بازگشت

الباب 1


أيها الاخوان: كيف تخفي زفرات الأخزان أم كيف تطفي لهفات الآشجان و قد جري ما لسادات الزمان تقطع منهم الأوصال و يجدلون علي الرمال و يجرعون كؤوس الحتوف بأرض الطفوف و تجر نساءهم سبايا علي أقتاب المطايا فوا عجباه من تلك القلوب القاسيه و النفوس الملعونه العاصيه أما اختبروهم أنهم و دائع الرحمان أما سمعوا مدحهم في محكم القرآن فيا و يل من تجرأ علي امرائه و ساداته الذين هم أصل دينه و هداته فبالله عليكم أيها الاخوان أطيلوا البكاء عليهم وعجوا بالابتهال في قبول الطاعات عند ذي الجلال اليهم و أسيلوا الدموع الهتان وا كثروا النوح و الأحزان و كيف لا تشب نار أشجاني من ضلوعي كلما قرحت أجفاني سواكب دموعي:



و حقك لا تري بي من ملال

و لا يثني عناني عنك ثاني



كفاني أن دمعي فيك جار

و حسبي أنني بهواك عاني



روي عن الصادق أنه قال: لما خرج أمير المؤمنين الي حرب صفين فلم يزل سائرا حتي اذا كان قريبا من كربلاء علي مسيره ميل أو ميلين تقدم يسير أمام الناس حتي اذا صار بمصارع الشهداء رضوان الله عليهم قال أيها الناس: اعلموا أنه قبض في هذه الأرض مائتا نبي و مائتا سبط من أولاد الأنبياء كلهم شهداء


و أتباعهم معهم استشهدوا معهم ثم أنه عليه السلام طاف علي بغلته في تلك البقعه و مع ذلك خارج رجليه من الركاب و هو يقول: هنا و اله مناخ ركاب و مصارع شهداء لا يسبقهم بالفضل من كان قلبهم و لا يلحقهم من كان بعدهم ثم نزل عليه السلام و جعل يبكي و هو يقول: آه وا حزناه ما لي و ما لآل بني سفيان، و مالي و ما لآل حرب حزب الشيطان، صبرا صبرا يا أبا عبدالله لقد لقي أبوك منهم مثل ما تلقي منهم ثم أنه توضي و صلي ثم ذكر كلامه الأول ثم نعس فحفق و انتيه و هو يقول انا الله و انا اليه راجعون، فقال له ابن عباس: رأيت رؤيا خير ان شاء الله تعالي، فقال له يا بن عباس: رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء و هم مقلدين بسيوفهم و معهم غلام أبيض و قد خطوا حول هذه الأرض خطه 7 ثم رأيت كأن هذا النخل قد ضربت بأغصانها الأرض و صارت تضطرب بدم عبيط و كأني بالحسين ولدي و نجلي و قومي و مضغتي يستغيث فلا يغاث و يستجير فلا يجار و الرجال الذين نزلوا من السماء يقولون له: صبرا صبرا يا بن رسول الله يا أبا عبدالله فانكم تقتلون علي يدي أشر الناس و هذه الجنه مشتاقه اليكم، ثم انهم أقبلوا يعزونني بولدي الحسين و يقولون لي صبرا صبرا يا أبا الحسن أحسن أحسن الله لك العزاء بولدك الحسين فقد أقر الله به عينك يوم القيامه يوم يقوم الناس لرب العالمين.



فيا لك من أمر فظيع علي الوري

و من عثره ما أن يقال و لا تعفا



فلله ما أعمي رجال عن الهدي

و لله ما أقسي قلوبا و ما أجفي



و لا عجبا أن يسفدوا دين أحمد

و ان يلحدوا فيه و قد أسلموا عنفا



روي عن مسمع بن عبدالملك كردين البصري قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين؟ قلت لا انما أنا رجل مشهور عند أهل البصره و عندنا من يتبع هذا الخليفه و أعداؤنا كثير من أهل القبائل من النثاب و غيرهم و لست آمنهم أن يدفعوا علي عند ولد سليمان فيمثلوني قال: أفما تذكر ما صنع به، قلت: بلي و الله، قال: فتجزع، قلت: أي و الله و استعبر حتي يري أهلي أثر ذلك علي فامتنع من الطعام و الشراب حتي يستبين ذلك في وجهي، قال: رحم الله دمعتك أما أنك من


الذين يعدون من أهل الجزع لنا و الذين يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يخافون لخوفنا و يأمنون اذا آمنا أما أنك ستري عند موتك حضور آبائي لك و وصيتهم ملك الموت بك و ما يلقونك به من البشاره أفضل و لملك أرق عليك و أشد رحمه لك من الأم الشفيقه علي ولدها، قال: ثم استعبر و استعبرت معه، فقال: الحمدلله الذي فضلنا علي خلقه بالوصيه و خصنا أهل البيت بالرحمه يا مسمع ان الأرض و السماء ليبكيان منذ قتل أميرالمؤمنين رحمه الله لنا و ما بكي لنا من الملائكه أكثر و ما وقت دموع الملائكه منذ قتلنا و ما بكي أحد رحمه الله لنا و لما لقينا الا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعه من عينيه فاذا سالت دوعه علي خده فلو أن قطره من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتي لا يوجد لها حر و ان الموجع قلبه ليفرح يرانا عند موته فرحه و لا تزال تلك الفرحه في قلبه حتي يرد علينا الحوض و ان الكوثر ليفرح بمحبتنا اذا ورد عليه حتي ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مسمع من شرب منه شرب لم يظمأ بعدما و لم يسق بعدما أبدا و هو في برد الكافور و ريح المسك و طعم الزنجبيل أحلي من العسل و ألين من الزبد و أصفي من الدمع و أزكي من العنبر يخرج من تسنيم و ير بأنهار الجنان يجري علي رياض الدر و الياقوت و فيه القدحان أكثر من عدد نجوم السماء يوجد ريحه من سيره ألف عام قدحاته من الذهب و الفضه و ألوان الجواهر يفوح في وجه الشارب منه كل فائحه حتي يقول الشارب منه ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلا و لا عنه تحولا أما أنك يا كردين ممن تروي منه و ما من عين بكت لنا الا أنعمت بالنظر الي الكوثر و سقيت منه و ان الشارب منه ليعطي من اللذه و الطعم و الشهوه له أكثر مما يعطاه من دونه في حبنا و ان علي الكوثر أميرالمؤمنين و في يده عصا عوسج يحطم بها أعداءنا فيقول الرجل منهم: اني أشهد الشهادتين فيقول له انطلق الي امامك فلان فاسأله أن يشفع لك فيقول تبرأ مني امامي الذي تذكره فيقول له ارجع الي وراءك فقل للذي كنت تتولاه و تقدمه علي الخلق أن يشفع لك فان خير الخلق حقيق أن لا ير اذا شفع فيقول: اني أهلك عطشا فيقول له: زادك الله ظمأ و زادك الله عطشا، قلت: جعلت فداك و كيف يقدر علي الدنو من الحوض و لم يقدر عليه غيره


قال: ودع عن أشياء قبيحه و كف عن شمتنا اذا ذكرنا و تك أشياء اجترأ عليها غيره و ليس ذلك لجنا و لهوي منه لنا و لكن ذلك لشده اجتهاده في عبادته و تدينه و لما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس و أما في قلبه فمنافق و دينه النصب و اتباعه أهل النصب قد تولي الماضين و قدمهما علي كل أحد:



و اني ليشجيني ادكاري عصابه

بأكناف أرض الغاضريات قتيل



و من بينهم سبط النبي محمد

و مهجته فوق الصعيدذ مجدل



و قد طحنت منه جناجن صدره

و رض منه الرأس في الرمح يحمل



و رحل بني الهادي النبي الموزع

تقاسمه قوم أضاعوا و بدل



رجالهم صرعي بكل تنوفه

و نسوتهم في السبي حسري و ثكل



و أطفالهم غرثي يمضهم الطوي

و ليس لهم برهنالك يكفل



فيا اخواني: حسدوهم علي الكمال و جل و علا مجدهم أن ينال، أما أمير المؤمنين فانهم أغروا به المرادي اللعين و أبرزوا له قطام فهواها فأبت أن تبلغ نفسه أمانيها الا بشي ء منن الحطام، و قتل علي عليه السلام فتعهد بمهرها و طاوعها علي أمرها و فيه تقول من تعجب من اقدامه و علو مرامه:



ثلاثه آلاف و ضرب و قينه

و ضرب علي بالحسام المصمم



فلا مهر أغلي من علي و ان غلا

و لا فتك الا دون فتك ابن ملجم



فلما كان وقت الغداه ضربه بالسيف و هو يوقظ للصلاه فدعاه الي جنته فمات من ضربته و أما الامام الحسن عليه السلام فدسوا اليه السم فمات كما فعلوا بجده محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

عن الامام الصادق عليه السلام أن الحسن قال لأهل بيته: اني أموت بالسم كما مات به جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قالوا و من يفعل ذلك قال: امأتي جعده بنت الأشعت بن قيس فان معاويه يدس اليها و يأمرها بذلك فقالوا: أخرجها من منزلك و باعدها من نفسك، قال: كيف أخرجها و لم تفعل بعد شيئا و لو أخرجتها ما قتلني غيرها و كان لها عذري عند الناس فما ذهبت الأيام و الليالي حتي بعث اليها معاويه مالا جسيما و جعل يمنيها بأن يعطيها مائه ألف درهم و أيضا يزوجها من


يزيد و حمل اليها شربه من السم لتسقيها الحسن فانصرف عليه السلام الي منزله و هو صائم و كان يوم شديد الحر فاخرجت له وقت الافطار شربه من لبن قد ألقت فيها ذلك السم فشربها فقال: يا عدوه الله قتلتيني قتلك الله و الله تصيبين مني خلقا و لقد غرك و سخر منك و الله يخزيه و يخزيك فمكث عليه السلام يوما و مضي الي رضوان الله فغدر معاويه بها و لم يف لها، و أما الحسين عليه السلام فقد غروه بالكاتيب و زخرفوا له الأكاذيب و قالوا: أقدم علي السعه و الترحيب و المنزل الخصيب و نن لك أجناد و أرقاء و عباد فلما أناخ بساحتهم سارعوا اليه بالسيوف و الرماح و صادموه في ميدان الكفاح و قالوا: لا براح ولا سعه فساح فجادهمهم بمن معه من أوليائه و بني أبيه و أحبائه فأتوا علي آخرهم و أذاقوهم الحتوف رشقا بالنبال و طعنا بالرماح و ضربا بالسيوف فيا ويحهم ما أجرأهم علي سفك دم رسول الله و يا ويلهم ما أسرعهم الي تقريح كبد البتول و كأنهم قد نسوا العاد الي رب العباد فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: