بازگشت

الباب 1


أيها الاخوان: دعوا التشاغل عن الأهل و الأوطان، و تكفروا فيما أصاب سادات الزمان الذين بموالاتهم استحققتم دخول الجنان؛ فلو أنصف المحب الولهان لأضرمت في جسمه نيران الأحزان، و لو صدق في المحبه العشاق ما شحوا بالدمع المهراق و لعجلوا السماح بالأرواح يوم التلاق، فلو تلفت نفس من شده الأحزان لتلفت نفس نحبهم عليهم و لو تفتت كبده من شده الأشجان لتفتت أكباد مواليهم بالنسبه اليهم؛ و هيهات هيهات لا وفاء للأحباء بعد الممات، أو ما بلغكم مقال الحسين عليه السلام و هو ينادي علي رؤوس الأشهاد و ما لاقاه به أهل الزيع و افساد حيث أظهروا له العناد و أجابوه بخلاف ما طلب و أراد، أسرعوا فيه و في بينه و بني أبيه النبال، فصرعوهم علي الآكام و الرمال، فهم ملقون علي غير فراش و لا مهاد، و لا وطأ و لا وساد، تهب عليهم الصبا و الدبور؛ و تغدوا عليهم العقبان و النسور، و لله در بعض محبيهم حيث قال فيهم:



لبيك علي الاسلام من كان باكيا

فقد ضعيت أحكامه و استحلت



غداه حسين و الرماح رميه

و قد نهلت منه السيوف و علت



و غودر في الصحراء لحما مبددا

عليه عتاق الطير باتت و ظلت



فما نصرته أمه السوء اذا دعا

لقد طزاشت الأحلام منها و ظلت






و لكن محو أنوارهم بأكفهم

فلا سلمت تلك الأكف و شلت



أذاقته حر القتل أمه جده

هفت نعلها في كربلاء و زلت



فلا قدس الرحمن أمه جده

و ان هي صامت للاله وصلت



كما فجعت بنت الرسول بنسلها

و كانوا حماه الحرب حين استقلت



روي عن أم سلمه زوجه النبي صلي الله عليه و آله و سلم قالت: دخل علي رسول الله ذات يوم و دخل في أثره الحسن و الحسين عليهما السلام و جلسا الي جانبيه فأخذ الحسن علي ركبته بجبرائيل قد نزل و قال: يا رسول الله انك لتحب الحسن و الحسين فقال: و كيف لا أحبهما و هما ريحانتاي من الدني و قرتا عيني؟ فقال جبرائيل: يا نبي الله ان الله قد حكم عليهما بأمر فاصبر له، فقال: و ما هو يا أخي؟ فقال: قد حكم علي هذا الحسن أن يموت مسموعا و علي هذا الحسين أن يموت مذبوحا، و ان لكل نبي دعوه مستجاب فان شئت كانت دعوتك لولديك الحسن و الحسين فادع الله أن يسلمهما من السم و القتل، و ان شئت كانت مصيبتهما ذخير في شفاعتك للعصامه من أمتك يوم القيامه، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا أخي جبرائيل أنا راض بحكم ربي لا أريد الا ما يريده، و قد أحببت أن تكون دعوتي ذخيره لشفاعتي في العصاه من أمتي و يقضي الله في ولدي ما يشاء. و روي أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان ذات يوم جالسا و حوله علي و فاطمه الحسن و الحسين عليهم السلام فقال لهم: يا أهل بيتي لي بكم اذا كنتم صرعي و قبورك شتي؟ فقال له الحسين عليه السلام: يا جدي نموت موتا أو نقتل قتلا؟ قال: يا بني بل تقتل ظلما و عدونا و تشرد ذاراريكم في الأرض شرقا و غربا، فقال الحسين و من يقتلنا يا جد؟ فقال: يقتلكم أشرار الناس، قال: فهل يزورنا بعد قتلنا أحد من أمتك؟ فقال: نعم طائفه من أمتي يزورون قبوركم و يبكون عليكم و يندبون و ينوحون حزنا علي مصابكم يريدون بذلك بري وصلتي؛ فاذا كان يوم القيامه جئتهم الي الموقف فآخذ بأعضادهم فأخصلهم من أهوال يوم القيامه و شدائدها:



عجبا لمصقول أصابك حده

في الرأس منك و قد علاه غبار



لم لا تقطعت السيوف بأسرعا

حزنا عليك و طنت الأوتار




فويل لأوئلك الكفره اللئام أما علموا أنه أشرف المقول و الأحلام؟ أليس هو ممن باهل الله به أهل نجران صغيرا؟ قال: (و يطعمون الطعام علي حبه مسكينا و يتيما و أسيرا) فضمه مع أبيه و أمه و أخيه فوصف بالكمال و ان يبلغ مبالغ الرجال. روي عن الليث بن سعد قال: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان يصلي في فئه من أصحابه و كان الحسين عليه السلام صغيرا جالسا بالقرب منه فلما سجد النبي قام الحسين و ركب علي ظهره فصار النبي يطيل الذكر في سجوده فاذا أراد النبي أن يرفع رأسه أخذه أخذا رفيقا و وضعه الي جانبه فاذا سجد عاد الحسين علي ظهره و لما يفعل هكذا حتي فرغ النبي من صلاته و كان رجل يهودي واقفا ينظر ما يصنع الحسين بجده رسول الله، فقال اليهودي يا محمد انكم لتفعلون بصبيانكم شيئا لم نفعله نحن؛ فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم لو أنكم تؤمنون بالله و برسوله لرحمتم الصبيان الصغار، فقال اليهودي: ما أحسن سجيتك و ما أحسن خلقك ثم انه أسلم علي يد رسول الله لما رأي كرم أخلاقه مع جلاله قدره. و من طرقهم أن الحسين عليه السلام كان يركب علي ظهر جده في بعض صلاته فيبلغ جده باختيار فاذا فرغ النبي من صلاته يأخذه اليه و يجلسه علي ركتبيه و يقلبه و يرشف ثناياه و يضمه الي صدره، فقال له بعض الأنصار: يا رسول الله ان لي ابنا قد نشأ و كبر و ما قبلته قط، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أرأيت كان الله قد نزع الرحمه من قبلك فما أصنع بك؟ من لم يرحم صغيرا و لم يوقر كبيرا فليس منا في شي ء، ثم قال: من لا يرحم لا يرحم:



يا أمه قتلت حسينا عنوه

لم ترع حق الله فيه فتهتدي



قتلوه يوم الطف طعنا بالقنا

و بكل بيض صلرم و منهد



و لطال ما ناداهم بكلامه

جدي النبي خصيمكم في المشهد



جدي النبي و أبي علي فاعلموا

و الفخر فاطمه الزكيه محتدي



يا قوم ان الماء يشربه الوري

و لقد ظمئت و قل منه تجلدي



قد شقني عظشي و أقلقني الذي

ألقاه من ثقل الحديد الموتد



قالوا له هذا عليك محرم

حتي تبايع للبغي الأسود






فأتاه سهم من يد مشؤومه

من قوس ملعون خبيث المولد



يا عين جودي بالدموع وودي

و ابكي الحسن السيد ابن السيد



روي عن عبدالله بن عمر قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يخطب علي المتبر اذ أقبل الحسين من عند أمه و هو طفل فؤطأ الحسين عليه السلام علي ذيل ثوبه فبكي و سقط علي وجهه فبكي فنزل النبي اليه و ضمه الي صدره و سكته من البكاء، و قال: قاتل الله الشيطان ان الولد لفتنه، و الذي نفسي بيده لما كبي ابني هذا رأيت كأن فؤادي قد و هي مني، لأنه صلي الله عليه و آله و سلم كان رحيم القلب سريع الدمعه كما قال تعالي: (و كان بالمؤمنين رحيما). و عن أبي السعادات قال: خرج النبي صلي الله عليه و آله و سلم من بيت عائشه فمر علي باب دار ابتنه فاطمه الزهراء فسمع الحسين يبكي فقال لها: يا فاطمه سكتيه ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني؟ أخذه اليه و مسح الدموع عن عينيه و قبله و ضمه اليه صلوات الله و سلامه عليه، فكيف و لو رآه ملقي علي الرمضاء مذبوحا من القفا مرملا يتلظي من الظماء و الشمر جاث علي صدره و أولغ السيف في نحره و هو يستغيث فلا يغاث، و يستجير فلا يجار؛ فانا لله و انا اليه راجعون، و لقد صدق فيما قال، لسان الحال:



و ما حيله المضي و قد شط الفه

و حال التنائي دن نيل مراده



هو الشوق لا دمع يضن و كوفه

اذ ضن و كاف الحيا بعهاده



و زفره أشجان يكاد مرورها

يذيب الحصي من حره و اتقاد



روي عن الامام جعفر الصادق عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بكربلاء فبكي حتي اغرورقت عيناه بالدوع و قال: هذا مناخ ركابهم، هذا ملقي رحالهم ها هنا تراق دماؤهم، طوبي لك من تربه عليها تراق دم الأحبه، مناخ ركاب و منازل شهداء لا يسبقهم من كان قلبهم و لا يلحقهم من كان بعدهم. فيا اخواني: كيف لا يستحقون هذه الأوصاف من صاحب الأعراف؟ و قد وقوا ولده بأنفسهم من مصارع الهوان، و عرضوا أرواحهم دونه للحدثان، فوا حسرتاه علي تلك الجسوم المرمله بالدماء، و يا لهفتاه علي تلك الأفواه اليابسه من الظاء، حسدوهم علي الكمال، و ل و علا مجدهم أن ينال فأخذوا في تحصيل الفرص


فما أمكنتهم، جرعوهم الغصص فخالوا في أفعالهم الملك الجليل فضلوا عن الاهتداء الي سواء السبيل، فالويل لمن شفعاؤه يوم القيامه خصماؤه؛ و من خصماؤه يوم القيامه شفعاؤه، و ما ضرهم ما تجرعوه من الغصص و الآلام ما هي الا لحظه واحده و اذا هم في دار السلام وجوار الملك العلام:

و لله در من قال فيهم من بعض محبيهم:



هنيئا لكم روح الجنان و طيبها

نعيما مقيما دائما يتجدد



ديار من الياقوت و الأرض فضه

و خيمات مرجان و فيها محمد



و أنهارها خمر و مسك ترابها

و فيها قصور لؤلؤ وز برجد



و أشجارها مملؤه من ثمارها

و أطيارها من فوقها تتغرد



روي أنه لما قل رسول الله في مرضه و البيت غاص بمن فيه قال: ادعوا الي الحسن و الحسين قال: فجعل يلثمهما حتي أغمي عليه قال: فجعل علي يرفعهما عن وجه رسول الله ففتح النبي عينيه و قال دعهما يتمتعان مني و أتمتع منهما فانهما سيصيبهما بعدي أثره، ثم قال: أيها الناس قد خافت فيكم كتاب الله و سنتي و عترتي أهل بيتي فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي و المضيع لسنتي كالمضيع لعترتي. و عن ابن عباس في حديث أم الفضل بنت الحارث حين أدخلت حسينا علي رسول الله فأخذه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بكي و أخبرها بمقتله الي أن قال: صم هبط جبرائيل عليه السلام في قبيل من الملائكه قد نشروا أجنحتهم يبكون حزنا منهم علي الحسين عليه السلام و جبرائيل معه قبضه من تربه الحسين تفوح مسكا أذفر فدفعها الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قال: يا حبيب الله هذه تربه ولدك الحسين بن فاطمه و ستقله اللعناء بأرض كربلاء؛ قال فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: حبيبي جبرائيل و هل تلفح أمه تقتل فرخي و فرخ ابتني؟ فقا جبرائيل لا بل يضربهم الله بالاختلاف فتخلف قلوبهم و ألسنتهم الي آخر الدهر، و علي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادبيحهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: