بازگشت

الشهيد قدوة


و (الشهيد) قدوة صالحة في طريق العاملين، و هذه الكلمة علي و جازتها تشكل كل قيمة الشهيد في حركة التأريخ و تحريك الأمة.

و القيمة الحركية للشهيد تعود الي هذه الحقيقة بالذات، فان الشهيد عندما يتحول الي (قدوة) للعمل الصالح و للعطاء و التضحية في حياة الناس يستطيع أن ينقل هذه القيم من جيل الي جيل.

و هذه خاصة من خصائص (القدوة) في الحياة الاجتماعية، أنه يسهل و يسرع


عملية نقل القيم الحضارية من جيل الي جيل، و يعمق هذه القيم في حياة الناس. و هذه القيم كلما تنتقل من جيل الي جيل تتسع دائرتها من الناحية الكمية، و تتعمق و تترسخ من الناحية الكيفية.

و هذه الحقيقة تصح بشكل دقيق في أصل التضحية و العطاء فقد يتصور بعض الناس أن الشهادة تفقد الأمة النخبة الصالحة من أبنائها، و ما تحمل هذه النخبة من قيم و مزايا ايمانية و أخلاقية و جهادية.

و الأمر علي العكس تماما فان الشهادة لا تعتبر خسارة مهما كانت قيمة الشهيد، و حجم الشهداء و عددهم، بل هي ربح و نمو و بركة في حياة الامة، و حتي في الحسابات المادية.

و الحديث التالي عن رسول الله صلي الله عليه وآله يوضح لنا هذه الرؤية الايجابية للشهادة.

خطب النبي صلي الله عليه وآله المسلمين في المدينة في اليوم الذي أستشهد فيه زيد، و جعفر و عبدالله بن رواحة رحمهم الله في حرب مؤتة مع الروم، و أخبرهم باستشهاد زيد، و جعفر، و عبدالله، فقال صلي الله عليه وآله:«أخذ اللواء زيد، فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر، و قاتل، و قتل رحم الله جعفرا. ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة و قاتل، فقتل، فرحم الله عبدالله.»

فبكي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله و هم حوله فقال لهم النبي صلي الله عليه وآله: و ما يبكيكم؟ قالوا: و ما لنا لا نبكي و قد ذهب خيارنا، و أشرافنا، و أهل الفضل منا؟ فقال لهم صلي الله عليه وآله:«لا تبكوا فانما مثل امتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكبها، و بني مساكنها، و حلق سعفها، فاطعمت عاما فوجا، ثم عاما فوجا، فلعل آخرها طمعا أن يكون أجودها قنوانا و أطولها شمراخا، و الذي بعثني بالحق نبيا، ليجدن عيسي بن مريم في امتي خلفا من حوارييه». [1] .



پاورقي

[1] بحارالأنوار 51 / 21، و مقاتل الطالبيين / 8 - 7، طبعة النجف، المکتبة الحيدرية 1385 ه.