة اهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم فلعمري ليأتينا من بعدهم مالا قبل لنا به فقال الحسين (ع) ما كنت لأبدأهم بالقتال فقال له زهير سربنا الي هذه القريه حتي تنزلها فانها حصينة و هي علي شاطي ء الفرات فان منعونا قاتلناهم فقتالهم اهون علينا من قتال من يجي ء بعدهم فقال الحسين عليه السلام ما هي قال العقر قال اللهم اعوذ بك من العقر «و في رواية» ان زهيرا قال له فسربنا يا ابن رسول الله حتي ننزل كربلا فانها علي شاطي ء الفرات فنكون هناك فان قاتلونا قاتلناهم و استعنا الله عليهم قال فدمعت عينا الحسين عليه السلام ثم قال اللهم اني اعوذ بك من الكرب و البلاء «ثم» قام الحسين عليه السلام خطيبا في اصحابه فحمد الله و اثني عليه «ثم قال» انه قد نزل بنا من الامر ما قد ترون و ان الدنيا تغيرت و تنكرت و ادبر معروفها و استمرت حذاء [68] و لم يبق منها الاصبابة [69] كصبابة الاناء و خسيس عيش كالمرعي الوبيل [70] الا ترون الي


الحق لا يعمل به و الي الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا فاني لا اري الموت الا سعادة و الحياة مع الظالمين الا برما [71] «و قيل» انه خطب بهذه الخطبة بذي جشم حين التقي مع الحر و قيل بكربلا و الله اعلم فقام زهير بن القين فقال قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك و لو كانت الدنيا لنا باقية و كنا فيها مخلدين لآثرنا النهوض معك علي الاقامة فيها «و وثب» هلال بن نافع (نافع بن هلال خ ل) البجيلي فقال و الله ما كرهنا لقاء ربنا و انا علي نياتنا و بصائرنا نوالي من والاك و نعادي من عاداك «و قام» برير بن خضير [72] فقال و الله يا ابن رسول الله لقد من الله بك علينا ان نقاتل بين يديك و تقطع فيك اعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيمة «ثم» ان الحسين عليه السلام قام و ركب و كلما اراد المسير يمنعونه تارة و يسايرونه اخري حتي بلغ كربلاء يوم الخميس الثاني من المحرم سنة احدي و ستين فلما وصلها قال ما اسم هذه الأرض فقيل كربلا فقال اللهم اني اعوذبك من الكرب و البلاء «ثم» اقبل علي


اصحابه فقال الناس عبيد الدنيا و الدين لعق علي السنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون «ثم» قال اهذه كربلا قالوا نعم يا ابن رسول الله فقال هذا موضع كرب و بلاء انزلوا ههنا مناخ ركابنا و محط رحالنا و مقتل رجالنا و مسفك دمائنا فنزلوا جميعا و نزل الحر و اصحابه ناحية «ثم» ان الحسين عليه السلام جمع ولده و اخوته و اهل بيته ثم نظر اليهم فبكي ساعة ثم قال اللهم انا عترة نبيك محمد (ص) و قد ازعجنا و طردنا و اخرجنا عن حرم جدنا و تعدت بنوامية علينا اللهم فخذلنا بحقنا و انصرنا علي القوم الظالمين «و جلس» الحسين عليه السلام يصلح سيفه و يقول:



يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الأصيل



من طالب و صاحب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و كل حي سالك سبيلي

ما اقرب الوعد من الرحيل



و انما الأمر الي الجليل

«فسمعت» اخته زينب بنت فاطمه ذلك فقالت يا اخي هذا كلام من ايقن بالقتل فقال نعم يا اختاه فقالت زينب و اثكلاه ينعي الحسين الي نفسه و بكي النسوة و لطمن الخدود و شققن الجيوب «و جعلت» ام كلثوم تنادي وا محمداه وا علياه وا أماه وا اخاه وا حسيناه وا ضيعتنا بعدك يا اباعبدالله «فقال» لها الحسين عليه السلام يا اختاه تعزي




بعزآء الله فان سكان السموات يفنون و اهل الأرض كلهم يموتون و جميع البرية يهلكون «ثم» قال يا اختاه يا ام كلثوم و انت يا زينب و انت يا فاطمه و انت يا رباب انظرن اذا انا قتلت فلا تشققن علي جيبا و لا تخمشن علي وجها و لا تقلن هجرا «و في رواية» عن زين العابدين عليه السلام ان الحسين عليه السلام قال هذه الابيات عشية اليوم التاسع من المحرم قال علي بن الحسين عليهماالسلام اني لجالس في تلك الليلة التي قتل ابي في صبيحتها و عندي عمتي زينب تمرضني اذ اعتزل ابي في خباء له و عنده جون مولي ابي ذر الغفاري و هو يعالج سيفه و يصلحه و ابي يقول (يا دهر اف لك من خليل) الي آخر الأبيات المتقدمة فاعادها مرتين او ثلاثا حتي فهمتها و عرفت ما اراد فخنقتني العبرة فرددتها و لزمت السكوت و علمت ان البلاء قد نزل و اما عمتي فانها لما سمعت ما سمعت و هي امرأة و من شأن النساء الرقة و الجزع لم تملك نفسها ان و ثبت تجر ثوبها حتي انتهت اليه و نادت و اثكلاه ليت الموت اعدمني الحياة اليوم ماتت امي فاطمة و ابي علي و اخي الحسن يا خليفة الماضي و ثمال الباقي فنظر اليها الحسين عليه السلام فقال لها يا اخية لا يذهبن حلمك الشيطان فقالت بابي و امي تستقل نفسي لك الفدآء فردت عليه غصته و ترقرقت عيناه بالدموع ثم قال (لو ترك القطا ليلا لنام) فقالت يا ويلتاه افتغتصب نفسك اغتصايا


فذلك اقرح لقلبي و اشد علي نفسي ثم لطمت وجهها و اهوت الي جيبها فشقته و خرت مغشية عليها فقام اليها الحسين عليه السلام فصب علي وجهها الماء حتي افاقت ثم عزاها بما مر قال و كل شي ء هالك الا مجهه الذي خلق الخلق بقدرته و يبعث الخلق و يعيدهم و هو فرد وحده جدي خير مني و ابي خير مني و امي خير مني و اخي خير مني ولي و لكل مسلم برسول الله صلي الله عليه و آله اسوة فعزاها بهذا و نحوه و قال لها يا اختاه اني اقسمت عليك فابري قسمي لا تشقي علي جيبا و لا تخمشي علي وجها و لا تدعي علي بالويل و الثبور اذا انا هلكت «و كتب» الحر الي عبيدالله بن زياد يعلمه بنزول الحسين عليه السلام بكربلا «فكتب» ابن زياد الي الحسين عليه السلام «اما بعد» فقد بلغني يا حسين نزولك بكربلا و قد كتب الي اميرالمؤمنين يزيد ان لا اتوسد الوثير [73] و لا اشبع من الخمير او الحقك باللطيف الخبير او ترجع الي حكمي و حكم يزيد و السلام «فلما» قرأ الحسين عليه السلام الكتاب القاه من يده و قال لا افلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق فقال له الرسول الجواب يا اباعبدالله فقال ما له عندي جواب لأنه قد حقت عليه كلمة العذاب فرجع الرسول


الي ابن زياد فاخبره فاشتد غضبه و جهز اليه العساكر و جمع الناس في مسجد الكوفة و خطبهم و مدح يزيدا و اباه و ذكر حسن سيرتهما و وعد الناس بتوفير العطاء و زادهم في عطائهم مائة مائة و امر بالخروج الي حرب الحسين عليه السلام.


پاورقي

[1] کان الوالي في ذلک الوقت علي المدينة الوليد بن عتبة بن ابي‏سفيان. و علي مکه عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق و هو من بني‏امية و علي الکوفة النعمان بن بشير الأنصاري. و علي البصرة عبيدالله بن زياد «منه».

[2] کان معويه حذر يزيد من اربعة الحسين بن علي عليهماالسلام و عبدالله بن الزبير و عبدالله بن عمر و عبدالرحمن بن ابي‏بکر و لا سيما من الحسين «ع» و ابن‏الزبير اما ابن‏الزبير فهرب الي مکة علي طريق الفرع هو و اخوه جعفر ليس معهما ثالث و ارسل الوليد خلفه احد و ثمانين راکبا فلم يدرکوه و خرج بعده الحسين «ع» و کان عبدالله بن عمر بمکة و لما بلغ يزيد ما صنع الوليد عزله عن المدينة و ولاها عمرو بن سعيد الاشدق فقدمها في رمضان «منه».

[3] هي جدة مروان و کانت مشهورة بالفجور «منه».

[4] شفق خ ل فلق خ ل.

[5] من المهانة خ ل.

[6] قال ابن‏نما ان توجهه الي مکه کان لثلاث مضين من شعبان و ستعرف ان و صوله عليه‏السلام الي مکة کان بذلک التاريخ و لعله وقع اشتباه بينهما کما ان ابن‏نما قال ان وصول کتاب يزيد الي الوليد کان في أول شعبان و مقتضي ما تقدم ان يکون و صوله في اواخر رجب لثلاث او اربع بقين منه. «منه».

[7] الشعف کغرف و الشعاف جمع شعفه کغرفه رأس الجبل «منه».

[8] بالنون و الجيم و الباء الموحدة المفتوحات (کامل ابن‏الاثير).

[9] احد بني الصيدا قبيلة من بني اسد و اياهم عني الشاعر بقوله



يا بني الصيداء ردوا فرسي

انما يفعل هذا بالذليل «منه».

[10] نسبة الي السبيع بوزن امير ابوبطن من همدان «منه».

[11] بمعني اسرع «منه».

[12] بفتح الشين المعجمه و الباء للوحده و آخره ثاء مثلثه «منه».

[13] حجار بوزن کتان و ابجر بوزن احمر «منه».

[14] کل هؤلاء خرج لقتال الحسين عليه‏السلام و هم من اعيان اهل الکوفة و وجوهها «منه».

[15] اي قريبا «منه».

[16] و قتله اهل حمص في فتنة ابن‏الزبير و کان واليا عليها «منه».

[17] النسکع التمادي في الباطل «منه».

[18] قال ابن‏الاثير کان کريما علي ابن‏زياد و علي غيره من الأمراء و کان شديد التشيع قد شهد صفين اه و له حکاية مع معوية مشهورة حين قال له انت شريک و ليس لله شريک و ابوه الحارث الأعور الهمداني من خواص اصحاب اميرالمؤمنين عليه‏السلام و هو الذي يقول له



يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن او منافق قبل «منه».

[19] جمع عريف کامير و هو الرئيس و الظاهر انه کان يجعل لکل قوم رئيس من قبل السلطان يطالب بامورهم يسمي العريف کما هو متعارف الي اليوم و کان يجعل للعرفاء ايضا رؤساء يقال لهم المناکب «منه».

[20] اي الشيعة الذين بايعوا مسلما للحسين عليه‏السلام «منه».

[21] قوم من الخوارج کانوا في اول امرهم اجتمعوا بموضع يقال له حروراء فنسبوا اليه «منه».

[22] اي بهت و تحير و لا يکون الا مبنيا للمفعول «منه».

[23] الحروري الخارجي نسبة الي الحروريه و تقدم تفسيرهم «منه».

[24] الظلال بالکسر جمع ظله و الظله بالضم کهيئة الصفة و الصفة بناء في الدار معروف «منه».

[25] السدة بالضم سقيفة امام باب الدار و ما يبقي من الطاق المسدود و سدة المسجد الاعظم ما حوله من الرواق قالوا و السدة باب الدار و البيت يقال رأيته قاعدا بسدة بابه و بسدة داره مع ان قولهم سدة بابه يدل علي أن السدة غير الباب «منه».

[26] العتمة وقت صلاة العشاء الآخره «منه».

[27] الشرط کصرد طائفة من اعوان الولاة معروفة واحده شرطة بالضم فالسکون و هو شرطي کترکي و شرطي کجهني سموا بذلک لأنهم اعلموا انفسهم بعلامات يعرفون بها «منه».

[28] جمع عريف کالمراء و امير و هو الرئيس کما تقدم «منه».

[29] المناکب رؤوس العرفاء کما مر «منه».

[30] في جميع المواضع التي ذکر فيها في هذا المقام عبيدالله بن العباس السلمي ذکر بدله في کامل ابن‏الاثير عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي «منه».

[31] هو والد قتيبه بن مسلم امير خراسان المشهور «منه».

[32] اي جره «منه».

[33] قيل انه يشير الي انه کابيه دعيان و ليسا من قريش «منه».

[34] بفتح الزاي و ليس للعرب زبير بفتح الزاي غيره «منه».

[35] الطمار بفتح الطاء و کسرها المکان المرتفع «منه».

[36] هو ابن‏زياد لأن امه مرجانه وجدته سميه کانتا کذلک و في نسخة امر اللعين «منه».

[37] هو اسماء بن خارجة احد الثلاثة الذين ذهبوا بهاني الي ابن‏زياد «منه».

[38] جمع هملاج و هو نوع من البراذين «منه».

[39] مضارع طاف و في نسخة تطيف مضارع أطاف «منه».

[40] اي حوالي هاني و هو اشارة الي اجتماعهم حول القصر لتخليص هاني و في نسخة حفافيه جمع حفاف و هو الجانب «منه».

[41] الرقبة بالفتح الارتقاب و الانتظار و بالکسر التحفظ اي کلهم مرتقب منتظر لتخليصه او متحفظ مستعد للقتال و بعضهم يسأل بعضا عن حاله و شأنه «منه».

[42] اي تطلبوا بثاره و الخطاب لمذحج «منه».

[43] اي زواني و في نسخة ايامي «منه».

[44] نقل انفاذ عمرو بن سعيد و دس الثلاثين رجلا صاحب البحار و قال انه رآه في بعض الکتب المعتبرة و نقل انفاذ عمرو و وصوله يوم التروية ابن‏طاوس في اللهوف عن معمر بن المثني في مقتل الحسين عليه‏السلام و عمرو هذا کان امير اعلي مکة ثم ولاه يزيد المدينة کما مر ثم انفذه من المدينة الي مکة و امره علي الحاج «منه».

[45] الفرام خرقة الحيض «منه».

[46] ذکر ذلک في اللهوف عن ابي‏جعفر محمد بن جرير الطبري الأمامي في دلائل الأمامة عن ابي‏محمد سفيان بن وکيع عن ابيه وکيع عنهما «منه».

[47] و ذلک لانه کان بمکة عند سفر الحسين عليه‏السلام الي العراق کما مر في الحواشي السابقة «منه».

[48] بفتح الباء الموحدة و کسر الحاء المهمله «منه».

[49] الصفاح بوزن کتاب قال ياقوت في معجم البلدان انه موضع بين حنين و انصاب الحرم علي يسرة الداخل الي مکه من مشاش و هناک لقي الفرزدق الحسين بن علي عليهماالسلام اهو قال سبط ابن‏الجوزي في تذکرة الخواص انه لقيه ببستان بني‏عامر «منه».

[50] بتخفيف اليم «منه عفي عنه».

[51] و رغائب «خ ل».

[52] في القاموس بلنجر کغضنفر بلدة بالخزر خلف باب الابواب اهو في بعض النسخ غزونا البحر و هو تصحيف من النساخ «منه».

[53] بالثآء المثلثه و العين المهمله (منه).

[54] ظاهر کلام السيد ان لقآء الفرزدق للحسين عليه‏السلام کان بعد خروجه من زبالة و قد تقدم انه لقيه في الحرم و هي رواية المفيد و يمکن ان يکون لقاء الفرزدق له ثانيا بعد رجوعه من الحج (منه).

[55] جمع هادي و هو العنق (منه).

[56] جمع يعسوب و هو المير النحل و ذکرها و ضرب من الحجلان و طائر صغير «منه».

[57] اي قدر «منه».

[58] الروايه في لسان اهل الحجاز اسم للجمل الذي يستقي عليه و في لسان اهل العراق اسم للسقآء الذي فيه المآء فلذلک لم يفهم مراد الحسين عليه‏السلام حتي قال له انخ الجمل «منه».

[59] هو مولي الرباب ابنة امري‏ء القيس الکلبيه زوجة الحسين «ع» و لما قتل الحسين «ع» اخذه عمر بن سعد فقال ما انت فقال انا عبد مملوک فخلي سبيله و لم ينج من اصحاب الحيسن عليه‏السلام غيره و غير رجل آخر و لذلک کان کثير من روايات الطف منقولا عنه «منه».

[60] هکذا روي الطيري في تاريخه و ابن‏الأثير في الکامل. و في المناقب ان الحسين عليه‏السلام کتب من کربلا اول نزوله بها الي اشراف الکوفة ممن کان يظن انه علي رأيه بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي الي سليمان بن صرد و المسيب بن نجبه و رفاعة بن شداد و عبدالله بن وال و جماعة المؤمنين اما بعد فقد علمتم ان رسول الله«ص» قد قال في حياته من رأي سلطانا جائرا الخ و انه ارسل الکتاب مع قيس بن مسهر الصيداوي ثم ذکر قصة قيس المتقدمة. و ذکر لفظة و السلام في آخر الکلام علي رواية الطبري و ابن الأثير يوء يدأنه کتاب لا خطبة لأن ذلک متعارف في الکتب لا في الخطب ولکن کثيرا من الروايات دل علي ان ارسال قيس کان من الطريق لا من کربلا مع ان التمکن من ارساله من کربلا بعيد و الله اعلم اي ذلک کان «منه».

[61] العذيب موضع کان النعمان بن المنذر يضع فيه هجانه لنزعي فسمي عذيب الهجانات «منه».

[62] و هي المعروفة الآن بجبل شمر و حيث انها علي طريق الذاهب الي العراق فلا يمنعهم الحر من التوجه نحوها بعدان رضي باخذهم طريقا لا يدخلهم الکوفة و لا يرجعهم الي المدينة «منه».

[63] في معجم البلدان قصر مقاتل بين عين الترم و الشام و قال السکوني هو قرب القطقطانة و هو منسوب الي مقاتل بن حسان انتهي العجم و لم يذکر قصر بني‏مقاتل فاما ان لفظة بني من زيادة النساخ او انه صار اخيرا ينسب الي بني‏مقاتل و عين التمر هي المعروفة الان بشفاثا «منه».

[64] بقافين مضمومين بينهما طآء ساکنة فطاء فالف فنون فهاء قال ياقوت و رواه الازهري بالفتح موضع قرب الکوفة من جهة البرية بالطف کان به سجن النعمان بن المنذر و قال ابوعبيدالله السکوني القطقطانة بالطف بينهما و بين الرهيمة مغربا نيف و عشرون ميلا اذا خرجت من القادسية تريد الشام و منه الي قصر مقاتل «منه».

[65] لعل صوابه مالک بن النسر فيکون هو الذي ضرب الحسين عليه‏السلام علي رأسه و سلبه البرنس فالظاهر انه صحف احدهما بالآخر «منه».

[66] في الصحاح الجعجعة الحبس و کتب عبيدالله بن زياد عليه ما يستحق الي عمر بن سعد عليه اللعنة ان جعجع بحسين قال الاصمعي يعني احبسه و قال ابن الأعرابي يعني ضيق عليه انتهي «منه».

[67] في الصحاح العراء الفضاء لاستربه «منه».

[68] لعله من قولهم رحم حذاء و جذاء بالحاء و الجيم اي لم توصل «منه».

[69] الصبابة بالضم بقية من الماء في الاناء «منه».

[70] الوخيم (منه).

[71] البرم بالتحريک ما يوجب السآمة و الضجر (منه).

[72] برير بضم الباء الموحدة و فتح الراء المهملة و سکون الياء المثناه من تحت و آخره راء مهملة و خضير بالخاء و الضاد المعجمتين (منه).

[73] في الصحاح الوثير الفراش الوطي‏ء (منه).