بازگشت

الباب 3


تكفروا يا اخواني في الدين، فيما قدم عليه الأنصار من اخوانكم المؤمنين لكنهم ظهر لهم السر المكنون فعلموا ما كان و ما يكون، و رضوا عن الرحمن فسمحوا في محبته بالأرواح، و غضبوا الملك الديان فاجادوا في سبيله بالكفاح آساد غيل غرير عرينها قليل قرينها، جاهدوا في سبيل ذي الجلال و بذلوا نفوسهم في محاربه أهل الزيغ و الضلال، رموهم بالجياد حتي انطوين.

و ضروبوهم بالسيوف حتي انحنين، و طعنوهم بالرماح حتي ارتوين؛ أو ليس هم القوم الذين اذا دعوا لم يقولوا أين أين، و لم يخافوا الحين، و لا سقطوا بين بين و أين، لكم مثل أنصار مولاكم الحسين أين، و لله در من قال فيهم من الرجال:



هم القوم أقيال مناجيد ساده

مذ أو يد أبطال لها الحرب منزل



كماه حماه يرهب الموت بأسهم

و ليس لهم عن حومه الضرب معدل



فكم غادروا من غادر في كريهه

و كم عقلوا من كافر ليس يعقل



و حادوا و جادوا بالنفوس أمامه

و ذاك من الجود العظيم المؤمل



و سادوا فشادوا منزلا متطاولا

دعائمه فوق السماكين أطول



و حاموا فحاوا دون سبط محمد

الي أن تدعوا للمنايا و قتلوا



فلهفي لهم صرعي أمام امامهم

و من دمهم وجهه الثري متبلل



و قد نسجت أيدي الرياح من الثري

لهم حللا من فوقهم تتجلل



فلو أنني شاهدت مشهد كربلا

و سيفي بكفي كنت للنفس أبذل



و واسيتهم بالطعن و الضرب و القنا

فذاك المني لو أن ذلك يحصل



روي من طريق الخصم، و عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم (في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمنه يسبح له فيها بالغدو و الآصال رجال


لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذكر الله) فقام اليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام الأول فقال يا رسول الله: هذا البيت منها - يعني بيت علي و فاطمه - قال: من أفاضلهم. و من طريقهم أيضا في الصحيحين قال لما نزل قوله تعالي (قل لا أسألكم عليه أجرا الا الموده في القربي) قالوا يا رسول الله: و من قرابتك التي أوجبت علينا مودتهم؟ فقال: علي و فاطمه و ابناهما. و من طريقهم أيضا ما رواه الفقيه المغازلي الشافعي باسناده عن ابن عباس قال: سئل النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، فقال سأله: بمحمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين، الا تبت علي فتاب عليه:



آل طه يا من بهم يغفر الله

ذنوبي و ما جنته يميني



و امامي في يوم بعثي و أمني

عند خوفي في كل خطب و ضيني



أنتموا قلبي و حجي و فرضي

و صلاتي و أصل نسكي و ديني



من تمسك بكم و أم اليكم

قد نجا و التجا بحصن حصين



لا أبالي و ان تعاظم ذنبي

يوم بعثي لكن يقيني يقيني



كل عزي بين الأنام و فخري

يوم أخشي بابكم تقبلوني



أنا منكم لكم بكم و اليكم

فرط وجدي و ذا حنين أنيني



فعليكم من الاله صلاه

كلما ناح طائر بالغصون



يا اخواني: من علق بحبهم سلم؛ و التجأ الي كهف عزهم ربح و غنم، و من أقتفي أثرهم حصل علي سواء الطريق، و من تنكب عن سمتهم وقع في المضيق بالتحقيق، اذا أحب الله عبدا ألقي حجتهم عليه، و ان أبعض عبدا ألقي الشيطان بعضهم اليه، فمحبتهم المقربه الي الملك العلام، المؤديه الي أعظم المرام لا تحصل بمجرد الكلام ما لم تفترق باعتقاد يحصل به برد الايمان و تشب به علي مصابهم نيران الأحزان. (روي قتاده) أن أروي بنت الحارث بن عبدالملك دخلت علي معاويه بن أبي سفيان و قد قدم المدينه و هي عجوز كبيره فلما رآها معاويه قال: مرحبا بك يا خاله كيف كنت بعدي؟ قالت كيف أنت يا ابن أختي لقد كفرت النعمه و أسأت لابن عمك الصحبه و تسميت بغير اسمك


و أخذت غير حقك بلا بلاء كان منك و لا من آبائك في ديننا و لا سابقه كانت لكم بل كفرتم بما جاء به محمد صلي الله عليه و آله و سلم فانعس الله الخدود؛ و أصغر منكم الخدود ورد الحق الي أهله، فكانت كلمتنا هي العليا و نبيا هو المنصور علي من ناواه، فوثبت قريش علينا من بعده حسدا لنا و بغيا فكنا بحمد الله و نعمته أهل بيت فيكم بمنزله بني اسرائيل في آل فرعون، و كان سيدنا فيكم بعد نبينا صلي الله عليه و آله و سلم بمنزله هارون من موسي، غايتنا الجنه و غايتكم النار، فقال لها عمرو بن العاص: كفي أيتها العجوز الضاله و القصري من قولك مع ذهاب عقلك اذ لا تجوز شهادتك وحدك! فقالت: و أنت يا بن الباغيه تتكلم و أمك أشهر بغي بمكه و أقلهم أجره و ادعاك خمسه من قريش فسألت أمك عن ذلك فقالت: كل أتاها فانظروا أشبههم به فالحقوه به فغلب شبه العاص بن وايل جزار قرش ألأمهم مكرا و أبهتهم خبرا فألومك بغضا، قال مروان بن الحكم: كفي أيتها العجوز و اقصدي لما جئت له بالحكم ابن العاص و قد رأيت الحكم سبط الشعر مديد القامه و ما بينكما قرابه الا كقرابه الفرس الضامر من الأتان المقرف، فاسأل عما أخبرتك به أمك فانها ستخبرك بذلك، ثم التفتت الي معاويه فقالت: و الله ما جرأ هؤلاء غيرك و ان أمك القائله في قتل حمزه:



نحن جزيناكم بيون بدر

و الحرب بعد الحرب ذات السعر



الي آخر الأبيات فأجابتها ابنه عمي:



خزيت في بدر ئو غير بدري

يا بنت و قاح عظيم الكفر



الي آخر الأبيات، فالتفت نمعاويه الي مروان و عمرو و قال: و الله ما جرأها علي غيركما و لا أسمعني هذا الكلام سواكما، ثم قال: يا خاله اقصدي ودعي أساطير النساء عنك قالت: تعطيني ألفي دينار و أالفي دينار و ألفي دينار، قال ما تصنعين بألفي دينار قالت: أزوج فقراء بني الحارث بن عبدالمطلب قال: هي لك، فما تصنعين بألفي دينار قالت: أستعين بها علي شده الزمان و زياره بيت الله الحرام، قال: قد أمرت بها لك، قال فما تصنعين بألفي دينار قالت:


أشتري بها عينا خراره في أرض خواره تكون لفقراء بني الحارث بن عبدالملك، قال هي لك يا خاله، أما و الله لو كان ابن عمك علي ما أمر لك بها قالت: تذكر عليا فض الله فاك و أجهد بلاك، ثم علا نحيبها و بكاؤها و جعلت تقول:



ألا يا عين ويحك فاسدينا

ألا فابكي أمير المؤمنيا



رزينا خير من ركب المطايا

و جال بها و من ركب السفينا



و من لبس النعال و من حذاها

و من قرأ المثاني و المبينا



اذا استقلبت وجه أبي حسين

رأيت البدر راق الناظرينا



ألا فالبغ معاويه بن حرب

فلا قرت عيون الشامتينا



أفي الشهر الحرام فجعتمونا

بخير الخلق طرا أجمعينا



مضي بعد النبي فدته نفسي

أبو حسن و خير الصالحينا



كأن الناس اذ فقدوا عليا

نعا جال في بلد سنينا



فلا و الله لا أنسي عليا

و حسن صلاتهع في الراكعينا



لقد علمت قريش حيث كانت

بأنك خيرها حسبا و دينا



فلا يفرح معاويه بن حرب

فان بقيه الخلفاء فينا



قال: فبكي معاويه ثم قال: يا خاله لقد كان قلت و أفضل. فانظروا يا اخوان الدين الي هؤلاء الكفره الملاعين يعترفون لالحق و يرغبون عنه و يتطلعون اليه و يفرون منه استحوذ عليهم الشيطان فسلك بهم في أوديه الهوان و قادتهم أزمه الباطل و أرخت لهم العنان فباءوا بالخيبه و الخسران و استحقوا عذاب النيران (و ما ظلمناهم و لكن كانوا أنسهم يظلمون) روي عن بعض الصادقين أنه قال: دخلت الي جامع بني أميه لأصلي صلاه الصبح و اذا أنا برجل من بني أميه جاء و وقف يصلي قريبا مني فلما طأطأ رأسه للسجود سقطت عمامته عن رأسه فاذا رأسه و وجهه كرأس الخنزير و شعره الخنزير فلما نظرته طار عقلي و طاش لبي و لم أعلم ما صليت و لا ما قلت في صلاتي فلما فرغ من الصلاه تنفس الصعداء و قال: لا حول و لا قوه الا بالله، يا أخي اني أخبرك بقصتي و أظهرك علي حالي ثم أنه كشف عن رأسه و نزع قميصه فاذا رأسه و وجهه كالخنزير و بدنه مثل جلد الخنزير فتعجبت منه و قلت له: ما الذي أري


بك من البلاء فقال اعلم أني كنت مؤذنا لبني أميه و كنت كل يوم ألعن علي بن أبي طالب ألف مره بين الأذان و الاقامه و اذا كان يوم الجمعه ألعنه أربعين ألف مره فبينما أنا نائم ليله الجمعه رأيت في منامي كأن القيامه قد قامت و رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و عليا و الحسن و الحسين و ماء الكوثر مترع و بيد الحسن عليه السلام ابريق من نور و بيد الحسين عليه السلام كأس من نورهما يسقيان الناس كافه و أنا في عطش شديد فدنوت من الحسين عليه السلام و قلت له اسقني يا بن رسول الله فقال لي: ستشرب من حميم جهنم فقال له النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم لا تسقيه فقال: يا جداه كيف أسقيه و هو يلعن أبي كل يوم ألف مره؟ فالتفت الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قال لي: ما لك يا لعين يا شقي أتلعن أخي و خليفتي و ابن عمي علي بن أبي طالب ثم بصق في وجهي و قال: غير الله ما بك من نعمه فانتبهت من منامي مرعوبا و اذا هو قد مسخ كما تري و صار عبره لمن يسمع و يري و أنا أحمد الله تعالي مما كان مني و واليت علي بن أبي طالب و تبرأت من أعدائه:



أيا من هم فلك النجاه و من هم

هداه و غوث للأنام وود



و لو لا هم ما كان نور و لا دجا

ظلام و لا للخلق كان وجود



عليكم سلام الله حيث ثناءكم

حكي نشره ندا يضوع وعود



و حيث بكم هبت نسيم و نسمه

هبوب و للعيدان رنح عود



و أزهر من زهر البروج زواهر

و ورد من زهر المروج ورود



فالويل الدائم لمن عاداهم، و الخيبه لمن ضل عن هداهم و ما والاهم، روي أنه دخل أبو أمامه الباهلي علي معاويه فقربه و أدناه ثم دعا بالطعام، فجعل يطعم أبا أمامه بيده ثم أوسع رأسه و لحيته طيبا بيده و أمر له ببدره من دنانير فدفعها اليه ثم قال: يا أبا امامه أبالله أنا خير أم علي بن أبي طالب؟ فقال أبو امامه: نعم و لا كذب و لو بغير الله سألتني لصدقت، علي و الله خير منك و أكرم و أقدم اسلاما و أقرب الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قرابه و أشد في المشركين نكايه، و أعظم عند الأمه غناء أتدري من علي يا معاويه؟ علي ابن عم رسول الله و زوج ابنته سيده نساء العالمين، و أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنه، و ابن عم أخي حمزه سيد الشهداء؛ و أخو جعفر ذي الجناحين، فأين تقع أنت من


هذا يا معاويه؛ أظننت اني اخترك علي علي بألطافك و اطعامك و عطائك فأدخل اليك مؤمنا و أخرج منك كافرا، بئس ما سولت لك نفسك يا معاويه، ثم نهض و خرج من عنده فاتبعه بالمال فقال: لا و الله أقبل منك دينارا واحدا. فهذه هي المحبه الناصحه و الموده الرائقه الخالصه، و علي مثل أهل البيت فلبيك الباكون، و اياهم فليندب النادبون، و لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال: