بازگشت

القدوة و الأسوة علي طريق ذات الشوكة


ان حضور القدوة الصالحة علي أرض المعركة، ينفع العاملين في أمرين، يأخذون منهم صبرهم و جهادهم و عطائهم، و ترفعهم عن الدنيا من جانب، و من جانب آخر يشهدون امداد الله تعالي لهم، و تمكينهم من المجابهة و تثبيتهم علي أرض المعركة و يشهدون معية الله تعالي لهم.

و هذه الايحاءات الرسالية التي تعطيها حياة القدوات الصالحة لا تتأتي دائما من الدرس و التعليم.

ان (القدوة الصالحة) توطي ء طريق ذات الشوكة الطويل للعالمين و السائرين.

فعلي رأس كل منعطف، و عند كل صعود و هبوط، و عند ملتقي كل طريق،


و في كل غمرة من غمرات السير و الحركة، و عندما تهب العواصف العاتية في وجوه العاملين، و كلما يتغلب اليأس و التعب و الخوف علي نفوس المؤمنين السائرين يلتقي العاملون السائرون علي طريق ذات الشوكة بهذه القدوات الربانية. يلتقون بأنبياء الله عليهم السلام ابراهيم و يحيي و عيسي و موسي و أيوب و هود و صالح و نوح و زكريا، فيطمئنون الي معية الله تعالي و امداده لهم في وحشة الطريق و التباس الامور؛ و ظروف الارهاب و الملاحقة و المطاردة... يطمئنون الي معية الله و امداده من خلال حركة و عمل هؤلاء الربانيين السائرين علي الدرب الطويل باطمئنان و ثقة و صدور منشرحة.

يقول تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله و هو يريد أن يثبت قدمه علي أرض المعركة: (اولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين اولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده...) [1] .

و يقول تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله بعد أن يذكره بمعاناة الأنبياء و قصصهم و صبرهم و دأبهم علي السير و العمل في سورة هود: (و كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك و جاءك في هذه الحق و موعظة و ذكري للمؤمنين) [2] .

فيثبت الله فؤاد نبيه صلي الله عليه وآله بسيرة هؤلاء الصالحين.

يالله ما هذا الأمر العظيم الذي يثبت تعالي به فؤاد نبيه صلي الله عليه وآله؟

ذلك هو القدوة الصالحة و الحضور الرسالي الحي للربانيين علي ساحة المعركة و عمارة الطريق الطويل بنجوم الهدي، و معالم الطريق: (قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم و الذين معه...) [3] (لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان


يرجو الله و اليوم الآخر...) [4] .

و قد جعل الله تعالي من أنبياء السلف قدوات صالحة لنبيه صلي الله عليه وآله، يثبت بهم فؤاده صلي الله عليه وآله و أفئدتنا، و جعل لنا من رسول الله صلي الله عليه وآله قدوة صالحة نستهدي به و تطمئن به قلوبنا، و أقئدتنا و نفوسنا في زحمة الصراع، و مخاوف الطريق: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة...) [5] . ان حياة رسول الله صلي الله عليه وآله و عناؤه و جهاده و مثابرته و صبره و استقامته قدوة لكل العاملين.

و علي الدعاة الي الله يقرؤوا بامعان علي سيرة رسول الله صلي الله عليه وآله و حياته العامة و الخاصة، و عناءه، و حركته في مكة، و بعد الهجرة، و سيرته في الحرب و السلم، و قبل اعلان الدعوة و بعدها، و قبل اعلان الحرب علي المشركين و بعدها و مع المؤمنين و مع الأعداء، فانها للعاملين نور و هدي و قدوة صالحة و مثل أعلي يحتذي به المؤمنون.


پاورقي

[1] الانعام / 90 - 89.

[2] هود / 120.

[3] الممتحنة / 4.

[4] الممتحنة / 6.

[5] الاحزاب / 21.