التوحيد و الشرك في الولاء
ذلك أن الولاء من مقولة التوحيد، و لا ولاية لأحد الا في امتداد ولاية الله و بأمر و اذن من الله.
و الولاء لله أما أن يكون أو لا يكون... فاذا كان فلابد أن يكون بوجهيه الايجابي و السلبي، و لا تقل قيمة الوجه السلبي عن الوجه الايجابي... و الوجه السلبي هنا، رفض الولاء لغير الله... و لا يتم الولاء لله تعالي الا برفض أي ولاء آخر من دون اذن الله.
و قبول أي ولاء بغير اذن الله يعني الشرك بالله العظيم، و أكثر مصاديق الشرك في القرآن ليس هو الشرك بالخالق، و انما هو الشرك في الولاء.
تأملوا في قوله تعالي:
(ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون و رجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا...). [1] .
يضرب الله لنا مثلا في التوحيد و الشرك برجلين: رجل يتنازعه شركاء متشاكسون، كل له ولاية و سلطان عليه، و هم فيما بينهم متشاكسون مختلفون، و هو موزع بين هؤلاء الشركاء المشاكسين. و رجل قد أسلم أمره الي رجل واحد آخر (و رجلا سلما لرجل) يطيعه في كل شي ء، و ينقاد له، و يتقبل ولايته و حاكميته.
كذلك التوحيد و الشرك، فالموحدون من الناس كالرجل الذي أسلم أمره لرجل آخر في راحة من أمره. و المشركون من الناس كالذي يتنازعه شركاء
متشاكسون... و واضح من هذا المثال أن المقصود بالشرك و التوحيد، الشرك في الولاء، و التوحيد في الولاء.
يقول القرآن عن لسان يوسف عليه السلام:
(يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار). [2] .
ان صاحبي يوسف عليه السلام لم يكونوا ينكرون الله الواحد القهار، و انما كانوا يشركون أربابا متفرقين مع الله في الولاية و الحاكمية، فينكر عليهم يوسف عليه السلام ذلك، لأنهم لم يسلموا أمرهم كله لله الواحد القهار.
يقول أميرالمؤمنين عليه السلام في أسباب البعثة:«بعث الله محمدا صلي الله عليه وآله، ليخرج عباده من عبادة عباده، الي عبادته، و من عهود عباده الي عهده، و من طاعة عباده الي طاعته، و من ولاية عباده الي ولايته». [3] .
فالولاية اذن لله سبحانه و تعالي، و تمتد الولاية الالهية الي من يشاء و من يرتضي من عباده فلن تكون ولاية في قبال ولاية الله، و لن تكون ولاية بغير اذن الله.
پاورقي
[1] الزمر / 29.
[2] يوسف / 39.
[3] الوافي 22 / 3.