بازگشت

ضحايا انعدام الوعي


و من ضحايا انعدام الوعي و اليقين، في تأريخ الأسلام (الخوارج) كانوا يلتزمون بالحلال و الحرام و يتقيدون بأحكام الله، و يتورعون عن الحرام، ولكن ذلك كله من دون وعي و لا بصيرة و لا يقين، و لقد كانوا يريقون الدماء المحرمة الزاكية من دون ورع و لا تقوي، ثم يتورعون عن أن يأخذ أحدهم ثمرة سقطت من


نخلة؛ يقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:

و لقيهم (أي الخوارج) عبدالله بن الخباب (من أصحاب أميرالمؤمنين و ابن الصحابي الجليل الخباب رحمهما الله) و هو راكب علي حمار و معه امرأته و هي حامل، فقالوا: ان هذا الذي في عنقك بأمرنا بقتلك (و كان يحمل معه قرآنا) فقال لهم: ما أحياه القرآن فاحيوه، و ما أماته فأميتوه، فوثب رجل منهم علي رطبة سقطت من نخلة، فوضعها في فيه، فصاحوا به، فلفظها تورعا.

و عرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله، فقالوا: هذا فساد في الأرض و أنكروا قتل الخنزير.

ثم قالوا لابن الخباب: حدثنا عن أبيك، فقال: اني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: ستكون بعدي فتنة، يموت فيها قلب الرجل، كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا، و يصبح كافرا، فكن عبدالله المقتول، و لا تكن القاتل، قالوا: فما تقول في علي عليه السلام بعد التحكيم و الحكومة؟ قال: ان عليا أعلم بالله و أشد توقيا علي دينه و أنفذ بصيرة، فقالوا: انك لست تتبع الهدي، انما تتبع الرجال علي أسمائهم، ثم قربوه الي شاطي ء النهر، فاضجعوه فذبحوه.

قال أبوالعباس: و ساوموا رجلا نصرانيا بنخلة له، فقال: هي لكم. فقالوا: ما كنا لنأخذه الا بثمن. فقال: واعجبا! أتقتلون مثل عبدالله بن الخباب و لا تأخذون نخلة الا بثمن. [1] .

و كان أميرالمؤمنين يخاطب الخوارج فيقول لهم:«فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعي بأثناء هذا النهر، و بأهضام هذا الغائط، علي غير بينة من ربكم و لا سلطان مبين معكم...». [2] .


و مر أميرالمؤمنين بقتلي الخوارج يوم النهروان فقال: بؤسا لكم لقد ضركم من غركم. فقيل له: من غرهم يا أميرالمؤمنين؟ فقال: الشيطان المضل، و الأنفس الأمارة بالسوء، غرتهم بالأماني و سمحت لكم بالمعاصي، و وعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار.» [3] .

و قتل رجل من الأصحاب فعرف بقتيل الحمار، و ذلك أنه رأي مشركا علي حمار فأعجبه الحمار، و برز له ليقتله و يسلب منه حماره، فقتل فعرف بقتيل الحمار، فلم يظفر بالحمار و لا بالشهادة؛ و هذا هو الأساس الأول في تقييم دم الشهيد.


پاورقي

[1] شرح نهج‏البلاغة 282 - 281 / 2.

[2] نهج‏البلاغة، د. صبحي الصالح 8 / خ 36.

[3] نهج‏البلاغة، د. صبحي الصالح / ص 532 خ 323.