بازگشت

ولاء الأعور


روي أن رجلا قدم علي أميرالمؤمنين عليه السلام: (فقال يا أميرالمؤمنين أني أحبك و أحب فلانا و سمي بعض أعدائه.. فقال له عليه السلام: أما الآن فأنت أعور، فاما أن تعمي و اما أن تصبر). [1] .

و رؤية الأعور، نصف الرؤية، فهو يري باحدي عينيه فقط.


و كذلك ولاء الانسان الذي يفقد البراءة... و لا يجرأ علي البراءة... و يريد أن يجمع بين الكل.. و يرضي الجميع.

و مثل هذا النمط من الناس لا يبقي أعورا الي آخر عمره، بنصف الروية.. فاما يهديه الله تعالي فتكتمل لديه الرؤية، و اما أن يفقد هذه الرؤية النصفية، الضعيفة، فيعمي، و يفقد الولاء مطلقا.

و قيل للصادق عليه السلام: (ان فلانا يواليكم الا أنه يضعف عن البراءة من عدوكم، فقال عليه السلام: هيهات... كذب من ادعي محبتنا، و لم يتبرأ من عدونا). [2] .

و السائل، في هذا الحديث، دقيق في طرح السؤال، أن الشخص الذي هو موضع السؤال لا يشك في ولائه ولكنه يضعف عن البراءة، و ضعفه يجعل موقفه من البراءة مهزوزا و ضعيفا، و لا يملك القوة الكافية في أن يعلن عن موقفه في الولاء و البراءة، و الوصل و الفصل، و الارتباط و المقاطعة، بشكل صريح و حاسم.

فيجيبه الامام عليه السلام: ان الولاء الصادق لا يمكن أن ينفصل عن البراءة، و من يجد في نفسه ضعفا عن البراءة، فهو كاذب في ولائه.

و في حديث الاعمش عن الامام الصادق عليه السلام قال: (حب أولياء الله واجب، و الولاية لهم واجبة، و البراءة من أعدائهم واجبة... و البراءة من الناكثين و القاسطين و المارقين واجبة، و البراءة من الانصاب و الازلام و أئمة الضلال و قادة الجور كلهم، أولهم و آخرهم واجبة). [3] .

و عن أبي محمد الحسن العسكري عن آبائه عليهم السلام قال، قال رسول الله صلي الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم: (يا عبدالله احب في الله، و ابغض في الله، و وال في الله،


و عاد في الله، فأنه لا تنال ولاية الله الا بذلك، و لا يجد رجل طعم الايمان، و ان كثرت صلاته و صيامه حتي يكون كذلك. و قد صارت مؤاخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادون، و عليها يتباغضون و ذلك لا يغني عنهم من الله شيئا.

فقال له: و كيف لي أن أعلم أني قد واليت و عاديت في الله عزوجل؟ و من ولي الله عزوجل حتي او اليه؟ و من عدوه حتي اعاديه؟

فأشار له رسول الله صلي الله عليه وآله الي علي عليه السلام. فقال: أتري هذا؟ فقال: بلي. قال: ولي هذا ولي الله فواله. و عدو هذا عدو الله فعاده. قال وال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك و ولدك، و عاد عدو هذا ولو أنه أبوك أو ولدك). [4] .

و هذا المضمون قد ورد تأكيده في حديث الغدير المعروف، و المروي عن رسول الله صلي الله عليه وآله.

(من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله).

و قد استوفي العلاقة حجة الحق السيد مير حامد الحسين الكهنوي رحمه الله في عبقات الأنوار و العلامة الأميني رحمه الله في الغدير دراسة هذا الحديث الشريف من حيث السند و المتن.

و قد صدر العلامة الأميني كتابه القيم (الغدير) بحديث عن رسول الله صلي الله عليه وآله في هذا المعني نود أن نختم به أحاديث الولاء و البراءة...

عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: (من سره أن يحيي حياتي، و يموت مماتي، و يسكن


جنة عدن التي غرسها ربي فليوالي عليا من بعدي، و ليوالي وليه، و ليقتد بالأئمة من بعدي، فأنهم عترتي، خلقوا من طينتي، و رزقوا فهما و علما، و ويل للمكذبين بفضلهم، من امتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي). [5] .


پاورقي

[1] بحارالأنوار 58 / 27.

[2] بحارالأنوار 58 / 27.

[3] الخصال 153 / 2 و 154. و بحارالأنوار 52 / 27.

[4] التغير للامام العسکري / 8، معاني الأخبار / 113.

[5] اخرجه الحافظ أبونعيم في (حلية الأولياء) 86 / 1، و أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تأريخه 410 / 4.