بازگشت

الباب 2


أيها المؤمنون السامعون: اعملوا رحمكم الله الفكر و أطيلوا البأمل و النظر و انظروا الي هذا الامام و شده صبر علي المضض و الآلام و تجرع كؤوس الحمام في رضي الملك العلام فانه أمر تحير فيه الأفكار و تذهل في معانيه القلوب و الأبصار. ألا ترون الي ابراهيم الخليل عليه السلام ابتلي بنفسه لا غير حين القي في النار؟ و الحسين عليه السلام صرع حوله بنوه و نوه أبيه و الأطهار و آله و صحبه الأخيار و اغتصبوا نفسه الزكيه فقابل الجمع بالرضي و الاصطبار. و هذا قبل و لا بعد اليه الا أبوه الامام عليه أفضل الصلاه و السلام:



كفاك قسما لو أكتفيت به

انك في المجد و العلي علم



بمن ييوذ الراجي سواك و من

به يعوذ اللاجي و يعتصم



فلا غروا ان بكينا المام الحسين عليه السلام بدمع يخجل صوب الغمام. اليس هو ابن حبيب الملك العلام؟ اليس هو سبط سيد الأنام؟ اليس هو ثمره فؤاد الزهراء؟ اليس من خدامه جبرائيل؟ اليس من عتقائه دردائيل؟ فياويل من ظلمهم و غصبهم حقهم و هضمهم. نقل انه لما أنفذ ابن زياد برأس الحسين الي يزيد لعنه الله التفت يزيد الي عبدالملك بن مروان و قال له: انطلق حتي تأتي عمر بن سعيد بن العاص بالمدينه فبشره بقتل الحسين، قال عبدالملك: فركبت ناقتي و سريت نحو المدينه: فلما دخلت المدينه لقيني رجل من قريش فقال لي: ما الخبر؟ فقلت: عند الأمير تسمعه فبكي الرجل و قال: انا لله و انا اليه راجعون قتل و الله الحسين. قال عبدالملك: فلما دخلت علي عمر بن سعيد قال لي: ما وراءك؟ قلت: ما يسر الأمير قتل و الله الحسين بن علي! فاستر بذلك سرورا عظيما قال لي: أخرج فناد في شوارع المدينه بقتل الحسيم لستر بذلك بني أميه و تكمد بني هاشم. قال: فخرجت فناديت في شوارع المدينه فلم أسمع واعيه قطه مثل واعيه بني هاشم في دورهم ينوهون علي


الحسين عليه السلام حين سمعا النداء بقتله ثم رجعت الي عمر بن سعيد بن العاص فلما رآني تبسم ضاحكا ثم قال:



عجت نساء بني زياد عجه

كعجيج نسوتنا غداه الأرنب



فالآن أشفينا القلوب بقتله

و سقي حسين جرعه لم تشرب



ثم قال: هذه و الله واعيه بواعيه عثمان ثم خرج الي المسجد ورقي المنبر و أعلم الناس بقتل الحسين عليه السلام و دعا ليزيد بدوام الملك و شده السلطان و سب الحسين و ذمه ثم نزل عن المنبر. فازداد البكاء و النوح في دور بني هاشم و قال: و خرجت أم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب حين سمعت نعي الحسين و هي حاسره و معها أخواتها أم هاني و أسماء و رمله و زينب بنات عقيل و هن يبكين قتلاهن بطف كربلاء و واحده منهن تقول:



ماذا تقولون اذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم أساري و منهم ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



قال: فلما كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمر بن سعيد اذ سمع أهل المدينه في جوف الليل مناديا ينادي و لا يري شخصه:



أيها القاتلون ظلما حسينا

ابشروا بالعذاب و التنكيل



كل من في السماء يدعو عليكم

من نبي و ملائك و قبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

و موسي و صاحب الانجيل



فتبا لهم ما أجرأهم علي انتهاك حرمه خاتم النبيين! وء ما أقسي قلوبهم علي الذريه الطاهرين! كأنهم لم يسمعوا بفضلهم في القرآن المبين علي لسان الرسول و جبرائيل الأمين! بلي و الله قد سمعوا و عرفوا و عاهدوا عليه و ما وفوا (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وابشروا أيها الشيعه و بشروا فان لكم عندالله الأجر العظيم و الثواب الجسيم، و تصديق ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول لغلامه قنبر أبشر و بشر المؤمنين أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم


مات وهو ساخط علي أمته الا الشيعه، ألا وان لمل شي ء عروه و عروه الاسلام الشيعه ألا و ان لمل شي دعامه و دعامه الاسلام الشيعه، ألا وان لمل شي ء شرفا و شرف الاسلام الشيعه، ألا وان لكل شي ء سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعه والله لولا من في الارض منكم ما أنعم الله علي أهل الخلاف و ما لهم في الاخره من نصيب و ان تعبدوا و اجتهدوا و صاموا و صلوا كثيرا لن يدخلوا الجنه و ان شيعتنا ينظرون بنور الله و من خالفنا ينقلب بسخط الله. و الله ان فقراءكم أهل الغني و ان أغنياءكم أهل القنوع و ان كلكم أهل دعوه الله و أهل اجابته، و أنتم الطيبون و نساءكم الطيبات، كل مؤمن منكم صديق في الجنه و كل مؤمنه حوراء في الجنه فيا اخواني: ما عذر أهل الايمان في اضاعه البكاء و ليس أثواب الأحزان لمصاب سيد الشهداء من ولد عدنان؟ كيف لا؟ و هو حبيب رب العالمين و ابن سيد الوصيين و آيه الله في العالمين: ففي الخبر عن ابن مس عود أنه قال: دخلت يوما علي ذسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقلت: يا رسول الله أرني الحق حتي أنظر اليه، فقال لي: يابن مسعود الج المخدع فولجت فرأيت علي بن أبي طالب راكعا ساجدا و هو يقول عقيب كل صلاه: اللهم بحرم محمد عبدك و رسولك اغفر للخاطئين من شيعتي قال ابن مسعود فخرجت أخبر رسول الله بذلك فرأيته راكعا و ساجدا و هو يقول: اللهم بحرمه علي بن أبي طالب عبدك اغفر للعاصين من أمتي، قال ابن مسعود فأخذني الهلع حتي غشي علي. فرفع النبي رأسه فقال: يابن مسعود: أكفرت بعد ايمانك؟ فقلت: معاذالله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالي بك و تسأل الله به و لا أدري أيكما أفضل! فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم يابن مسعود: ان الله عزوجل خلقني و علقني و الحسن و الحسين من نور عظمته قبل الخلق بألف عام حين لا تسبيح و لا تقديس، ففنق نوري فخلق منه السماوات، و فتق نور علي فخلق منه العرش و الكسي، و علي أجل من العرش و القلم و فتق نور الحسين فخلق منه اللوح و القلم، و الحسن أجل من اللوح و القلم و فتق نور الحسين فخلق منه الجنان و لحور و الولدان، و الحسين أفضل منهم، فاظلمت المشارق و المغارب فشكت الملائكه الي الله عزوجل الظلمه و قالت: اللهم بحرم هذه الأشباح التي خلقتهم الا ما فرجت عنا من هذه الظلمه


فخلق الله روحا و قرنها بأخري فخلق منها نورا، ثم أضاءت الروح فخلق منها الزهراء فأضاءت منها المشارق و المغارب فمن ذلك سميت الزهراء، يا بن مسعود اذا كان يوم القيامه يقول الله عزوجل لي و لعلي أدخلا الجنه من شئتما و أدخلا النار من شئتما و ذلك قوله تعالي: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) و الكافر من جحد نبوتي و العنيد من عادي عليا و أهل بيته و شيعته. وللله در دعبل الخزاعي حيث قال:



و لو قلدوا الموصي اليه أمورهم

لزمت بمأمون علي العثرات



أخو خاتم الرسل الصفي من القذا

و مفترس الأبطال في الغمرات



فان حدوا الرسل كان الغدير شهودهم

و بدر و أحد شامخ الهضبات



و آي من القرآن يتلي بفضله

و ايثاره بالقوت في اللزبات



نحي لجبرائيل الأمين و أنتم

عكوف علي العزي معا و منات



روي شيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان في تفسير قوله تعالي: (ان الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا - الي قوله - و كان سعيكم مشكورا) قال: نزلت في علي و فاطمه و الحسن و الحسين و جاريه لهم تسمي فضه و ذكر القصه باسناد عن الصادق عليه السلام و ابن عباس قالا: مرض الحسن و الحسين و هما صبيان صغيران عادهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و معه رجلان فقال أحدهما لأمير المؤمنين: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا عافاهما الله تعالي فقال علي: أصوم ثلاثه أيام شكرا لله سبحانه و كذلك قالت فاطمه: و كذا الصبيان و كذا جاريتهم فض ه فألبسهما الله العافيه فأصحبوا صياما و ليس عندهم شي ء من الطعام، فانطلق أمير المؤمنين عليه السلام الي جار له يهودي يعالج الصوف اسمه شمعون فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هل لك أن تعطيني جزرا من الصوف تعزلها لك ابنه محمد بثلاثه أصواع من شعير؟ فقال اليهودي: نعم، و أعطاه فجاء بالصوف و الشعير و أخبر فاطمه بذلك فقبلت و أطاعت ثم عمدت فغزلت ثلثه، المؤمنين صلاه المغرب مع رسول الله، ثم أتي المنزل فوضع الخوان بين يديه و جلسوا يتعشون خمستهم فأول لقمه كسرها أميرالمؤمنين اذا مسكين قد وقف


علي الباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوه أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنه فضع أميرالمؤمنين اللقمه من يده ثم قال: يا فاطمه ادفعيه اليه فعمدت فاطمه الي ما كان علي الخوان جميعه فدفعته الي المسكين و باتوا جياعا و أصبحوا صياما و لم يذوقوا الا الماء القراح، ثم عمدت الي الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعي فطحنته و خبزت منه خمسه أقراص لكل واحد قرص، و صلي أمير المؤمنين مع رسول اللهع صلاه المغرب، ثم أتي المنزل فلما وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم فأول لقمه كسرها أمير المؤمنين اذا بيتييم ينادي بالباب: السلام عليكم يا أهل بيت النبوه أنا يتيم من يتامي المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنه فرمي أمير المؤمنين اللقمه، و قال لفاطمه: ادفعيه اليه، ثم عمدت فاطمه الي جميع ما علي الخوان من الخبز فأعطته لليتيم و باتوا جياعا ل يذوقوا الا الماء و أصحبوا صائمين، فعمدت فاطمه الي الثلث الباقي من الصوف فغزلته طحنت الباقي من الشعير و عجنته و خبزته خمسه أقراص لكل واحد قرص فصلي أمير المؤمنين مع رسول الله صلاه المغرب و أتي المنزل فوضع الخوان و جلسوا يتشعون خمستهم فأول لقمه كسرها أميرالمؤمنين و أراد وضعها في فمه اذا بأسير من أساري المشركين ينادي بالباب السلام عليكم يا أهل بيت النبوه تأسروننا و تشرودننا و لا تطعموننا مما تأكلون أطعمونا أطعمكم الله من موائد الجنه فرمي أمير المؤمنين اللقمه من يده و عمدت فاطمه الي ما كان علي الخوان فجمعته و دفعته الي الأسير و باتوا ليتهم جياعا و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شي ء. قال شعيب في حديثه: و أقبل علي بالحسن و الحسين نحو رسول الله و هما يرتشعان كالفراج من شده الجوع فلما نظرهما رسول الله قال: يا.با الحسن ما أشد ما يسوءني ما أراكم فيه؟ فقال يا رسول الله: انطلق معي الي فاطمه فانطلق فاذا هي في محرابها و قد لصقت بطنها بظهرها من شده الجوع و غارت عيناها في وجهها فلما نظرها رسول الله ضمها اليه و قال: وا غوثاه أنتم منذ ثلاثه أيام علي ما أري! فهبط جبرائيل عليه السلام و قال: خذ يا محمد مما هناك الله في أهل بيتك، قال و ما آخذ يا جيرائيل؟ قال: (هل أتي علي الانسان حين


من الدهر - الي قوله - ان هذا كان لكم جزاء و كان سعيكم مشكورا):



بأهلي و مالي ثم قومي و أسرتي

فداء لمن أضحي قتيل ابن ملجم



علي رقا فوق الخلائق في الوري

فهدت له أركان بيت المحرم



تكاد الصفا و امشعران كلاهما

تهدر و بان النقص في ماء زمزم



و أصحبت الشمس المنير ضياؤها

لقتل علي لونها لون أدهم



و ضل له أفق السماء كأنه

شقيقه ثوب لونها لون عندم



و ناحت عليه الأرض اذ فجعت به

حنينا لثكلي نوحها بترنم



و أضحي التقي و الخير و العلم و النهي

و بات العلي في قبره المتهدم



و قال غيره من أهل الفضل:



الي. م آلام و حتي متي

أعنف في حب هذا الفتي



فهل زوجت فاطم غيره

و في غيره (هل أتي) هل أتي



فيا اخواني العنوا من ظلمهم و غصبهم حقهم و هضمهم فعلي مثل هؤلاء الأشراف فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادحيهم عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: