بازگشت

الفتنة


و هذا هو الضلع الثاني من مثلث الابتلاء، و الفتنة و الفتن هي المغريات و المثيرات التي تغري الانسان و تثير النفس، و هي تقع خارج النفس، و في الحياة الدنيا، بعكس الهوي الذي يكمن داخل النفس. و الدنيا فتنة، و حطامها فتنة، و ما فيها من الذهب و الفضة و الأموال و الأولاد و الأزواج فتنة. و هذه الفتن تأسر الانسان و تسلبه ارادته، و تستذله.

يقول تعالي: (... أنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما و في الآخرة عذاب شديد و مغفرة من الله و رضوان و ما الحياة الدنيا الا متاع الغرور). [1] .

و هذه النقاط التي تذكرها الآية الكريمة هي كل اهتمامات الانسان عندما يحوم حول محور (الدنيا). و للشيخ بهاء الدين العاملي رحمه الله التفاتة طريفة في


تفسير هذه الآية الكريمة كما ينقل ذلك العلامة الطباطبائي في الميزان [2] يقول الشيخ: ان الله تعالي استعرض هذه الحالات الخمس بترتيب و موازاة مراحل عمر الانسان المختلفة. فالانسان يبدأ المرحلة الاولي من عمره باللعب، ثم تعقب هذه المرحلة مرحلة المراهقة و هي مرحلة اللهو، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة الزينة و الاناقة في حياة الانسان، و هي مرحلة اكتمال و نضج الشباب ثم في نهاية مرحلة الشباب تبرز في الانسان حالة حب التفاخر و الرئاء و التظاهر، فاذا تقدم السن بالانسان و أشرف علي الشيخوخة ظهرت فيه حالة التكاثر في الأموال و الأولاد.

و يقول تعالي: (زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و الله عنده حسن المآب). [3] .

و هذه النقاط هي أهم المسائل التي تستثير غرائز الانسان و تهيجها و تشد الانسان الي هذه المغريات التي يحصي القرآن طرفا منها في هذه الآية.


پاورقي

[1] الحديد / 20.

[2] الميزان 188 / 19.

[3] آل عمران / 14.