بازگشت

البراءة


و الوجه الآخر لمسألة الولاية البراءة... و لا ولاية من دون البراءة.. و الولاء و البراءة و جهان لقضية واحدة.


و يصدق الانسان في ولائه بقدر ما يصدق في البراءة... فان الولاء وحده لا يكلف الانسان كثيرا... و أكثر مما يصيب الانسان من أذي و عناء في أمره البراءة.. و ليس من الصعب من أن يجامل الانسان الجميع... و يمد يده الي الجميع، و يعيش مع الكل بسلام، و يداري كل العواطف و الأحاسيس، و يلعب علي كل الحبال... و يتجنب الصدام مع الجميع، و يوزع الابتسامة في كل مكان و يرضي الجميع... أن مثل هذا الانسان يستطيع أن يعيش في رغد و عافية، و يستطيع أن يكسب ود الجميع و تعاطفهم... و يستطيع أن يعيش من دون مشاكل و متاعب... ولكن لا يستطيع أن يرتبط بمحور الولاية الالهية علي وجه الأرض، و لا يستطيع أن ينتمي الي هذه الاسرة المسلمة، التي أعطت ولاءها لله و لرسوله و لأوليائه، و لا يستطيع أن يملك موقفا، و لا يستطيع أن يحب و يبغض و يرضي و يسخط بصدق... و لا يستطيع ان يتجاوز حدود المجاملة السياسية و الاجتماعية في علاقاته... ان الصدق في التعامل، و الموقف من الأحداث، و القوة و الحرية و الصراحة في المواقف لا تتم من دون ولاء... و الولاء لا يتم من دون براءة... و البراءة تكلف الانسان الكثير في علاقاته الاجتماعية، و صلاته في المجتمع و في الاسرة و في راحته و عافيته، و في استقراره... و هذه حقيقة من ورائها حقائق كثيرة. أن البراءة ضريبة الولاء... و التعب و العناء و الأذي ضريبة البراءة و هذه معادلات أجراها الله تعالي، بسنته التي لا تتبدل في حياة الانسان.

عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: (عشر من لقي الله عزوجل بهن دخل الجنة، شهادة أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله، و الاقرار بما جاء من عند الله، و اقام الصلاة، و ايتاء الزكاة، و صوم شهر رمضان، و حج البيت، و الولاية لأولياء الله، و البراءة من أعداء الله، و اجتناب كل مسكر). [1] .


فالفاصلة بين الاسلام و الكفر هي الولاية.

و عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال:«... ان أوثق عري الايمان، الحب في الله، و البغض في الله، و توالي ولي الله، و تعادي عدو الله» [2] .

و عن الرضا عليه السلام: (روي أن الله أوحي الي بعض عباد بني اسرائيل و قد دخل قلبه شي ء:«أما عبادتك لي فقد تغررت بي، و أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة، فهل واليت لي وليا و عاديت لي عدوا؟ ثم أمر به الي النار نعوذ بالله منها...». [3] .


پاورقي

[1] خصال الصدوق 52 / 2.

و قد ورد في رسالة رسول صلي الله عليه وآله الي النجاشي ملک الحبشة: (و اني أدعوک الي الله وحده، و لا شريک له، و الموالاة علي طاعته، و أن تتبعني و تؤمن بالذي جاءني اني رسول الله). (مکاتيب الرسول / 120).

و في رسالته صلي الله عليه وآله الي أسقف نجران: (اني أدعوکم الي عبادة الله عن عبادة العباد، و أدعوکم الي ولاية الله عن ولاية العباد، فان أتيتم لا جزية، و ان ابيتم آذنتکم بحرب). (مکاتيب الرسول / 170)..

[2] المحاسن / 165. و بحارالأنوار 57 / 27.

[3] فقه الرضا / 51. و بحارالأنوار 57 / 27.