بازگشت

الشهادة اختزال للحركة من الأنا الي الله


و الشهداء - و هنا نريد أن ننتقل الي صلب الموضوع بعد هذه الجولة الواسعة في مسيرة الانسان - يقطعون هذه المسيرة بحركة سريعة و قوية و خفيفة واحدة بالشهادة و التضحية، فتنقلهم الشهادة و التضحية مرة واحدة من محور الأنا و الهوي و الي محور الله، و تنتزعهم انتزاعا كاملا من الأهواء و الشهوات، و من كل العلاقات التي تربطهم بهذه الدنيا الي محور ولاية الله نقلة واحدة من حب النفس و حب الدنيا الي حب الله، و من ولاية الطاغوت الي ولاية الله، و من الانهماك في لذات الدنيا الي الاستغراق في رضوان الله تعالي، و من ألوان التعلقات و الحب


و البغض التي تصبغ مشاعر الانسان في هذه الدنيا الي صبغة الله الفريدة.

هذه القفزة السريعة و الخفيفة التي تنقل الانسان مرة واحدة من محور الي محور هي من خصائص الشهادة. و الشهيد عندما يقدم علي الشهادة، بوعي و بصيرة من أمره، ينتزع نفسه بحركة قوية و خفيفة واحدة من وسط كل العلاقات و الصلات و الأواصر التي تشده الي هذه الدنيا من مال و بنين، و زوج، و متاع الدنيا، و لذات، و شهوات، و جاه و اعتبارات اجتماعية، و بحركة واحدة يقطع كل هذه الجبال، و الخيوط، و الوشائج التي الي الدنيا و يخف للصعود الي الله.

أرأيت المنطاد عندما تتقطع الحبال التي تشده الي الأرض كيف يخف للصعود و يرتفع الي السماء؟ كذلك الشهيد... لا يعيقه شي ء بعد أن ينتزع نفسه من وسط هذه الأواصر الدنيوية عن التحرك و الصعود الي الله.

ان الشهادة عملية مباركة مزدوجة: انتزاع النفس من أواصرها التي تشدها بهذه الدنيا، و التي قوامها في هذه النفس، و الصعود الي الله ثم التحرك الي رضوان الله و قوامه الحب، و التسليم، و الرضا، و الطاعة، و الذكر، و اليقين.