بازگشت

الوعي و العطاء


و يتساءل السائل: و فيم يكون الشهيد قدوة؟ و كيف؟

دم الشهيد يجسد نقطتين أساسيتين في حياة الانسان و في مسيرة الحركة الاسلامية، و هما: (الوعي) و (العطاء).

و هاتان النقطتان تعتبران أساسين لقيمة دم الشهيد و بهما يكون الشهيد قدوة للآخرين، فهذا الدم يجسد أولا مستوي رفيعا من الوعي و البصيرة و اليقين.

و هذه هي النقطة البارزة الاولي في قيمة دم الشهيد، و لا قيمة للدم من دون هذا اليقين و الوضوح، و الدم الذي يراق من غير يقين من الانتحار و ليس من الشهادة في شي ء.

ان لدم الشهيد جذورا تأريخية ضاربة في عمق التاريخ، و أهدافا و غايات حضارية يرتبط بها الدم.

أما الغايات و الأهداف التي يحققها دم الشهيد فهي تحكيم شريعة الله و ارادته تعالي علي وجه الأرض، و مجاهدة الهوي و الطاغوت، و تعميق خط الحضارة الربانية في الأرض، و في حياة الانسان، و انقاذ الانسان من شرك الهوي و الطاغوت.

أما الاصول و الجذور التأريخية لدم الشهيد، فانه يجري في امتداد تيار عميق و واسع من الدماء و الدموع و الجهود و المعاناة و الآلام و العذاب و الصمود و الصبر و الجهاد في التاريخ.

و في هذا الاطار التأريخي و الرسالي يكتسب دم الشهيد قيمته الرسالية و الحركية.

و هذه الأهداف و الغايات و العمق الحضاري هي التي تمنح الشهيد هذا الوعي


و البصيرة و اليقين الذي تحدثنا عنه، و الا فكثير من الناس يبذلون أموالهم و دماءهم، و لن تعود عليهم هذه التضحية بجدوي، و لن تخرجهم من دائرة نفوذ الهوي، و لن تدخلهم في دائرة الهدي. (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) [1] .

و لا يشك أحد في صدقهم في العطاء و التضحية، و أي عطاء و تضحية أكثر من التضحية بالنفس، ولكن من دون أن يكون نابعا من نبع الوعي و الوضوح و اليقين، بل هو الهوي يزين لهم أعمالهم و يخدعهم و يريهم الحق باطلا و الباطل حقا، و يسلبهم الرؤية و البصيرة و هؤلاء هم ضحايا علي مذابح الهوي، و هم يتصورون أنهم أصحاب مبادي ء و قضايا.

فاليقين و الوعي هو الأساس الأول في تقييم دم الشهيد، و من دون ذلك لا قيمة للدم مهما كانت التضحية؛ و قد ورد في الحديث عن أميرالمؤمنين علي عليه السلام:«نوم علي يقين خير من صلاة في شك». و عن الامام الصادق عليه السلام:«ان العمل الدائم القليل علي اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير علي غير يقين». [2] .


پاورقي

[1] الکهف / 104 - 103.

[2] اصول الکافي 57 / 2.