بازگشت

الباب 1


أيها المؤمنون الناصحون، و الأتقياء الصالحون؛ اجروا الدماء من العيون و اهجروا لذيذ الرقاد من الجفون لهذا الخطب االعظيم و الرزء الجسيم، مصاب أبكي الرسول و الزهراء البتول السماء دما و أقيم له فوق الطباق مأتما، فوا أسفاه علي ما تجرعوه من الحتوف و مرارات خحر السيوف، فيا اخاني: بالغوا في النوح و الاجتهاد و أعدوه أكرم الزاد ليوم المعاد علي قوم بهم أفيضت عليكم النعم الفاخره في الحياه الدنيا و الآخره و كيف لا نحزن لفتيه عصمهم الله من الخطأ و الزلل و جعلهم سفن النجاه لمن بهم اتصل كما ورد في الخبر عن سيد البشر أنه قال: (أهل بيتي كسفينه نوح في قومه من ركبها نجي و من تخلف عنها هلك) أعلام الله في أرضه و حججه علي عباده فرسان الكلام و ولاه الاسلام المجاهدون في سبيل ذي الجلال بالأنفس و الأموال الصابرون علي عظم النكال و شديد الوبال:



لهم وجوه علي الأنوار مشرقه

تضي ء نورا باشراق و لمعان



تضي ء أنوار آثار السجود لها

لما بها من علامات و عنوان



لله كم لهم بالطف من جسد

مسربل بقميص النقع عريان



ملقي علي الأرض هونا بعد غربته

بلا حنوط و لا غسل و أكفان






لهفي و قد صرعوا من حوله نفر

زهر المناقب من شيب و شبان



كأنهم أنجم تنقض من فلك

و كل نجم هوي رجم لشيطان



لهفي و قد خر و الرمضاء من دمه

تروي و يقتل فيها غير ديان



لهفي علي مهره اذ مر منقلبا

يشكو الي الله من فقد و وجدان



لهفي لنوته يندبنه أسفا

لهفي لملهوفه تشكو للهفان



لهفي لفاطمه تدعوه صارخه

بكسر قلب من الأحزان ملآن



و كل عين علي هذا المصاب جرت

فكيف لم تجر من عيني عينان



يا آل أحمد يا من طيب ذكرهم

اذا تنشقته في الترب أحياني



حزني لكم مثل و دي دائما أبدا

لا ينقضي و صباباتي و أشجاني



روي عن طريق أهل البيت عليهم السلام: انه لما استشهد الحسين بقي في كربلاء صريعا و دمه علي الأرض مسفوحا و اذا بطائر أبيض قد أتي و مسح بدمه و جاء و الدم يقطر منه فرأي صورا تحت الظلال علي الغصون و الأشجار و كل منهم يذكر الحب و العلف و الماء فقال لهم ذلك الطير المتلطخ بالدم يا ويلكم أتشتغلون بالملاهي و ذكر الدنيا و المناهي و الحسين في أرض كربلاء في هذا الحر ملقي علي الرمضاء ظام مذبوح و دمعه مسفوح فعادت الطيور كل منها قاصده كربلاء فرأوا سيدنا الحسين عليه السلام ملقي في الأرض جثه بلا رأس و لا غسل و لا كفن قد سفت عليه السوافي و بدنه مرضوض قد هشمته الخيل بحوافرها، و أزهر و حوش القفار، و ندبته جن السهول و الأوغار، قد أضاء التراب من أنواره و أزهر الجو من ازهاره فلما رأته الطيور تصايحن و أعلن بالبكاء و الثبور و تواقعن علي دمه يتمرغن فيه و طار واحد منهم الي ناحيه يعلم أهلها عن قتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام فمن القضاء و القدر أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينه الرسول و جاء يرفرف و الدم يتقاطر و القدر من؟جنحته و دار حول قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يعلن بالنداء ألا قتل الحسين بكربلاء ألا ذبح الحسين بكربلاء فاجتمعت الطيور عليه و هم يبكون عليه و ينوحون فلما نظر أهل المدينه من الطيور ذلك النوح و شاهدوا الدم يتقاطر من الطير و لم يعلموا ما الخبر حتي انقضت مده من الزمن و جاء خبر مقتل الحسين عليه السلام علموا أن ذلك الطير كان يخبر رسول الله بقتل ابن فاطمه


البتول و قره عين الرسول؛و قد نقل أنه في ذلك اليوم الذي جاء فيه الطير الي المدينه أنه كان في المدينه رجل يهدي و له بنت عمياء زمنه طرشاء مشلوله و الجذام قد أحاط ببدنها فجاء ذلك الطائر و الدم يتقاطر منه و وقع علي شجره يبكي طول ليلته و كان اليهودي قد أخرج ابتنه تلك المرضيه الي خارج المدينه الي بستان و تركها في البستان الذي جاء الطير و وقع فيه فمن القضاء و القدر أن تلك الليله عرض لليهودي عارض فدخل المدينه لقضاء حاجته فلم يقدر أن يخرج تلك الليله لم يأتها نوم لوحدتها لأن أباها كان يحدثها و يسليها حتي تنام فسمعت عند السحر بكاء الطير و حنينه فبقيت تتقلب علي وجه الأرض الي أن صارت تحت الشجره التي عليها الطير فصارت كلما حن ذلك الطير تجاوبه من قلب محزون فبينما هي كذلك اذ وقع من الطير قطره من الدم فوقعت علي عينها ففتحت ثم قطره أخري علي عينها الأخري فبرئت ثم قطره علي يديها فعوفيت ثم علي رجليها فبرئت؛ و عادت كلما قطرت قطره من الدم تلطخ بها جسدها فعوفيت من جميع مرضها ن بركات دم الحسين عليه السلام فلما أصبح الصباح أقبل أبوها الي البستان فرأي بنتا تدور و لم يعلم أنها ابتنه فسألها أنه كان لي في البستان بنت عليله لم تقدر أن تتحرك فقالت ابتنه و الله أنا ابتنك؛ فلما سمع كلامها وقع مغيشا عليه فلما أفاق قام علي قدميه فأتت به الي ذلك الطير فرآه و اكرا علي الشجره يئن من قلب حزين محترق مما فعل بالحسين عليه السلام فقال له اليهودي: بالذي خلقك أيها الطير ان تكلمني بقدره الله تعالي فنطق الطير مستعبرا ثم قال: اعلم اني كنت و اكرا علي بعض الأشجار مع جمله من الطيور قباله الظهر و اذا بطير ساقط علينا و هو يقول: أيها الطيور تأكلون و تتنعمون و الحسين في أرض كربلاء في هذا الحر علي الرمضاء طريحا ظاميا و النحر دام و رأسه مقطوع علي الرمح مرفوع و نساءه سبايا حفاه عرايا فلما سمعن بذلك تطايرن الي كربلاء فرأيناه في ذلك الوادي طريحا، الغسل من دمه و الكفن الرمل السافي عليه، فوقعنا كلنا ننوح عليه و نتمرغ بدمه الشريف و كان كل منا طار الي ناحيه فوقعت أنا هذا المكان فلما سمع اليهودي ذلك تعجب و قال: لو لم


يكن الحسين ذا قدر رفيع عند الله ما كان دمه شفاء من كل داء ثم أسلم اليهودي و أسلمت البنت و أسلم خمسمائه من قومه:



يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار



الجسم منه بكربلاء مضرج

و الرأس منه علي القناه يدار



روي: أن فاطمه الزهراء عليها السلام ندبت ولدها الحسين من قبل أن تحمل به و لقد ندبته بالغريب العطشان البعيد عن الأوطان الظامي اللهفان المدفون بلا غسل و لا أكفان ثم قالت لأبيها: يا رسول الله من يبكي علي ولدي الحسين مني بعدي؟ فنزل جبرائيل من الرب الجليل يقول: ان الله تعالي ينشي ء له شيعه تندبه جيلا بعد جيل فلما سمعت كلام جبرائيل سكن بعض ما كان عندها من الوجل.