الضمانة الالهية لدم الشهيد
و هذه الضمانة الالهية لمسيرة الدعوة يرسمها القرآن الكريم في أكثر من آية بطريقته الخاصة، ليبعث في نفوس المؤمنين الثقة و الطمأنينة بالعاقبة، و ليثبتهم علي طريق ذات الشوكة.
و آيات القرآن تتناول هذه الحقيقة - الضمانة الالهية للمسيرة بتعابير و صيغ مختلفة - و بصورة مؤكدة و واثقة، و ذلك اذا أخلص المؤمنون لله، و صدقوا و ثبتوا، و انتزعوا من قلوبهم حب الدنيا و آثروا رضوان الله علي كل شي ء، و ابتغوا طاعة
الله وحده؛ يقول تعالي:
(يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم) [1] .
(انا لننصر رسلنا و الذين آمنوا في الحياة الدنيا...) [2] .
(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم...) [3] .
(... و لينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) [4] .
(بل الله مولاكم و هو خير الناصرين) [5] .
(و ان تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولي و نعم النصير) [6] .
(.. و اعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي و نعم النصير) [7] .
(... فان حزب الله هم الغالبون) [8] .
(.. و كفي بالله وليا و كفي بالله نصيرا) [9] .
(.. و كفي بربك هاديا و نصيرا) [10] .
و ليست هذه الآيات المباركات ضمانات اعتباطية، و خارجة عن دائرة السنن الالهية، التي لا تتبدل و لا تتغير، و انما تأتي هذه الضمانات الالهية بموجب
سلسلة من الأسباب و العلل، منها ما يرتبط بالقلب و الجوانح، و منها ما يرتبط بالجوارح؛ و جملة هذه الأسباب هي التي تستنزل النصر و القوة من عند الله تعالي للجماعة المؤمنة في صراعها مع قوي الكفر و الجاهلية علي وجه الأرض.
و أهم هذه الأسباب هي الايمان، و التوكل علي الله و الثقة به، و الجهاد، و العمل في سبيله، و الاخلاص و ابتغاء وجهه الكريم، و الانتصار لدينه، و الصبر، و الثبات، و الصدق في الموقف، و الاعداد الميداني للمعركة و غير ذلك من الأسباب التي تستنزل النصر من الله تعالي، و تؤمن الضمانة الالهية للنصر في ساحات القتال و المواجهة.
و الشهداء في طليعة المؤمنين، ايمانا، و ثقة بالله، و جهادا، و تضحية، و عطاء، و بذلا في سبيل الله تعالي، و ابتغاء لوجهه الكريم، و ثباتا، و صدقا في القول و العمل، و صبرا في مواجهة التحديات.
هذه كلها مفاتيح النصر، و الأسباب التي تستنزل النصر من عند الله تعالي، و دم الشهيد يجمع هذه الخصال جميعا، و يشهد للشهيد بالصدق و الصبر و العطاء.
پاورقي
[1] محمد / 7.
[2] غافر / 51.
[3] التوبة / 14.
[4] الحج / 40.
[5] آل عمران / 150.
[6] الأنفال / 40.
[7] الحج / 78.
[8] المائدة / 56.
[9] النساء / 45.
[10] الفرقان / 31.