بازگشت

ذكر الله للعروج الي الله


و الأداة المفضلة و المؤثرة في تحكيم و توثيق الارتباط بين المؤمنين و بين الله عزوجل، و تعميق الصلة و العلاقة بين العبد و ربه، و ربط الانسان بهذا المحور الرباني في الحياة و اخلاص عمله و جهده لله تعالي... أقول ان الأداة التربوية المفضلة في الاسلام لتحقيق هذه الغاية هو (الذكر)، و ان للذكر دورا كبيرا و أساسيا في ربط الانسان بالله و في انشداده بهذا المحور الالهي الذي تحدثنا عنه، وفي حركته التكاملية الي الله.

فان (الذكر) هو الصلة القلبية التي تربط الانسان بالله و تجعله علي ذكر منه، و يجعل الانسان واعيا و شاعرا لحضور الله سبحانه و تعالي بصفاته و أسمائه الحسني...و مستحضرا لعظمة الله و جلاله و جماله، و ينبه الانسان الي حضور الله، و يزيل عن نفسه الغفلة، يقول تعالي: (و اذكر ربك في نفسك تضرعا و خيفة و دون الجهر من القول بالغدو و الآصال و لا تكن من الغافلين). [1] .

و يعصم صاحبه عن الذنب. روي عن الباقر عليه السلام: ثلاث من أشد ما عمل العباد! انصاف المرء من نفسه، و مواساة المرء أخاه، و ذكر الله علي كل حال، و هو أن يذكر الله عزوجل عند المعصية يهم بها فيحول ذكر الله بينه و بين تلك المعصية و هو قول الله عزوجل: (ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون). [2] .


و سر هذه (العصمة) و (الحصانة): ان الذكر استحضار لسلطان الله و حضوره الدائم، و استحضار لحضور العبد في كل حالاته بحضور الله تعالي، و هذا الاحساس و الوعي لحضور الله يعمق في النفس حالة المراقبة الدائمة و الانتباه الدائم، و يحجز الانسان عن الانزلاق مع الشهوات و الأهواء الي معصية الله تعالي.

و (الذكر) انفتاح العبد علي جلال الله تعالي و جماله، و هذا الانفتاح يشد الانسان بالله تعالي و يملأ قلب العبد حبا له و شوقا اليه و انسا به.

عن أميرالمؤمنين عليه السلام:«الذكر نور العقول و حياة النفوس و جلاء الصدور» [3] و«ذكر الله مجالسة المحبوب» [4] و«الذكر يؤنس اللب» [5] ، اذن (الذكر) يؤنس الانسان بالله تعالي، و يشوقه، و يحببه اليه، و يقرب الانسان من الله كما يقرب الجليس من جليسه و يأنس به، و حاشاه و سبحانه من مشابهة خلقه و مجالستهم. و قد روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله:«ان موسي بن عمران عليه السلام لما ناجي ربه عزوجل، قال: يا رب أبعيد أنت مني فاناديك أم قريب فاناجيك؟ فأوحي الله جل جلاله: أنا جليس من ذكرني». [6] .

و من الذكر الذكر الخفي و منه الدعاء، و المناجاة، و الأذكار الواردة، و الصلاة: (أقم الصلاة لذكري) [7] ، و في الحج الكثير من الذكر، و الجهاد لا يتم الا بذكر الله و استحضار صفاته الجلالية و الجمالية و الشوق اهلي لقاء الله، و ايثار لقاءه علي الحياة الدنيا.


و علي نحو الاجمال فان العبادات في الاسلام تشتمل علي الكثير من أبواب الذكر و ألوانه، و لأهمية الذكر بشكل خاص فقد ورد الأمر بالاكثار من الذكر المداومة علي الذكر في النصوص الاسلامية.

يقول تعالي في الاكثار من الذكر: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا و سبحوه بكرة و أصيلا) [8] ، و في الحديث الشريف عن رسول الله صلي الله عليه وآله:«عليك بتلاوة القرآن و ذكر الله كثيرا فانه ذكر لك في السماء و نور لك في الأرض» [9] .

و روي عن الامام الصادق عليه السلام:«أكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل و النهار فان الله أمر بكثرة الذكر له» [10] .

و روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام في دوام الذكر: المؤمن دائم الذكر كثير الفكر».

و في وصية الامام لابنه الحسن عليه السلام:«و كن لله ذكرا علي كل حال» [11] ، و ورد في الدعاء:«الهي فألهمنا ذكرك في الخلأ و الملأ، و الليل و النهار، و الأعلان و الأسرار، و في السراء و الضراء و آنسنا بالذكر الخفي» [12] .

و بعد: فهذا هو المنهج العلمي في الاسلام لحركة الانسان من محور (الأنا) الي (الله) و يتم هذا المنهج ضمن مرحلتين: المرحلة الاولي في الاقلاع عن محور الذات و الهوي، و أداة هذه المرحلة (التقوي)، و المرحلة الثانية في الارتباط بالمحور الالهي و الدخول في دائرة ولاية الله، و أداة هذه المرحلة (الذكر).



پاورقي

[1] الاعراف / 205.

[2] بحارالأنوار 379 / 93. و الآية في سورة الأعراف / 201.

[3] غرر الحکم 111.

[4] غرر الحکم 369.

[5] غرر الحکم 101.

[6] بحار الأنوار 153 / 93.

[7] طه / 14.

[8] الاحزاب / 42، 41.

[9] بحارالأنوار 198 / 92.

[10] بحارالأنوار 160 / 93.

[11] بحار الأنوار 203 / 42.

[12] بحارالأنوار 151 / 94.