بازگشت

الشوط الثاني من حركة الانسان


و المرحلة الثانية من هذه الرحلة، هي العروج و الصعود الي الله، و الدخول في دائرة ولاية الله تعالي، بعد أن يتمكن الانسان من انتزاع نفسه من محور الأنا و الذات و الهوي، و لابد في الشوطين جميعا من الطاعة، فهو العنصر المشترك في كل من هاتين المرحلتين، الا أن المرحلة الاولي تتميز بالتحرر من محور الهوي و الأنا، و المرحلة الثانية تتميز بالتحرك للدخول في دائرة نفوذ و سلطان ولاية الله و الارتباط بالمحور الالهي.

و معني الارتباط بالله: أن يجعل الانسان وجه الله تعالي هدفا له في كل أعماله و تصرفاته و يخلص في كل أعماله لله: (قل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين)، و يجعل مرضاة الله محورا ثابتا لكل حياته و تصرفاته، و لا يبتغي غير مرضاة الله شيئا، و أن يدخل بشكل كامل في دائرة ولاية الله، فلا يكون له رأي أو حكم، أو هوي أو حب، أو بغض، أو عمل، أو حركة، أو كلمة، في غير ما يحكم الله تعالي و يريد. و يحب و يبغض في الله، و يحكم ارادة الله و مشيئته و حبه و بغضه علي قلبه و صدره و عقله و عواطفه و أحاسيسه و جوارحه و أعضائه. و يتجرد عن كل صبغة، و رأي، و هوي، و يتخذ صبغة الله تعالي صبغة لنفسه،


و يوجه نفسه، و رأيه، و هواه، و حبه، و بغضه، حيث يريد الله، و يرضي به الله، و يمكن حب الله من قلبه و نفسه، فلا يكون هناك شي ء أحب اليه من الله و رسوله. فلن يكون الانسان ذائبا في هذا المحور الرباني، و لن يكون ايمانه من الايمان الكامل، و لن يأمن عذاب الله و مكره اذا كان هناك في حياته شي ء أحب اليه من الله و رسوله. (قل ان كان آباؤكم و أبناؤكم و اخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب اليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين.) [1] ذلك أن هؤلاء لم يتمكنوا بعد من الانتقال من المحور الأول، و لم يتوفقوا في انتزاع أنفسهم من سلطان الآباء، و الأبناء، و الاخوان و الأزواج، و العشائر، و الأموال، و التجارة، و المساكن، و ما زالوا تحت سلطان و نفوذ هذه المغريات و المثيرات من متاع الحياة الدنيا، و علاقاتها و (فتنها).

أما الذين آمنوا، و الذين انتزعوا أنفسهم من سلطان الهوي، و ارتبطوا بمحور الايمان بالله، و ولاية الله فانهم أشد حبا لله من كل ذلك... و هذا هو معني الانفصال من محور الأنا و الانتقال الي محور ولاية الله، (... و الذين آمنوا أشد حبا لله...) [2] .

و قد ورد عن الامام الصادق عليه السلام:«لا يمحض رجل الايمان بالله حتي يكون الله احب اليه من نفسه، و أبيه، و أمه، و ولده، و أهله، و من الناس كلهم» [3] .

وعن الفضيل بن يسار قال سألت أباعبدالله الصادق عليه السلام عن الحب و البغض أمن الايمان هو؟ فقال:«و هل الايمان الا الحب و البغض.» [4] .


و في الحديث الشريف:«الدين هو الحب و الحب هو الدين» [5] .


پاورقي

[1] التوبة / 24.

[2] البقرة / 165.

[3] بحارالأنوار 24 / 70.

[4] الکافي 125 / 2.

[5] نور الثقلين 205 / 5.