بازگشت

عاشوراء يوم الفرقان


ان عاشوراء تتميز بالوضوح الكامل الذي لا يبقي شكا لأحد في طرفي المعركة.

فلم يكن هناك التباس في أمر المعركة التي حدثت علي أرض الطف، و لم يكن أحد من المسلمين يومئذ يشك في أن الحسين عليه السلام، يدعوا الي الله و رسوله و الي الاستقامة علي صرط الله المستقيم،و ان يزيد بن معاوية قد تجاوز حدود الله، و أعلن الحرب علي الله رسوله، و أعلن الفسق و الفجور، و هو يجلس مجلس رسول الله صلي الله عليه وآله.

و لم يكن أحد من المسلمين يومئذ يتردد لحظة واحدة و هو يقف علي ساحة الصراع بين أبي عبدالله الحسين عليه السلام و يزيد بن معاوية، أن الحسين علي هدي و يزيد علي ضلالة.

و عليه فلم يكن في أمر هذه المعركة خفاء أو لبس... فمن وقف مع الحسين عليه السلام وقف عن بينة، و من وقف مع يزيد وقف عن بينة...

و قليل من مشاهد الصراع بين الحق و الباطل يمتلك هذا الوضوح الذي تمتلكه واقعة الطف.

وقف الحسين يوم عاشوراء بين الصفين و قال مخاطبا جيش ابن زياد: (أيها الناس أنبئوني من أنا ثم ارجعوا الي أنفسكم و عاتبوها، و انظروا هل يحل لكم


قتلي و انتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه و ابن عمه، و أول المؤمنين بالله، و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيدالشهداء عمي؟ أو ليس جعفر الطيار عمي؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله لي و لأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول و هو الحق. فوالله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، و يضر به من اختلقه.

و ان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم. سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري، و أباسعيد الخدري، و سهل بن سعد الساعدي، و زيد بن أرقم، و أنس بن مالك، يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي و لأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي.

فقال شمر: هو يعبد الله علي حرف ان كان يدري ما يقول.

فقال له حبيب بن مظاهر: (والله أني أراك تعبد الله علي سبعين حرفا. و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول، و قد طبع الله علي قلبك). [1] .

و قال الحسين عليه السلام للوليد عامل يزيد علي المدينة، لما أراد أن يجبر الحسين عليه السلام علي البيعة ليزيد و الرضوخ له:

(يا أيها الأمير انا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة، بنا فتح الله و بنا يختم، و يزيد رجل شارب الخمور، و قاتل النفس المحترمة معلن الفسق، و مثلي لا يبايع مثله). [2] .


پاورقي

[1] تاريخ الطبري 223: 6.

[2] مقتل الحسين للسيد عبدالرزاق للمقرم رضي الله عنه: ص 127 ط النجف.